المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
الجهاز التناسلي الذكري في الدجاج الجهاز التنفسي للدجاج محاسبة المسؤولية في المصرف (الإدارة اللامركزية والعلاقات الإنسانية ـــ الإدارة اللامركزية في المصرف) أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون المدني أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون الإداري دور التشريعات والسلطات الرقابية في تسعير المنتجات والخدمات المصرفية موضوع الملاحظة في الاستنباط القضائي ملكة الاستنباط القضائي الجهاز الهضمي للدجاج إستراتيجيات تسعير المنتجات والخدمات المصرفية في الاطار الرقابي (انواع المنتجات والخدمات المصرفية) طـرق تـحديـد سعـر الفـائـدة علـى القـروض السـكـنـيـة (العـقاريـة) تـحليـل ربحيـة العميـل من القـروض الاستـهلاكيـة (الشخصيـة) المـقـسطـة الدجاج المحلي العراقي معجزة الدين الاسلامي موضوع الإعجاز

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16365 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


عكرمة مولى ابن عباس  
  
3453   02:39 صباحاً   التاريخ: 14-11-2014
المؤلف : محمد هادي معرفة
الكتاب أو المصدر : التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب
الجزء والصفحة : ج1 ، ص297-309.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / التفاسير وتراجم مفسريها / تراجم المفسرين /

ابـو عبد اللّه عكرمة بن عبد اللّه اصله من البربر من اهل المغرب ، كان لحصين بن الحر العنبري ، فوهبه لابن عباس ، حين ولي البصرة لعلي بن ابي طالب (عليه السلام) ، واجتهد ابن عباس في تعليمه القرآن والسنن ، وسماه بأسماء العرب (1) .

قـال ابـن سـعد : كان يقيده فيعلمه القرآن ويعلمه السنن (2) فرباه فاحسن تربيته ، وعلمه فـاحسن تعليمه ، واصبح فقيها واعلم الناس بالتفسير ومعاني القرآن قال ابن خلكان : اصبح عكرمة احـد فـقـهاء مكة وتابعيها ، وكان ينتقل من بلد الى بلد قال : وروي ان ابن عباس قال له : انطلق فافت للناس وقيل لسعيد بن جبير : هل تعلم احدا اعلم منك ؟ قال : عكرمة .

واخـرج الـذهـبـي عـن عكرمة قال : طلبت العلم اربعين سنة ، وكنت افتي بالباب وابن عباس في الدار (3) .

واخـرج ابـن سعد عن سلام بن مسكين ، قال : كان عكرمة من اعلم الناس بالتفسير وعن عمرو بن ديـنـار ، قـال : دفـع الي جابر بن زيد مسائل اسال عنها عكرمة ، وجعل يقول : هذا عكرمة مولى ابن عباس ، هذا البحر فسلوه واخرج عنه ابو نعيم ، قال : هذا عكرمة مولى ابن عباس ، هذا اعلم الناس .

و كـان ابـن عباس لا يدع فرصة لتعليمه ، قال عكرمة : قال لي ابن عباس ونحن ذاهبون من منى الى عـرفـات : هـذا يـوم مـن ايـامـك (اي هـذه فرصة لك فاغتنمها) فجعلت ارجن به ويفتح علي ابن عباس (4) .

واخـرج ابـن سعد ايضا عن خالد بن القاسم البياضي قال : مات عكرمة وكثير عزة الشاعر في يوم واحد سنة (105) فرايتهما جميعا صلي عليهما في موضع واحد بعد الظهر في موضع الجنائز ، فقال الناس : مات اليوم افقه الناس واشعر الناس (5) .

واخـرج ابـو نعيم عن اسماعيل بن ابي خالد ، قال : سمعت الشعبي يقول : ما بقي احد اعلم بكتاب اللّه تعالى من عكرمة وعن سلام بن مسكين ، قال : سمعت قتادة يقول : اعلمهم بالتفسير عكرمة .

