اسم الاشوريين مشتق من كلمة اشور ، وهو الاسم الذي اطلق على كل من ارضها ، وعاصمتها ، والهها القومي ، وسكانها الاوائل . ويقع موطن الاشوريين في الاراضي الواقعة على جانبي دجلة من خط العرض 37 شمالا ، حتى مصب النهر جنوبا . وكانت سفوح الجبال الشاهقة تحف بالبلاد م الشمال ومن الشرق . اما الحدود الجنوبية ، فكانت تتكون من المستنقعات المنتشرة قرب مصب نهر الخابور ، حيث يوجد نهر الخابور احد روافد نهر الفرات . ولقد اشتق الاشوريون عناصر حضارتهم من عناصر حضارة العراق الاولى السومرية .

وقد اختلف العلماء في أصل العنصر الاشوري ، فبينما يتجه بعض المؤرخين الى القول بأنهم شعبة من الساميين ، استقروا في شمال العراق وبأنهم جاءوا من ارض بابل في العصر الأكدي . ويؤكد هذا الاتجاه دليلان ، أولهما ما جاء في التوراة مدعما لهذا الاتجاه  ، وثانيهما ان اللغة الاشورية تعتبر من لهجات اللغات البابلية . وان كان طه باقر يرى خلاف ذلك ، ويعتقد ارجاع اللغتين الى اصل واحد ، وهذا الاصل هو عائلة اللغات السامية . ومن ناحية اخرى يرى بعض العلماء ارجاع الاشوريين الى العنصر الاموري ، اي انهم ينتمون الى الساميين الغربيين (السوريين) . وهناك رأي ثالث يميل الى القول بأن الاشوريين ما هم الا شبعة من الساميين ، استقروا في مكان ما بصفة مؤقتة بعد ان هجر اجدادهم ارض الجزيرة العربية . ثم انتقلوا من هذا الموطن المؤقت الى البلاد التي سميت فيما بعد بدولة اشور . ومهما كان الامر في اصل العنصر الاشوري ، فقد اختلطوا بغيرهم من الشعوب مثل السوباريين ، الذين كانوا يستوطنون شمال بابل في المناطق الجبلة شرق دجلة فيما بين دجلة وجبال زاجروس حتى ديالى وهي ما تعرف باسم بلاد سوبارتو . وقد ورد في النصوص ما يجعل سوبارتو تطلق فيما بعد على بلاد أشور نفسها .

ولقد ظهرت اشور منذ عهود ما قبل التاريخ كدويلة مستقلة متأثرة بالحضارة السومرية (1) . ولكن لم يكن لهم في بداية الامر كيان سياسي قوى الا منذ منتصف الثاني ق . م . ولقد استغلت اشور الاضطرابات التي حدثت في جنوب العراق في العهد الجوتي ، وفي مرحلة الاحتلال الاموري العيلامي ، وقامت ببعض محاولات الاستقلال . ولكنها لم تستطع ان تصل الى كيانها المستقل الا بعد ان انتهت الدولة البابلية . وقد استفادت اشور من الصراع الطويل الذي تعرضت له نتيجة الهجمات من قبل الاراميين ، والحيثيين ، والميتانيين ، مما أعطاها في النهاية وبعد الصراع الطويل شخصيتها المميزة ، وقد كافحت أشور لصد الكثير من تلك الهجمات لكي تقطع الطريق ضد الطامعين .

_______

(*) اهم روافد نهر دجلة القادمة من المرتفعات الشرقية ويتصل بنهر دجلة جنوبي بغداد ، ويكون مع دجلة مثلثا من الاراضي الخصبة التي كانت موطنا لمملكة اشنونا وكانت عاصمتها مكان تل أسمر الحالية .

(1) عبد المنعم ابو بكر وآخرون ، المرجع السابق ، ص 319 .