المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 8824 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
Measurement of position and momentum
2024-04-20
Probability wave amplitudes
2024-04-20
The uncertainty principle
2024-04-20
First principles of quantum mechanics
2024-04-20
أثر شطب العلامة التجارية على انقضاء حق الملكية
2024-04-20
Watching the electrons
2024-04-20

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


وصيّته (عليه السلام) لكميل بن زياد  
  
18754   02:44 مساءاً   التاريخ: 21-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج6, ص44-63.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / التراث العلوي الشريف /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-4-2019 1783
التاريخ: 7-02-2015 3663
التاريخ: 20-4-2016 2667
التاريخ: 14-4-2016 2673

من الوصايا الرفيعة للإمام (عليه السلام) وصيّته إلى صاحبه وخليله العالم كميل بن زياد وقد رواها عنه سعيد بن زيد بن أرطاة قال : لقيت كميل بن زياد وسألته عن فضل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقال : ألا اخبرك بوصية أوصاني بها يوما هي خير لك من الدنيا بما فيها؟

فقلت : بلى.

قال : قال لي عليّ (عليه السلام) : يا كميل سمّ كلّ يوم باسم الله وقل لا حول ولا قوّة إلاّ بالله وتوكّل على الله واذكرنا وسمّ بأسمائنا وصلّ علينا واستعذ بالله ربّنا وأدرأ بذلك على نفسك وما تحوطه عنايتك تكف شرّ ذلك اليوم إن شاء الله.

يا كميل إنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) أدّبه الله وهو أدّبني وأنا أؤدّب المؤمنين وأورّث الأدب المكرمين.

يا كميل ما من علم إلاّ وأنا أفتحه وما من سرّ إلاّ والقائم (عليه السلام) يختمه.

يا كميل ذرّيّة بعضها من بعض والله سميع عليم.

يا كميل لا تأخذ إلاّ عنّا تكن منّا.

يا كميل ما من حركة إلاّ وأنت محتاج فيها إلى معرفة.

يا كميل إذا أكلت الطّعام فسمّ باسم الله الّذي لا يضرّ مع اسمه داء وهو شفاء من كلّ الأدواء.

يا كميل إذا أكلت الطّعام فواكل به ولا تبخل فإنّك لن ترزق النّاس شيئا والله يجزل لك الثّواب بذلك.

تحدّث الإمام (عليه السلام) في هذا المقطع عن صلته الوثيقة بالرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) وأنّه من ألصق الناس به فقد أفاض عليه آدابه الرفيعة وعلّمه ينابيع الحكمة وهو (عليه السلام) بدوره يعلّمها ويعهد بها إلى المؤمنين كما بيّن (عليه السلام) حاجة تلميذه إلى المعرفة والتزوّد من العلم وبعد ذلك عرض الإمام إلى آداب الطعام وأنّه ينبغي لمن يتناوله أن يذكر اسم الله تعالى الذي هو شفاء من كلّ داء وأن لا يأكل الإنسان وحده بل عليه أن يشاركه في الطعام غيره من البؤساء والمحتاجين .

ويأخذ الإمام (عليه السلام) في وصيّته قائلا :

يا كميل أحسن خلقك وابسط جليسك ولا تنهر خادمك.

أوصى الإمام (عليه السلام) كميلا بحسن الأخلاق التي هي وصايا الأنبياء كما أوصى بمراعاة الجليس واحترامه ورعايته ثمّ أوصى بالبرّ والإحسان إلى الخادم وأن لا ينهره ويعتدي عليه .

وأخذ الإمام في بيان كيفيّة تناول الطعام قائلا :

يا كميل إذا أنت أكلت فطوّل أكلك ليستوفي من معك ويرزق منه غيرك.

يا كميل إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما رزقك وارفع بذلك صوتك يحمده سواك فيعظم بذلك أجرك.

يا كميل لا توقرنّ معدتك طعاما ودع فيها للماء موضعا وللرّيح مجالا.

يا كميل لا تنقد طعامك فإنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) لا ينقده.

يا كميل لا ترفع يدك من الطّعام إلاّ وأنت تشتهيه فإن فعلت ذلك فأنت تستمرئه ـ أي تستطيبه.

يا كميل إنّ صحّة الجسم من قلّة الطّعام وقلّة الماء.

