المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


العدوانية عند الاطفال  
  
2685   09:54 صباحاً   التاريخ: 19-6-2016
المؤلف : عبد الكريم بكار
الكتاب أو المصدر : مشكلات الاطفال
الجزء والصفحة : ص73-89
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

يشكو كثيرٌ من الاسر من ان لدى ابنائهم نزعة قوية إلى العدوانية على الاخرين ورغبة متأججة في إلحاق الأذى بهم، كما تشكو اسرٌ كثيرة من النشاط التخريبي لأبنائها، ومن الالفاظ البذيئة التي يتلفظون بها، وكثير من الاباء والامهات لا يعرفون اسباب ما يحدث ولا كيفية علاجه؛ بل ان الدارسين المتخصصين في بحث سلوك الاطفال حائرين في وضع تعريف جيد للطفل العدواني وفي قياس درجة العدوانية لدى طفل معين، كما انهم حائرون في تحديد الاسباب الدقيقة التي تدفع بالطفل إلى ان يكون عدوانياً ومؤذياً، ويلفت بعض الباحثين النظر إلى تنامي نسبة الاطفال الذين يمكن وصفهم بانهم عدوانيون، وان كانت تلك النسبة ستظل تختلف من بيئة إلى بيئة. وانا سأحاول الاقتراب من هذه القضية بأسلوب مبسط قدر الامكان.

ـ ما معنى العدوانية ؟

يولد الطفل وهو ناقص الانسانية، فهو لا يملك اللغة ولا المشاعر ولا معايير الخطأ والصواب... وهو يتعلم كل ذلك من المجتمع الذي يعيش فيه؛ ومن ثم فانه يمكن لنا ان نقول : ان الطفل حين تُشبَع حاجاته بطريقة جيدة، ويعيش في اسرة جيدة وهادئة، فان من المتوقع له ان يكون اكثر انضباطا واكثر احتراما لحقوق الاخرين واكثر مراعاة لمشاعرهم، لكن لا بد مع هذا من القول: ان الطفل قد يتعلم السلوك العدواني من بعض زملائه في المدرسة وبعض رفاقه وجيرانه خارج المدرسة، اضف إلى هذا ان العدوانية لدى الطفل قد تكون موروثة عن بعض ابائه واجداده، وقد تكون بسبب اعتلال عصبي...

وعلى كل حال فان من مظاهر السلوك العدواني الآتي :

ـ العدوان الجسدي  :

يتمثل العدوان الجسدي في ايذاء الطفل لجسد طفل اخر او ايذاء شخص راشد، وهذا الايذاء قد يكون بالضرب او خمش الوجه او العض او الرفس او الدفع الشديد، وقد يتجاوز هذا كله ليصل إلى حد استخدام الادوات الحادة او السلاح، وان من جملة ما يشكوه الناس اليوم في الولايات المتحدة الامريكية تفاقم ظاهرة استخدام الاطفال للسلاح داخل المدارس في العدوان على بعضهم او على معلميهم !! .

ـ العدوان الكلامي :

يقتصر العدوان الكلامي على استخدام اللسان في الشتم والقذف والوصف بالأوصاف التي تحمل طابع الاهانة؛ وذلك ان يقول الطفل : انت يا فلان خسيس او لئيم او مغفل... وان من المؤسف ان هذا اللون واسع الانتشار في العديد من البيئات، ولا سيما تلك البيئات الغارقة في الفقر والجهل والفوضى.