واخـرج عن يزيد النحوي عن عكرمة ، قال ابن عباس لي : انطلق فافت للناس ، فمن سالك عما يعنيه فافته ، ومن سالك عما لا يعنيه فلا تفته ، فانك تطرح عني ثلثي مؤونة الناس .

وعـن عـمـرو بن دينار ، قال : كنت اذا سمعت من عكرمة يحدث عن المغازي ، كانه مشرف عليهم يـنظر كيف كانوا يصنعون ويقتتلون وكان سفيان الثوري يقول بالكوفة : خذوا التفسير عن اربعة : سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعطا ، وعكرمة وفي رواية : تبديل عطا بالضحاك (6) .

واخرج ابن حجر عن يزيد النحوي عن عكرمة ، قال : قال لي ابن عباس : انطلق فافت بالناس وانا لك عـون قال : فقلت له : لو ان هذا الناس مثلهم مرتين لأفتيتهم قال : فانطلق فأفتهم ، فمن جاك يسالك عما يعنيه فافته ، ومن سالك عما لا يعنيه فلا تفته ، فانك تطرح عنك ثلثي مؤونة الناس .

وقال ابن جواس : كنا مع شهر بن حوشب بجرجان ، فقدم علينا عكرمة ، فقلنا لشهر : الا نأتيه ؟ فقال : ائتـوه ، فـانه لم يكن امة الا كان لها حبر ، وان مولى ابن عباس حبر هذه الامة (7) فقد حمل هذا اللقب الرفيع من مؤدبه ابن عباس وورثه منه .

وقـال الـمـروزي : كـان عـكـرمـة اعـلـم شـاكـردي ابـن عـبـاس بـالـتفسير ، وكان يدور البلدان يتعرض (8) .

وقال قتادة : كان اعلم التابعين عطاء  و سعيد بن جبير وعكرمة ، قال : واعلمهم بالتفسير عكرمة .

وقال ابن عيينة : سمعت ايوب يقول : لو قلت لك : ان الحسن ترك كثيرا من التفسير ، حين دخل علينا عكرمة البصرة حتى خرج منها ، لصدقت (9) .

وقال ابن المديني : كان عكرمة من اهل العلم ، ولم يكن في موالي ابن عباس اغزر علماء منه .

وقال ابن مندة : قال ابو حاتم : اصحاب ابن عباس عيال على عكرمة .

وقال ابن خيثمة : كان عكرمة من اثبت الناس فيما يروي (10) .

تـلـك شهادات ضافية ومستفيضة بشان الرجل ، تجعله في قمة الفضيلة والعلم ، والثقة والاعتماد عـلـيـه لـدى الائمة ، مما يوهن ما حيك حول الرجل من اوهام واكاذيب مفضوحة ، ليست تتناسب مع شخصية كانت تربية مثل ابن عباس ، وموضع عنايته الخاصة .

قـال ابو جعفر الطبري : ولم يكن احد يدفع عكرمة عن التقدم في العلم بالفقه والقرآن وتأويله ، وكـثرة الرواية للأثار ، وانه كان عالما بمولاه وفي تقريظ جلة اصحاب ابن عباس اياه ووصفهم له بـالتقدم في العلم وامرهم الناس بالأخذ عنه ، ما بشهادة بعضهم تثبت عدالة الانسان ، ويستحق جواز الـشـهـادة ومن ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح ، وما تسقط العدالة بالظن ، ويقول فلان لمولاه : لا تكذب علي ، وما اشبهه من القول الذي له وجوه وتصاريف ومعان غير الذي وجهه اليه اهل الغباوة ، ومن لا علم له بتصاريف كلام العرب (11) .

وقـال ابـو نعيم : ومنهم مفسر الايات المحكمة ، ومنور الروايات المبهمة ، ابو عبد اللّه مولى ابن عباس عكرمة كان في البلاد جوالا ، ومن علمه للعباد بذالا (12) .

