المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
لا عبادة كل تفكر
2024-04-27
معنى التدليس
2024-04-27
معنى زحزحه
2024-04-27
شر البخل
2024-04-27
الاختيار الإلهي في اقتران فاطمة بعلي (عليهما السلام)
2024-04-27
دروس من مدير ناجح
2024-04-27

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


مصادر القانون الدولي الجنائي  
  
12440   09:33 صباحاً   التاريخ: 23-3-2017
المؤلف : عبد الله علي عبو سلطان
الكتاب أو المصدر : دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق الانسان
الجزء والصفحة : ص28-37
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

للقانون الدولي الجنائي شأنه شأن كل فروع القانون الأخرى نوعان من المصادر :

1-المصادر الرسمية وهي أساليب وطرق تكوين هذا القانون . 2- المصادر المادية وهي العوامل السياسية والإنسانية والأخلاقية والاقتصادية التي حتمت وجود هذا القانون وتطوره. وفي دراستنا لمصادر القانون الدولي الجنائي لن نتطرق إلى العوامل التي ساهمت في تكوين قواعد هذا القانون وتطورها (المصادر المادية) حيث أن ذلك يخرج عن نطاق الدراسة المعنية بالدرجة الأولى بالجوانب القانونية لموضوعها ولذلك سنكتفي بشرح طرق وأساليب تكوين تلك القواعد (المصادر الشكلية) . ولا بد من الإشارة إلى أن من مظاهر تبعية القانون الدولي الجنائي للقانون الدولي العام هو وحدة المصادر بين القانونين لذلك فالمنطق القانوني السليم يتطلب أن نحدد مصادر القانون الدولي العام حتى نستطيع التوصل إلى الهدف الرئيس في هذا المطلب وهو معرفة مصادر القانون الدولي الجنائي . والحقيقة انه إذا كان الفقه يستند بصفة عامة إلى نص المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية التي تحدد القانون الواجب التطبيق أمام تلك الأخيرة لاستنباط غالبية مصادر القانون الدولي العام ، إلا أنة يمكن بطريق مواز الاعتماد على المادة (21) من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية لكن لنستنبط منه بصفة مباشرة غالبية مصادر القانون الدولي الجنائي . اذاً نحن أمام نصين لتحديد مصادر القانون الدولي الجنائي ، نص المادة (38) التي أشارت إلى وظيفة محكمة العدل الدولية هي الفصل في المنازعات التي تعرض عليها وفقاً لأحكام القانون الدولي ، وان هذه الأحكام تستقى من المعاهدات الدولية والعرف الدولي والمبادئ العامة للقانون وأحكام المحاكم ومذاهب كبار الفقهاء ومبادئ العدل والإنصاف.  وان كانت المادة (38) والمصادر التي فيها كان محل خلاف بين الفقهاء وظهر اتجاهان حول هذه المسألة الاتجاه الأول يعد أن المادة (38) قد أشارت إلى المصادر الفعلية للقانون الدولي العام(1). بينما يعد الاتجاه الأخر أن المادة (38) أهملت الإشارة إلى مصدر أخر مهم من مصادر القانون الدولي وهي قرارات المنظمات الدولية(2).  إما النص الثاني فهي المادة (21) من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية التي تنص في الفقرة (1) على إن القانون الواجب التطبيق أمام المحكمة (هو أ- في المقام الأول هذا النظام الأساسي وأركان الجرائم والقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات الخاصة بالمحكمة. ب- في المقام الثاني حينما يكون ذلك مناسباً المعاهدات الواجبة التطبيق ومبادئ القانون الدولي وقواعده بما في ذلك المبادئ المقررة في القانون الدولي للمنازعات المسلحة. ج- وإلا فالمبادئ العامة للقانون التي تستخلصها المحكمة من القوانين الوطنية للنظم القانونية في العالم بما في ذلك حسبما يكون مناسباً القوانين الوطنية للدول التي من عادتها أن تمارس ولايتها على الجريمة . شريطة إلا تتعارض هذه المبادئ مع النظام الأساسي ولا مع القانون الدولي ولا مع القواعد والمعايير المعترف بها دولياً) . ونستنتج من نص المادتين (38) و (21) على التوالي ومن تبعية القانون الدولي الجنائي للقانون الدولي العام وجود وحدة في المصادر الشكلية للقانونين وإذا ما أخذنا في الاعتبار اذاً مصادر القانون الدولي العام المشار إليها في المادة (38) وأضفنا إليها قرارات المنظمات الدولية باعتبارها تؤدي دوراً كبيراً في نطاق القانون الدولي الجنائي(3). وكذلك المصادر التي أشارت إليها المادة (21) نستطيع القول بان مصادر القانون الدولي الجنائي هي المعاهدات الدولية ، العرف الدولي ، المبادئ العامة للقانون ، أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين ، مبادئ العدل والإنصاف ، قرارات المنظمات الدولية :

