المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 8823 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حديث الإمام الحسن (عليه السلام) وزياد ابن أبيه  
  
5369   04:29 مساءً   التاريخ: 20-10-2015
المؤلف : السيد محسن الامين
الكتاب أو المصدر : أعيان الشيعة
الجزء والصفحة : ج2,ص378-381
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / التراث الحسني الشريف /

كانت سمية أم زياد أمة للحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج الثقفي طبيب العرب وكانت تحت عبيد عبد من عبيد ثقيف فقدم أبو سفيان إلى الطائف فنزل على رجل خمار يقال له أبو مريم فطلب منه بغيا فاتى له بسمية وهي متزوجة بعبيد فبات معها فولدت زيادا على فراش عبيد فكان يقال له زياد بن عبيد ثم إن أبا سفيان أدعاه في خلافة عمر لكنه لم يجسر على المجاهرة بذلك خوفا من عمر ومن المسلمين لمخالفة ذلك لقوله (صلى الله عليه وآله) الولد للفراش وللعاهر الحجر وحيث إن زيادا ولد على فراش عبيد فهو ابنه شرعا وزنا أبي سفيان بأمه لا يسوع الحاقه به . روى غير واحد من المؤرخين أن زيادا تكلم كلاما وهو غلام حدث بمحضر عمر في خلافته أعجب الحاضرين وأبو سفيان حاضر وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وعمرو بن العاص فقال عمرو لله أبو هذا الغلام لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه فقال أبو سفيان انه لقرشي وإني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه فقال علي ومن هو قال انا فقال مهلا يا أبا سفيان فقال عمرو هلا تستلحقه قال أخاف هذا الجالس يعني عمر ان يخرق علي أهابي قال المدائني فلما كان زمن علي (عليه السلام) ولى زيادا فارس أو بعض أعمالها فضبطها ضبطا صالحا وجبى خراجها وكتب إليه معاوية كتابا يتهدده فيه وكتب في أسفل الكتاب شعرا يعرض له فيه بأنه اخوه من جملته :

تنسى أباك وقد شالت نعامته * إذ يخطب الناس والوالي لهم عمر

فلما ورد الكتاب على زياد خطب الناس فقال العجب من ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق يهددني وبيني وبينه ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزوج سيدة نساء العالمين وأبو السبطين وصاحب الولاية والمنزلة والاخاء في مائة الف من المهاجرين والأنصار و التابعين لهم باحسان اما والله لو تخطى هؤلاء أجمعين إلي لوجدني ضرابا بالسيف ؛ ثم كتب إلى علي (عليه السلام) وبعث بكتاب معاوية في كتابه فكتب إليه علي (عليه السلام) أما بعد فاني قد وليتك ما وليتك وأنا أراك لذلك أهلا وإنه قد كانت من أبي سفيان فلتة في أيام عمر من أماني التيه وكذب النفس لم تستوجب بها ميراثا ولم تستحق بها نسبا وان معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فاحذره ثم أحذره ثم أحذره والسلام . فلما قرأ زياد الكتاب قال شهد بها ورب الكعبة ولم تزل في نفسه حتى أدعاه معاوية فلما قتل علي (عليه السلام) بقي زياد في عمله وخاف معاوية جانبه فكتب إليه كتابا يتهدده فيه من جملته : من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن عبيد أما بعد فإنك عبد قد كفرت النعمة واستدعيت النقمة إنك لا أم لك بل لا أب لك ظننت انك تخرج من قبضتي ولا ينالك سلطاني أمس عبد واليوم أمير خطة ماارتقاها مثلك يا ابن سمية إذ اتاك كتابي هذا فخذ الناس بالطاعة والبيعة فإنك إن تفعل فدمك حقنت والا أحتطفتك بأضعف ريش ونلتك بأهون سعي والسلام . فلما ورد الكتاب على زياد غضب غضبا شديدا وجمع الناس وصعد المنبر وقال : ابن آكلة الأكباد وقاتلة أسد الله ومظهر الخلاف ومسر النفاق ورئيس الأحزاب ومن أنفق ماله في اطفاء نور الله كتب إلي يرعد ويبرق عن سحابة جفل لا ماء فيها وعما قليل تصيرها الرياح قزعا كيف ارهبه وبيني وبينه ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن ابن عمه في مائة ألف من المهاجرين والأنصار والله لو أذن لي فيه لأريته الكواكب نهارا .

