...على إدارة المستشفى والقيمين عليها احترام الأطباء الموقرين لمكان علمهم وخدماتهم الاجتماعية وبذل أنفسهم لرعاية الناس والحفاظ على سلامتهم وصحتهم.

فلا يجوز استغلال الأطباء ـ مادياً ومعنوياً ـ ولا فرض قانون يهين مكانتهم أو يظلمهم، أو يضعّف من عزيمتهم.

وعلى المستشفى تهيئة أمكنة مناسبة وأساليب لراحة الأطباء ورعاية حاجاتهم وأسباب تشجيعهم على استمرار العمل بنفسية قوية وهمّة عالية.

فوجود غرفٍ لاستراحة الطبيب أو تناول بعض الحلوى مع الشاي أو القهوة في أثناء استراحته ـ الأمر الذي لا يؤثر على مسار العمل وتعطيله أو انتظار المرضى ـ أمر باعث على تجدد نشاط الطبيب ولو لمدة قصيرة كالعشر دقائق مثلاً.

ومن واجبات إدارة المستشفى عدم التفرقة بين الأطباء من ناحية ساعات الدوام أو قيمة ذلك أو تسهيل دخول مريض تابع لطبيب دون آخر، أو إعطائه عناوين مرضى أو تشجيع الناس لمراجعة طبيب معين، أو إيعازٍ إلى المريض نحو طبيب خاص، أو التشجيع إلى شهرة بعض الأطباء دون بعض، ونحو ذلك. والمراد المساواة بينهم من قبل المستشفى أي لابدّ أن تكون الإدارة بمستوى واحد تجاه كل الاطباء.

نعم، إذا كان طبيب لديه خبرة أكثر أو أسلوبٌ ناجحٌ أو أمورٌ أخرى تساعد على شهرته، فهذا أمرٌ آخر وتستطيع الإدارة التعامل معه على أساس ذلك.

كما ويحق للإدارة تقديم الطبيب الملتزم بالأمور الشرعية والقانونية على غيره، وذلك لأنه يلتزم بقانون المستشفى أكثر من غيره وهو مستقيم في عمله، فتشجيعه فيه سمعة حسنة للإدارة والمستشفى، إضافة لما فيه من تشجيع على الالتزام بالقوانين الطبيّة والشرعية، الأمر الذي يريه ضمير الادارة ويبرء ذمتها مما يحصل جراء التهاون.

نعم، لا يجوز للمستشفى أو الإدارة بحجة ذلك حرمان بعض الأطباء من حقوقهم أو التمييز في التعامل معهم.

وهكذا الأمر لو فرض مخالفة الطبيب في السياسة أو المذهب أو الدين مع إدارة المستشفى أو أصحابها، فلا يجوز حرمانه من حقوقه فقط لذلك، بل المعيار هو التزام الطبيب بالآداب العامة والقوانين الطبية والشرعية فمتى ما كان كذلك فلا يجوز تمييز غيره عليه، وافق الإدارة في النهج والمذهب والدين أم خالفها.

إذا ليس من الآداب الإسلامية التمييز في التعامل الأخلاقي والإنساني بين شخص وآخر خاصة من كان مثل الأطباء الذين بذلوا وقتهم لتحصيل العلم وقد فضلهم الله لذلك قال سبحانه وتعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[المجادلة:11]

وقال عز من قائل:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: 28].

وقال الإمامُ الصادق (عليه السلام): إذا كانَ يَومُ القِيامةِ. . . قِيلَ للعابدِ: انطَلِقْ إلى الجَنَّةِ، وقيلَ للعالِم: قِفْ تَشفَعْ لِلناسِ بِحسنِ تَأدِيبِكَ لَهُم (1) .

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: مَنْ وَقَّرَ عالماً فقد وَقَّرَ ربَّه (2) .

_________

1ـ علل الشرائع : 394/11.

2ـ غرر الحكم : ح7063.