وامـا الـذين طعنوا فيه ، فقد قصرت انظارهم ولم يعرفوا وجه المخرج من ذلك ، مع وضوح براة الرجل مما قيل فيه ويتلخص في رميه بالكذب ، وميله الى راي الخوارج اما الاول فلرواية رووها عن ابن عمر انه قال لمولاه نافع : لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس واما الثاني فلوهم توهموه من سفرته الى المغرب عند تجواله البلاد ، وان الخوارج هناك اخذوا عنه احاديث .

ومـن الـواضح ان هكذا تشبثات غريبة انما تنم عن حسد كان يحمله مناوئوه تجاه منزلة الرجل وشموخه في الفقه والعلم ، بمعاني القرآن الكريم .

قال ابن حجر ـ بشان الرواية عن ابن عمر ـ : انها ضعيفة الاسناد ، فضلا عن اختلاف المتن وتباين النقل فيها قال : انها لم تثبت ، لأنها من رواية ابي خلف الجزار عن يحيى البكا ، والبكا متروك الحديث .

ومن ثم قال ابن حبان : ومن المحال ان يجرح العدل بكلام المجروح يقصد به البكا.

واضـاف ابن حجر : ان اسحاق بن عيسى سال مالكا : ابلغك ان ابن عمر قال لنافع كذا؟ قال : لا ولكن بلغني ان سعيد بن المسيب قال ذلك لمولاه برد (13) .

قـلـت : ولقد كان رميه بالكذب شائعا على عهده ، وربما على عهد سيده ابن عباس ايضا ، حيث ورد الذب عن نفسه صريحا ، وانكار ابن عباس ذلك .

قـال ابـن حكيم : كنت جالسا مع ابي امامة بن سهل بن حنيف ، اذ جاء عكرمة ، فقال : يا ابا امامة ، اذك رك اللّه ، هـل سـمـعت ابن عباس يقول : (ما حدثكم عكرمة عني فصدقوه ، فانه لم يكذب علي )؟فقال ابو امامة : نعم (14) .

وقـال ايـوب : قال عكرمة : ارأيت هؤلاء الذين يكذبوني من خلفي ، افلا يكذبوني في وجهي حـجـر : يعني انهم اذا واجهوه بذلك امكنه الجواب عنه والمخرج منه وذلك ان عكرمة كان يسمع الـحـديـث مـن شـيخ ومثله من شيخ آخر ، فربما حدث واسنده الى الاول ، ثم يحدث ويسنده الى الاخر ، فمن ذلك رموه بالكذب ، كما قال ابو الاسود : كان عكرمة ربما سمع الحديث من رجلين ، فكان اذا سـئل حدث به عن رجل ، ثم يسال عنه بعد حين فيحدث به عن الاخر ، فيقولون : ما اكذبه صادق (15) .

قال ابن حجر : احتج بحديث عكرمة البخاري واصحاب السنن وتركه مسلم ـ الا حديثا واحدا ـ وانما تركه لكلام مالك فيه (كان مالك لا يراه ثقة ويأمر ان لا يؤخذ عنه ) (16) قال : وقد تعقب جماعة من الائمة ذلك ، وصنفوا في الذب عن عكرمة ، منهم : ابو جعفر ابن جرير الطبري ، ومحمد بـن نـصر المروزي ، وابو عبد اللّه ابن مندة ، وابو حاتم ابن حبان ، وابو عمرو ابن عبد البر ، وغيرهم .

وقد لخص ابن حجر ما قيل فيه ، ثم عقبه بالإجابة عليه ، قائلا : فأما اقوال من اوهاه ، فمدارها على ثلاثة اشياء : على رميه بالكذب ، وعلى الطعن فيه بانه كان يرى راي الخوارج ، وعلى القدح فيه بانه كـان يقبل جوائز الامراء قال : اما قبول الجوائز فجمهور اهل العلم على الجواز ، وقد صنف في ذلك ابـن عـبد البر (17) قال : على ان ذلك ليس بمانع من قبول روايته ، وهذا الزهري قد كان في ذلك اشهر من عكرمة ، ومع ذلك فلم يترك احد الرواية عنه بسبب ذلك (18) .

