المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4518 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دعوة الإمام المهدي العالميّة.
2024-05-07
تعريف الإعجاز وضرورته
2024-05-07
الدعاة الأصليّون الى الله تعالى.
2024-05-07
الفرق بين المعجزة والكرامة
2024-05-07
لا حق لأحد أن يدعو الى الله تعالى إلا بإذنه.
2024-05-07
ضـرورة المعجزة للنبوة وعلتها
2024-05-07

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


نفي التجسيم  
  
2816   12:54 صباحاً   التاريخ: 3-07-2015
المؤلف : الدكتور عبد الهادي الفضلي
الكتاب أو المصدر : خلاصة علم الكلام
الجزء والصفحة : ص201ــ213
القسم : العقائد الاسلامية / التوحيد / صفات الله تعالى / الصفات الجلالية ( السلبية ) /

 يراد بالتجسيم هنا :

1 - التشبيه : وهو الاعتقاد بان اللّه تعالى صورة تشبه صورة الانسان.

2 - التجسيم : وهو الاعتقاد بان اللّه جسم.

3 - التحيز : وهو الاعتقاد بان اللّه متحيز، أي في مكان.

ومنشأ هذه الأقوال وأمثالها هو الموقف الفكري والعقائدي مما يعرف ب«المتشابه» الوارد في القرآن والحديث.

فقد جاء منه آيات وروايات يترآى من ظاهرها التجسيم، أمثال :

أ - من القرآن :

{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75].

{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } [الزمر: 67] .

{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22].

{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] .

{وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: 61].

{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88].

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه: 5] .

{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10].

 

ب - من الحديث :

(خلق اللّه آدم على صورته).

(لا تملأ النار حتى يضع اللّه رجله فيها).

(ينزل ربنا كل ليلة الى سماء الدنيا حين يبقى الثلث الأخير، ويقول : من يدعوني فاستجيب له).

(خَمَّرَ طينة آدم بيده اربعين صباحاً).

(لقيني ربي فصافحني وكافحني ووضع يده بين كتفيّ حتى وجدت برد أنامله).

 

وكان الموقف الفكري المشار اليه من هذه النصوص وأمثالها علمياً وعقائدياً يتلخص في التالي :

1 - الأخذ بظواهرها من غير تأويل. وهو ما نهجه المجسمة.

2 - تأويلها بحمل ألفاظها التي يظهر منها التجسيم على معنى مجازي يلتقي وطبيعة سياق النص وقرائنه، وبشكل يتمشى وأصل التوحيد وهو ما نهجه الامامية والمعتزلة ومن اليهما.

3 - التوقف عن الأخذ بالظاهر وعن التأويل. وهو ما التزمه اهل الحديث.

ويبرر الشهرستاني الموقف الأخير بقوله : «إعلم أن السلف من أصحاب الحديث لما رأوا توغل المعتزلة في علم الكلام ومخالفة السنة التي عهدوها من الأئمة الراشدين، ونَصَرَهم جماعة من امراء بني أمية على قولهم بالقدر، وجماعة من خلفاء بني العباس على قولهم بنفي الصفات وخلق القرآن، تحيروا في تقرير مذهب أهل السنة والجماعة في متشابهات الكتاب الحكيم واخبار النبي الأمين صلى الله عليه وآله .

فأما احمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني، وجماعة من أئمة السلف، فجروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من اصحاب الحديث مثل مالك بن أنس ومقاتل بن سليمان.

وسلكوا طريق السلامة، فقالوا : نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة، ولا نتعرض للتأويل بعد أن نعلم قطعاً أن اللّه عز وجل لا يشبه شيئاً من المخلوقات، وان كل ما تمثل في الوهم فانه خالقه ومقدره.

وقالوا : انما توقفنا في تفسير الآيات وتأويلها لأمرين :

أحدهما : المنع الوارد في التنزيل في قوله تعالى : {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] فنحن نتحرر من الزيغ.