تقول احدى الامهات : قُدِّر لي ان اتزوج من رجل من غير بلدي، وقد وافقت عليه بقناعة تامة، وحين ذهبت إلى بلده شعرت اني خدعت؛ حيث وجدت ان محيطه من الاهل والاقرباء والجيران محيط في غاية الانحطاط، وقد سمعت من الكلمات النابية من افراد ذلك المحيط  خلال شهر ما لم يكن يخطر في بالي ان بشراً يمكن ان يتفوه به، ولا شك ان زوجي كان يختلف كثيرا عن اهله، لكن المشكلة العويصة كانت فيما يسمعه الاولاد من ابناء العم والخال والعمة والخالة... قد صرت اسمع من ابنائي بعض الكلمات التي تشبه لسع السياط على ظهرٍ عارِ، وطالما سهرت الليالي، وانا افكر فيما يمكنني عمله، وفي النهاية لم يكن امامي سوى التفكير من ان ننتقل من ذلك الحي، لكن زوجي كان مصرا على البقاء إلى جوار اهله، وهنا وجدت نفسي امام مفترق طرق، وقد استخرت الله ـ تعالى - واستشرت والدي، ثم قررت ان اقف موقفاً هو اشبه بمغامرة خطيرة؛ قلت لزوجي : ليس امامك سوى شهر واحد حتى تقرر: اما الموافقة على الانتقال واما الفراق بإحسان، وقد دهش زوجي لهذا، لكن كنت مصرة غاية الاصرار، وفي النهاية استجاب وانتقلنا إلى حي مختلف، فيه اناس مختلفون وخلال عشرة اشهر صار كل شيء مختلفاً، وعلى الرغم من مرور عشرات السنوات على هذه الحكاية الا ان زوجي ما زال يقول لي: قد أنقذتِ بشجاعتك الفائقة اولادك من امور شنيعة لا ندري ماذا يمكن ان تكون نهاياتها! ويدخل في العدوان الكلامي الصراخ والتهديد الوعيد، وكل ما فيه اخافة للآخرين.

ـ العدوان الرمزي  :

انه ذلك النوع من العدوان الذي لا تُستخدَم فيه اليد ولا اللسان، لكن يستخدم فيه النظر، ويظهر في المواقف، وذلك حين يعرض الطفل عن السلام على طفل اخر، او التحدث معه او الجلوس إلى جانبه، او حين ينظر اليه نظرة احتقار واستخفاف، او يعمل على نقل كلام يسيء إلى الاخرين، وكل ذلك بدافع الشعور بالكبر والاستعلاء والترفع.. وهذا اللون من العدوان شديد الاذى، واثاره قد تكون اشد من اذى الضرب؛ لأنه يعبر عن شعور بالعنصرية او الطبقية او شيء من جنون العظمة، وكثيرا ما يعكس العدوان الرمزي مشاعر الاسرة التي نشأ فيها الطفل، أي ان الطفل يتعلم هذا اللون من العدوان ـ في الغالب - من اسرته.

ـ التخريب :

احيانا تتجسد النفسية العدوانية في تخريب الطفل للأشياء، فهو يكسر الاواني الزجاجية، ويبعثر كل الاشياء التي قامت والدته بترتيبها، ولا يبالي بسكب الماء او الطعام على السجاد.. ويصل به الامر إلى ايذاء نفسه او ايذاء بعض الحيوانات الاليفة، وقد رأينا كثيرا من الاطفال الذين يضربون رؤوسهم بالجدار او بالأرض او باي شيء امامهم، وهذا اللون من العدوانية شائع بكثرة اليوم.

ـ لماذا يصبح الطفل عدوانياً؟

قد كنت اشرت قبل قليل إلى بعض العوامل التي تؤدي إلى ظهور العدوانية في سلوك الطفل، وأحب ان اضيف إلى ذلك الآتي :

1- التعامل مع الطفل بقسوة، وتقليل مساحة الاختيار امامه، وحرمانه من امور عزيزة عليه.. كل هذه الأمور مما ينمي روح الانتقام لدى الطفل، وهو حين يجد نفسه عاجزا عن ايذاء من يعتقد انهم يؤذونه، ويحرمونه من بعض حقوقه ومشتهياته، يلجأ إلى ايذاء اخوته الصغار او زملائه او ابناء الجيران، وقد يلجأ إلى ايذاء نفسه وتخريب الاشياء من حوله. وقد لاحظت ان ضيق مساحة المنزل وعدم وجود متنفس للأطفال في الخارج، مما يزيد في درجة العدوانية لديهم، وهذه المشكلة موجودة بكثرة لدى الاسر الفقيرة.