وضع الإمام (عليه السلام) بهذا المقطع برامج لآداب الطعام كما وضع منهجا صحيّا لتناوله وفيما يلي ذلك :

آداب الطعام :  أمّا آداب الطعام فهي :

أوّلا : أنّ الإنسان إذا أكل ومعه غيره فعليه أن لا يسرع في القيام من المائدة لأنّه يوجب سرعة القيام لمن كان معه وفي ذلك حرمان لهم.

ثانيا : أنّ الإنسان إذا فرغ من تناول الطعام فعليه أن يحمد الله تعالى على ما رزقه من أطائب الأطعمة كما ينبغي له أن يرفع صوته بالحمد له تعالى ؛ لأنّ في ذلك تعليما لغيره على شكر المنعم العظيم.

ثالثا : أنّ الإنسان ينبغي له أن لا ينقد الطعام لا سيّما إذا كان مدعوّا عند الغير تأسّيا بالنبيّ (صلى الله عليه واله) فإنّه لم يؤثر عنه مطلقا أنّه نقد الطعام وذلك من معالي أخلاقه.

المنهج الصحي :  أمّا المنهج الصحي في تناول الطعام الذي يضمن سلامة الجهاز الهضمي فهي :

أوّلا : أنّ الإنسان إذا تناول الطعام فعليه أن لا يملأ معدته منه ويدع فيها فراغا لشرب الماء وفراغا للريح وهذا من أهمّ الوصفات الصحية التي تضمن سلامة الجهاز الهضمي الذي هو بيت الداء ومصدر الأمراض والأسقام.

ثانيا : أن لا يسرف الإنسان في تناول الطعام وأن يقوم من المائدة وهو يشتهي الطعام فإنّ ذلك أضمن لصحّته وأضمن لقواه كما أكّدت ذلك مصادر الطب الحديث.

ثالثا : أنّ صحّة الجسم منوطة بقلّة الطعام وقلّة الشراب وهذا ما أكّده الأطباء .

ويستمرّ الإمام في وصيّته قائلا :

يا كميل البركة في المال من إيتاء الزّكاة ومواساة المؤمنين وصلة الأقربين وهم الأقربون لنا.

يا كميل زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين وكن بهم أرأف وعليهم أعطف وتصدّق على المساكين.

يا كميل لا تردّ سائلا بشقّ تمرة أو من شطر عنب , فإنّ الصّدقة تنمو عند الله.

عرضت هذه البنود إلى الوسائل التي تنمي المال وتزيده وهي :

1 ـ الزكاة :  وتظافرت الأخبار عن أئمّة الهدى : في أنّ إعطاء الزكاة موجبا لسعة الرزق وتنمية المال وقد حفلت مصادر الحديث والفقه بالمزيد من الأخبار في أنّ مانع الزكاة ليس من الإسلام في شيء وأنّ الدولة تقاتل مانع هذه الضريبة التي هي من مصادر واردات الدولة الإسلامية.

2 ـ مواساة المؤمنين : وممّا توجب زيادة الثروة وتنميتها مواساة المؤمنين والإحسان إليهم والبرّ بهم وأفضل أنواع الإحسان وأجمل صوره الإحسان إلى السادة العلويّين زادهم الله تعالى شرفا فإنّ البرّ بهم صلة للنبيّ (صلى الله عليه واله).

3 ـ صلة الأرحام :  وتظافرت الأخبار عن النبيّ (صلى الله عليه واله) وأوصيائه العظام أنّ صلة الرحم لها آثارها الوضعية التي منها تنمية المال وطول العمر وغير ذلك.

4 ـ عدم ردّ السائل : حثّ الإمام (عليه السلام) على الإحسان إلى السائل وعدم حرمانه ولو بشقّ تمرة.

5 ـ الصدقة تنمي المال : أمّا الصدقة سرّا كانت أم جهرا فإنّها تنمي المال وتزيد في الرزق وتدفع البلاء المبرم.

ويأخذ الإمام (عليه السلام) في وصيّته قائلا :

يا كميل حسن خلق المؤمن التّواضع وجماله التّعفّف وشرفه الشّفقة وعزّه ترك القال والقيل.

يا كميل إيّاك والمراء فإنّك تغري بنفسك السّفهاء إذا فعلت وتفسد الإخاء.

