أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2016
3665
التاريخ: 29-3-2016
4494
التاريخ: 29-3-2016
3175
التاريخ: 29-3-2016
2941
|
في ماضي الشرق وحاضره كثير من الحركات التاريخية التي وقع الصدام فيها بين الأريحية والمنفعة على أكثر من غرض واحد.
ولكننا لا نحسبنا مهتدين إلى نموذج لهذا الصدام أوضح في المبادئ، وأهدى إلى النتائج، وأبين عن خصائص المزاجين معًا من النموذج الذي عرضه لنا التاريخ في النزاع بين الطالبيين والأمويين، ولا سيما النزاع بينهما على عهد الحسين بن علي، ويزيد بن معاوية.
قلنا في كتابنا –عبقرية الامام- ما فحواه أن الكفاح بين علي ومعاوية، لم يكن كفاحًا بين رجلين أو بين عقلين وحيلتين. ولكنه كان على الحقيقة كفاحًا بين الإمامة الدينية والدولة الدنيوية، وأن الأيام كانت أيام دولة دنيوية؛ فغلب الداعون إلى هذه الدولة من حزب معاوية، ولم يغلب الداعون إلى الإمام من حزب الإمام.
ولو حاول معاوية ما حاوله عليٌّ لأخفق وما أفلح، ولو أراد عليٌّ أن يسلك غير مسلكه لما أفاده ذلك شيئًا عند محبيه ولا عند مبغضيه.
فإذا جاز لأحد أن يشك في هذا الرأي، وأن يرجع بنجاح معاوية إلى شيء من مزاياه الشخصية، فذلك غير جائز في الخلاف بين الحسين ويزيد، وكل ما يجوز هنا أن يقال: إن أنصار الدولة الدنيوية غلبوا أنصار الإمامة على سُنة الخلفاء الراشدين؛ لأن مطالب الإمامة غير مطالب الزمان.
ما من أحد قَطُّ يزعم أن الصراع هنا كان صراعًا بين رجلين أو بين عقلين وحيلتين، وإنما هو الصراع بين الإمامة والمُلْك الدنيوي، أو بين الأريحية والمنفعة في جولتهما الأولى، ولم يكن ليزيد قط فضل كبير أو صغير بما قد بلغه من الفوز والغلبة.
بل لا يمكن أن يتعلل أحد هنا بما يتعلل به أنصار المنافع عامة من (تقريره للنظام وحفظه للأمن العام)؛ فإن يزيد لم يكُن له فضل قط في قيام الدولة كما قامت على عهده وبعد عهده؛ وإنما كانت الدولة تتماسك برغبة الراغبين في بقائها لا بقدرة الأمير المشرف عليها، وقد حدث بعد موت يزيد أن بويع ابنه معاوية الثاني بالشام – وكان من الزاهدين في الحكم - فنادى النَّاسَ إلى صلاة جامعة، وقال لهم : أما بعد، فإني قد ضعفت عن أمركم، فابتغيت لكم مثل عمر بن الخطاب حين استخلفه أبو بكر فلم أجده ، فابتغيت ستة مثل ستة الشورى فلم أجدهم، فأنتم أولى بأمركم فاختاروا له من أحببتم . ثم أوى إلى بيته، ومضت شئون الدولة على حالها حتى مات بعد ثلاثة أشهر، وله مع هذا منافس قوي كعبد لله بن الزبير بالحجاز.
فلا وجه للمفاضة بين الحسين بن عليِّ ويزيد بن معاوية، ورأي معاوية وأعوانه في هذا أسبق من رأي الطالبيين وخصوم الأمويين. فقد ترددوا كثيرًا قبل الجهر باختيار يزيد لولاية العهد وبيعة الخلافة بعد أبيه، ولم يستحسنوا ذلك قبل إزجائهم النصح إلى يزيد غير مرة بالإقلاع عن عيوبه وملاهيه، ولما أنكر بعض أولياء معاوية جرأة الحسين عليه في الخطاب ، وأشاروا عليه أن يكتب له كتابًا» يصغر إليه نفسه« ، قال » : وما عسيت أن أعيب حسينًا؟ ولله ما أرى للعيب فيه موضعًا . وثَمَّ تَعِلَّةٌ أخرى يتعلل بها المفاضلون بين عليٍّ ومعاوية، ولا موضع لها في المفاضلة بين ولديهما الحسين ويزيد، وتلك ما يزعمونه من غلبة معاوية على «علي» بحجته على الاقناع ونشاطه او نشاط اصحابه في الدعوة السياسية .
