المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4512 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
التفريخ في السمان
2024-04-25
منخبر رع سنب يتسلَّم جزية بلاد النوبة.
2024-04-25
منخبر رع سنب الكاهن الأكبر للإله آمون.
2024-04-25
أمنمحاب يخرج للصيد وزيارة حديقته.
2024-04-25
الوظائف العليا والكهنة.
2024-04-25
نظم تربية السمان
2024-04-25

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تنزيه آدم عليه السلام عن المعصية والذنب  
  
861   10:11 صباحاً   التاريخ: 19-12-2017
المؤلف : أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي (الشريف المرتضى)
الكتاب أو المصدر : تنزيه الانبياء
الجزء والصفحة : 9 - 17
القسم : العقائد الاسلامية / النبوة / الانبياء /

[النافون لعصمة النبي ادم عليه السلام] ... تعلقوا بقوله تعالى في قصة آدم (عليه السلام) : {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121]. قالوا وهذا تصريح بوقوع المعصية التي لا تكون إلا قبيحة ، وأكده بقوله فغوى ، وهذا تصريح بوقوع المعصية ، والغي ضد الرشد.

(الجواب) : يقال لهم أما المعصية فهي مخالفة الامر ، والامر من الحكيم تعالى قد يكون بالواجب وبالمندوب معا ، فلا يمتنع على هذا أن يكون آدم عليه السلام مندوبا إلى ترك التناول من الشجرة ، ويكون بمواقعتها تاركا نفلا وفضلا وغير فاعل قبيحا ، وليس يمتنع أن يسمى تارك النفل عاصيا كما يسمى بذلك تارك الواجب.

فإن تسمية من خالف ما أمر به سواه كان واجبا أو نفلا بأنه عاص ظاهرة ، ولهذا يقولون أمرت فلانا بكذا وكذا من الخير فعصاني وخالفني ، وإن لم يكن ما أمره به واجبا ، وأما قوله (فغوى) ، فمعناه انه خاب ، لانا نعلم انه لو فعل ما ندب إليه من ترك التناول من الشجرة لاستحق الثواب العظيم.

فإذا خالف الامر ولم يصر إلى ما ندب إليه ، فقد خاب لا محالة ، من حيث انه لم يصر إلى الثواب الذى كان يستحق بالامتناع ، ولا شبهة في أن لفظ غوى يحتمل الخيبة ، قال الشاعر:

فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره؟  ومن يغو لا يعدم على الغي لائما .

فإن قيل : كيف يجوز أن يكون ترك الندب معصية؟ أو ليس هذا يوجب ان توصف الانبياء (عليهم السلام) بأنهم عصاة في كل حال ، وأنهم لا ينفكون من المعصية لانهم لا يكادون ينفكون من ترك الندب؟

قلنا : وصف تارك الندب بانه عاص توسع وتجوز والمجاز لا يقاس عليه ولا يعدى به عن موضعه. ولو قيل انه حقيقة في فاعل القبيح وتارك الاولى والافضل ، ولم يجز إطلاقه أيضا في الانبياء (عليهم السلام) إلا مع التقييد لان استعماله قد كثر في القبائح ، فإطلاقه بغير تقييد موهم ، لكنا نقول : ان أردت بوصفهم بأنهم عصاة أنهم فعلوا القبايح فلا يجوز ذلك ، وان أردت انهم تركوا ما لو فعلوه استحقوا الثواب وكان أولى فهم كذلك.

فإن قيل : فأي معنى لقوله تعالى : {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: 122] وأي معنى لقوله تعالى : {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37]  فكيف تقبل توبة من لم يذنب؟ ام كيف يتوب من لم يفعل القبيح؟

قلنا : أما التوبة في اللغة : الرجوع ، ويستعمل في واحد منا وفى القديم تعالى.

والثانى ان التوبة عندنا وعلى أصولنا فغير موجبة لا سقاط العقاب ، وإنما يسقط الله تعالى العقاب عندها تفضلا ، والذى توجبه التوبة وتؤثره هو استحقاق الثواب ، فقبولها على هذا الوجه انما هو ضمان الثواب عليها.