وكتب إلى معاوية اما بعد فقد وصل إلي كتابك فوجدتك كالغريق يغطيه الموج فيتشبث بالطحلب ويتعلق بأرجل الضفادع طمعا في الحياة إنما يكفر النعم و يستدعي النقم من حاد الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فاما سبك لي فلو لا حلم ينهاني عنك وخوفي إن أدعي سفيها لأثرت لك مخازي لا يغسلها الماء وأما تعييرك لي بسمية فان كنت ابن سمية فأنت ابن جماعة واما زعمك انك تختطفني بأضعف ريش وتتناولني بأهون سعي فهل رأيت بازيا يفزعه صفير القنابر أم هل سمعت بذئب أكله خروف والسلام ، فلما ورد كتاب زياد على معاوية غمه وأحزنه وبعث إلى المغيرة بن شعبة فخلا به وقال إني أريد مشاورتك في أمر أهمني فانصحني فيه وكن لي أكن لك فقد خصصتك بسري وآثرتك على ولدي قال المغيرة والله لتجدني في طاعتك امضى من الماء في الحدور قال إن زيادا قد أقام بفارس يكش لنا كشيش الأفاعي وهو رجل ثاقب الرأي ماضي العزيمة جوال الفكر مصيب إذا رمى وقد خفت منه الآن ما كنت آمنه إذ كان صاحبه حيا وأخشى ممالأته حسنا قال المغيرة أنا له إن لم أمت أن زيادا رجل يحب الشرف وصعود المنابر فلو لاطفته المسألة وألنت له الكتاب لكان إليك أميل وبك أوثق فاكتب إليه وأنا الرسول فكتب إليه معاوية كتابا يظهر له فيه انه اخوه ويعده بالامرة من جملته : من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن أبي سفيان انك قاطع الرحم واصل العدو حملك سوء ظنك بي وبغضك لي على أن عققت قرابتي وقطعت رحمي حتى كأنك لست أخي وليس صخر بن حرب أباك وأبي وشتان ما بيني وبينك أطلب بدم ابن أبي العاص وأنت تقاتلني فكنت :

كتاركة بيضها بالعراء * وملحفة بيض أخرى جناحا

وقد رأيت أن اعطف عليك ولا أؤاخذك بسوء سعيك وان أصل رحمك وابتغي الثواب في أمرك فاعلم أبا المغيرة إنك لو خضت في طاعة القوم فتضرب بالسيف حتى ينقطع متنه لما ازددت منهم إلا بعدا فان بني عبد شمس أبغض إلى بني هاشم من الشفرة إلى الثور الصريع وقد أوثق للذبح فارجع رحمك الله إلى أصلك واتصل بقومك فان أحببت جانبي ووثقت بي فأمرة بإمره وإلا ففعل جميل لا علي ولا لي والسلام .