والثاني : أن التأويل أمر مظنون بالاتفاق، والقول في صفات الباري بالظن غير جائز، فربما أوّلنا الآية على غير مراد الباري تعالى فوقعنا في الزيغ، بل نقول كما قال الراسخون في العلم {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] ، آمنا بظاهره وصدقنا بباطنه، ووكلنا علمه الى اللّه تعالى، ولسنا مكلفين بمعرفة ذلك، إذ ليس ذلك من شرائط الايمان وأركانه»(1).

وناقشهم السيد الطباطبائي بقوله : «للناس في معنى العرش بل في معنى قوله : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] والآيات التي في هذا المساق مسالك مختلفة.

فاكثر السلف على انها وما يشاكلها من الآيات هي من المتشابهات التي يجب أن يُرجع علمها الى اللّه سبحانه.

وهؤلاء يرون البحث عن الحقائق الدينية والتطلع الى ما وراء ظواهر الكتاب والسنة بدعة.

والعقل يخطئهم في ذلك، والكتاب والسنة لا يصدقانهم، فآيات الكتاب تحرض كل التحريض على التدبر في آيات اللّه، وبذل الجهد في تكميل معرفة اللّه ومعرفة آياته بالتذكر والتفكر والنظر فيها، والاحتجاج بالحجج العقلية، ومتفرقات السنة المتواترة معنى توافقها، ولا معنى للأمر بالمقدمة والنهي عن النتيجة.

وهؤلاء هم الذين كانوا يحرمون البحث عن حقائق الكتاب والسنة حتى البحث الكلامي الذي بناؤه على تسليم الظواهر الدينية ووضعها على ما تفيده بحسب الفهم العامي ثم الدفاع عنها بما تيسر من المقدمات المشهورة والمسلمة عند أهل الدين - ويعدونها بدعة»(2)

ويبرر القائلون بالحمل على الظاهر، لزوم الحمل على الظاهر بعدم وجود مجاز في كلام العرب أو في القرآن والسنة على الأقل.

« وشبهتهم - كما يقول السيوطي - :

1 - ان المجاز اخو الكذب، والقرآن منزه عنه.

2 - وان المتكلم لا يعدل اليه الا اذا ضاقت به الحقيقة فيستعير، وذلك محال على اللّه تعالى»(3).

ثم يردهم (اعني السيوطي) بقوله :

«وهذه شبهة باطلة، إذ لو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن، فقد اتفق البلغاء على ان المجاز أبلغ من الحقيقة. ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتشبيه القصص وغيرها»(4).

واستدل السيوطي في (المزهر)(5) على وقوع المجاز في لغة العرب بقوله : «وعمدتنا في ذلك النقل المتواتر عن العرب، لانهم يقولون : (استوى فلان على متن الطريق) ولا متن لها، و(فلان على جناح السفر) ولا جناح للسفر، و(شابت لمة الليل) و(قامت الحرب على ساق)، وهذه كلها مجازات. ومنكر المجاز في اللغة جاحد للضرورة، ومبطل محاسن لغة العرب».

أما القائلون بالتأويل فذهبوا الى أن الآية الكريمة {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] ، تفيد تقسيم آيات القرآن الكريم الى قسمين : المحكمات والمتشابهات.

وهي (اعني الآية المذكورة) من المحكمات.

وليس فيها ما ينص أو يظهر منه المنع من تأويل المتشابه على نحو الاطلاق الذي يشمل من كان في قلبه زيغ ومن ليس في قلبه زيغ.

نعم، هي تمنع من تأويل المتشابه لمن كان في قلبه زيغ لانه يقصد من تأويله على طريقته - أي من غير الرجوع به الى المحكم - اثارة الفتنة واثارة تأويله للتأويل وبغية الجدل.

أما تأويله للفهم والافهام لا منع فيها له.