أولاً- المعاهدات الدولية :

تعد المعاهدات الدولية من أهم مصادر القانون الدولي العام ولها الدور الأكبر في تكوين قواعده القانونية (حيث إن المصدر الحقيقي لكافة قواعد القانون الدولي العام هو الإرادة الشارعة للجماعة الدولية أو لمن يسيطر عليها من فئات أعضائها سواء تم التعبير عنها صراحة أو ضمناً أو افتراضاً)(4). والسبب الرئيس في ازدياد دور المعاهدات الشارع في تكوين القواعد الدولية هو افتقاد المجتمع الدولي إلى مشرع دولي عكس ما هو الحال بالنسبة للمجتمع الداخلي الذي يقوم في المشرع بإصدار القواعد القانونية وفقاً لمتطلبات الظروف المختلفة(5). وفي القانون الدولي الجنائي تعد المعاهدات الدولية أهم مصادر هذا القانون على الإطلاق فهي تضع قواعد قانونية مكتوبة تتمتع بدرجة عالية من الوضوح والدقة وهما أمران على درجة كبيرة من الأهمية في إطار هذا القانون (حيث كان للمعاهدات الدولية الدور الكبير في تكوين وتثبيت المبادئ الأساسية لهذا القانون وكذلك تحديد المسؤولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين المسؤولين عن الجرائم الدولية وبهذا تصبح هذه المبادئ مصادر للقانون الدولي الجنائي)(6).  وتجدر الإشارة إلى المعاهدات الدولية التي تعد مصدراً للقانون الدولي الجنائي (أي للقاعدة الدولية الجنائية) هي الاتفاقيات التي تقوم بوضع قواعد عامة مجردة وملزمة أي أنها تقوم بدور التشريع في المجتمع الدولي وهي تقابل التشريعات في القانون الداخلي المصدر الأساسي للقانون الوضعي خلافاً للاتفاقيات العقدية التي يقتصر أثرها على تقرير حقوق والتزامات متبادلة بين الدول . (وبذلك تتميز اتفاقيات القانون الدولي الجنائي بأنها اتفاقيات متعددة الأطراف ملزمة لكافة الدول التي صادقت عليها وهي اغلبها اتفاقيات كاشفة لقواعد عرفية وبعضها الآخر قواعد مقررة أو شارعة لقواعد دولية جديدة)(7).  ويعد النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية مثالاً مهماً للمعاهدات الدولية التي تعد مصدراً للقانون الدولي الجنائي حيث انه ينشئ عدداً من قواعد هذا القانون ويكشف عن وجود البعض الآخر .

