ان علم ما قبل التاريخ يهدف الى معرفة الانسان وسلوكه في وسطه الطبيعي في العصور الماضية التي لا نملك منها وثائق كتابية . وانطلاقا من هذا التعريف , علما انه يمكن تقديم تعاريف اخرى , تظهر طبيعة المواد التي تنبغي دراستها والطرق التي يجب اتباعها للوصول الى افضل النتائج.

الانسان:

ان اول مادة للدراسة هي الانسان من خلاب بقايا هياكله العظمية, وهي دراسة تعتمد على تطبيق تقنيات علم الانسان, الأنثروبولوجيا الفيزيولوجية Anthropologie Physique)) وقد تم تحديد عدة انواع بشرية رئيسية استوطنت المعمورة تتابعا هي ,من الاحدث الى الاقدم:

الانسان العاقل العاقل, Homo Sapiens Sapien) ) نوعنا الحالي, قبله كان انسان النياتدرتال (Homo Sapiens neanderthalensis) وقبله كان الانسان المنتصب القامة Homo –erectus)) بأنواعه المختلفة Sinantheopes,Pithecanthropes, Atlanthropes)) وقبل الجميع, في البدء, كان  الاوسترالوبيتك  Australopitheques))  .

ان الملاحظات المباشرة في دراسة الانسان القديم, حدودا اذ بين الانواع المؤرخة على تلك العصور من اطلق عليه كلمة الانسان Homo)) مثل الانسان الصانع Homo habilis)) بينما لم تطلق هذه التسمية على انواع اخرى . وهذا يظهر لنا بأن علم المستحدثات الانسانية القديمة Paleonthologie humaine)) لا يستطيع ان يقول لنا بشكل كاف, ما هو الانسان.

السلوك:

لحسن الحظ انه من الممكن ان نتعرف على اعمال الانسان لانه يتصرف بشكل مختلف عن كل الحيوانات الاخرى وحتى عن تلك الحيوانات الاكثر شبها به. وفيما يخص العصور التي تعنينا والتي لا نملك عنها وثائق كتابية, فان السبيل الوحيد لمعرفة النشاط الانساني فيها هو استنطاق البقايا التي حفظت. وهذه البقايا هي ادوات واسلحة يطلق عليها اسم الصنعيات  Artefacts))  لانها صنعت فب البداية, من الحجر او من العظم ثم في ما بعد الفخار او من المعدن .

الانشطة التقنية:

ان المادة المصنعة يمكن ان تخبرنا عن درجة التطور التقني التي وصل لها صانع او مستخدم تلك المادة. وفيما يخص الاداة الحجرية المصنعة من حصوة Galet)) او من شظية Eclat))   استخرجت من نواة Nucleus)) . يمن ان ندرس الاسلوب الذي طرقت به تلك الحصوة او الشظية, وفي حالة الشظية (او الرقيقة) يمكن ان نحدد المكان الذي طرقت فيه النواة او سطح الطرق ونحدد النقطة التي تظهر على الشظية وتدل على نقطة نزول الطرقة مباشرة, نقطة الطرق وتقوم على سطح الطرق. ونحدد تفاصيل عملية التصنيع ومراحل الطرق ثم ننطلق فيما بعد لنحدد الكيفية التب صنعت فيها الاداة بشكلها النهائي من خلال التشذيب Retouches))

هذه الدراسات التقنية تكون أحيانا بسيطة وصفية ونوعية. ولكنها بدات تعتمد اخيرا وبشكل متصاعد على الارقام بفضل طرق الحساب والقياسات التي تعود لفرع علم ما قبل التاريخ نسميه اصطلاحا التقنية Technologie)) ان النتائج العددية للدراسة التقنية يمكن ان تستخدم كقاعدة لدراسات تالية بواسطة الحاسوب........ .

الانشطة الاقتصادية:

اننا لا نعرف من انشطة كسب القوت الا الصيد وبطريقة غير مباشرة جدا, واما الالتقاط فقد ترك آثار قليلة. ان الانواع التي تم اصطيادها بشكل اقل او اكثر تفضيلا يتم تحديدها بواسطة علم المستحدثات الحيوانية والنباتية القديمة البالنتولوجيا Pecarnisation)) ولكننا نستطيع تحديد النشاط الاستهلاكي بشكل افضل اذ تدل عليه بقاياه المباشرة.

ان عدد العظام ووزن الشظايا العظمية وتحديد اجزاء الهياكل والانواع المستهلكة وحساب الحد الادنى لعدد تلك الانواع المتواجدة في الموقع يساعد على معرفة الكميات المستهلكة في كل طبقة.  كما ان نسبة الادوات المتخصصة في القطع وآثار التلحيم على العظام وبخاصة في مناطق اتصالها, تسمح لنا بتحديد النشاط الذي حصل في اطار تقطيع اللحوم من اجل تحضيرها للاستهلاك .

