يمكن أن نعرف مخصصات الأعباء العائلية بالآتي ( مبلغ من المال يستحق للموظف إضافة الى راتبه الأساس ليستعين به على مواجهة حالة الغلاء السائدة في السوق بسبب تحمله أعباء إضافية كالزوجية والأولاد ) . (1) او هي ( تلك التي تمنح للموظف الذي يتحمل أعباء عائلية إضافية كمخصصات الزوجية ومخصصات الأولاد ) (2).

وأيا كان التعريف الذي تتخذه المخصصات ورغم إختلاف التسمية التي تطلق عليها كما ذكرنا إلا إننا لا نستطيع أن نتجاهل أهميتها كعامل مؤثر في تحديد راتب الموظف خصوصا إذا علمنا إن التكييف الحديث للمرتبات باعتبارها نفقة يراعي في تحديدها الأعباء العائلية للموظف وذلك بتقرير - إعانة اجتماعية - (مخصصات) له بمناسبة زواجه وما يرزق من أولاد (3) وعلى الرغم من إن هنالك من الفقهاء من اتجه الى القول بأن الأخذ بالاعتبارات الاجتماعية كالزواج أو زيادة عدد الأولاد للموظف كعامل او أســـــاس في تحديد راتب الموظف لا تشجع روح الابتكار لدى الأفراد ولا تكون باعتاً على زيادة الطاقة الإنتاجية ولكنها ستعمل على إيجاد شعور بالأمن والإحساس بأن مسؤوليات الفرد من مسؤولية المجتمع  (4).

ونحن نذهب مع رأي الفريق الآخر الذي يرى بأهمية منح هذه المخصصات فهي مفيدة وضرورية خصوصاً لإصلاح الأوضاع الاجتماعية كمعالجة آزمة الزواج أو ضرورة تحديد النسل او زيادة عدد السكان (5).

وعلى أساس الأهمية في منح مثل هذه المخصصات منح المشرع الليبي علاوة العائلة للموظف المقيم داخل الدولة بواقع أربعة دنانير (شهريا عن الزوجة ودينارين عن كل مولود أيا كانت درجته الوظيفية, اما الذي يعمل خارج الدولة فيمنح نفس المقدار من العلاوة ولكنها مضروبة في النسبة المئوية لعلاوة الاغتراب المقررة للجهة التي يعمل فيها. وتستحق هذه العلاوة للموظف عن زوجة واحدة أي لا يستحق أكثر من علاوة اذا تعددت الزوجات .

اما عن المولود فيستحق هذه العلاوة عنه حتى سن الثامنة عشرة ويستثنى المشرع (الأولاد الذكور المقعدين لعاهة تمنعهم من الكسب مهما كانت أعمارهم, والبنات اللاتي لم يتزوجن والمطلقات اللواتي تجب نفقتهن على الموظف) . اما شروط منح هذه العلاوة فيجب أن لا يكون أي من المشمولين بمنحها ممن يتقاضون أجراً أو مرتباً ...... الى ما شابه ذلك . اما بالنسبة للمتزوجة الليبية فيجب أن لا يكون زوجها من الخاضعين لأحكام القانون 15 لسنة 1981 وتستحق هذه العلاوة من الشهر التالي لعقد الزواج او تأريخ الولادة وفقا لشهادة التسجيل الخاصة بأي منهما . اما أسباب توقف منح هذه العلاوة فقد حددت اللائحة الخاصة بها بعض الأسباب منها (بلوغ الولد سن الثامنة عشرة, زواج البنت, اشتغال أي فرد من أفراد العائلة الذي يستحق عنه الموظف العلاوة, او طلاق الزوجة او توقفه عن العمل وتغيبه عنه دون راتب ) ويتوقف صرف هذه العلاوة ابتداءً من أول الشهر التالي لوقوع أحد هذه الأسباب (6).

اما المشرع السوري فإنه لم ينتبه الى مشكلة الرواتب وكيفية علاجها إلا حديثا عندما أعاد النظر في مخصصات الأعباء العائلية لكافة الموظفين والمستخدمين في الدولة, ولم يكتف بذلك بل أصدر نصا آخر منح عمال القطاع العام المخصصات العائلية (7) وفي لبنان فإن المشرع هناك منح مخصصات عائلية للموظف عن زوجته وأولاده – ويكون بالنسبة للأولاد والإناث حتى زواجهن وبالنسبة للذكور حتى بلوغهم سن الرشد أو عند إكمالهم 25 سنة من عمرهم في حالات متابعة الدراسة علما بأن المتقاعدين يتقاضون نفس التعويض المخصص للموظفين العاملين  (8).

وفي العراق راعى المشرع ما يتحمله الموظف من أعباء إضافية كالزوجية والأولاد وقرر منحه مخصصات الزوجية (9) حيث تمنح هذه المخصصات بغض النظر عما اذا كان لها راتب من خزينة الدولة او تمنحه إحدى النقابات . وتتساوى الزوجة في استحقاق هذه المخصصات مع الزوج .

