لخطورة التجاوزات من قبل الافراد  وعلى املاك الدولة العقارية باستغلالهم الاراضي والمشيدات دون وجه حق او مسوغ قانوني وموافقات اصولية رسمية بذلك ، فقد منحت الادارة ـ وفي بعض الحالات – حق التنفيذ المباشر لقراراتها وقد عرف بانه (حق الادارة في تنفيذ قراراتها الادارية بنفسها مباشرة ولو بالقوة الجبرية ، دون ان تضطر الى اللجوء للقضاء لاستصدار حكم منه بالتنفيذ ، وعلى الافراد  الذين تنفذ في حقهم تلك القرارات ان يلجؤوا الى القضاء للتظلم منها اذا كان هناك موجبة لذلك )(1) . وعرفه الفقيه المصري د. سليمان الطماوي  بانه (حق الادارة في ان تنفذ اوامرها على الافراد بالقوة الجبرية ، اذا رفضوا تنفيذها اختياراً دون حاجة الى اذن سابق من القضاء ) (2). وعرف ايضاً ( بانه السلطة الاستثنائية التي تملكها الادارة في ان تنفذ القرارات التي تصدرها تنفيذاً جبرياً اذا لم ينفذها الافراد اختياراً ، دون الاشتراط بان تلتجيء الى القضاء ، حتى اذا كان تنفيذ هذه القرارات يرتب التزامات على عاتق الافراد (3). اما الفقيه الفرنسي روميو (Romieu) فقد عرف التنفيذ الجبري (4). بانه (وسيلة عملية تجعلها ضرورة تأمين احترام القانون مبررة قانوناً) (5) . ومن خلال استعراض هذه التعاريف يتضح لنا ان التنفيذ المباشر هو امتياز استثنائي تتمتع به الادارة في مزاولتها لنشاطها ، وبهذا يمكن ان ترتب اثار في حق الافراد بصرف النظر عن ارادتهم . فالادارة تتوصل عن طريق التنفيذ المباشر الى تحصيل حقوقها بالاكراه و بسرعة مما يسهل عليها تحقيق اهدافها في اشباع الحاجات العامة التي تكفلتها ويجعلها في موقف المدعي عليه والذي يكون ايسر في التقاضي فيتحمل الافراد بدلا عنها عبء الاثبات (6). ولكن بالرغم من هذه المزايا فهي في غاية الخطورة ، فالادارة لا تستطيع ان تصدر قرارات تنفيذية الا حين يخولها القانون ذلك صراحة ، وعلى ذلك فالتنفيذ المباشر هو ليس بالطريق الاصيل ،  بل طريق استثنائي لا تلجأ اليه الادارة في كل الحالات  وانما الاصل ان تلجأ كما الافراد الى القضاء لاستيفاء حقوقها (7). هذا ما اكدته المحكمة الادارية العليا المصرية ، حيث قررت ( ان التجاء الادارة الى تنفيذ اوامرها على الافراد دون حاجة الى اذن سابق من القضاء ، هو ما يسمى بالتنفيذ المباشر ، وهو طريق استثنائي محض لا تستطيع الادارة ان تلجا اليه الا في حالات محدودة على سبيل الحصر ، اذ ان الاصل ان يحكم هذا الموضوع هو الاصل العام الذي يخضع له الافراد والذي يقضي بان تلجأ الادارة الى القضاء لتحصل على حكم بحقوقها ان كان لها ثمة وجه حق اذا ما رفض الافراد الخضوع لقراراتها )(8). وحيث اكدت هذه المحكمة في قرار ثانٍ لها بان (التنفيذ المباشر بواسطة الادارة يستمد شرعيته من اعتبارين اساسيين هما ، ضرورة سير المرافق العامة بانتظام واطراد  اولاً ، ووجوب رقابة النظام العام ورعاية مقتضياته العاجلة ثانياً)(9) . وخلاصة ما تقدم ن فان التنفيذ المباشر للقرارات الادارية هو تنفيذ للمبدأ المسلم به والمتعلق بتقديم الكل على الجزء ، أي  تقديم مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد وهو شرط جوهري لتحقيق سلامة الجماعة ومصلحتها ، ومن ثم لإمكانية تحقيق سلامة الفرد نفسه .

_________________________

1- د. احمد حافظ نجم ، مرجع سابق ، ص303 .

2- د. سليمان محمد الطماوي ، النظرية العامة للقرارات الأدارية ،  ص635 .

3- د. توفيق شحاتة ، مرجع سابق ، ص682 .

4- على ما يبدو إن الفقيه الفرنسي لا يميز بين التنفيذ باستخدام القوة والتنفيذ المباشر أي تولي الأدارة بنفسها تنفيذ قراراتها ومن ثم فإن قيام الأدارة ذاتها بتنفيذ القرار الأداري لا يثير اموراً هامة اذا جرى بصورة سليمة دون اللجوء الى القوة ، بعكس استخدام القوة الذي يولد آثاراً هامة على حرية الأفراد وحقوقهم .

5- د. خالد عبد العزيز عريم ، مرجع سابق ، ص278 .

6- ينظر

- د. ماجد راغب الحلو ، مرجع سابق ، ص567 ، وينظر كذلك

- د. حامد مصطفى ، مرجع  سابق ، ص281 .

7- ينظر

- د. سليمان محمد الطماوي ، الوجيز في القانون الأداري ، مرجع سابق ، ص667 وينظر كذلك

- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، اصول القانون الأداري ، مرجع سابق ، ص197 .

8- احمد سمير ( ابو شادي ) ، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الأدارية العليا ، جلسة 26 مارس 1966 ، س11 ، الناشر دار الفكر العربي ، ص565 .

9- د. نعيم عطية ، احكام  المحكمة الأدارية العليا من اول كانون أول الى آخر ايلول لسنة 1973 ، منشور في مجلة العلوم الأدارية ، ع1 ، س 75 ، ص131 .