فمعنى قوله تعالى : (تاب عليه) انه قبل توبته وضمن له ثوابها ، ولابد لمن ذهب إلى ان معصية آدم عليه السلام صغيرة من هذا الجواب ، لانه إذا قيل له كيف تقبل توبته وتغفر له معصيته؟ قد وقعت في الاصل مكفرة لا يستحق عليها شيئا من العقاب ، لم يكن له بد من الرجوع إلى ما ذكرناه ، والتوبة قد تحسن ان تقع ممن لا يعهد من نفسه قبيحا على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والرجوع إليه ، ويكون وجه حسنها في هذا الموضع إستحقاق الثواب بها أو كونها لفظا ، كما يحسن أن تقع ممن يقطع على انه غير مستحق للعقاب ، وأن التوبة لا تؤثر في اسقاط شئ يستحقه من العقاب ، ولهذا جوزوا التوبة من الصغائر وإن لم تكن مؤثرة في اسقاط ذم ولا عقاب.

فان قيل : الظاهر من القرآن بخلاف ما ذكرتموه ، لانه اخبر ان آدم عليه السلام منهي عن أكل الشجرة بقوله : {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 35] وبقوله : {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف: 22] ؟ وهذا يوجب بأنه (عليه السلام) عصى بأن فعل منهيا عنه ولم يعص بان ترك مأمورا به.

قلنا : أما النهي والامر معا فليسا يختصان عندنا بصيغة ليس فيها احتمال ولا اشتراك ، وقد يؤمر عندنا بلفظ النهي وينهى بلفظ الامر ، فإنما يكون النهي نهيا بكراهة المنهي عنه. فإذا قال تعالى : ولا تقربا هذه الشجرة ، ولم يكره قربها ، لم يكن في الحقيقة ناهيا ، كما أنه تعالى لما قال : {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40] ، ولم يرد ذلك ، لم يكن أمرا. فإذا كان قد صح قوله (ولا تقربا هذه الشجرة) إرادة لترك التناول ، فيجب ان يكون هذا القول أمرا ، وإنما سماه منهيا عنه ، ويسمى أمره له بأنه نهي من حيث كان فيه معنى النهي ، لان النهي ترغيبا في الامتناع من الفعل ، وتزهيدا في الفعل نفسه.

ولما كان الامر ترغيبا في الفعل المأمور به وتزهيدا في تركه ، جاز ان يسمى نهيا. وقد يتداخل هذان الوصفان في الشاهد فيقول احدنا قد أمرت فلانا بأن لا يلقى الامير ، وإنما يريد أنه نهاه عن لقائه ، ويقول نهيتك عن هجر زيد وإنما معناه امرتك بمواصلته ، فإن قيل ألا جعلتم النهي منقسما إلى منهي قبيح ومنهي غير قبيح ، بل يكون تركه أفضل من فعله ، كما جعلتم الامر منقسما إلى واجب وغير واجب. قلنا الفرق بين الامرين ظاهر ، لان انقسام المأمور به في الشاهد إلى واجب وغير واجب غير مدفوع ، ولا خاف ، وليس يمكن أحد أن يدفع ان في الافعال الحسنة التي يستحق بها المدح والثواب ما له صفة الوجوب ، وفيها ما لا يكون كذلك. فإذا كان الواجب مشاركا للندب في تناول الارادة له واستحقاق الثواب والمدح به ، فليس يفارقه إلا بكراهة الترك. لان الواجب تركه مكروه والنفل ليس كذلك. فلو جعلنا الكراهة تتعلق بالقبيح وغير القبيح من الحكيم تعالى ، وكذلك النهي. كما جعلنا الامر منه يتعلق بالواجب وغير الواجب ، لارتفع الفرق بين الواجب والندب مع ثبوت الفصل بينهما في العقول ،  فان قيل : فما معنى حكايته تعالى عنهما قولهما : {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف: 23] وقوله تعالى : {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } [البقرة: 35].

قلنا : معناه أنا نقصنا انفسنا وبخسناها ما كنا نستحقه من الثواب بفعل ما أريد منا من الطاعة ، وحرمناها الفايدة الجليلة من التعظيم من ذلك الثواب ، وإن لم يكن مستحقا قبل ان يفعل الطاعة التي يستحق بها ، فهو في حكم المستحق ، فيجوز ان يوصف بذلك من فوت نفسه بأنه ظالم لها ، كما يوصف من فوت نفسه المنافع المستحقة. وهذا معنى قوله تعالى : (فتكونا من الظالمين).