يا كميل إذا جادلت في الله تعالى فلا تخاطب إلاّ من يشبه العقلاء.

يا كميل هم ـ أي الذين يجادلون في الله ـ على كلّ حال سفهاء كما قال الله تعالى : {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 13] .

عرض الإمام (عليه السلام) في هذا المقطع إلى بعض الامور المهمّة وهي :

1 ـ حسن الأخلاق :  أمّا حسن الأخلاق فإنّه من أبرز الصفات الرفيعة والنزعات الشريفة وفي بعض الأخبار أنّه نصف الإيمان وفي الحديث النبوي : إنّما بعثت لاتمّم مكارم الأخلاق ويرتبط بالأخلاق الفاضلة التواضع وعدم الأنانية وممّا يرتبط به التعفّف والشفقة.

2 ـ ترك المراء :  ومن بنود هذا المقطع ترك المراء فإنّه يوجب شيوع الكراهية ونشر الفساد بين الناس.

3 ـ المجادلة في الله :  أمّا المجادلة في الله تعالى خالق الكون وواهب الحياة فإنّها إنّما تكون مع العقلاء الذين يملكون طاقات من العلم والفكر ويخضعون لمنطق الدليل فإنّ وجود الله تعالى أمر ضروري وواضح كلّ الوضوح أمّا الذين لا نصيب لهم من الفكر والعلم فإنّ الحديث معهم في جميع الامور العقائدية يكون لغوا هذا بعض ما احتوى عليه هذا المقطع من بحوث.

ويستمرّ الإمام (عليه السلام) في وصيّته لكميل قائلا :

يا كميل في كلّ صنف قوم أرفع من قوم فإيّاك ومناظرة الخسيس منهم وإن أسمعوك فاحتمل وكن من الّذين وصفهم الله {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] .

عرض الإمام (عليه السلام) إلى أنّ في جميع الأصناف في المجتمع الإنساني قوما أرفع من قوم تفكيرا وفضلا ونهى الإمام (عليه السلام) كميلا من مناظرة الطبقة الواطئة تفكيرا وعدم الخوض معهم في أي شأن من الشؤون ؛ ثمّ عرض الإمام إلى فقرة اخرى من وصيّته قائلا :

يا كميل قل الحقّ على كلّ حال ووازر المتّقين واهجر الفاسقين.

يا كميل جانب المنافقين ولا تصاحب الخائنين.

أمر الإمام (عليه السلام) بهذه الكلمات أن يقول الإنسان الحقّ في جميع الأحوال وأن يؤازر المتّقين ويهجر الفاسقين الذين هم من أراذل المجتمع .

ويقول الإمام في وصيّته :

يا كميل إيّاك إيّاك والتّطرق إلى أبواب الظّالمين والاختلاط بهم والاكتساب منهم وإيّاك أن تطيعهم وأن تشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك.

يا كميل إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر الله والتّوكّل عليه واستعذ بالله من شرّهم وأطرق عنهم  وأنكر بقلبك فعلهم واجهر بتعظيم الله تعالى لتسمعهم فإنّهم يهابونك وتكفى شرّهم.

وفي هذه الكلمات نهى الإمام (عليه السلام) من الاختلاط بالظالمين ؛ امتثالا لقوله تعالى : {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: 113] وإذا اضطرّ الإنسان إلى حضور دوائرهم فعليه أن يذكر الله تعالى ويستعيذ به من شرّهم وآثامهم فإنّ ذلك أدنى للتخلّص من حرمة مجالستهم .

ويأخذ الإمام (عليه السلام) في وصيّته قائلا :

يا كميل إنّ أحبّ ما امتثله العباد إلى الله بعد الإقرار به وبأوليائه التّجمّل والتّعفّف والاصطبار.

إنّ التجمّل والتعفّف والاصطبار من أبرز القيم الكريمة التي ترفع مستوى الإنسان إلى آفاق رفيعة من الفضل والكمال . ويقول (عليه السلام) : يا كميل لا بأس بأن لا تعلم سرّك .

إنّ إخفاء السرّ وما انطوت عليه نفس الإنسان من عقائد وغيرها الأولى أن تكون طي الكتمان لأنّ إظهارها للغير قد تجرّ له الويل والعطبا .