وعليه فتأويل المتشابه جائز.

ولكن يجب أن يكون بإرجاعه الى المحكم، ويدل على هذا ما ورد في (عيون أخبار الرضا) من قوله (عليه السلام) : (مَنْ رَدَّ متشابه القرآن الى محكمه هُدي الى صراط مستقيم).

يقول السيد الطباطبائي : «المراد بالمتشابه كون الآية بحيث لا يتعين مرادها لفهم السامع بمجرد استماعها بل يتردد بين معنى ومعنى حتى يُرجع الى محكمات الكتاب فتعيّن هي معناها وتبينها بياناً فتصير الآية المتشابهة عند ذلك محكمة بواسطة الآية المحكمة، والآية المحكمة محكمة بنفسها.

كما في قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] يشتبه المراد منه على السامع أول ما يسمعه، فاذا رجع الى مثل قوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] استقر الذهن على أن المراد به التسلط على الملك والاحاطة على الخلق، دون التمكن والاعتماد على المكان المستلزم للتجسيم المستحيل على اللّه سبحانه»(6).

هذا مضافاً الى ما استدلوا به من بطلان التشبيه، قال الصدوق : «الدليل على أن اللّه سبحانه لا يشبه شيئاً من خلقه من جهة من الجهات انه لا جهة لشيء من افعاله الا محدثة، ولا جهة محدثة الا وهي تدل على حدوث من هي له، فلو كان اللّه جل ثناؤه يشبه شيئاً منها لدلت على حدوثه من حيث دلت على حدوث من هي له إذ المتماثلان في العقول يقتضيان حكماً واحداً من حيث الجهة التي تماثلا منها، وقد قام الدليل على ان اللّه عز وجل قديم ومحال أن يكون قديماً من جهة وحادثاً من جهة اخرى»(7).

ومن هنا نجدهم يتأولون كل ما ورد من المتشابه مما ظاهره التجسيم. ومن امثلة هذا : تأويلات القاضي المعتزلي، قال :

« مسألة : فان قال : فقد قال اللّه تعالى ما يدل على انه جسم، فقال :

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] .

{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3] .

و {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ } [فاطر: 10].

{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]

الى غير ذلك من الآيات التي فيها ذكر الجنب والساق والعين والوجه.

قيل له : ان اول ما ينبغي أن تعلمه أنه لاحق بعد أن تتقدم للانسان معرفة اللّه تعالى، ويعلم انه لا يشبه الاجسام ولا يفعل القبائح، فالاحتجاج به في نصرة الجسمية لا يجوز.

يبين هذا أنه لو كان جسماً فالحاجة تجوز عليه، ومن هذا حاله لا يعلم أن قوله حق، فكيف يحتج بكلامه !.

على أنه قد ثبت بالقرآن والاجماع أنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]. ولا يقول أحد إنّا نقول هذا القول على جهة المجاز، فيجب أن نتأول ما ذكر من الآية :
فتأويل قوله تعالى : {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرعد: 2] انه استولى واقتدر وملك.
ولم يرد تعالى بذلك انه تمكن على العرش جالساً، وهذا كما يقال في اللغة (استوى البلد للأمير) و(استوت هذه المملكة لفلان)، وقال الشاعر :