ثانياً- العرف الدولي :

ينشأ العرف الدولي عن الموقف الذي تتخذه إحدى الدول في علاقتها مع دولة أخرى اعتقاداً منها انه ينطوي على الحق أو الالتزام وتستقبله هذه الأخيرة بالفكرة ذاتها(8). والعرف الدولي الذي يصلح أن يكون مصدراً للقانون الدولي الجنائي يتكون من اعتياد أشخاص هذا الأخير التعرف على نهج معين لشعورهم بإلزامية ذلك التصرف ونستطيع أن نستنبط من هذا التعريف أن للعرف الدولي شأنه في ذلك شأن العرف الداخلي عنصرين : العنصر المادي وهو تعود تلك الأشخاص التصرف على نحو محدد كلما صادفت آمرا ما من أمور علاقاتها الدولية في المجال الجنائي، والعنصر المعنوي وهو شعورهذة الأشخاص بأنهم ملزمون بالتصرف على هذا النحو وليس على غيره . وبصفة عامة ينقسم العرف الدولي إلى عرف عالمي يطبق على كل دول المجتمع الدولي ، وعرف محلي أو إقليمي يطبق على عدد معين من الدول تجمعهم روابط خاصة ، وإذ كان مجال تطبيق العرف العالمي يمتد ليشمل كل دول المجتمع الدولي فانه لا يشترط على الرغم من ذلك مشاركة كل هذه الدول في تكوينه(9). ورغم آن العرف يعد من أهم مصادر القانون الدولي وأغزرها مادة وظل لفترة طويلة المصدر الرئيس للقانون الدولي ، إذ أن اغلب قواعده القانونية ذات الصفة العالمية قد نشأت عن طريق العرف(10) إلا انه قد فقد في الوقت الراهن جزءا من أهميته أمام تزايد عمليات تدوين قواعده وتنامي دور المعاهدات الدولية التي تحتل حالياً مقدمة مصادر هذا القانون ، ولكن إذا كان هذا هو الوضع في القانون الدولي العام ، فما هو حقيقة الدور الذي يلعبه العرف الدولي بين مصادر القانون الدولي الجنائي؟ في إطار القانون الدولي الجنائي ، يؤدي العرف الدولي العالمي دوراً مهماً حيث أن مجال تطبيقه يعد في جميع الأحوال اكثر اتساعاً من مجال تطبيق المعاهدات الدولية (إذ آن أهمية العرف بالنسبة لهذا القانون هي كبيرة مما أدى ببعض الفقهاء إلى القول أن للمعاهدات والعرف قوة متساوية)(11)، وتظهر هذه الأهمية إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن القواعد المستقاة من هذا النوع من العرف تطبق على جميع دول المجتمع الدولي بما فيهم أولئك الذين لم يساهموا في إنشائها ، ومن ناحية أخرى أن اكثر المعاهدات الدولية أطرافاً لا يضم كل دول ذلك المجتمع وإنما  معظمها فقط، كما أن العرف الدولي سواء العالمي أم الإقليمي يعد مصدراً هاماً وأساسيا من مصادر التجريم والعقاب في إطار القانون الدولي الجنائي و خاصة أن القانون الدولي الجنائي قانون غير مقنن بالكامل حتى الوقت الراهن وان كانت جهود التقنين التي تتزايد يوماً بعد يوم وتؤتي ثمارها بين الحين والأخر ستؤدي حتماً إلى التقليل من هذه الأهمية ، ولكن ذلك لن يؤثر بأية حال من الأحوال على بقاء العرف الدولي ضمن المصادر الأساسية لهذا القانون(12). ولكن يعاب على العرف الدولي كمصدر للقانون الدولي العام عدم الوضوح والدقة ومن ثم تتطلب القواعد المشتقة منه المزيد من البحث والتمحيص وتحتمل الكثير من التفسيرات والتأويلات مما يؤثر بلا شك على استقرار المراكز القانونية ، وهو الأمر الذي يساهم في نهاية المطاف في عدم اقتناع المتقاضين بعدالة القواعد المطبقة عليهم .