وامـا تهمة البدعة فأنها لم تثبت ، وقد نفاها عنه جماعة من الائمة النقاد قال ابن ابي حاتم : سالت ابي عـن عـكرمة ، فقال : ثقة قلت : يحتج بحديثه ؟ قال : نعم ، اذا روى عنه الثقات والذي انكر عليه مالك ، انـمـا هـو بسبب راي ، على انه لم يثبت عنه من وجه قاطع انه كان يرى ذلك ، وانما كان يوافق في بعض المسائل (19) فنسبوه اليهم وقد براه احمد والعجلي من ذلك ، فقال ـ في كتاب الثقات له ـ : عكرمة مولى ابن عباس ، مكي تابعي ثقة ، بري مما يرميه الناس به من الحرورية .

وقـال ابـن جـرير : لو كان كل من ادعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ، ثبت عليه ما ادعي به ، وسـقطت عدالته ، وبطلت شهادته بذلك ، للزم ترك اكثر محدثي الامصار ، لانه ما منهم الا وقد نسبه قوم الى ما يرغب به عنه (20) .

قـال الـذهـبـي : عـكرمة مولى ابن عباس ، احد اوعية العلم تكلم فيه ، لرايه لا لحفظه ، فاتهم براي الخوارج وقد وثقه جماعة ، واعتمده البخاري (21) .

وامـا الـكـذب فـلا منشأ لرميه به سوى حديث ابن عمر الانف ، وفي طريقه ضعف الامر الذي لا يـصطدم مع وفرة توثيقه : اخرج ابن حجر عن البخاري قال : ليس احد من اصحابنا الا احتج بعكرمة وقال ابن معين : اذا رأيت انسانا يقع في عكرمة فاتهمه على الاسلام وقال المروزي : قلت لأحمد بن حـنبل : يحتج بحديث عكرمة ؟ قال : نعم قال المروزي : اجمع عامة اهل العلم على الاحتجاج بحديث عـكرمة ، واتفق على ذلك رؤساء اهل العلم بالحديث من اهل عصرنا ، منهم : احمد بن حنبل ، واسحاق بـن راهـويـة ، وابـو ثـور ، ويحيى بن معين قال : ولقد سالت اسحاق عن الاحتجاج بحديثه ، فقال : عـكرمة عندنا امام اهل الدنيا ، وتعجب من سؤالي اياه قال : وحدثنا غير واحد انهم شهدوا يحيى بن مـعـين ، وساله بعض الناس عن الاحتجاج بعكرمة ، فاظهر التعجب وقال البزار : روى عن عكرمة مائة وثلاثون رجلا من وجوه البلدان ، كلهم رضوا به ، الى غيرها من توثيقات قيمة (22) .

ويـبـدو مـن روايات اصحابنا الامامية كونه من المنقطعين الى ابواب آل بيت العصمة ، وفقا لتعاليم تـلـقـاهـا من مولاه ابن عباس ـ رضي اللّه عنه ـ فقد روى محمد بن يعقوب الكليني باسناده الى ابي بصير ، قال : كنا عند الامام ابي جعفر الباقر(عليه السلام) وعنده حمران ، اذ دخل عليه مولى له ، فقال : جعلت فداك ، هذا عكرمة في الموت ، وكان يرى راي الخوارج ، وكان منقطعا الى ابي جعفر(عليه السلام).

فـقال لنا ابو جعفر : انظروني حتى ارجع اليكم ، فقلنا : نعم فما لبث ان رجع ، فقال : اما اني لو ادركت عـكرمة ، قبل ان تقع النفس موقعها لعلمته كلمات ينتفع بها ، ولكني ادركته وقد وقعت النفس موقعها قلت : جعلت فداك ، وما ذاك الكلام ؟ قال : هو ـ واللّه ـ ما انتم عليه ، فلقنوا موتاكم عند الموت شهادة ان لا اله الا اللّه والاقرار بالولاية (23) .