فإن قيل فإذا لم تقع من آدم عليه السلام على قولكم معصية ، فلم أخرج من الجنة على سبيل العقوبة وسلب لباسه على هذا الوجه؟ ولولا أن الاخراج من الجنة وسلب اللباس على سبيل الجزاء على الذنب ، كما قال الله تعالى : {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا } [الأعراف: 20] وقال تعالى في موضع آخر : {فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: 36].

قلنا : نفس الاخراج من الجنة لا يكون عقابا ، لان سلب اللذات والمنافع ليس بعقوبة ، وإنما العقوبة هي الضرب والالم الواقعان على سبيل الاستخفاف والاهانة. وكذلك نزع اللباس وابداء السوأة. فلو كانت هذه الامور مما يجوز ان تكون عقابا ويجوز ان يكون غيره لصرفناها عن باب العقاب إلى غيره ، بدلالة ان العقاب لا يجوز ان يستحقه الانبياء عليهم السلام. فإذا فعلنا ذلك فيما يجوز أن يكون واقعا على سبيل العقوبة ، فهو اولى فيما لا يجوز أن يكون كذلك ، فان قيل فما وجه ذلك ان لم تكن عقوبة؟.

قلنا : لا يمتنع ان يكون الله تعالى علم ان المصلحة تقتضي تبقية آدم عليه السلام في الجنة وتكليفه فيها متى لم يتناول من الشجرة ، فمتى تناول منها تغيرت الحال في المصلحة وصار اخراجه عنها وتكليفه في دار غيرها هو المصلحة. وكذلك القول في سلب اللباس حتى يكون نزعه بعد التناول من الشجرة هو المصلحة كما كانت المصلحة في تبقيته قبل ذلك ، وإنما وصف إبليس بأنه مخرج لهما من الجنة من حيث وسوس اليهما وزين عندهما الفعل الذي يكون عنده الاخراج ، وإن لم يكن على سبيل الجزاء عليه لكنه يتعلق به تعلق الشرط في مصلحته ، وكذلك وصف بأنه مبدئ لسوأتهما من حيث اغواهما ، حتى اقدما على ما سبق في علم الله تعالى بأن اللباس معه ينزع عنهما ، ولابد لمن ذهب إلى ان معصية آدم عليه السلام صغيرة لا يستحق بها العقاب من مثل هذا التأويل ، وكيف يجوز ان يعاقب الله تعالى نبيه بالاخراج من الجنة أو غيره من العقاب ، والعقاب لابد من ان يكون مقرونا بالاستخفاف والاهانة ، وكيف يكون من تعبدنا الله فيه بنهاية التعظيم والتبجيل مستحقا منا ومنه تعالى الاستخفاف والاهانة : وأي نفس تسكن إلى مستخف بقدره مهان موبخ مبكت؟ وما يجيز مثل ذلك على الانبياء (عليهم السلام) إلا من لا يعرف حقوقهم ولا يعلم ما تقضيه منازلهم .

حول ايحاء ابليس لحواء بتسمية ولدها عبد الحارث :

(مسألة) فان قال قائل فما قولكم في قوله تعالى { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 189، 190] أوليس ظاهر هذه الآية يقتضى وقوع المعصية من آدم (عليه السلام) لانه لم يتقدم من يجوز صرف هذه الكناية في جميع الكلام إليه إلا ذكر آدم (عليه السلام) وزوجته ، لان النفس الواحدة هي آدم وزوجها المخلوق منها هي حواء. فالظاهر على ما ترون ينبي عما ذكرناه ، على انه قد روي في الحديث أن إبليس لعنه الله تعالى ، لما ان حملت حواء عرض لها وكانت ممن لا يعيش لها ولد. فقال لها احببت ان يعيش ولدك فسميه عبد الحارث ، وكان أبليس قد سمي الحارث ، فلما ولدت سمت ولدها بهذه التسمية. فلهذا قال تعالى : (جعلا له شركاء فيما اتاهما).

(الجواب) : يقال له قد علمنا ان الدلالة العقلية التي قدمناها في باب أن الانبياء عليهم السلام لا يجوز عليهم الكفر والشرك والمعاصي غير محتملة ، ولا يصح دخول المجاز فيها. والكلام في الجملة يصح فيه الاحتمال وضروب المجاز ، فلابد من بناء المحتمل على ما لا يحتمل ، فلو لم نعلم تأويل هذه الآية على سبيل التفصيل ، لكنا نعلم في الجملة ان تأويلها مطابق لدلالة العقل. وقد قيل في تأويل هذه الآية ما يطابق دليل العقل ومما يشهد له اللغة وجوه.