ثالثاً- المبادئ العامة للقانون :

يقصد بالمبادئ العامة للقانون التي تشكل مصدراً من مصادر القانون الدولي الجنائي  مجموعة القواعد المشتركة بين مختلف الأنظمة الجنائية الرئيسة في العالم .. التي تصلح للتطبيق داخل النظام الدولي الجنائي(13). وعليه حتى يتم تطبيق أحد المبادئ العامة للقانون داخل النظام الدولي الجنائي ، لا بد من توافر شرطين : من جهة يجب إثبات أن هذا المبدأ يعد مشتركاً بين غالبية  الأنظمة الجنائية في العالم  وليس كلها(14) ومن جهة أخرى يجب أن لا يتعارض ذلك المبدأ مع طبيعة النظام الدولي الجنائي . ويترتب على ذلك انه لا يعد من المبادئ العامة للقانون وفقاً لهذا المفهوم ، المبادئ المطبقة داخل النظام الجنائي لدولة واحدة أو داخل الأنظمة الجنائية لمجموعة صغيرة أو محدودة من الدول وكذلك المبادئ التي لا تصلح للتطبيق داخل النظام الدولي الجنائي . وقد ظهر اتجاه في الفقه الدولي يشكك في اعتبار المبادئ العامة للقانون من المصادر المستقلة للقانون الدولي . على أساس انه لا يمكن للقضاء الدولي أن يطبق قواعد قانونية داخلية يتم استخدامها في العلاقات بين الأفراد(15). ولكن الرأي مستقر حالياً على اعتبار المبادئ العامة للقانون مصدراً مستقلاً للقانون الدولي العام(16). وهذا ما يستفاد من نص المادة (38/1/ج) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والمادة (21/1/ج) من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية.   ولكن إذا ما أجرينا مقارنة بين هاتين المادتين من حيث الصياغة . نجد أن المادة (21) قد جاءت اكثر تحديداً لمفهوم المبادئ العامة للقانون من المادة (38) . إذ أن الأخيرة نصت بصورة مختصرة على (المبادئ العامة للقانون التي أقرتها الأمم المتمدينة) بينما المادة (21) تنص على (المبادئ العامة للقانون التي تستخلصها المحكمة من القوانين الوطنية للنظم القانونية في العالم …… شريطة إلا تتعارض هذه المبادئ مع النظام الأساسي ولا مع القانون الدولي ولا مع القواعد والمعايير المعترف بها دولياً). وهناك أمثلة كثيرة على المبادئ العامة للقانون التي تشكل مصدراً للقانون الدولي الجنائي مثل مبدأ الشرعية ، مبدأ نسبية أثار الأحكام القضائية ، مبدأ المساواة بين أطراف الخصومة القضائية ، مبدأ احترام حقوق الدفاع ، مبدأ توافر علاقة السببية بين الضرر والعمل غير المشروع لقيام المسؤولية الدولية ومبدأ عدم جواز كون الشخص خصماً وحكماً في ذات الوقت .

رابعاً- أحكام المحاكم وأراء الفقهاء :