قد استوى بِشْرُ على العراق   ***    من غير سيف ودم مهراق

فلم يرد جلوسه، وان اراد استيلاءه واستعلاءه.
ولولا أن الأمر كما قلنا لم يكن ذلك تمدحاً عظيماً، لأن كلاً يصح أن يجلس على سريره وعلى مكانه. وإنما خص العرش بالذكر لأنه أعظم خلقه، فنبه به على أنه على غيره أشد اقتداراً، كما قال: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129] ، ونبه بذلك على أنه أن يكون رباً لغيره أولى. 
وتأويل قوله تعالى : {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ } [الملك: 16] ان في السماء نقماته وضروب عقابه، لأن عادته أن ينزلها من هناك، ولهذا قال : (أن يخسف بكم الأرض) فنبه به على ذلك.
وتأويل قوله : { وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3] أنه عالم بهما، حافظ عليهما عن التغير والزوال، مدبر لهما، ولهذا قال : {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: 3].
وتأويل قوله : {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10] أنه يرتفع الى حيث لا حاكم سواه، كما يقال في الحادثة (ارتفع امرها الى الأمير) اذا صار لا يحكم فيها سواه.
وتأويل قوله : (خلقته بيدي) خلقته أنا، فأكد ذلك بذكر اليدين، كما يقال للملوم : (هذا ما جنته يداك)، وكما قال : (ذلك بما قدمت ايديكم) - الأنفال 51 - و {بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } [الأعراف: 57].
وقيل : ان فائدة ذلك أنه تعالى خلقه ابتداء، لا تدريجاً، على حسب ما خلق ذريته من نطفة ثم درجه حالاً بعد حال.
وتأويل قوله تعالى {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56] - في ذات اللّه وفي طاعة اللّه، كما يقال : (ملك فلان في جنب فلان مالاً فاكتسب جاهاً).
وتأويل قوله : {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] يعني شدة أهوال يوم القيامة، كما يقال: (كشفت الحرب لنا عن ساقها).
وتأويل قوله : { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] يعني نفسه، وهو كقوله : (كل شيء هالك الا وجهه) - القصص 88 - وقد عبر عن نفسه بذكر الوجه، يقال : (هذا وجه الرأي) و(وجه الأمر) و(وجه الطريق)، وهذا ظاهر.
وتأويل قوله تعالى : {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] أي لممنوعون من رحمته، لأن الحجاب منع، ولهذا يقال لمن يمنع الوصول الى الأمير إنه حاجب، وقال اصحاب الفرائض : إن الولد يحجب الأم عن الثلث الى السدس.
وتأويل قوله تعالى : {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] يعني أمر ربك كما يقال عند الاختلاف في مسألة نحو : (هذا سيبويه قد جاءنا) يعني كتابه ودلائله.
وتأويل قوله تعالى : {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } [المائدة: 64] نعمتاه، كما يقال : (لفلان عندي يد) و(يدان) و(أياد)، وأراد اللّه تعالى بذلك نعم الدنيا والدين،