فهذه التعلة إن صلحت لتعليل نجاح معاوية، فما هي بصالحة لتعليل نجاح يزيد؛ لأن الذين انخدعوا أو تخادعوا للصيحة التي صاح بها معاوية في المطالبة بدم عثمان، كانوا يرددون هذه الصيحة، ويساعدهم على ترديدها حقد الثأر المزعوم، وسَوْرة العصبية المهتاجة، ثم يساعدهم على ترديدها في مبدأ الأمر أن معاوية لم يكن مجاهرًا بطلب الخلافة ولا متعرِّضًا لمزاحمة أحد على البيعة، وإنما كان يتشبث بمقتل عثمان والمطالبة بدمه، ولا يزيد في دعواه على ادِّعاء ولاية الدم وصلة القرابة.
ولكن الصائحين بهذه الصيحة مع معاوية قد عاشوا حتى رأوا بأعينهم مبلغ الغيرة على تراث عثمان، وعلموا أن المُلك هو الغرض المقصود من وراء تلك الفتن والأرزاء، وأن معاوية لا يقنع بأن يملك لنفسه حتى يورث المُلك ولده من بعده، وليس هو من أهل الرأي، ولا هو من أهل الصلاح، ولا هو ممن تتَّفق عليه آراء هؤلاء، ولكنه فتى عربيد يقضي ليله ونهاره بين الخمور والطنابير، ولا يفرغ من مجالس النساء والندمان إلا ليهرع إلى الصيد فيقضي فيه الأسبوع بعد الأسبوع بين الأديرة والبوادي والآجام، لا يبالي خلال ذلك تمهيدًا لمُلك ولا تدريبًا على حكم ولا استطلاعًا لأحول الرعية الذين سيتولاهم بعد أبيه؛ ثقة بما صار إليه من التمهيد والتوطيد وما سوف يصير.
فكل خلاف جاز في المفاضلة بين عليٍّ ومعاوية غير جائز في المفاضلة بين الحسين ويزيد، وإنما الموقف الحاسم بينهما، موقف الأريحية الصُّراح في مواجهة المنفعة الصُّراح، وقد بلغ كلاهما من موقفه أقصى طرفيه وأبعد غايتيه، فانتصر الحسين بأشرف ما في النفس الإنسانية من غيرة على الحق وكراهة للنفاق والمداراة، وانتصر يزيد بأرذل ما في النفس الإنسانية من جشع ومراء وخنوع لصَغَار المتع والأهواء.
أقام الحسين ليلته الأخيرة بكربلاء، وهو لا ينتظر من عاقبته غير الموت العاجل بعد سويعات، فأذن لأصحابه أن يتفرقوا عنه تحت الليل إن كانوا يستحيون أن يفارقوه في ضوء النهار، فأبوا إلا أن يموتوا دونه، وقال له مسلم بن عوسجة الأسدي : أنحن نتخلى عنك، ولم نعذر إلى لله في أداء حقك؟ أما ولله لا أفارقك حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما بقي قائمه بيدي، ولو لم يكن معي سلاحي لقذفتهم بالحجارة دونك حتى أموت معك ... .
وقتل الحسين، وذهب الأمل في دولته ودولة الطالبيين من بعده إلى أجل بعيد، ولكنه كان يُشتم بالكلمة العوراء فيهون على الرجل من أصحاب الأريحية أن يموت ولا يصبر على سماع تلك الكلمة، أو يترك الجواب عليها.
|
|
منها اللوز.. أطعمة تساعدك على النوم بشكل أفضل
|
|
|
|
|
علماء: وشاح الأرض قد يحتوي على ثروة من "المعادن الخضراء"
|
|
|
|
نشاطات قرآنية مميزة خلال شهر رمضان المبارك لدار القرآن الكريم في العتبة العلوية المقدسة
|
|
بالصور: لمتابعة الخدمات المقدمة للزائرين… ممثل المرجعية العليا يجري جولة في منطقة القريبة من باب قبلة الإمام الحسين (ع)
|
|
بالصور: صرح تربوي جديد تضيفه العتبة الحسينية.. شاهد كيف أصبح مجمع مدارس الوارث في حي السلام
|
|
بالصور: بزخارف جميلة ومن أفخر الانواع.. فرش السجاد داخل الصحن الحسيني الشريف
|