عَدَتّ المادة (38/1/د) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية أحكام المحاكم وأراء كبار الفقهاء مصدرين احتياطيين للقانون الدولي الذي تطبقه على المنازعات المعروضة عليها. مع مراعاة أحكام المادة (59) التي تقضي بنسبية أثار الحكم القضائي في هذه الحالة(17). أما المادة (21/2) من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية فإنها أجازت للمحكمة أن (تطبق مبادئ وقواعد القانون كما هي مفسرة في قراراتها السابقة) مما يعني صراحة أن أحكام المحكمة السابقة يمكن أن تكون مصدراً احتياطياً للقانون الواجب التطبيق أمامها ، ولكن لم تشر المادة (21) إلى الفقه كمصدر للقانون الواجب التطبيق أمام المحكمة . ولكن رغم أن المادة (21) تجعل من الأحكام الصادرة من المحكمة فقط مصدراً احتياطياً للقانون الواجب التطبيق كما أنها لا تعد الفقه مصدراً لهذا القانون ، لكن هذا لا يمنع من القول أن أحكام المحاكم وأراء الفقهاء يمكن اعتبارهما مصدرين احتياطيين للقانون الدولي الجنائي مع اختلاف الأهمية والدور في إطار هذا القانون عن القانون الدولي العام . ولكن يثار سؤال هو: أن أحكام المحاكم كمصدر احتياطي لكل من القانون الدولي العام والدولي الجنائي هي أحكام المحاكم الدولية فقط أم أيضاً أحكام المحاكم الوطنية؟ في إطار القانون الدولي العام تتحدث المادة (38/1/د) عن (أحكام المحاكم) بصورة عامة دون أن تحدد نوعية المحاكم مما يسمح بالقول بان أحكام المحاكم التي تعد مصدراً احتياطياً لهذا القانون تشمل أحكام المحاكم الدولية والوطنية على حد سواء(18).  أما في ظل القانون الدولي الجنائي فان المادة (21/2) تقصر أحكام المحاكم هذه على الأحكام الصادرة من المحكمة الدولية الجنائية وهذا يعني أن الأمر يتعلق بتلك الأحكام وحدها أو بأحكام المحاكم الدولية كلها على أتوسع الفروض، فهل أن أحكام المحاكم الوطنية لا تعد مصدراً احتياطياً للقانون الدولي الجنائي ؟ يبدو لي آن أحكام المحاكم كمصدر احتياطي للقانون الدولي الجنائي لا يشمل فقط أحكام المحاكم الدولية بل أيضاً أحكام المحاكم الوطنية ، ذلك أن اختصاص المعاقبة على الجرائم الدولية كان معهوداً إلى القضاء الوطني قبل إنشاء المحاكم الدولية الجنائية ، وحتى في ظل المحاكم الدولية الجنائية احتفظ القضاء الوطني بهذا الاختصاص ، فالمحاكم التي انشِئت في يوغسلافيا ورواندا كان اختصاصها مشتركاً مع المحاكم الوطنية بالنظر في الجرائم المرتكبة مع أسبقية القضاء الدولي على القضاء الوطني(19). أما في ظل المحكمة الدولية الجنائية الدائمة فان الاختصاص الأصيل للمحاكم الوطنية واختصاص المحكمة الدولية مكمل لهذا الاختصاص(20). إما بالنسبة لاعتبار الفقه مصدراً احتياطياً للقانون الدولي الجنائي . فان أراء المتخصصين والخبراء في مجال هذا القانون تؤدي دوراً مهما في تفسير القواعد الدولية الجنائية الموجودة وتحديد مضمونها ، وقد كان لأراء فقهاء القانون الدولي الجنائي الأوائل أمثال (بلا وجوافن وجلاسير) دور كبير في رسم معالم هذا القانون ، وقد أخذت الآراء الفقهية في الوقت الحاضر طابعاً جماعياً من خلال الجمعيات والمؤسسات التي تهتم بهذا الفرع من فروع القانون الدولي كالجمعية الدولية للقانون الجنائي والمعهد الدولي للدراسات الجنائية بسيراكوزا في إيطاليا(21).

خامساً- مبادئ العدل والإنصاف :