2- حين يشعر الطفل بالنقص، فانه يحاول تجاوز ذلك الشعور من خلال اثباته لمن حوله بانه قادر على اثارة المشاعر ولفت الانتباه اليه، وكانه يقول: انا هنا، ويجب ان تحسبوا حسابي.. الشعور بالنقص يتسرب إلى نفس الطفل من خلال معاناته من عاهة؛ مثل: فقد احدى حواسه او من خلال الرسوب المتكرر في المدرسة او من خلال وصف اهله او اساتذته او اقرانه له بانه غبي او كسول او قبيح... ان معرفة الصغار والكبار بأنفسهم دائما منقوصة؛ ولهذا فانهم يظلون مستعدين لتصديق بعض ما يقال فيهم من مدح وذم.

3- يحتاج الطفل إلى ان يعبر عن مشاعره وحاجاته بطريقة سلسة وبشكل حر قدر الامكان، فاذا حال حائل دون ذلك عمد إلى ايذاء غيره لينفس عما في صدره، وكثيرا ما يكون المانع من التعبير هو الاسلوب التسلطي الذي يتبعه الاهل في التربية؛ حيث تكون المساحة المتاحة لتعبير الطفل ضيقة، وحيث يكون النقد شبه معدوم، واحيانا لا يعبر الطفل عن ذاته بسبب استهجان لهجته من قبل معلميه او زملائه، فيعبر عن ذاته بالإيذاء والتخريب.

4- اهمال الاهل لما يشاهدونه لدى الطفل من عدوانية، وعدم تنبيههم له، يرسل له رسالة تشجيعية على الاستمرار في ذلك؛ بل ان بعض الاهل يشجعون الطفل فعلا على الاعتداء على غيره من خلال فهمهم الخاطئ لمعاني القوة والرجولة، وهذا يحدث كثيرا في الاسر التي لم ترزق الا بطفل واحد او بذكر واحد؛ حيث ترى أن الاهل يسمحون للصغير بان يؤذي اخواته بشتى انواع الاذى ويعدون ذلك جزءاً من تدليله، و جزءا من الفرح به! ورأينا من الاباء من يأمر ابنه بان يأخذ حقه بيده في حال تخاصمه مع احد زملائه، ويعلمه بان الصلح والصفح والشكوى امور تنافي الشجاعة وتنافي الكرامة!

5- التقليد احد الاسباب المهمة للعدوانية؛ فالطفل الذي يعيش في بيئة يتعدى فيها ابوه على امه، او يتعدى فيها اخوه على اخته باي شكل من اشكال العدوان يظن ان ذلك شيء طبيعي، فيتشبه في سلوكه، وقد دلَّ الكثير من الدراسات على ان مشاهدة افلام الرعب ومشاهدة الاعمال الدرامية العنيفة تؤدي إلى تشجيع الطفل على السلوك العنيف.

ـ كيف نتعامل مع عدوانية الاطفال ؟

قبل ان اذكر الاسباب والوسائل التي تساعدنا على التعامل مع عدوانية الاطفال اود ان اشير إلى ان بعض الدراسات تشير إلى ان (10%) من الاطفال في سن عشر سنوات، لديهم درجة من العدوانية، كما اشارت الدراسات إلى ان العدوانية (الكلامية والجسمية)، متساوية بين الذكور والاناث، ومن الملحوظ ان العدوانية تبدأ بالظهور لدى الطفل وهو في سن الثالثة، وهو يميل في السنة الرابعة من عمره إلى المجاملة مع الاخر، وحين يبلغ الثامنة او التاسعة يصبح انضباطه وتحكمه بنفسه جيدا، فاذا بلغ الطفل العاشرة، وظلت العدوانية واضحة في سلوكه، فان على الاهل ان يولوا ذلك اهتماما خاصا خشية تأصل هذا المرض في شخصيته، ولعل مما يمكن لهم ان يقوموا به في هذا الشأن الاتي :

1- بيئة أمان وسلام  :

قلت، وسأظل اقول : ان اهم جهد تربوي هو ذلك الجهد الذي نبذله في تشكيل جو أسري يتنمون فيه الصغار بشكل جيد، الجو الاسري المطلوب يعني وضعية حسنة قائمة على فهم الابوين لحاجات الطفل ومحكومة بالمبادئ والاخلاق الاسلامية الرفيعة مع استهداف راحة الطفل وسعادته على نحو واضح، ومن المفردات المكونة لتلك البيئة الاتي :

أ‌- الاهتمام بشؤون الطفل والاعتدال في تدليله من الامور المهمة في تشكيل البيئة الجيدة، وان كثيرا من الاطفال ينحرفون دون ان يعرف عنهم اباؤهم أي شيء، كما ان الاعتدال في تدليل الطفل يؤمن له حاجتين مهمتين في آن واحد: الشعور بالرفاهية والشعور بوجود سلطة ضابطة تحد من رعوناته وتجاوزاته، وان التدليل المفرط مثل الافراط في الضبط والقسوة في التأديب، كلاهما يؤدي إلى تقوية النزعة العدوانية لدى الطفل.