يقول (عليه السلام) : يا كميل لا ترينّ النّاس افتقارك واصطبر عليه احتسابا بعزّ وتستّر.

أوصى الإمام (عليه السلام) بعزّة النفس وكرامتها ومن المؤكّد أنّ إظهار الفقر والحاجة من مرديات الإنسان ومسقطاته من أعين الناس يقول (عليه السلام) :

يا كميل لا بأس أن تعلم أخاك سرّك.

يا كميل ومن أخوك؟ أخوك الّذي لا يخذلك عند الشّدة ولا يغفل عنك عند الجريرة ولا يخدعك حين تسأله ولا يتركك وأمرك حتّى تعلمه فإن كان مميلا  أصلحه.

يا كميل المؤمن مرآة المؤمن ؛ يتأمّله ويسدّ فاقته ويجمل حالته.

يا كميل المؤمنون إخوة ولا شيء آثر عند كلّ أخ من أخيه.

يا كميل إن لم تحبّ أخاك فلست أخاه.

تحدّث الإمام (عليه السلام) في هذا المقطع عن الاخوة الإسلامية وما يلازمها من الآثار الوضعية والتي منها أن يحدّث المسلم أخاه في الإسلام عن أسراره وشئونه وقد حدّد الإمام الأخ وعرف واقعه في المنطلق الإسلامي فالأخ هو الذي لا يخذل أخاه عند الشدّة ولا يغفل عنه عند الجريرة إلى غير ذلك من الآثار التي ذكرها الإمام (عليه السلام) وهي نادرة الوجود أو معدومة في هذا العصر الذي طغت فيه المادة على كلّ شيء.

يقول الإمام (عليه السلام) :

يا كميل إنّ المؤمن من قال بقولنا فمن تخلّف عنه قصّر عنّا ومن قصّر عنّا لم يلحق بنا ومن لم يكن معنا ففي الدّرك الأسفل من النّار.

يا كميل كلّ مصدور ينفث فمن نفث إليك منّا بأمر أمرك بستره فإيّاك أن تبديه وليس لك من إبدائه توبة وإذا لم تكن توبة فالمصير إلى لظى.

يا كميل إذاعة سرّ آل محمّد (صلى الله عليه واله) لا يقبل منها ولا يحتمل أحد عليها.

يا كميل ما قالوه لك مطلقا فلا تعلمه إلاّ مؤمنا موفّقا.

يا كميل لا تعلموا الكافرين من أخبارنا فيزيدوا عليها فيبيدوكم بها إلى يوم يعاقبون عليها.

حكى الإمام (عليه السلام) بهذا المقطع واقع الإيمان وحقيقته وهو الولاء لأهل بيت النبوّة : فإنّ محبّتهم جزء من رسالة الإسلام قال تعالى : {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] وقد نظر الإمام (عليه السلام) إلى المستقبل بعمق فرأى ما يجري على آل البيت وشيعتهم من الخطوب والمحن فأوصى بإخفاء تعاليمهم وأن لا يطلع عليها أحدا من المعاندين للحق فإنّ إذاعتها ونشرها في تلك العصور تجرّ الويل والمحن للشيعة.

يقول (عليه السلام) : يا كميل لا بدّ لماضيكم من أوبة ولا بدّ لنا فيكم من غلبة.

أكّد الإمام (عليه السلام) في هذه الكلمات أنّه لا بدّ أن تقوم لأهل البيت دولة يقام فيها الحقّ ويحسم فيها الباطل وهي دولة إمام الهدى المهدي (عليه السلام) .

يقول (عليه السلام) :

يا كميل سيجمع الله لكم خير البدء والعاقبة.

يا كميل أنتم ممتّعون بأعدائكم تطربون بطربهم وتشربون بشربهم وتأكلون بأكلهم وتدخلون مداخلهم وربّما غلبتم على نعتهم أي والله! على إكراه منهم لذلك ولكنّ الله عزّ وجلّ ناصركم وخاذلهم فإذا كان والله! يومكم وظهر صاحبكم لم يأكلوا والله! معكم ولم يردوا مواردكم ولم يقرعوا أبوابكم ولم ينالوا نعمتكم أذلة خاسئين أينما ثقفوا اخذوا وقتّلوا تقتيلا.