بموجب المادة (38/2) تعد مبادئ العدل والإنصاف مصدراً احتياطياً للقانون الواجب التطبيق أمام أحكام المحكمة متى ما وافق أطراف النزاع على ذلك(22). فضلاً عن دورها في نطاق القانون الدولي العام في المساهمة بالتخفيف من شدة إجراءات الترافع أمام المحكمة الدولية وقد يكون ذلك من خلال تحديد صفة الخصومة بالتوسيع من مفهوم صفة الخصومة لأشخاص لم يكونوا مشمولين بهذه الصفة استناداً إلى التطبيق الحرفي للقواعد الإجرائية المتبعة من قبلها أو تفصيل مفهوم الصفة بإضافة قواعد تفصيلية دقيقة لهذا المفهوم يؤدي إلى تحديد أبعاده ، أو قد يكون من خلال توسيع اختصاص المحاكم الدولية عموماً أو توسيع نطاق القواعد الإجرائية في مجالات ثلاثة هي قبول نظر الدعوى لوقوعها ضمن اختصاص المحكمة النوعي ، تحديد نطاق تطبيق شرط استنفاذ طرق الطعن الطعن الداخلية ، تقدير مدى جدية طلبات الخصوم والغرض الحقيقي منها هل هو لإثبات الحق أو المماطلة والتسويف لتأخير صدور حكم نهائي في القضية(23). إما في إطار القانون الدولي الجنائي فلا يوجد أية إشارة لمبادئ العدل والإنصاف كمصدر للقانون الواجب التطبيق من قبل المحكمة الجنائية حيث لا يوجد فقرة في المادة (21) تقابل الفقرة (2) من المادة (38) ولكن الفقرة (3) أشارت إلى بعض القواعد والأسس التي يمكن اعتبارها ركيزة مهمة لأي حكم قضائي يبتغي تحقيق العدل والإنصاف ، فهي تلزم المحكمة عند تطبيق القانون الواجب التطبيق أمامها بضرورة احترام حقوق الإنسان وفي مقدمتها مبدأ عدم التمييز بين المتقاضين لأي سبب من الأسباب ، ويمكن القول أن مبادئ العدل والإنصاف يمكن اعتبارها مصدراً غير مباشر للقانون الدولي الجنائي ويمكن أن تؤدي دوراً مهما حين يتعرض القاضي الدولي لبعض مسائل القانون الدولي الجنائي . وذلك كتقديره على سبيل المثال لحالات أسباب الإباحة وموانع المسؤولية .

سادساً- قرارات المنظمات الدولية :

السمة البارزة للمجتمع الدولي اليوم هي انتشار المنظمات الدولية بكافة أنواعها بحيث شملت كل المجالات الدولية (مما لم يعد معه القانون الدولي بحالته الراهنة قانون الدول فحسب بل قانون المنظمات الدولية)(24).         وبالرغم من أهمية المنظمات في المجتمع الدولي إلا أن جانباً من الفقه لا يعد قراراتها من مصادر القانون الدولي العام بسبب عدم نص المادة (38) على ذلك(25). ومن الراجح اليوم أن بعض المنظمات الدولية والقرارات الصادرة عنها يمكن اعتبارها عاملاً مساعداً في تكوين القواعد القانونية الدولية من خلال الأشراف على عقد الاتفاقيات الدولية الشارعة والتحضير لإبرامها أو إسهامها في تكوين العرف الدولي(26).          بل أن البعض ذهب إلى اكثر من ذلك وعدّ قرارات المنظمات الدولية مستقلاً ومتميزاً من مصادر القانون الدولي(27). أما في إطار القانون الدولي الجنائي فان قرارات المنظمات الدولية تعد من المصادر المباشرة لهذا القانون وتتمتع بأهمية خاصة(28). فلقد تم إنشاء المحكمة الدولية الجنائية الخاصة ليوغسلافيا 1993وروندا 1994بقرارين من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة والمادة (13) من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية الدائمة تمنح مجلس الأمن متصرفا طبقا للفصل السابع من الميثاق السلطة في إحالة أي حالة إلى المحكمة يبدو فيها أن جريمة دوليه أو اكثر من تلك الداخلة في نطاق اختصاص المحكمة قد ارتكبت . فضلاً عن سلطتها في طلب إرجاء وتأجيل المقاضاة أو للتحقيق التي تجريه المحكمة استناداً إلى المادة (16)ولمده (12) شهراً ، ولكن على الرغم من هذا الدور المهم الذي يضطلع به مجلس الأمن في إطار القانون الدولي الجنائي فانه لا يمكن أن يكون مشرعاً جنائياً للجماعة الدولية ، فهو لا يستطيع بقراره خلق جرائم دوليه جديده ، وإنما قد يساهم في الكشف عن القواعد القانونية المحددة لجرائم موجودة بالفعل . كما أن الجمعية العامة فضلاً عن قرارتها الكثيرة التي ساهمت به في تكوين قواعد القانون الدولي العام بشكل عام وفي مختلف المجالات (29) فان لقرارتها دورا كبيرا في نطاق القانون الدولي الجنائي وخاصة في تحديد الجرائم الدولية وتعريفها وابرز مثال هنا قرار الجمعية العامة المرقم 3314 في عام 1974 المتعلق بتعريف العدوان والذي ساهم دون شك في إنشاء وتفسير بعض القواعد القانونية المنظمة لجريمة العدوان .ويجب القول بخصوص قرارات المنظمات الدولية كمصدر للقانون الدولي الجنائي ان دورها يقتصر على تطوير القواعد الاجرائية لهذا القانون وبصورة خاصة انشاء المحاكم الدولية الجنائية ، ولا يمكن للقاضي الدولي الجنائي ان يطبق هذه القرارات في النزاع المعروض عليه فهو ملزم بتطبيق القواعد الواردة في المادتين (38) من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية والمادة (21) من النظام الاساسي للمحكمة الدولية الجنائية.

