أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-1-2022
1974
التاريخ: 17-5-2021
2629
التاريخ: 21/11/2022
2028
التاريخ: 5-4-2020
1496
|
تقرر في الطب الجسماني أن حفظ الصحة بإيراد المثل و ملائم المزاج فيجب أن يكون حفظ اعتدال الفضائل أيضا بذلك.
و إيراد المثل لحفظ اعتدالها يكون بأمور: (منها) اختيار مصاحبة الأخيار، و المعاشرة مع أولى الفضائل الخلقية و استماع كيفية سلوكهم مع الخالق و الخليقة ، و الاجتناب عن مجالسة الأشرار و ذوي الأخلاق السيئة ، و الاحتراز عن استماع قصصهم و حكاياتهم و ما صدر عنهم من الأفعال و مزخرفاتهم ، فإن المصاحبة مع كل أحد أقوى باعث على الاتصاف بأوصافه ، فإن الطبع يسترق من الطبع كلا من الخير و الشر.
و السر : أن النفس الإنسانية ذات قوى بعضها يدعو إلى الخيرات و الفضائل و بعضها يقتضى الشرور و الرذائل ، و كلما حصل لأحدهما أدنى باعث لما تقتضيه جبلته مال إليه و غلب على صاحبه إلى الخير، و لكون دواعي الشر من القوى أكثر من بواعث الخير منها ، يكون الميل إلى الشر أسرع و أسهل بالنسبة إلى الميل إلى الخير، و لذا قيل : إن تحصيل الفضائل بمنزلة الصعود إلى الأعالي و كسب الرذائل بمثابة النزول منها ، و إلى ذلك يشير قوله ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) : «حفت الجنة بالمكاره و حفت النار بالشهوات».
(ومنها) إعمال القوى في شرائف الصفات ، و المواضبة على الأفعال التي هي آثار فضائل الملكات ، و حمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق الذي يريد حفظه ، فالحافظ لملكة الجود يجب أن يواظب على إنفاق المال و بذله على المستحقين ، و يقهر على نفسه عند وجدان ميلها إلى الإمساك ، و الحافظ لملكة الشجاعة يجب ألا يترك الإقدام في الأخطار و الأهوال بشرط إشارة العقل ، و يغضب على نفسه عند وجدان الجبن منها.
و هكذا الحال في سائر الصفات , و هذا بمثابة الرياضة الجسمانية في حفظ الصحة البدنية.
(و منها) أن يقدم التروي على كل ما يفعله ، لئلا تصدر عنه غفلة خلاف ما تقتضيه الفضيلة.
ولو صدر عنه أحيانا خلاف مقتضاها، فليؤدب نفسه بارتكاب ما يضاده ، و يشق عليها عقوبة بعد تعييرها و توبيخها ، كما إذا أكل ما يضره من المطاعم فليؤدبها بالصوم ، و إذا صدر عنه غضب مذموم في واقعة فليؤدبها بإيقاعها في مثلها مع الصبر عليها ، أو في معرض إهانة السفهاء حتى يكسر جاهه أو يؤدبها بارتكاب ما يشق عليها من النذر و الصدقة و غير ذلك.
و ينبغي ألا يترك الجد و السعي في التحصيل و الحفظ و إن بلغ الغاية لأن التعطيل يؤدى إلى الكسالة و هي إلى انقطاع فيوضات عالم القدس ، فتنسلخ الصورة الإنسانية و تحصل الهلاكة الأبدية ، و السعي يوجب ازدياد تجرد النفس و صفائها و الأنس بالحق و الألف بالصدق فيتنفر عن الكذب و الباطل ، و يتصاعد في مدارج الكمالات و مراتب السعادات ، حتى تنكشف له الأسرار الإلهية و الغوامض الربانية ، و يتشبه بالروحانيات القادسة و ينخرط في سلك الملائكة المقدسة.
و يجب أن يكون سعيه في أمور الدنيا بقدر الضرورة ، و يحرم على نفسه تحصيل الزائد ، لأنه لا شقاوة أشد من صرف الجوهر الباقي النوراني في تحصيل الخزف الفاني الظلماني الذي يفوت عنه و ينتقل إلى أعدائه من الوارث و غيرهم.
(و منها) أن يحترز عما يهيج الشهوة و الغضب رؤية و سماعا و تخيلا ، و من هيجهما كمن هيج كلبا عقورا أو فرسا شموسا ، ثم يضطر إلى تدبير الخلاص عنه.
و إذا تحركتا بالطبع فليقتصر في تسكينهما بما يسد الخلة و لا ينافي حفظ الصحة ، و هو القدر الذي جوزه العقل و الشريعة.
(و منها) أن يستقصي في طلب خفايا عيوب نفسه ، و إذا عثر على شيء منها اجتهد في إزالته. و لما كانت النفس عاشقة لصفاتها و أفعالها ، فكثيرا ما يخفى عليها بعض عيوبها ، فيلزم على كل طالب للصحة و حافظها أن يختار بعض أصدقائه ليتفحص عن عيوبه و يخبره بما اطلع عليه ، و إذا أخبره بشيء منها فليفرح و ليبادر إلى إزالته حتى يثق صديقه بقوله ، و يعلم أن إهداء شيء من عيوبه إليه أحسن عنده من كل ما يحبه و يهواه ، و ربما كان العدو في هذا الباب أنفع من الصديق ، لأن الصديق ربما يستر العيب و لا يظهره ، و العدو مصر على إظهاره ، بل ربما يتجاوز إلى البهتان ، فإذا أظهر الأعداء عيوبه فليشكر اللّه على ذلك و ليبادر إلى رفعها و قمعها.
و مما ينفع في المقام أن يجعل صور الناس مرايا لعيوبه و يتفقد عيوبهم ، و إذا عثر على عيب منهم تأمل في قبحه ، و يعلم أن هذا العيب إذا صدر عنه يكون قبيحا و يدرك غيره هذا القبح فليجتهد في إزالته.
و ينبغي أن يحاسب نفسه في آخر كل يوم و ليلة ، و يتفحص عن جميع ما صدر من الأفعال فيهما فإن لم يصدر عنه شيء من القبائح و الذمائم فليحمد اللّه على حسن تأييده ، و إن صدر عنه شيء من ذلك فليعاتب نفسه و يتوب ، و يجتهد في ألا يصدر عنه بعد ذلك مثله .
|
|
استبدال مفصل الركبة.. "خطوة ضرورية" قبل إجراء الجراحة
|
|
|
|
|
روسيا.. ابتكار محطة طاقة شمسية على شكل موشور
|
|
|
|
|
خلال استقباله وفدًا من مدغشقر.. السيد الصافي يؤكد استعداد العتبة العباسية لمساعدة المؤمنين بمختلف الدول في حدود الإمكانات المتوفرة
|
|
|