إبطالاً لقول اليهود : ان يده مغلولة، لأنهم أرادوا أنه بخيل يقتر الأرزاق على خلقه، ويبين ذلك قوله تعالى : (لا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً)، أراد أن انفق قصداً، لا إسرافاً ولا إقتاراً.
وتأويل قوله تعالى : {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] انها تجري ونحن بحالها عالمون، فكنّى بالأعين عن علمه بأحوالها، كما يقال : (هذا بمرأى من فلان ومسمع)، ويقال : (لفلان عين) اذا تجسس الخبر ليعرف، ويقال : (لا تفعل ذلك الا بعيني) أي بعلمي. إلى غير ذلك. وحمله على ظاهره يمتنع لأنه يوجب أن للّه عيوناً كثيرة، لا عينين - كما يزعمون.
ويقال لهم : إن جازت الأعضاء على اللّه تعالى، على ما تعلقتم به، فيجب ان يكون بمنزلة الواحد منا، وأن يكون ذكراً أو أنثى، وأن يكون محتاجاً، تعالى عن ذلك علواً كبيراً»(8).
وبعد فان عمدة ما دار حوله الخلاف وجرى فيه النزاع هو الاستواء على العرش واننا في ضوء ما تقدم لنستطيع أن نفسر الفعل (استوى) بالاستقرار، وذلك لما يأتي :
1 - ان اقتران الفعل (استوى) من قوله (استوى على العرش) في آية سورة يونس 3 وفي آية سورة الرعد 2 بقوله (يدبر الأمر) دليل على أن الاستواء هنا بمعنى (الاستيلاء) و(السلطة) لأنه المناسب لتدبير الأمر، والقرآن يفسر بعضه بعضاً، وتقرن آيه الأخرى.
2 - كما أن تفسير (استوى) في آية سورة البقرة 29 (ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سماوات) ب«عمد وقصَدَ الى السماء ليسويها سبع سماوات) - كما هو ظاهرها - يؤيد تفسيره هنا بالاستيلاء فيكون معنى الآية : «قصد الى العرش ملكاً يدبر الأمر».
3 - ان التعليل الوارد في قوله تعالى : {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ} [هود: 7] دليل آخر وقرينة اخرى على أن الاستواء على العرش يدبر أمر خلقه كان لاجل اختبارهم ايهم أحسن عملاً.
وهذا يتم - من غير شبهة يثيرها - في تفسير الاستواء بإظهار سلطانه وسلطته تعالى.
وهذا التفسير للاستواء بالاستيلاء في ضوء القرائن القرآنية ليس تفسيراً بالمجاز ولا بالتأويل.
بل هو تفسير بمعنى لغوى أفيد من استعمالات القرآن الكريم اللغوية.
يقول ابو حامد الغزالي : «العلم بانه تعالى مستو على عرشه بالمعنى الذي أراده اللّه تعالى بالاستواء، وهو الذي لا ينافي وصف الكبرياء ولا يتطرق اليه سمات الحدوث والفناء، وهو الذي أريد بالاستواء الى السماء حيث قال في القرآن {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ } [فصلت: 11] وليس ذلك الا بطريق القهر والاستيلاء كما قال الشاعر :