________________

1- انظر : د. علي صادق ابو هيف، القانون الدولي العام، منشاة المعارف بالاسكندرية، الطبعة الثانية عشر،1993، ص18.

2- انظر كل من : د. محمد سامي عبد الحميد ، أصول القانون الدولي العام ، ج2 ، القاعدة الدولية ، الدار الجامعية ، الإسكندرية ، ط6 ، 1984 ، ص125 ؛ وانظر كذلك : A. T. P. TAMMES “ Decisions of International Organization as A Source of International Law ”, C. A. D. I, 1958/2, p.94.  ؛ وكذلك عبد الله علي عبو ، قرارات المنظمات الدولية ومصادر القانون الدولي العام ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2000 ، ص73. 

 3-See : Marylin. J. Raish and Cail Partin. International Criminal Law. http://www. LLRX. Com. Int. aselective Resourse. Cuid. p.2.

4- انظر : د. جعفر عبد السلام ، دور المعاهدات الشارعة في حكم العلاقات الدولية ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، العدد (27) ، لسنة 1971 ، ص65.

5- لمزيد من التفصيل حول دور المعاهدات الشارعة في تكوين القواعد الدولية ، انظر كل من : د. عز الدين فودة ، الدور التشريعي للمعاهدات في القانون الدولي ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، نفس المصدر  السابق ، ص126 ؛ ود. عامر عبد الفتاح الجومرد ، تشريع القانون الدولي العام ، مجلة الرافدين للحقوق ، كلية القانون ، جامعة الموصل ، العدد الثاني ، آذار ، 1997 ، ص ص 164-174.  

6- انظر : د. حنا عيسى ، بصدد مسألة القانون الجنائي الدولي ، على شبكة الانترنيت

    http:// www. sis- gov. ps/ arabic/ roya/ homepage- html. p.2.  

7- انظر : د. سالم محمد سليمان ألا وجلي ، أحكام المسؤولية الجنائية عن الجرائم الدولية في التشريعات الوطنية ، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان ، مصراته ، الطبعة الأول ، (2000) ، ص193. 

8- انظر : الأستاذ شارل روسو ، القانون الدولي العام ، ترجمة : شكر الله خليفة ، دار المتوسط للطباعة ، بيروت ، 1983 ، ص77.

9- انظر : د. علي صادق ابو هيف ، مصدر سابق ، ص20.

10- انظر : د. عصام العطية، القانون الدولي العام، مديرية دار الكتب للطباعة النشر، بغداد، الطبعة السادسة،2000، ص216.

11-  انظر : د. حنا عيسى ، مصدر سابق ، ص3. 

12- انظر : السيد ابو عيطة ، الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية، 2001 ، ص ص 311-313. وان كانت قاعدة (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) تستعيد تدريجياً دور العرف من نطاق القانون الدولي الجنائي .

13- أشار مصطلح المبادئ العامة للقانون خلافاً بين الفقهاء البعض يقول أنها مبادئ القانون الدولي العام بينما البعض الأخر وهم الغالبية يقولون أنها المبادئ التي تقوم عليها القوانين الداخلية للأمم المتدنية . انظر : د. سامي عبد الحميد، اصول القانون الدولي العام، الجزء الاول ،الجماعة الدولية، الدار الجامعية للطباعة والنشر،الاسكندرية،1986، ص 168-169.    

