إن الدافع الأول للعلاقات الزوجية هو دافع الجسد والعاطفة والهوى وهذا الدافع لا يلبث ان ينحسر بتمادي الزمن واعراضه من المرض والآلام والعمل والهموم والحمل والولادة والتربية والدار , فتضمر النضارة وتغيب الحرارة واذا بالوجه الوردي المنير يذبل مع الايام وخريف الآهات والونات , ومن هنا كان على الزوجين ان يبحثا عن دافع اخر هو الوئام النفسي والفكري والذي لن يحدث في ايام ولا شهور بل ولا سنين ... وربما استغرق العمر كله من دون تحقيقه , الزواج ايها الشريكين : صداقة والصديق من عشته وعاشك وقرا شجونك وهمومك وحاكيت آلامه , وسمعت انينه , فيوم خصومة ... وفي اخر قطيعة ... ويوم شوق ... واخر نفور ... ويوم يشدك اليه حنين الماضي ... ويوم يدفعك عنه تهيب الحاضر , من بعد هذا كله تتكامل الصداقة في حنين واشواق كحنين العطشان للماء البارد العذب , والحياة الزوجية كذلك ... لا مفر من مشكلة بل لا بد منها ومن قطيعة ونفور وصراع مع ايام الشوق والحنين بعد ذلك تبدأ بذور الاندماج الزوجي فكريا ونفسيا بتكوين نعومة اظافرها , ومن المفترض بعد هذا ان يصر الزوجين على احتضان هذا البذر الغض ليجنبا من خلاله ثمرة لن تضيع , ومن هنا كانت العلاقات الزوجية كصداقة حميمة متنافية مع الشعور بالملك والسيادة وكأنها عقد بيع تشترى فيه جارية .

حيث نجد الزواج احيانا ينطلق من انه امتلك عنصرا جديدا يحاسبه على حد محاسبته لسائر املاكه وفي كل ما يراه خروجا ومعصية وليفرض طاعته بحزم وقسوة واجبة كان ام محرمة  والزوجة احيانا تنطلق ايضا من حسابات ملكها لحقوق مقدسة فتحاسب في المفتنيات التي لا ترغبها وتجادل طويلا في سهراته ومبيته وتراقبه بدقة وفي سائر مفردات سلوكه , ممارسات لا يعترفان بالإيمان بها ولكن بالدراسة الامينة نجدهما يتعاطيان كثيرا على اساس الملك والرق ومن هنا كان لا بد من التروي الجاد قبل كل زوجية امام هذا الشعور الخفي الذي يمارسه قطاع كبير من الازواج , وحتى لو استغرق وقتا او رفضا في العديد من الحالات , ولعله من هذه الرواية ورد في الاخبار عن عبد الله بن عباس "رضي الله عنه"" قال : ( النكاح رق فلينظر احدكم الى من يرق كريمته ) (1) .

_____________

1ـ الموضوعات في الاثار ج1 ص88 – السيد هاشم معروف الحسني .