يا كميل احمد الله تعالى والمؤمنين على ذلك وعلى كلّ نعمة.

أعرب الإمام (عليه السلام) في هذا المقطع عن ظهور حفيده المصلح الأعظم الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا وظهوره (عليه السلام) من الامور الحتمية التي لا بدّ أن تتحقّق على مسرح الحياة .

يقول الإمام (عليه السلام) :

يا كميل قل عند كلّ شدّة : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله تكفها وقل عند كلّ نعمة الحمد لله تزدد منها وإذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسّع عليك فيها.

وضع الإمام (عليه السلام) منهجا للتخلّص عند كلّ شدّة وهو قول : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم كما أرشده لزيادة النعمة وهو قول : الحمد لله كما دلّ على الرزق إذا أبطأ عن إنسان أن يستغفر الله تعالى فإنّه سيوفّر له رزقه.

يقول (عليه السلام) :

يا كميل إذا وسوس الشّيطان في صدرك فقل : أعوذ بالله القوي من الشّيطان الغوي وأعوذ بمحمّد الرّضي من شرّ ما قدّر وقضى وأعوذ بإله النّاس من شرّ الجنّة والنّاس أجمعين وسلّم تكفى مؤونة إبليس والشّياطين معه ولو أنّهم كلّهم أبالسة مثله.

يا كميل انّ لهم خدعا ووساوس وشقاشق  وزخارف وخيلاء على كلّ أحد قدر منزلته في الطّاعة والمعصية فبحسب ذلك يستولون عليه بالغلبة.

يا كميل لا عدوّ أعدى منهم ولا ضارّ أضرّ بك منهم امنيتهم أن تكون معهم غدا إذا اجتثّوا  في العذاب الأليم لا يفتّر عنهم بشرره ولا يقصر عنهم خالدين فيه أبدا.

يا كميل سخط الله تعالى محيط بمن لم يحترز منهم باسمه ونبيّه وجميع عزائمه وعوّذه جلّ عزّه وصلّى الله على نبيّه وآله وسلّم.

يا كميل إنّهم يخدعونك بأنفسهم فإذا لم تجبهم مكروا بك وبنفسك بتحسينهم إليك شهواتك وإعطائك أمانيّك وإرادتك ويسوّلون لك وينسونك وينهونك ويأمرونك ويحسنون ظنّك بالله عزّ وجلّ حتّى ترجوه فتغترّ بذلك فتعصيه وجزاء العاصي لظى.

يا كميل احفظ قول الله عزّ وجلّ : {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: 25] والمسوّل الشّيطان.

يا كميل اذكر قول الله تعالى لإبليس لعنه الله {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء: 64] .

يا كميل إنّ إبليس لا يعد عن نفسه وإنّما يعد عن ربّه ليحملهم على معصيته فيورطهم.

يا كميل إنّه يأتي لك بلطف كيده فيأمرك بما يعلم أنّك قد ألفته من طاعة لا تدعها فتحسب أنّ ذلك ملك كريم وإنّما هو شيطان رجيم فإذا سكنت إليه واطمأننت حملك على العظائم المهلكة الّتي لا نجاة معها.

يا كميل إنّ له فخاخا ينصبها فاحذر أن يوقعك فيها.

يا كميل إنّ الأرض مملوءة من فخاخهم فلن ينجو منها إلاّ من تشبّث بنا وقد أعلمك الله أنّه لن ينجو منها إلاّ عباده وعباده أولياؤنا.

يا كميل وهو قول الله عزّ وجلّ : {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] ، وقوله عزّ وجلّ : {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: 100] .

يا كميل انج بولايتنا من أن يشركك الشّيطان في مالك وولدك كما أمر.

يا كميل لا تغترّ بأقوام يصلّون فيطيلون ويصومون فيداومون ويتصدّقون فيحسبون أنّهم موفّقون.

يا كميل اقسم بالله تعالى لسمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : إنّ الشّيطان إذا حمل قوما على الفواحش مثل الزّنا وشرب الخمر والرّبا وما أشبه ذلك من الخنى  والمآثم حبّب إليهم العبادة الشّديدة والخشوع والرّكوع والخضوع والسّجود ثمّ حملهم على ولاية الأئمة الّذين يدعون إلى النّار ويوم القيامة لا ينصرون.