في هذه الرواية مواضع للنظر والامعان : اولا دخول مولى ابي جعفر بذلك الخبر المفاجئ ، لدليل على ان لـعـكـرمـة كانت منزلة عند الامام (عليه السلام) ، وكان الامام يهتم بشأنه ثانيا قوله : وكان منقطعا الى ابي جعفر ، يؤيد كون الرجل من خاصة اصحابه ، ولم يكن يدخل على غيره دخوله على الامام (عليه السلام).

وامـا قـولـه : وكـان يـرى راي الخوارج ، فهو من كلام الراوي ، حدسا بسانه ، حسبما املت عليه الحياكات الشائعة عنه (24) ، والا فهو متناقض مع انقطاعه الى الامام كيف يختص بالحضور لدى امام معصوم من اهل بيت النبوة ، من كان يرى راي خارجى مبغض لآل ابي طالب بالخصوص ؟ هذا الا تناقض ، يرفضه العقل السليم ، فهذا قول ساقط لا وزن له مع سائر تعابير الحديث المتقنة .

واخـيـرا فان قوله (عليه السلام) : لقنوا موتاكم الخ مع اهتمامه البالغ بشان ادراكه قبل الموت ليلقنه ، لدليل واضـح عـلـى كـونه ممن يرى رايهم لا راي غيرهم ، والا فلا يتناسب قوله اخيرا مع فعله اولا ، فتدبر.

وهذه الرواية رويت مع اختلاف في بعض الفاظها ، رواها البرقي في كتاب (الصفوة )باسناده الى ابي بكر الحضرمي ، (25) والكشي عن طريق محمد بن مسعود العياشي باسناده الى زرارة بن اعين عن الامام ابي جعفر الباقر(عليه السلام) (26) .

غـير ان الكشي استنتج من قول الامام : (لو ادركته لنفعته ) انه مثل ما يروى (لو اتخذت خليلا لاتخذت فلانا خليلا) لا يوجب لعكرمة مدحا بل اوجب ضده (27) .

لكنه استنتاج غريب ناشئ عن ذهنيته الخاصة بشان الرجل قال المحقق التستري ـ ردا عليه ـ : ان الرواية المقيس عليها غير ثابتة ، وعلى فرض الثبوت فهو مدح لا قدح (28) قلت : معنى (لو ادركـته لنفعته ) (29) : انه لم يدركه فلم ينتفع بما كان من شانه ان ينتفع به وكذا معنى (ان ادركته علمته كلاما لم تطعمه النار) (30) : ان كنت لقنته لم تذقه النار اصلا فلازم ذلك انه بسبب عدم هذا الانتفاع يكون بمعرض لإذاقة النار ـ على بعض ذنوبه احيانا ـ او فوته بعض المنافع لذلك .

وعـلـى جميع هذه الفروض ، لا تدل الرواية على انه كان من المخالفين او الفاسقين ، حاشاه من عبد صـالـح كـان تـربـيـة مثل ابن عباس من خاصة الامام امير المؤمنين (عليه السلام) ، وهذا كما يقال : لو عمل كذا النفعه او لم يكن ليتضرر شيئا ، ولازمه انه لم ينتفع بذلك ، او تضرر شيئا.

وللمولى المجلسي العظيم كلام بشان عكرمة ، عند ما نقل عنه في تفسير قوله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ } [البقرة : 207] انها نزلت بشان ابي ذر وصهيب (31) ، على خلاف سائر المفسرين قالوا : نزلت بشان علي (عليه السلام) ليلة المبيت قال ـ بصدد القدح في الرواية ـ : ان راويها عكرمة ، وهو من الخوارج (32) .

ولـعـل هـذا مـنـه كان جدلا ، والا فالرواية في نفسها ضعيفة لضعف الراوي لا المروي عنه فقد اخـرجـها الطبري عن طريق الحجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عن عكرمة والمصيصي ضـعيف واه ، قد خلط في كبره ، ومن ثم تركه يحيى بن سعيد واوصى ابنه بتركه (33) وقد سمعت ابا حاتم قوله بشان عكرمة : ثقة يحتج بقوله اذا روى عنه الثقات (34) .