(منها) ان الكناية في قوله سبحانه : (جعلا له شركاء فيما آتاهما) غير راجعة إلى آدم (عليه السلام) وحواء ، بل إلى الذكور والاناث من أولادهما ، أو إلى جنسين ممن اشترك من نسلهما. وان كانت الكناية الاولى تتعلق بهما ويكون تقدير الكلام : فلما آتى الله آدم وحواء الولد الصالح الذي تمنياه وطلباه جعل كفار أولادهما ذلك مضافا إلى غير الله تعالى. ويقوي هذا التأويل قوله سبحانه : (فتعالى الله عما يشركون). وهذا ينبئ على ان المراد بالتثنية ما أردناه من الجنسين أو النوعين ، وليس يجب من حيث كانت الكناية المتقدمة راجعة إلى آدم (عليه السلام) وحواء ، أن يكون جميع ما في الكلام راجعا اليهما ، لان الفصيح قد ينتقل من خطاب مخاطب إلى خطاب غيره ، ومن كناية إلى خلافها.

قال الله تعالى : {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الفتح: 8، 9] فانصرف من مخاطبة الرسول صلى الله عليه وآله إلى مخاطبة المرسل إليهم ، ثم قال : {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ } [الفتح: 9] يعني الرسول ، ثم قال (وتسبحوه) يعني مرسل الرسول. فالكلام واحد متصل بعضه ببعض والكناية مختلفة كما ترى.

وقال الهذلي : يا لهف نفسي كأن جدة خالد وبياض وجهك للتراب الاعفر ولم يقل بياض وجهه. وقال كثير : أسيئ بنا أو أحسني لا ملومة؟ لدينا ولا مقلية ان تقلت فخاطب ثم ترك الخطاب. وقال الآخر : فدى لك ناقتي وجميع أهلي؟ ومالي انه منه أتاني ولم يقل منك أتاني.

فإن قيل ، كيف يكنى عمن لم يتقدم له ذكر؟. قلنا : لا يمتنع ذلك ، قال الله تعالى : {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] ولم يتقدم للشمس ذكر ، وقال الشاعر : لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بي الصدر ولم يتقدم للنفس ذكر. والشواهد على هذا المعنى كثيرة جدا على انه قد تقدم ذكر ولد آدم (عليه السلام) ، وتقدم أيضا ذكرهم في قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الأعراف: 189] ومعلوم ان المراد بذلك جميع ولد آدم عليه السلام. وتقدم أيضا ذكرهم في قوله تعالى : (فلما أتاهما صالحا) لان المعنى أنه لما أتاهما ولدا صالحا. والمراد بذلك الجنس ، وإن كان اللفظ لفظ وحدة. وإذا تقدم مذكوران وعقبا بأمر لا يليق بأحدهما ، وجب أن يضاف إلى من يليق به. والشرك لا يليق بآدم عليه السلام ، فيجب ان ننفيه عنه ، وإن تقدم ذكره وهو يليق بكفار ولده ونسله فيجب ان نعلقه بهم. (ومنها) ما ذكره أبو مسلم محمد بن بحر الاصفهاني ، فإنه يحمل الآية على ان الكناية في جميعها غير متعلقة بآدم (عليه السلام) وحواء ، فيجعل الهاء في (تغشيها) والكناية في (دعوا الله ربهما) و (اتاهما صالحا) راجعين إلى من اشرك. ولم يتعلق بآدم (عليه السلام) من الخطاب إلا قوله تعالى : (خلقكم من نفس واحدة) قال : والاشارة في قوله : (خلقكم من نفس واحدة) إلى الخلق عامة. وكذلك قوله : (وجعل منها زوجها) ثم خص منها بعضهم ، كما قال الله تعالى : {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [يونس: 22] فخطاب الجماعة بالتسيير ، ثم خص راكب البحر. وكذلك هذه الآية أخبرت عن جملة أمر البشر بأنهم مخلوقون من نفس واحدة وزوجها ، وهما آدم وحواء. ثم عاد الذكر إلى الذي سأل الله تعالى ما سأل فلما أعطاه إياه ، أدعى له الشركاء في عطيته. قال وجايز أن يكون عنى بقوله : (هو الذي خلقكم من نفس واحدة) المشركين خصوصا ، إذا كان كل بني آدم مخلوقا من نفس واحدة وزوجها ، ويكون المعنى في قوله تعالى : (خلقكم من نفس واحدة) وهذا قد يجئ كثيرا في القرآن وفي كلام العرب. قال الله تعالى : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] والمعنى فاجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة. وهذا الوجه يقارب الوجه الاول في المعنى وان خالفه في الترتيب.