14- لمزيد من التفصيل ، انظر : د. مفيد شهاب ، المبادئ العامة للقانون بوصفها مصدراً للقانون الدولي ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، المجلد (23) ، لسنة 1967 ، ص71.

15- انظر: .الطاهر مختار علي سعد، القانون الدولي الجنائي، الجزاءات الدولية،دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت، الطبعة الاولى 2001،ص 42 .

16- تنص المادة (59) على أنه (لا يكون للحكم قوة الإلزام إلا بالنسبة لمن صدر بينهم وفي خصوص النزاع الذي فصل فيه) .

17- انظر : د. علي صادق آبو هيف ، مصدر سابق ، ص28.

18- انظر على سبيل المثال : م/9 من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الخاصة بيوغسلافيا والتي تنص على الاختصاص المشترك مع المحاكم الوطنية بشرط أسبقية المحكمة الدولية على المحاكم الوطنية .  

19- انظر : المادة الأولى من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية التي تنص (…… وتكون المحكمة مكملة للاختصاصات القضائية الجنائية الوطنية) . 

20- انظر لمزيد من التفصيل : د. السيد ابو عيطة، الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق، مؤسسة الثقافة الجامعية، الاسكندرية،2001 ص 327-343.

21-  تنص المادة (38/2) على  (لا يترتب على النص المتقدم ذكره أي إخلال بما للمحكمة من سلطة الفصل في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف من وافق أطراف الدعوى عليه) .

22- لمزيد من التفصيل انظر : د. مشكاة صبيح المؤمن ، مبادئ العدل والإنصاف في التخفيف من شدة إجراءات الترافع دولياً ، مجلة القانون المقارن ، جمعية القانون المقارن العراقية ، العدد 34 ، السنة 2004 ،  ص ص 23-40.  

23- انظر : د. خليل إسماعيل الحديثي ، الوسيط في التنظيم الدولي ، كلية العلوم السياسية،جامعة بغداد ، 1991 ، ص54.

24- انظر في تفصيل ذلك : د. محمد السعيد الدقاق ، النظرية العامة لقرارات المنظمات الدولي ودورها في إرساء قواعد القانون الدولي ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 1973 ، ص203 وما بعدها .

25- انظر حول دور المنظمات الدولية في تكوين القواعد العرفية والإشراف على الاتفاقيات الشارعة كل من: د. جعفر عبد السلام ، مبادئ القانون الدولي العام ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ط2 ، 1986 ، ص794؛ وكذلك انظر : عبد الله علي عبو ، قرارات المنظمات الدولية ومصادر القانون الدولي العام ، رسالة ماجستير، مقدمة الى كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2000  ص 89-94.

26- See: Tammas, Op. Cit., p.7;

وكذلك د. محمد سامي عبد الحميد ، القيمة القانونية لقرارات المنظمات الدولية كمصدر لقواعد القانون الدولي ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، المجلد (24) ، لسنة 1968، ص119.   

27- انظر : السيد أبو عيطة ، مصدر سابق ، ص ص 314-323.

29- للمزيد انظر : د. صالح مهدي العبيدي ، قرارات الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة  أثرها في بناء قواعد القانون الدولي المعاصر ، مجلة القانون المقارن ، جمعية القانون المقارن العراقية ، العدد الخامس عشر، السنة العاشرة ، 1983 ، ص ص 354-360.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






قسم الشؤون الفكرية يقيم برنامج (صنّاع المحتوى الهادف) لوفدٍ من محافظة ذي قار
الهيأة العليا لإحياء التراث تنظّم ورشة عن تحقيق المخطوطات الناقصة
قسم شؤون المعارف يقيم ندوة علمية حول دور الجنوب في حركة الجهاد ضد الإنكليز
وفد جامعة الكفيل يزور دار المسنين في النجف الأشرف