وبـعد ، فلم نجد مغمزا في عكرمة مولى ابن عباس الثقة الامين ، الامر الذي استنتجه ابن حجر في الـتـقـريـب قـال : عـكـرمـة ، ثـقـة ثبت ، عالم بالتفسير ، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر ، ولا يثبت عنه بدعة (35) .

منهجه في التفسير

كان ينتهج منهج مولاه وشيخه ومؤدبه ابن عباس ، في حرية الراي وثبات العقيدة من غير ان يهاب احـدا ، او يـثـنـيـه عـن اختياره شيء ومن ثم عرض نفسه للقذف والرمي ، وربما التحمل لما كان المناوئون يهابون موضع سيده ابن عباس ، فوجدوا من تلميذه مندوحة ليقدحوا فيه ويجرحوه .

نموذج من تفسيره :

كان يرى من آية الوضوء (36) نزولها بمسح الارجل دون غسلها ، ولم يزل عمله على ذلك ، وان اسـتـدعـي مـخالفة عامة الفقها في عصره قال يونس : حدثني من صحب عكرمة الى واسط ، قال : فـمـا رايته غسل رجليه ، انما كان يمسح عليهما (37) واخرج الطبري باسناده الى عبد اللّه العتكي عن عكرمة ، قال : (ليس على الرجلين غسل ، انما نزل فيهما المسح ) وهكذا اخرج باسناده الى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : (الوضوء غسلتان ومسحتان ) وكذا عن جمع كـثـيـر مـن الـتابعين ، ولا سيما المتأثرين بمدرسة ابن عباس ، امثال قتادة والضحاك والشعبي والاعمش وغيرهم وجماعة من الصحابة امثال انس بن مالك وجابر بن عبد اللّه وغيرهما ، ذهبوا الى ان القرآن نزل بمسح الارجل لأغسلها (38) .

قـال امين الاسلام الطبرسي : اختلف في ذلك ، فقال جمهور الفقها : ان فرضهما الغسل وقالت الامامية : فـرضـهـمـا الـمسح لا غير ، وبه قال عكرمة وقد روي القول بالمسح عن جماعة من الصحابة والـتـابـعـين كابن عباس وانس وابي العالية والشعبي وقال الحسن البصري : بالتخيير بين الغسل والمسح .

قال : واما ما روي عن سادة اهل البيت (عليه السلام) في ذلك فاكثر من ان تحصى (39) وللطبرسي هنا بشان المسالة تحقيق لطيف ، ينبغي لرواد الحقيقة مراجعته .

و اخـرج البيهقي باسناده عن رفاعة بن رافع : ان رسول اللّه (صلى الله عليه واله ) قال : (انها لا تتم صلاة احدكم حتى يسبغ ‌الوضوء كما امره اللّه به : يغسل وجهه ويديه الى المرفقين ، ويمسح راسه ورجليه الى الكعبين ) (40) .

و هـكـذا في المسح على الخفين ـ الذي يقول به جمهور الفقها ـ كان عكرمة ينكره اشد الانكار ، ويـقول : (سبق الكتاب المسح على الخفين ) (41) ، يعني : ان القرآن نزل بالمسح على الارجل ، امـا المسح على الخفين ـ على ما وردت به بعض الروايات ـ فامر متأخر عن نزول الاية ، ولا دليل على نسخ الاية ، رواية لم تثبت (42) .

وهـذا الذي ذكره عكرمة هو الذي نقلته الائمة عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام) فقد روى ابو جعفر الـطـوسـي بـاسـناده الى ابي الورد ، قال : قلت لابي جعفر الباقر(عليه السلام) : ان ابا ظبيان حدثني انه رأى عـلـيـا(عليه السلام) اراق الما ثم مسح على الخفين (43) اما بلغك قول على (عليه السلام) فيكم : (سبق الكتاب الخفين )؟ فقلت : فهل فيهما رخصة ؟ فقال : لا ، الا من عدو تتقيه ، او ثلج تخاف على رجليك (44) .