يا كميل إنّه مستقرّ ومستودع واحذر أن تكون من المستودعين.

يا كميل إنّما تستحقّ أن تكون مستقرّا إذا لزمت الجادّة الواضحة الّتي لا تخرجك إلى عوج ولا تزيلك عن منهج ما حملناك عليه وما هديناه إليك.

عرض الإمام (عليه السلام) في هذا المقطع إلى الشيطان الرجيم وما يقوم به من دور في نصب شباكه لصيد الناس وصرفهم عن الله تعالى وهو يتصدّى لإغراء الناس وصدّهم عن الطريق المستقيم بكافّة وسائل الإغراء ويحبّب لهم كلّ شهوة وكلّ ميول واتّجاه لا يتّفق مع ما أمر به الله تعالى وللشيطان حزبه وأتباعه وهم يعيثون فسادا في عقول الناس وضمائرهم ويكيدون لهم ويمكرون بهم وفي الدعاء : وأعذني من الشّيطان الرّجيم وهمزه ولمزه ونفثه ووسوسته وتثبيطه وكيده ومكره وحبائله وخدعه وأمانيه وغروره وفتنته وشركه وأحزابه وأتباعه وأشياعه وأوليائه وجميع مكائده ؛ أعاذنا الله من الشيطان وصرف عنّا كيده ومكره.

يقول (عليه السلام) :

يا كميل لا رخصة في فرض ولا شدّة في نافلة.

يا كميل إنّ الله عزّ وجلّ لا يسألك إلاّ عمّا فرض وإنّما قدّمنا عمل النّوافل بين أيدينا للأهوال العظام والطّامة يوم القيامة.

عرض الإمام (عليه السلام) إلى الفارق بين الواجب والمندوب فالواجب لا مجال لتركه فإنّ المكلّف يعاقب إذا لم يأت به وأمّا المندوب فإنّه غير ملزم بفعله والله تعالى يسأل المكلّفين عن الواجبات وأمّا المندوبات فإنّها تكون ستارا وغطاء للإنسان من أهوال يوم القيامة.

يقول (عليه السلام) :

يا كميل إنّ ذنوبك أكثر من حسناتك وغفلتك أكثر من ذكرك ونعم الله عليك أكثر من كلّ عملك.

يا كميل إنّك لا تخلو من نعم الله عزّ وجلّ عندك وعافيته فلا تخل من تحميده وتسبيحه وتمجيده وتقديسه وشكره وذكره على كلّ حال.

يا كميل لا تكوننّ من الّذين قال الله عزّ وجلّ : {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: 19] , ونسبهم إلى الفسق بقوله : {أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: 19] .

وفي هذا المقطع الدعوة إلى التقوى والعمل الصالح والنظر إلى نعم الله المتظافرة على الإنسان التي يجب أن تقابل بالشكر والثناء والتحميد والتمجيد ولا يجوز أن يتغاضى عنها لأنّها من شكر المنعم الذي هو واجب عقلا وشرعا.

يقول (عليه السلام) :

يا كميل ليس الشّأن أن تصلّي وتصوم وتتصدّق إنّما الشّأن أن تكون الصّلاة بقلب نقيّ وعمل عند الله مرضيّ وخشوع سويّ وإبقاء للجدّ فيها.

يا كميل عند الرّكوع والسّجود وما بينهما تبتّلت العروق والمفاصل حتّى تستوفي إلى ما تأتي به من جميع صلواتك.

يا كميل انظر فيم تصلّي وعلى ما تصلّي إن لم تكن من وجهه وحلّه فلا قبول.

يا كميل إنّ اللّسان يبوح من القلب والقلب يقوم بالغذاء فانظر فيما تغذّي قلبك وجسمك فإن لم يكن ذلك حلالا لم يقبل الله تسبيحك ولا شكرك.

حكى هذا المقطع واقع الصلاة وحقيقتها وهي أن تؤدّى بخشوع وحضور فكر وإخلاص وأنّ المصلّي عليه أن يعرف أنّه ماثل أمام الخالق العظيم فلا يشغل فكره في أثناء الصلاة بشئون الدنيا كما أنّ على المصلّي أن يكون على بصيرة من غذائه وشرابه وملبسه وأن تكون من حلال فإن كانت من الحرام فلا صلاة له .