فقدم المغيرة بالكتاب على زياد فجعل يتأمله ويضحك فقال له المغيرة دع عنك اللجاج وارجع إلى قومك وصل أخاك ثم جمع زياد الناس بعد يومين أو ثلاثة فخطبهم وقال : أيها الناس ادفعوا البلاء ما اندفع عنكم وارغبوا إلى الله في دوام العافية لكم فقد نظرت في أمور الناس منذ قتل عثمان فوجدتهم كالأضاحي في كل عيد يذبحون ولقد افنى هذان اليومان الجمل وصفين ما ينيف على مائة ألف كلهم يزعم أنه طالب حق فإن كان الأمر هكذا فالقاتل والمقتول في الجنة كلا ليس كذلك ولكن أشكل الأمر والتبس على القوم وإني لخائف أن يرجع الأمر كما بدأ فكيف لامرئ بسلامة دينه وقد نظرت في أمر الناس فوجدت أحمد العاقبتين العافية وسأعمل في أموركم ما  حمدون عاقبته ومغبته فقد حمدت طاعتكم إن شاء الله ثم نزل وكتب جواب الكتاب : أما بعد فقد وصل كتابك يا معاوية مع المغيرة بن شعبة وفهمت ما فيه فالحمد لله الذي عرفك الحق وردك إلى الصلة ولست ممن يجهل معروفا ولقد قمت يوم قرأت كتابك مقاما يعبأ به الخطيب المدرة فتركت من حضر لا أهل ورد ولا صدر كالمتحيرين بمهمة ضل بهم الدليل وأنا على أمثالها قدير ؛ فأعطاه معاوية جميع ما سأله وكتب إليه بخط يده ما وثق به وقدم عليه الشام ، قال المدائني فلما أراد معاوية استلحاقه صعد المنبر وأصعد زيادا معه فأجلسه بين يديه على المرقاة التي تحت مرقاته ثم قال أيها الناس إني قد عرفت نسبنا أهل البيت في زياد فمن كان عنده شهادة فليقم بها فقام ناس فشهدوا أنه ابن أبي سفيان وانهم سمعوا ما أقر به قبل موته فقام أبو مريم السلولي وكان خمارا في الجاهلية فقال أشهد أن أبا سفيان قدم علينا بالطائف فاشتريت له لحما وخمرا وطعاما فلما أكل قال أصب لي بغيا فاتيت سمية فقلت لها إن أبا سفيان أمرني أن أصيب له بغيا فهل لك قالت نعم يجئ الآن عبيد بغنمه وكان راعيا فإذا تعشى ونام أتيته فلم تلبث أن جاءت تجر ذيلها فدخلت معه حتى أصبحت فقلت له كيف رأيت صاحبتك قال خير صاحبة لولا ذفر في ابطيها .

فقال له زياد من فوق المنبر يا أبا مريم لا تشتم أمهات الرجال فتشتم أمك .

واستلحقه معاوية فصار يسمى زياد بن أبي سفيان بعد ما كان يسمى زياد بن عبيد وزوج معاوية ابنته من محمد بن زياد ليؤكد بذلك صحة الاستلحاق وذلك سنة 44 ذكره في الاستيعاب واستعظم ذلك المسلمون وتحرجوا من أن يسموه زياد بن أبي سفيان وخافوا أن يسموه زياد بن عبيد فكانوا يقولون زياد بن أبيه أو ابن امه أو ابن سمية أو زياد بدون نسبة ولكن في عصر معاوية سماه أكثر الناس زياد بن أبي سفيان لأن الناس مع الملوك رهبة أو رغبة وليس اتباع الدين فيهم إلا كالقطرة من البحر المحيط وكتبت عائشة إلى زياد كتابا فلم تدر ما تكتب عنوانه إن كتبت زياد بن عبيد أو ابن أبيه أغضبته وإن كتبت زياد بن أبي سفيان أثمت فكتبت : من عائشة أم المؤمنين إلى ابنها زياد فلما قرأه ضحك وقال لقد لقيت أم المؤمنين من هذا العنوان نصبا .

وقال الجاحظ إن زيادا مر وهو والي البصرة بأبي العريان العدوي وكان شيخا مكفوفا ذا لسن وعارضة شديدة فقال أبو العريان ما هذه الجلبة قالوا زياد بن أبي سفيان فقال ما ترك أبو سفيان الا فلانا وفلانا من أين جاء زياد فبلغ ذلك زيادا فأرسل إليه مائتي دينار فقال له الرسول ابن عمك زياد الأمير أرسل إليك هذه قال وصلته رحم أي والله ابن عمي حقا ثم مر به زياد من الغد في موكبه فسلم عليه فبكى أبو العريان فقيل له ما يبكيك قال عرفت صوت أبي سفيان في صوت زياد فبلغ ذلك معاوية فكتب إلى أبي العريان :

ما لبثتك الدنانير التي بعثت * ان لونتك أبا العريان ألوانا

امسى إليك زياد في أرومته * نكرا فأصبح ما أنكرت عرفانا

لله در زياد لو تعجلها * كانت له دون ما تخشاه قربانا

فقال أبو العريان اكتب جوابه يا غلام :