ولا شـك ان ابـن عـبـاس كـان يرى راي الامام الذي هو شاخص اهل البيت (عليه السلام) فلا وقع لتكذيب عكرمة بانه خالف شيخه ، فقد افتري عليه كما افتري على الامام (عليه السلام).

وعـقـد ابو نعيم الاصبهاني فصلا من حليته (45) ، اورد فيه من تفاسير مأثورة عن عكرمة ، دررا وغـررا هي من جلائل الاثار وكرائم الافكار ، ويتبين منها مدى سعة علم الرجل وشموخ فكره الصائب ، ينبغي مراجعتها فأنها ممتعة جدا.
__________________________

1- ابـن خـلـكـان ـ وفـيـات الاعـيـان ـ ، ج3 ، ص 265 رقـم 421 وفي الطبقات : كان ابن عـبـاس يـسـمـي عـبـيـده اسـمـا الـعرب ، عكرمة وسميع وكريب وكان يأمرهم بالتزويج وترك العزوبة (ابن سعد ، ج5 ، ص 212).

2- الـطبقات ، ج5 (ط ليدن ) ، ص 212 قال : كان يضع في رجله الكبل لذلك وراجع : ايضا ، ج2 ، ص 133 وراجـع : حـلية الاولياء لابي نعيم الاصبهاني ، ج3 ، ص 326 رقم (245) وفي الميزان ، ج3 ، ص 95 رقم 5716 : كان يضع في رجلي الكبل على تعليم القرآن والفقه .

3- ميزان الاعتدال ، ج3 ، ص 95 ، رقم 5716.

4- ارجن به ، اي اوقفه فأسأله (الطبقات ، ج5 ، ص 212).

5- الطبقات ، ج5 ، ص 216.

6- حلية الاولياء ، ج3 ، ص 326 ـ 329.

7- تهذيب التهذيب ، ج7 ، ص 265 ، وميزان الاعتدال ، ج3 ، ص 93 ، رقم 5716.

8- الـمـصـدر نفسه وشاگرد ـ بالكاف الفارسية ـ : التلميذ وقد ذكره ابن حجر في مقدمة شرح البخاري ص 428 بلفظ : (كان عكرمة اعلم موالي ابن عباس واتباعه بالتفسير).

9- المصدر نفسه ، ص 266.

10- ابن حجر في مقدمة شرح البخاري ، ص 428.

11- عن المقدمة لابن حجر ، ص 428 ـ 429.

12- حلية الاولياء ، ج3 ، ص 326 ، رقم 245.

13- مقدمة شرح البخاري ، ص 425.

14- تهذيب التهذيب ، ج7 ، ص 265 والمقدمة ، ص 427.

15- مقدمة فتح الباري ، ص 427.

16- تهذيب التهذيب ، ج7 ، ص 268 وفي الميزان ، ج3 ، ص 95 : قال مطرف : سمعت مالكا يكره ان يذكر عكرمة ، ولا رأى ان يروي عنه .

17- لـم نجد فقيها من فقها ذلك العهد ، كان قد سلم من ذلك ، لا سيما اذا كان الامير صالحا ، وكان الـفـقـيـه بحاجة ، كما هو الشأن في مثل عكرمة فقد قيل له : ما جاء بك الى هذه البلاد؟ قال : الحاجة (طبقات ابن سعد ، ج5 ، ص 214) وفي رواية : اسعى على عيالي (مقدمة الفتح ، ص 426).

18- مقدمة فتح الباري ، ص 424 ـ 427.

19- مـا مـن مـذهـب وطـريـقـة الا ويتوافق بعض مسائله مع مسائل مذاهب آخرين ، وهذا لا يـعـنـي التوافق في الاصول وفي كل الاتجاهات نعم ، الذين في قلوبهم زيغ ، يتبعون ما تشابه ، ابتغاء الفتنة وسعيا ورا الفساد في الارض .

20- فتح الباري ـ المقدمة ـ ص 427.