يقول (عليه السلام) :

يا كميل افهم واعلم أنّا لا نرخّص في ترك أداء الأمانات لأحد من الخلق فمن روى عنّي في ذلك رخصة فقد أبطل وأثم وجزاؤه النّار بما كذب اقسم بالله لسمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلاثا : يا أبا الحسن أدّ الأمانة إلى البرّ والفاجر فيما قلّ وجلّ حتّى الخيط والمخيط.

إنّ الإسلام قد تبنّى مصلحة الإنسان وبناء حياته على واقع مشرق وكان من بنود تعاليمه أداء الأمانة إلى البرّ والفاجر وليس من الإسلام في شيء الخيانة وعدم أداء الأمانة.

يقول (عليه السلام) :

يا كميل لا غزو إلاّ مع إمام عادل ولا نفل  إلاّ من إمام فاضل.

عرض الإمام (عليه السلام) إلى أنّ الغزو يشترط فيه أن يكون مع إمام عادل أمّا مع غيره فإنّه غير مشروع.

يقول (عليه السلام) :

يا كميل الدّين لله فلا تغترنّ بأقوال الامّة المخدوعة الّتي قد ضلّت بعد ما اهتدت وأنكرت وجحدت بعد ما قبلت.

إنّ الله تعالى هو الذي شرع الدين وفرض أحكامه وتعاليمه وليس للامّة أي مجال في التسرّف في أي بند من بنوده خصوصا القيادة الروحية والزمنية فقد قلّدها الله تعالى إلى إمام الحقّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ولكنّ الامّة لم تذعن لذلك واتّبعت غيره فعانت من الخطوب والأزمات ما لا توصف لمرارتها.

يقول (عليه السلام) :

يا كميل الدّين لله فلا يقبل الله من أحد القيام به إلاّ رسولا أو نبيّا أو وصيّا.

إنّ الدين هو مجموعة من المبادئ والأنظمة إنّما يبلّغه إلى الناس النبيّ أو وصيّه وليس لأي أحد أن يتولّى إذاعته وتبليغه غيرهما.

يقول (عليه السلام) :

يا كميل هي نبوّة ورسالة وإمامة ولا بعد ذلك إلاّ متولّين ومتغلّبين وضالّين ومعتدين.

وهذه الكلمات متمّمات لما تقدّم من أنّ الدين نبوّة وإمامة لا غير ذلك.

يا كميل إنّ النّصارى لم تعطّل الله تعالى ولا اليهود ولا جحدت موسى ولا عيسى ولكنّهم زادوا ونقصوا وحرّفوا وألحدوا فلعنوا ومقتوا ولم يتوبوا ولم يقبلوا.

يا كميل إنّما يتقبّل الله من المتّقين.

يا كميل إن آباءنا آدم لم يلد يهوديا ولا نصرانيّا ولا كان ابنه إلاّ حنيفا مسلما فلم يقم بالواجب عليه فأدّاه ذلك إلى أن لم يقبل الله قربانه بل قبل من أخيه فحسده وقتله وهو من المسجونين في الفلق الّذين عددهم اثنا عشر : ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين والفلق الأسفل من النّار ومن بخاره حرّ جهنّم وحسبك فيما حرّ جهنّم من بخاره.

حكى هذا المقطع تحريف اليهود والنصارى لما انزل على أنبيائهم فزادوا ونقصوا حتى تشوّهت شريعة موسى وعيسى واستحقّوا بذلك اللعنة والمقت من الله تعالى كما حكى هذا المقطع حسد ابن آدم لأخيه وقد ألقاه الحسد في شرّ عظيم فقتل أخاه فكان جزاؤه الخلود في نار جهنّم.

يقول (عليه السلام) :

يا كميل نحن والله الّذين اتّقوا والّذين هم محسنون ..

يا كميل إنّ الله كريم حليم عظيم رحيم دلّنا على أخلاقه وأمرنا بالأخذ بها وحمل النّاس عليها فقد أدّيناها غير متخلّفين وأرسلناها غير منافقين وصدّقناها غير مكذّبين وقبلناها غير مرتابين لم يكن لنا والله! شياطين نوحي إليها وتوحي إلينا كما وصف الله تعالى قوما ذكرهم الله عزّ وجلّ بأسمائهم في كتابه {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112] .