ب‌- تُظهر الدراسات ان التلفاز صار احد المصادر الاساسية لتعليم الصغار العنف والعدوانية، ومن المهم ان نراقب بدقة ما يشاهده صغارنا، وقد صار لدينا اليوم ـ بحمد الله - العديد من قنوات الاطفال الجيدة، وان كنا في حاجة إلى المزيد منها.

ت‌- على الابوين العمل على غمر الطفل بمشاعر الدفء والحنان والعطف من خلال المعانقة  والتقبيل والثناء والكلام اللطيف؛ فقد صار واضحا ان افضل طريقة لجعل الطفل لطيفا ومهذبا هو ان نعامله بلطف وتهذيب واحترام.

ث‌- تعاون الزوجين على أن تكون الخلافات بينهما عند حدها الادنى حتى لا يتعلم الصغار الجدل العقيم وكيفية ايقاع الاذى بالآخرين، وقد ثبت ان الطفل حين يشاهد مشاجرة عنيفة بين ابويه تجتاحه مشاعر الاحباط ممزوجة بمشاعر الخوف، كما انه مع الايام يبدأ باستخدام نفس الالفاظ العدوانية التي سمعها منهما، ونفس اشكال الايذاء التي راها.

ج‌- لدى الطفل طاقة هائلة، تحتاج إلى تفريغ، وان عدم تفريغها بالشكل الصحيح يجعله يفرغها بطريقة خاطئة ، وقد دلَّ الكثير من الدراسات على ان (اللعب) يشكل اسلوبا نموذجيا لذلك؛ ومن ثم فان من المهم دائما ان تُعِدَّ الام مكانا في المنزل للعب الاطفال، ومن المهم تسهيل حركتهم داخل المنزل، وان مما يعيق حركة الطفل كثرة التحف وقطع الاثاث داخل البيت.

ومن المهم كذلك اتاحة الفرصة للأولاد كي يلعبوا خارج المنزل في بعض الحدائق والنوادي والملاهي الامنة والجيدة، وحين يلعب الطفل مع من هو اكبر منه، فان ذلك يخفف من العدوانية لديه، ويساعده على تعلم بعض الاشياء الجيدة.

2- تعزيز السلوك السلمي  :

للمكافأة دائما دور مهم في تحفيز الطفل على فعل ما نريده منه ان يفعله، والكف عما نريد منه ان يكف عنه، احد الاباء كان يقول لابنه المعروف بعدوانيته : قم والعب مع ابن عمك، واذا استطعتما الاستمرار في اللعب عشرين دقيقة بدون صراخ او شجار، فسوف اعط كل واحد منكما بطاقة للذهاب إلى مكان للألعاب.

اب اخر كان يقول لابنه : في كل يوم يمضي دون أن تشكو منك والدتك، فاني سأعطيك نجمة وحين يصير لديك خمسون نجمة في مئة يوم فسوف اشتري لك دراجة، وقد نجح في ذلك؛ حيث صار دائم المحاولة للحصول على المزيد من النجوم، وخلال ستة اشهر صار الطفل شخصا مختلفاً.

ان من المهم ان يترصد الابوان لطفلهما العدواني حتى يمسكاه وهو متلبس بسلوك جيد وهادئ ليقدما له الثناء والتشجيع والمكافاة.

3- التجاهل  :

ما زال التغاضي والتجاهل من الاسباب الجيدة في التعامل مع الصغار والكبار، و في حالة الطفل العدواني فان تجاهل تصرفاته العدوانية يساعد على تقليلها؛ وذلك لان الطفل قد يتعدى على غيره بهدف لفت الانظار اليه، وارسال رسالة بانه قوي ويستحق نوعا من المعاملة الخاصة، ومع التجاهل يستحسن ان نهتم بالطفل الذي وقع عليه العدوان ونواسيه؛ إذ إن هذا يجعل الطفل العدواني يدرك الميزة التي يحصل عليها الطفل المتعدى عليه.