أحدث لنا صلة تحيا النفوس بها  *  قد كدت يا ابن أبي سفيان تنسانا

اما زياد فقد صحت مناسبه * عندي فلا ابتغي في الحق بهتانا

من يسد خيرا يصبه حين يفعله * أو يسد شرا يصبه حيثما كانا

وقال في ذلك عبد الرحمن بن الحكم أخو مروان :

الا أبلغ معاوية بن حرب * لقد ضاقت بما تأتي اليدان

أ تغضب ان يقال أبوك عف * وترضى ان يقال أبوك زاني

فاشهد أن رحمك من زياد * كرحم الفيل من ولد الأتان

وأشهد انها حملت زيادا * وصخر من سمية غير داني

فبلغ ذلك معاوية فغضب على عبد الرحمن وقال لا أرضى عنه حتى يأتي زيادا فيترضاه ويعتذر إليه فأتاه فانشده من أبيات :

إليك أبا المغيرة تبت مما * جرى بالشام من خطل اللسان

عرفت الحق بعد ضلال رأيي * وبعد الغي من زيغ الجنان

زياد من أبي سفيان غصن * تهادى ناظرا بين الجنان

وان زيادة في آل حرب * أحب إلي من وسطى بناني

الا أبلغ معاوية بن حرب * لقد ظفرت بما تأتي اليدان

فقال معاوية لحا الله زيادا لم يتنبه لقوله وان زيادة في آل حرب وقال يزيد بن مفرع الحميري في زياد :

شهدت بان أمك لم تباشر * أبا سفيان واضعة القناع

ولكن كان أمر فيه لبس * على حذر شديد وارتياع

وقال أيضا :

ان زيادا ونافعا وأبا بكرة * عندي من أعجب العجب

هم رجال رجال ثلاثة خلقوا * في رحم أنثى وكلهم لأب

ذا قرشي كما تقول وذا * مولى وهذا ابن عمه عربي

وقال أيضا :

فكر ففي ذاك ان فكرت معتبر * هل نلت مكرمة الا بتأمير

عاشت سمية ما عاشت وما علمت * ان ابنها من قريش في الجماهير

وكما استلحق معاوية زيادا استلحق زياد عبيد الله بن مرجانة قاتل الحسين (عليه السلام) فقد قال الحسين (عليه السلام) فيه ألا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين السلة والذلة ، وروى ابن ابن الكلبي ان عبادا استلحقه زياد كما استلحق معاوية زيادا كلاهما لدعوة . قال : لما أذن لزياد في الحج فبينا هو يتجهز وأصحاب القرب يعرضون عليه قربهم إذ تقدم عباد وكان خرازا فقال له زياد : من أنت ؟ قال ابنك ! وقعت على أمي فلانة فولدتني وكانت أمة لبني قيس بن ثعلبة فانا مملوك لهم ، فقال صدقت اني لأعرف ما تقول ، فبعث فاشتراه واستلحقه ، وولي معاوية عبادا سجستان بعد موت زياد وولى عبيد الله البصرة ، وفيهما يقول يزيد بن المفرع الحميري :

أ عباد ما للؤم عنك محول * ولا لك أم من قريش ولا أب

فقل لعبيد الله ما لك والد * بحق ولا يدري امرؤ كيف تنسب

واستاذن زياد معاوية في الحج فاذن له فبلغ ذلك أبا بكرة أخاه وأمهما جميعا سمية وكان قد حلف ان لا يكلمه لما لجلج في الشهادة على المغيرة بن شعبة في الزنا أيام عمر فجلد أبا بكرة وباقي الشهود ، فلما استلحقه معاوية زاد غيظ أبي بكرة منه فلما بلغه انه يريد الحج جاء إليه وجعل يكلم ولدا له فقال يا غلام ان أباك ركب في الاسلام عظيما زنى امه وانتفى من أبيه ثم يريد أن يركب ما هو أعظم يوافي الموسم غدا ويوافي أم حبيبة بنت أبي سفيان وهي من أمهات المؤمنين فان أذنت له فاعظم بها فرية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وان منعته فاعظم بها فضيحة على أبيك فامتنع زياد عن الحج ، ذكره الجاحظ ، وذكر ابن عبد البر في الاستيعاب أن زيادا حج مع معاوية فأراد الدخول على أم حبيبة فذكر قول أبي بكرة فلم يفعل وقيل إنها حجبته ولم تأذن له ، وقيل حج ولم يزر المدينة من أجل ذلك .