من الممكن الذهاب ابعد في تحليل النشاط الاستهلاكي باستخدام طرق التنقيب التي تطمح الى كشف ارضيات السكن القديمة, كتلك التي مارساها المنقبون الروس في اوكرانيا واندريه لورواغوان في مواقع ارسي سوركورArcy sur cure)) وبان سوفنت في فرنسا .

وهكذا يمكن تحديد العلاقة بين الادوات والعظام والانشاءات الاخرى, كالمواقد والجدران و والتعرف على مناطق مميزة للعمل او الاقامة وذلك مة خلال تطبيق تقنيات التحليل المكاني, مثل طريقة المربعات لتحديد المناطق الاكثر تجاورا الى بعضها. وعندما تكون المعطيات مناسبة يمكن الوصول الى درجة تقويم الدور الذي لعبه الموقع المدروس في الحياة الاقتصادية للجماعة التي سكنته. اضافة الى معسكرات القاعدة Camps de base)) التي جرت فيها نشاطات عديدة ومنوعة, نعرف ايضا مواقع اكثر تخصصا, مشاغل طرق الصوان ومواقع تقطيع اللحوم ومحطات مؤقتة ومن اجل العرف على هذه المواقع وتفسيرها فان المقارنة مع الوثائق الاتنوغرافية تكون قيمه بالرغم من خطورة تلك المقارنة. وهذا النوع من الدراسات الما قبل التاريخية يعرف لاسم علم الشعوب القديمةPalethnologie)) .

في بعض الحالات الخاصة, لاسيما اثناء دراسة الفترات الاحدث يمكن الوصول الى درجة تحليل اكثر تقدما ودراسة التنظيم المكاني ليس فقط داخل الموقع الواحد وانما في اطار منطقة كاملة.

الانشطة الحضارية:

ان حضارة العصر الحجري القديم لا تضم فقط آثار انشطة تقنية و واقتصادية, لان المواد المزغرفة والمغاور والملاجئ المزينة تقدم لنا عبر فنونها هذه , دلائل تفكير شامل نستطيع فهمه بصعوبة لنه مصلنا مجرد من اية محاولات توضيحية. ومع ذلك فأن علم الجمال Esteique)) وعلم تاريخ الديانات سيساعدان في اكتشاف خيوطه المباشرة.

الوسط الطبيعي:

لقد كان لإنسان العصر الحجري القديم بسب قلة اعداده وخفة تجهيزاته تأثير ضعيف على البيئة وقد لفت النظر لضورة دراسة تلك البينة منذ وقت مبكر جدا.

ان علم الجيولوجيا يهتم بالبينة التركيبية للوسط الطبيعي وعلم الجيومورفوروجياGeomorphologie) ) يدرس تغير اشكال التضاريس تحت تاثير العوامل المناخية. كما ان علم دراسة الترسبات يبين كيفية تراكم الترسبات في المغاور وفي الملاجئ وعلى ضفاف الانهار. وبما ان التربة تتشكل تحت تاثير المناخ, فهنالك علم التربة Pcdologie)) الذي يدرس ذلك. والنباتات تتأثر بشروط الحرارة والرطوبة ويمكن ان نتعرف على تحولات البيئة من خلال دراسة غابات الطلع Pollens)) والاخشاب لتي حفظت احيانا بدرجة مدهشة, وهذا ما يقوم به علم النباتات القديمة وعلم التفحم.

والحيوانات هي اقل تأثرا بالتبدلات المناخية, ولكنها تتطور بشكل اسرع من النباتات وقد خضعت مراراً لتحولات البيئة في الزمن الرابع وهذا ما يظهره علم المستحاثات الحيوانية والنباتية, البالنتولوجيا, وهكذا فقد تشكل تدريجيا علم البيئة القديمة الذي يفرض على البعض اخذه بعين الاعتبار عندما يدرسون النشاط الاقتصادي لمجتمعات ما قبل التاريخ وتوضح مواقع تلك المجتمعات . كما ان (تحليل ثروات الموقع) يرمي الى السلوك الانساني في استهلاك البيئة.

العصور الكتابية:

ان غياب كل انواع التقاليد الكتابية او الشفهية المتعلقة بالآثار والمواقع يضم علم ما قبل التاريخ في اطار لا يمكنه من متابعة سرد الاحداث التي حصلت . وليس لدينا في افضل الحالات الا تلمس نمط الحياة والتقنيات المميزة. ومن جهة اخرى فاذا كنا نجها الاحداث التي اثرت على حياة جماعات ما قبل التاريخ فان مساحة الموقع ومكان تأسيسه وطبيعة مختلف اجزائه المسكونة يمكن ان تعطينا مؤشرات حول تركيبة الجماعة التي سكنته وبنيتها الاجتماعية .واخيرا, رغم عدم وجود الكتابة , فاننا نكتشف الخطوط الكبيرة للتطور الفيزيولوجي والحضاري بما سيظهر لنا الطريق الذي سلكته البشرية على امتداد مئات الالاف من السنين كما اننا نتمكن من تحديد هذا التطور ومن تاريخيه.