4- تدريب الطفل على التعبير عن حاجاته :

كثيرا ما يتعدى الطفل على غيره؛ لأنه لم يتلق أي تدريب على التعبير عن ذاته وحقوقه وحاجاته؛ لان الاباء المشغولين جدا لا يجدون أي وقت لتعليم ابنائهم استخدام اللسان عوضا عن

استخدام اليد في التعامل مع الاخرين !

احد الاباء كان يعمل مدرسا، وكان شديد الاهتمام بان يربي ابناء مثاليين بما تعنيه الكلمة، وقد كان يعتمد في ذلك على الحوار والتواصل مع اولاده وكان مما قاله : بما انني معلم (صانع خطاب) فقد كنت دائما احاول ان ادرب اولادي على التعبير عما يريدون بشكل واضح وانيق، فهذا يجعل ثقتهم بأنفسهم اكبر، ويقلل السلوك العدواني في علاقتهم مع غيرهم، وحين سئل عن شرح ذلك قال : انا مثلاً كثيراً ما اقول لأولادي :

على صاحب الحق ان يطالب بحقه، ولكن بأسلوب مهذب، وان الشخص القوي هو الذي يعرف حدوده، فلا يتعداها، ويحاول الا يخطئ مع الاخرين حتى لا يُضَّطر إلى الاعتذار، وحتى لا ترسم في اذهان الناس صورة سلبية عنه. اذا اخذ احد الاطفال قلمك او كتابك او أي شيء من ممتلكاتك؛ فقل له بهدوء مع عزيمة واضحة : ان هذا لي، وليس من حقك ان تأخذ من غير اذني، وانا الان اشعر بالغضب لذلك، وعليك ان ترجعه حالا، انك حين تقول ذلك وتكرره تشعر بالثقة بالنفس، وتشعر انك تتحدث بشيء منطقي، ومن المتوقع ان يقف كل الناس إلى جانبك، واذا رفض الطفل ان يعيد ما اخذه فيمكن ان تشكوه للمعلم او مدير المدرسة او تشكوه إلى والده، المهم الا تفرط بحقك، والا تشعر ان من السهل الاعتداء عليك، كما ان من المهم يا بني الا تشتم ولا تسب ولا تضرب.

انا اقول لهم ايضاً : ان الناس يا ابنائي لا يعرفون دائما ما يزعجنا، ولا يعرفون دائما متى نشعر بالمهانة؛ ومن ثم فان علينا ان نوضح لهم ذلك حتى لا نتجرع غصص الالم، وحتى لا تسوء العلاقة بيننا وبينهم. ليقل الواحد منكم لمن يكلمه بلهجة فيها تهجم او رفع صوت او الفاظ نابية : ان هذا يزعجني، ويغيظني، ولا احب ان اسمعه لا منك ولا من غيرك. احيانا يا بني ننزعج من غيرنا بسبب وجود خلاف وجهات النظر؛ حيث تشعر انت وشخص اخر ان كل واحد منكما على حق، وفي هذه الحالة فمن الافضل عوضا من الجدال العقيم والتهاوش ان تقول له : دعنا نتناقش بهدوء، او تقول : اليك هذه الطريقة لحل الخلاف بيننا، او تقول له : استخدم هذا الشيء الان، وسآخذه منك بعد ساعة...

5- تنمية روح التسامح  :

لا يعرف كثير من الناس ان اللطف في الكلام، والكرم والعفو والصفح، امور يمكن للإنسان ان يتعلمها من اهله ومعلميه.. لو نظرنا إلى الاشخاص الغلاظ الجفاة لوجدنا ان معظمهم نشأ بين ابوين فيهما او في احدهما شيء من ذلك، ولا يختلف هذا الاعتبار بالنسبة إلى الاشخاص اللطيفين.