(ومنها) ان تكون الهاء في قوله : (جعلا له شركاء) راجعة إلى الولد لا إلى الله تعالى ، ويكون المعنى انهما طلبا من الله تعالى أمثالا للولد الصالح ، فشركا بين الطلبتين. ويجري هذا القول مجرى قول القائل : طلبت مني درهما فلما أعطيتك شركته بآخر ، أي طلبت آخر مضافا إليه. فعلى هذا الوجه لا يمتنع ان تكون الكناية من أول الكلام إلى آخره راجعة إلى آدم وحواء عليهما السلام.

فان قيل : فأي معنى على هذا الوجه لقوله : (فتعالى الله عما يشركون) وكيف يتعالى الله عن ان يطلب منه ولد بعد آخر.

(قلنا) لم ينزه الله تعالى نفسه عن هذا الاشراك ، وإنما نزهها عن الاشراك به ، وليس يمتنع ان ينقطع هذا الكلام عن حكم الاول ، ويكون غير متعلق به ، لانه تعالى قال : {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الأعراف: 191] فنزه نفسه تعالى عن هذا الشرك دون ما تقدم ، وليس يمتنع انقطاع اللفظ في الحكم عما يتصل به في الصورة ، وهذا كثير في القرآن وفي كلام العرب ، لان من عادة العرب ان يراعوا الالفاظ اكثر من مراعاة المعاني ، فكأنه تعالى لما قال جعلا له شركاء فيما اتاهما ، وأراد الاشتراك في طلب الولد ، جاء بقوله تعالى عما يشركون على مطابقة اللفظ الاول ، وان كان الثاني راجعا إلى الله تعالى ، لانه يتعالى عن اتخاذ الولد وما اشبهه. ومثله قول النبي قد سئل عن العقيقة فقال : «لا أحب العقوقة ، ومن شاء منكم ان يعق عن ولده فليفعل». فطابق اللفظ وان أختلف المعنيان وهذا كثير في كلامهم. فاما ما يدعي في هذا الباب من الحديث فلا يلتفت إليه ، لان الاخبار يجب ان تبنى على أدلة العقول ، ولا تقبل في خلال ما تقتضيه أدلة العقول.

ولهذا لا تقبل أخبار الجبر والتشبيه ، ونردها أو نتأولها ان كان لها مخرج سهل. وكل هذا لو لم يكن الخبر الوارد مطعونا على سنده مقدوحا في طريقه ، فإن هذا الخبر يرويه قتادة عن الحسن عن سمرة وهو منقطع ، لان الحسن لم يسمع من سمرة شيئا في قول البغداديين. وقد يدخل الوهن على هذا الحديث من وجه آخر ، لان الحسن نفسه يقول بخلاف هذه الرواية فيما رواه خلف بن سالم عن اسحاق بن يوسف عن عوف عن الحسن في قوله تعالى : (فلما أتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما أتاهما) قال هم المشركون. وبازاء هذا الحديث ما روي عن سعيد بن جبير وعكرمة والحسن وغيرهم ، من ان الشرك غير منسوب إلى آدم وزوجته عليهما السلام وان المراد به غيرهما وهذه جملة واضحة.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.

خلال الأسبوع الحالي ستعمل بشكل تجريبي.. هيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية تحدد موعد افتتاح مؤسسة الثقلين لعلاج الأورام في البصرة
على مساحة (1200) م2.. نسبة الإنجاز في مشروع تسقيف المخيم الحسيني المشرف تصل إلى (98%)
تضمنت مجموعة من المحاور والبرامج العلمية الأكاديمية... جامعتا وارث الأنبياء(ع) وواسط توقعان اتفاقية علمية
بالفيديو: بعد أن وجه بالتكفل بعلاجه بعد معاناة لمدة (12) عاما.. ممثل المرجعية العليا يستقبل الشاب (حسن) ويوصي بالاستمرار معه حتى يقف على قدميه مجددا