قال ابن أبي الحديد قال الحسن البصري : ثلاث كن في معاوية لو لم تكن فيه الا واحدة منهن لكانت موبقة : انتزؤاه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها امرها واستلحاقه زيادا مراغمة لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) الولد للفراش وللعاهر الحجر وقتله حجر بن عدي ، فيا ويله من حجر وأصحاب حجر .

وقال أيضا : روى الشرقي بن القطامي قال : كان سعيد بن سرح مولى حبيب بن عبد شمس شيعة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فلما قدم زياد الكوفة طلبه وأخافه فاتى الحسن بن علي (عليه السلام) مستجيرا به فوثب زياد على أخيه وولده وامرأته فحبسهم وأخذ ماله ونقض داره فكتب الحسن بن علي (عليه السلام) إلى زياد : اما بعد فإنك عمدت إلى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم فهدمت داره وأخذت ماله وحبست أهله وعياله فإذا أتاك كتابي هذا فابن له داره واردد عليه عياله وشفعني فيه فقد أجرته والسلام .

فكتب إليه زياد : من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة أما بعد فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة وأنا سلطان وأنت سوقة  تأمرني فيه بأمر المطاع المسلط على رعيته كتبت إلي في فاسق آويته إقامة منك على سوء الرأي وأيم الله لا تسبقني به ولو كان بين جلدك ولحمك غير رفيق بك ولا مرع عليك فان أحب لحم إلي أن آكله اللحم الذي أنت منه فسلمه بجريرته إلى من هو أولى به منك فان عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه وإن قتلته لم أقتله إلا لحبه أباك والسلام .

فلما ورد الكتاب على الحسن (عليه السلام) قرأه وتبسم ، وكتب جواب كتاب زياد كلمتين لا ثالثة لهما : من الحسن بن فاطمة إلى زياد بن سمية أما بعد فان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر والسلام .

وحكى ابن أبي الحديد في ترجمة الحسن (عليه السلام) عن المدائني أن زيادا طلب رجلا من أصحاب الحسن (عليه السلام) ممن كان في كتاب الأمان فكتب فيه الحسن : من الحسن بن علي إلى زياد أما بعد فقد علمت ما كنا أخذنا من الأمان لأصحابنا وقد ذكر لي فلان أنك تعرضت له فأحب أن لا تعرض له إلا بخير والسلام . فغضب زياد حيث لم ينسبه إلى أبي سفيان فكتب إليه : من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن وذكر نحوا مما مر في خبر سعيد بن سرح ، فالظاهر أنها واقعة واحدة ويحتمل التعدد ، وكيف كان فيظهر أن الحسن (عليه السلام) لم ينسبه في قصة ابن سرح إلى أبي سفيان فلذلك غضب ونسب الحين (عليه السلام) إلى أمه .

وهذا ثمرة ما فعلته الأمة إلى أهل البيت (عليهم السلام) فغصبتهم حقهم ودفعتهم عن مقامهم ولم ترع فيهم وصية جدهم (صلى الله عليه وآله) وحكمت فيهم الطلقاء وأبناء الطلقاء والأدعياء وأبناء الأدعياء حتى أصبح نغل سمية يخاطب الحسن (عليه السلام) بهذا الخطاب ويتكلم في أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا الكلام :

لا أضحك الله سن الدهر ان ضحكت * وآل أحمد مظلومون قد قهروا




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.






جامعة الكفيل تنظم ورشة عمل حول متطلبات الترقيات العلمية والإجراءات الإدارية
خَدَمة العتبتَينِ المقدّستَينِ يُحيون ذكرى هدم قبور أئمّة البقيع (عليهم السلام)
قسم السياحة: (71) عجلة ستشارك في نقل الطلاب للمشاركة في حفل التخرج المركزي
جمعية العميد تصدر وقائع المؤتمر العلمي الدولي السنوي التاسع لفكر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)