إن الله (عز وجل) فطر الانسان على التعاطف مع اخيه الانسان، فلو بكيت امام ابن سنة ونصف، فانه يحاول التخفي والتسرية، عنك، وكثيرا ما يلجأ إلى التعبير عن المه من رؤية متألم من خلال البكاء، ومع الايام ومن خلال معاركة ظروف الحياة ورؤية اشكال من القسوة في الحياة اليومية يتراجع لديه ذلك التعاطف الحار، وان من مهامنا التربوية ان نعمل على ابقاء شيء منه على قدر الامكان، ولعل مما يساعد على ذلك الآتي:

أ‌- تحدث دائما امام الطفل عن سعة رحمة الله ـ تعالى - وعفوه وكرمه وانه يعفو عن المخطئ ويحب من عباده ان يكونوا لطفاء رحماء، ومن المستحسن ان نذكر امام الاطفال كذلك بعض حكايات المروءة والشهامة والكرم التي يحفل بها التاريخ الاسلامي، ويحفل بها واقعنا ايضاً، وذلك حتى يصبح اشخاص تلك القصص المعبرة جزءا من الرموز التي يحترمها الطفل.

ب‌- حتى يعرف الطفل معنى التسامح والتعاطف، فان من المفيد ان نقول له: تخيل انك انت الذي اخطأت مع فلان، ورفض ان يعفو عنك، كيف تكون مشاعرك؟ وتخيل انه قد وقع عليك ظلم من شخص، او جاء احد الاطفال، واغتصب منك شيئا عزيزاً عليك كيف يكون موقفك؟ اننا لن نستطيع فهم مشاعر الناس يا بني، ولن نستطيع انصافهم الا اذا تخيلنا انفسنا في المواقف نفسها والظروف التي هم فيها.

ت‌- لنوضح للطفل ان في هذه الحياة ظالمين ومظلومين، ومعتدين ومعتدى عليهم، كما ان فيها من يعيشون في ظروف صعبة لم يختاروها، ولم يشاوروا فيها، وان علينا ان نساعدهم ونعطف عليهم، ونقف إلى جانبهم. احدى الامهات احبت ان توصل هذا المعنى إلى بناتها، فجلست معهن، واخذت تسرد لهن حكاية مؤلمة عاشت احداثها حين اتهمتها احدى زميلاتها في الجامعة ظلما وعدوانا بانها اخذت مبلغا كبيرا من حقيبتها، وكيف حققت معها ادارة الكلية، وحكمت لهن الليالي الصعبة التي مرت بها دون ان تتذوق طعم النوم؛ لان اباها شك فيها، ومال إلى تصديق اتهامها... انتبهت الام إلى ان عيون اثنتين من بنتاها اخذت تلمع بالدمع، وايقنت ان الرسالة وصلت!

ث‌- كثيرا ما تظهر عدوانية الطفل أي ايذاء الحيوانات الاليفة؛ حيث يشعر بعض الاطفال حين تهرب امامه قطة بنشوة الانتصار، كما ان بعضهم يسحق نملة وقعت رجله عليها سحقا مع التمتمة ببعض الكلمات التي قد تكون غير لائقة..

ان في امكاننا ان نجعل من تدريب الطفل على الرفق بالحيوانات والعناية به تدريباً على رحمة الانسان والتسامح معه ومساعدته، ويمكن ان نذكر للطفل الاحاديث الشريفة الواردة في هذا المعنى، كما هو الشأن في المرأة التي منعت هرة من الطعام، فدخلت بها النار، والشأن في الرجل الذي سقى كلبا عطشان، فدخله الله بذلك الجنة..

نحن في زمان تشتد فيه الانانية، ويشتد فيه الشعور بالقوة والسعي الحثيث نحو المصلحة، وهذه كلها تدفع باتجاه العدوان، وتولد المشاعر العدائية، ولهذا أن معالجة المشكلة يجب أن تكون حضارية في المقام الاول.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






جامعة الكفيل تحيي ذكرى هدم مراقد أئمة البقيع (عليهم السلام)
الانتهاء من خياطة الأوشحة والأعلام الخاصة بالحفل المركزي لتخرج طلبة الجامعات
معهد القرآن الكريم النسوي: حققنا أكثر من (3000) ختمة قرآنية خلال شهر رمضان
الهيأة العليا لإحياء التراث تصدر الكتاب الرابع من سلسلة (بحوث مختارة من مجلة الخزانة)