يشكل عامل توفير الوقت اهم الفوائد التي يسعى اليها الانسان منذ قديم الزمان.. فلدى غالبية الناس الاستعداد لدفع المال، من دون أي نقاش، مقابل توفير وقتهم والحصول على ما يريدون بسرعة، ولو لم يكن هناك داع للسرعة.

من الشركات التي فهمت تماما هذه الحاجة ودرستها بعمق واستطاعت ان ترضيها شركة DHL، حيث اسهمت مع غيرها من الشركات في تحويل هذه الخدمة من الكماليات الى الاساسيات، واصبح ارسال الرسائل والطرود نوعا من المظاهر (والبرستيج). انها شركة عالمية تعمل تحت غطاء شركتين منفصلتين، احداهما مركزها الولايات المتحدة الامريكية، والثانية بروكسل في بلجيكا.

وحسب احصاءات شركة هوفر الامريكية فان موقع شركة DHL هو الثالث بعد فيديرال اكسبرس وUPS في الولايات المتحدة الامريكية ولكنها الاولى من دون منازع في السوق العالمية (41 في المئة من السوق العالمية)، وهي اكبر من فيديرال اكسبرس ويو بي اس مجتمعتين.

وقد استطاعت الشركة ان تصب بخدماتها الى 70000 موقع في 220 دولة. وتملك الخطوط الجوية اليابانية  25 في المئة من الشركة، (نيشو ايواي) 5،7 في المئة ويملك احد شركاء (دي. ال) ويدعى لاري لي هيلبوم، وهو متوفي، 60 في المئة من الخطوط الجوية لـ(دي. اتش. ال) ويملك 23 في المئة من الشركة العالمية، تملك شركة (دي. اتش. ال) العالمية طائراتها الخاصة، اضافة الى الاعتماد على شركات الطيران العالمية والمحلية حسب الدول للقيام بأعمالها.

تأسست الشركة عام 1969 عندما كان ثلاثة من العمال في شركة واحدة يبحثون عن وسائل فعالة وناجحة لتوفير الوقت بالنسبة الى وقوف السفن في الموانئ. وقد تمت تسميتها دي. اتش. ال نسبة الى هؤلاء العمال الثلاثة :

                                                                . Adrian Dalsey (the D))ـ

. Larry Hillblom (the H))ـ

. Robert Lynn (the L))ـ

كانت فكرتهم مبنية على اساس توصيل وثائق الشحن المتعلقة بالسفن الى الموانئ قبل وصول السفن وذلك لفحصها والتدقيق فيها، ولتوفير اختصار وقت وقوف السفن في الموانئ.

كانت فكرة مهمة، وعلى الرغم من صعوبة تنفيذها، تطورت بسرعة وتحولت الى فكرة التوصيل السريع بين كاليفورنيا وهاواي.. وقد كان مصرف (بن اوف اميركا) من اول من استخدم خدمتها، لأنه كان يريد ان يتم ارسال رسائل الائتمان والوثائق والمستندات البنكية من شركة واحدة فقط، وكانت دي. اتش. ال هي هذه الشركة.

كان اشهر الشركاء الثلاثة لاري لي هيلبوم الذي توفي في حادث تحطم طائرة العام 1995. كان لاري مغرما بالمراهقات، ويقال انه لولا ذلك لترك اكثر من (دي. اتش. ال) وراءه. وقد استطاع محاموه، بعد معاناة، اقناع اربع اسيويات بالقبول بنسبة 60 في المئة من ثروته البالغة 50 مليون دولار، ما اثر تأثيرا مباشرة في الشركة، حيث انه يملك 60 في المئة من خطوط الشركة الجوية و23 في المئة من (دي. اتش. ال) العالمية.

ـ Dhl توسع اعمال الشركة .

توسعت اعمال الشركة الى الفلبين عام 1971، وبعد سنتين استطاع الشركاء الثلاثة اقناع رجل اعمال، واسمه بوتشونغ، وهو من هونغ كونغ بمساعدتهم بتأسيس الشركة العالمية. لم يكن لدى تشونغ الاستعداد او الرغبة بدخول هذا المجال؛ لأنه لم يكن لديه أية خلفية عن الموضوع. لكنه اقتنع بعد ذلك؛ لأنه ركز على اهمية هذه الخدمة للشركات ومجالات الاعمال. كان تشونغ اول من وضع رسوم توصيل موحدة ومركز عمليات موحداً، ونجحت شركته الى أبعد الحدود في وقت قصير، فلم يمض عام 1972 حتى كانت الشركة قد وصلت خدماتها الى استراليا، هونغ كونغ، اليابان، سنغافورة، في عام 1974، وصلت الشركة الى اوروبا، وامريكا اللاتينية عام 1977، والشرق الاوسط وأفريقيا عام 1978.

من الاتفاقات المهمة التي رفعت من شان (دي. اتش. ال) الاتفاق الذي تم مع اوتيل هيلتون عام 1980، والذي يؤمن توصيلا يومياً بين فنادق هيلتون العالمية، ولكنها ركزت بعد ذلك على السوق داخل الولايات المتحدة، وبدأت بالاستثمار بقوة خلال عام 1982. كما انها كانت شركة البريد الاولى التي تتوسع داخل اوروبا الشرقية، وفي مقابل توسعها في سوق الولايات المتحدة، بدأت شركة فيديرال اكسبرس ويوبي اس بالتوسع خارجها لتنافسها.

وفي عام 1986 أسست الشركة اول خط طيران في الصين، وكان دالسي المسؤول المباشر عن هذا المشروع، كما كان اول الشركاء المتوفين وذلك في عام 1994. فتحت الشركة في عام 1996 عقدا لشراء 7 طائرات ايرباص من خطوط تاي الملكية، ما سيجعل عدد طائرات الشركة 94، ويرفع قدراتها بنسبة 44 في المئة، توفي دالسي في عام 1994، ومن بعده هيلبوم، وفي عام 1998، توفي المؤسس الثالث للشركة زوبرت لين.

يبلغ عدد موظفي الشركة حوالي 59200 موظف حسب اخر احصاء عام 1977 بمعدل زيادة 18.4% وبلغت مبيعاتها عام 1997 حوالي 4 مليارات و 800 مليون دولار حسب شركة هوفر الامريكية.

لعبة (الحاجة ام الاختراع) دوراً مهما في تأسيس (دي. اتش. ال) فالدافع القوي لحل مشكلة توقف السفن ورفع الانتاجية اوصلت الشركة الى فتح 2000 مكتب في اكثر من 220 دولة.

فكرة صغيرة قربت المسافات ووفرت الوقت والمال بالملايين. وجعلت العالم قرية صغيرة يتسابق فيها الانسان مع الزمن لتوصيل ما يريد في اقل من 48 ساعة في مختلف انحاء العالم، خدمة مدهشة تتطلب في بعض الاحيان معجزة. ولكن اجتماع عقول ثلاثة جعل منها شركة امتدت الى القارات الخمس.