قد استوى بشر على العراقِ   ***   من غير سيف ودم مهراق

واضطر أهل الحق الى التأويل، كما اضطر أهل الباطل الى تأويل قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ } [الحديد: 4] ، إذ حمل ذلك بالاتفاق على الاحاطة والعلم، وحمل قوله (صلى الله عليه واله) : «قلب المؤمن بين اصبعين من اصابع الرحمن» على القدرة والقهر، وحمل قوله (صلى الله عليه واله) : (الحجر الأسود يمين اللّه في أرضه) على التشريف والإِكرام.
لانه لو ترك على ظاهره للزم منه المحال.
فكذا الاستواء لو ترك على الاستقرار والتمكن لزم منه كون المتمكن جسماً مماساً للعرض، إمّا مثله أو اكبر منه أو أصغر، وذلك محال، وما يؤدي الى المحال فهو محال»(9).
وجاء في وصية الامام أبي حنيفة (رض) لأصحابه ما نصه : «نقر بأن اللّه سبحانه وتعالى على العرش استوى أي استولى من غير أن يكون جارحة واستقرار، وهو حافظ للعرش وغير العرش من غير احتياج، فلو كان محتاجاً لما قدر على ايجاد العالم وتدبيره، ولو كان محتاجاً الى الجلوس والقرار لكان قبل خلق العرش، تعالى اللّه عن ذلك علواً كبيراً»(10).
ويرجع ابو الفتح الشهرستاني جذور وعوامل فكرة التجسيم عند المسلمين الى الفكر اليهودي، قال : «التشبيه والنزول والاستواء والرؤية يهودية»(11).
وقال ايضاً : «وقد اجمعت اليهود عن آخرهم على أن اللّه تعالى لما فرغ من خلق السموات والارض استوى على عرشه مستلقياً على قفاه واضعاً احدى رجليه على الأخرى»(12).
ويؤكد ما ذكره الشهرستاني من أن التجسيم فكرة يهودية ما جاء في العهد القديم (التوراة) :
جاء في سفر التكوين، الاصحاح الاول: «وقال اللّه: نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا... فخلق اللّه الانسان على صورته، على صورة اللّه خلقه، ذكراً وانثى خلقهم».
ونحن اذا رجعنا الى حديث ابي هريرة (خلق اللّه آدم على صورته)، نراه -وبوضوح - صدى للنص المذكور.
وجاء في سفر التكوين، الاصحاح الثالث: «وسمعنا صوت الرب الاله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الاله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الاله آدم وقال له: أين أنت؟ فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت».
والنص واضح في دلالته على أن اللّه تعالى جسم له لوازم الجسم الانساني من المشي والصوت.
وأيضاً في سفر التكوين، الاصحاح الحادي عشر: «وقالوا: هلم نبنِ لأنفسنا مدينة وبرجاً رأسه بالسماء ونصنع لأنفسنا اسماً لئلا نتبدد على وجه كل الأرض، فنزل الرب لينظر الى المدينة والبرج اللذين بنو آدم يبنونهما).
ومثله في سفر الخروج ، الاصحاح التاسع عشر: «لانه في اليوم الثالث ينزل الرب امام عيون جميع الشعب على جبل سيناء... وكان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار».
وهنا أيضاً رجعنا الى حديث ابي هريرة (ان اللّه ينزل كل ليلة) وتمثيل ابن تيمية نزول الباري تعالى بنزوله من أعلى درج المنبر الى ما دونها نجد قول الاول وفعل الثاني صدىً بيّناً لهذين النصين.
وفي سفر الخروج، الاصحاح الثالث عشر: «وقال لموسى: اصعد الى الرب أنت وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ اسرائيل. واسجدوا من بعيد، ويقترب موسى وحده الى الرب، وهم لا يقتربون، وأما الشعب فلا يصعد معه، ... ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ اسرائيل ورأوا إله اسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الازرق الشفاف وكذات السماء في النقاوة، ولكنه لم يمد يده الى اشراف بني اسرائيل فرأوا اللّه وأكلوا وشربوا».
وفي السفر نفسه، الاصحاح الثالث والثلاثون: «فقال: أرني مجدك... وقال:
لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الانسان لا يراني ويعيش. وقال الرب: هو ذا عندي مكان فتقف على الصخرة ويكون متى اجاز مجدي ان اضعك في نقرة من الصخرة وأَسْتُرُكَ بيدي حتى أَجتازُ، ثم ارفع يدي فتنظر ورائي، وأما وجهي فلا يُرى».
وهما - كما ترى - ناطقان بالرؤية وبوضوح.
ويرجع تاريخ الوقوف في وجه هؤلاء المشبهة والاشارة الى تأثرهم بالفكر اليهودي الى عهد مبكر من تاريخ الفكر الاسلامي.
فقد جاء في خطبة للامام الحسين (عليه السلام): «ايها الناس اتقوا هؤلاء المارقة الذين يشبّهون الله بأنفسهم، يضاهون قول الذين كفروا من أهل الكتاب، بل هو اللّه ليس كمثله شيء، وهو السميع الخبير، لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير»(13).

______________________

(1) الملل والنحل 1 / 103 - 104.

 (2) الميزان 8 / 153.

(3) الاتقان 2 / 36.

(4) م. ن.

(5) 1 / 364.

(6) الميزان 3 / 21.

(7) التوحيد 80 - 81.

(8) المختصر في اصول الدين 332 - 335.

(9) قواعد العقائد 167 - 168.

(10) الطبقات السنية 1/157 .

(11) الملل والنحل 1/212 .

(12) الملل والنحل 1/219 .
(13) تحف العقول 175 .

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.

العتبة العباسية تختتم فعاليات حفل التكليف الشرعي في قضاء عين التمر بكربلاء
طالبات مدارس عين التمر يرددن نشيد التكليف الشرعي
الطالبات المشاركات في حفل التكليف الشرعي يقدمن الشكر للعتبة العباسية
حفل التكليف الشرعي للطالبات يشهد عرض فيلم تعريفي بمشروع (الورود الفاطمية)