عرض الإمام (عليه السلام) إلى أهل بيت النبوّة ومعدن الحكمة المتّقين المحسنين وأنّهم أدّوا رسالة الله تعالى على الوجه الأكمل لعباده فلم يقصروا ولم يتوانوا في أدائها .

يقول (عليه السلام) :

يا كميل نحن الثّقل الأصغر والقرآن الثّقل الأكبر وقد أسمعهم رسول الله (صلى الله عليه واله) وجمعهم فنادى الصّلاة جامعة يوم كذا وكذا وأيّام سبعة كذا وكذا فلم يتخلّف أحد فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : معاشر النّاس! إنّي مؤدّ عن ربّي عزّ وجلّ ولا مخبر عن نفسي فمن صدّقني فقد صدّق الله ومن صدّق الله أثابه الجنان ومن كذّبني كذّب الله عزّ وجلّ ومن كذّب الله أعقبه النّيران ثمّ ناداني فصعدت فأقامني دونه ورأسي إلى صدره والحسن والحسين عن يمينه وشماله ثمّ قال : معاشر النّاس! أمرني جبرئيل عن الله عزّ وجلّ أنّه ربّي وربّكم أن اعلمكم أنّ القرآن هو الثّقل الأكبر وأنّ وصيّي هذا وابناي من خلفهم من أصلابهم أوصيائي وهم الثّقل الأصغر يشهد الثّقل الأكبر للثّقل الأصغر ويشهد الثّقل الأصغر للثّقل الأكبر كلّ واحد منهم ملازم لصاحبه غير مفارق له حتّى يردا إلى الله فيحكم بينهما وبين العباد.

يا كميل فإذا كنّا كذلك فعلام يتقدّمنا من تقدّم وتأخّر عنّا من تأخّر؟

يا كميل قد أبلغهم رسول الله (صلى الله عليه واله) رسالة ربّه ونصح لهم ولكن لا يحبّون النّاصحين.

يا كميل قال رسول الله (صلى الله عليه واله) لي قولا والمهاجرون والأنصار متوافرون يوما بعد العصر يوم النّصف من شهر رمضان وهو قائم على قدميه فوق منبره عليّ منّي وابناي منه والطّيّبون منّي وأنا منهم وهم الطّيّبون بعد امّهم وهم سفينة من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هوى الناجي في الجنّة والهاوي في لظى.

يا كميل الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

يا كميل علام يحسدوننا والله أنشأنا قبل أن يعرفونا فتراهم بحسدهم إيّانا عن ربّنا يزيلوننا؟

وأضاف الإمام قائلا :

يا كميل نحن والله! الحقّ الّذي قال الله عزّ وجلّ : {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71] .

عرض الإمام في هذا المقطع إلى فضل أهل البيت صلوات الله عليهم وسموّ مكانتهم عند الله تعالى وعند رسوله (صلى الله عليه واله) وأنّهم سفن النجاة وأمن العباد .

وبهذا نطوي البحث عن معظم وصيّة الإمام (عليه السلام) لتلميذه العالم كميل بن زياد النخعي وهي من ذخائر الوصايا الإسلامية وهي تعد من وصاياه التربوية التي عالجت الكثير من مشاكل المجتمع والفرد ووضعت الاسس التربوية السليمة لإصلاح الإنسان .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.






عبر مؤسسة الإمام الرضا (ع) الخيرية.. ممثل المرجعية العليا يستقبل مجموعة من العوائل المتعففة ويقدم المساعدات اللازمة والضرورية لها
الأمين العام للعتبة الحسينية: العتبات المقدسة هي المظلة الروحية والملاذ الأمن لجميع أطياف الشعب العراقي تحت خيمة المرجعية العليا
بمشاركة (60) مشتركا..أكاديمية الوارث التابعة للعتبة الحسينية تسهم في تأهيل كادر العلاقات العامة في العتبة العسكرية عبر دورة تدريبية متخصصة
بناءً على تقييم شامل لمؤهلاتهم وأدائهم في المقابلة.. برنامج (رواد التبليغ) الذي تنفذه العتبة الحسينية يعلن قبول (30) طالبا ضمن دورته الأولى