21- ميزان الاعتدال ، ج3 ، ص 93 ، رقم5716 .

22- راجع : مقدمة فتح الباري ، ص 428.

23- الـكافي الشريف ، ج3 ، ص 123 ، رقم5 باب تلقين الميت من كتاب الجنائز والمرآة ، ج13 ، ص 278 ـ 279.

24- فـقـد كـان طـلـبـه الوالي على المدينة ، فتغيب عند داود بن الحصين ، حتى مات عنده ، غيران الامام ابا جعفر وصحابته الخواص كانوا يعرفون موضعه وفي ذلك ايضا دلالة على كونه من الخاصة (طبقات ابن سعد ، ج5 ، ط ليدن ، ص 316).

25- الـمـحـاسـن (ط نـجـف ) ص 112 ـ 113 ، بـاب 19 الـمعرفة ، رقم63 والبحار ، ج68 (ط طهران ) ، ص 119 ـ 120 ، رقم 48.

26- رجال الكشي (ط نجف ) ، ص 188 رقم 94.

27- اخـتـيـار مـعـرفـة الـرجـال (ط مشهد) ، ص 216 ، رقم387 و(ط مؤسسة آل البيت ) ج2 ، ص 477 ـ 478.

28- قاموس الرجال ، ج6 (ط اولى ) ، ص 327.

29- كما في رواية الكشي (لو ادركت عكرمة عند الموت لنفعته ) (ط نجف ) ، ص 188 رقم 94.

30- كـمـا فـي روايـة الـبـرقـي ـ المحاسن باب 19 (المعرفة ) من كتاب الصفوة والنور والرحمة ، رقم 63.

31- الطبري ، ج2 ، ص 186 ، والمجمع ، ج2 ، ص 301.

32- بحار الانوار ، ج36 (ط بيروت ) ص 45.

33- تهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 206.

34- المصدر نفسه ، ج7 ، ص 270.

35- التقريب ، ج2 ، ص 30 ، رقم 277.

36- المائدة / 6.

37- الطبرسي في مجمع البيان ، ج3 ، ص 165 والطبري في جامع البيان ، ج6 ، ص 83.

38- الـطـبـري في جامع البيان ، ج6 ، ص 82 ـ 83 واخرج البيهقي في سننه ، ج1 ، ص 72 عن ابـن عباس قال : ما اجد في الكتاب الا غسلتين ومسحتين كما اخرج في ص 44 عن رفاعة بن رافع : المسح على الرجلين .

39- الطبرسي في مجمع البيان ، ج3 ، ص 164.

40- الـسـنن الكبرى ، ج1 ، ص 44 ، باب التسمية على الوضوء وج2 ، ص 345 باب من سها فترك ركنا ، وهناك كامل الحديث واخرجه السيوطي في الدر المنثور ، ج2 ، ص 262.

41- تهذيب التهذيب ، ج7 ، ص 268.

42- ذكـر ابـو يـوسـف ان سـنـة الـمـسـح على الخفين نسخت آية المسح على الارجل احكام القرآن للجصاص ، ج2 ، ص 348.

43- هـو حـصـيـن بـن جـنـدب الـكوفي مات سنة 90 وقد انكروا سماعه من علي (عليه السلام ) فيما يرويه عنه تهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 380 ولم يذكره الشيخ في اصحاب الامام امير المؤمنين (عليه السلام ).

44- الوسائل ، ج1 ، ص 322 ، رقم5 .

45- حلية الاولياء ، ج3 ، ص 329 ـ 347.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



العتبة العباسية تطلق مسابقة فن التصوير الفوتوغرافي الثانية للهواة ضمن فعاليات أسبوع الإمامة الدولي
لجنة البرامج المركزيّة تختتم فعاليّات الأسبوع الرابع من البرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسيّة
قسم المعارف: عمل مستمر في تحقيق مجموعة من المخطوطات ستسهم بإثراء المكتبة الدينية
متحف الكفيل يشارك في المؤتمر الدولي الثالث لكلية الآثار بجامعة الكوفة