اما وقت استحقاق هذه المخصصات فيكون من الشهر التالي لتأريخ تسجيل الزواج في المحكمة الشرعية أما وقت انقطاعها فيكون من بداية الشهر التالي لتأريخ فقدان شرط الاستحقاق . أي لتأريخ الطلاق أو الوفاة حسب الحال  (10). اما مخصصات الأولاد فيقضي القانون منحها وفقا لمقاييس (11).

ويتحقق صرفها للأولاد في بداية الشهر التالي لتأريخ تقديم الاستمارة الخاصة بهذه المخصصات معززة ببيان الولادة ويستمر الصرف مادام قاصرا أو دون العشرين ومستمرا في دراسته الجامعية او العليا, اما بالنسبة للبنت فيتحقق الصرف لها اذا لم تكن متزوجة او وظفه او عاملة او لها مورد لمعيشتها (12) وتنقطع هذه المخصصات عند توفر الأسباب التالية (بلوغ الولد السن المحددة, اكتساب البنت أحد الأوصاف المذكورة فيما تقدم أو وفاة أي منهما ) . هذا وتصرف مخصصات الأولاد للزوج دون الزوجة إذا كان الاثنان يعملان في الدولة, وبعد الفراق تؤول الى من يتولى رعاية الأولاد من الأبوين (13).

اما في فلسطين فإن ظروف منح العلاوة الاجتماعية( المخصصات) تختلف عن بقية الدول وذلك لوجود ظروف خاصة بتطبيق قانون الخدمة المدنية التي جعلت عدم المنح (مؤقتا) وبعدها عاود المشرع صرف هذه المبالغ حيث صرف حوالي 70% منها وبالتالي قضى على كلمة المؤقت التي لم يعد لها وجود (14).

اما في فرنسا فقد منح المشرع في القانون الصادر في 4 فبراير 1959 وهي تكملة الأعباء العائلية والتي هي نوع من المخصصات ممولة من خزانة الدولة فقط . وحدد مجلس الدولة الفرنسي المخصصات للراتب بمراعاته الأعباء الحقيقية للموظف بالمعنى الذي قصده القانون وتصرف في أحوال معينة للشخص الذي يوجد في كنفه اما الآن فتحدد هذه المخصصات بدكريتو 12/ أغسطس 1967 وقد منح المشرع الولد الأول فيها 180 فرنكا والثاني 360 فرنكا والثالث 540 فرنكا بالإضافة الى 8 من الراتب وما يلي ذلك من الأولاد 180 فرنكا إضافة الى %6% من الراتب . وتمنح هذه المخصصات التي راعى فيها المشرع الطفل كثيراً باعتباره المعيار المتخذ أساسا لانفتاح الحق في الإعانة العائلية, وتصرف هذه المخصصات للأم استثناء في حالة الطلاق او الانفصال شريطة أن يكون لها حكم قضائي, ولأتصرف في هذه الحالة للأب وتتبع هذه المخصصات الراتب الأساسي وتنخفض بانخفاضه وترتفع بارتفاعه  (15).

ومن هذه الأحكام التي ذكرها المشرع الفرنسي نقول أن المشرع راعى المرتبات الصغيرة وقارب بينها وبين بقية المرتبات, وألغى الفوارق التي ممكن أن تحصل في المجتمع من خلال منحه الأطفال رواتب باعتبار أن لهم نصيب من الدخل القومي . ننتهي من كل ذلك أنه بالرغم من إختلاف التشريعات ببعض الأحكام والشروط التي وضعتها في منحها المخصصات الأعباء العائلية إلا إن سبب المنح قائم فهو يتعلق دائما وأبدأ بالظروف الاجتماعية المحيطة بالموظف بسبب تحمله أعباء إضافية متمثلة ( بالزوجية والأولاد).

__________

1- راجع د. عادل الطبطبائي / قانون الخدمة المدنية الكويتي الجديد بدون دار نشر 1983 /ص174.

2- انظر د. علي محمد بدير / عصام عبد الوهاب البرزنجي, مهدي ياسين سلامة مبادئ القانون الاداري / دار الكتب للطباعة والنشر / بغداد 1993/  / ص 333

3- حمدي امين عبد الهادي نظرية الكفاية في الوظيفة العامة / دار الفكر العربي للنشر ط 1/ 1969  / ص 460 .

4- محمد مختار محمد عثمان / الجريمة التأديبية بين القانون الاداري وعلم الادارة / دار الفكر العربي للطباعة والنشر ط1973/1/ص400 .

5- حمدي امين عبد الهادي نظرية الكفاية في الوظيفة العامة / دار الفكر العربي للنشر ط 1/ 1969 /  ص406

6- حسين حمودة المهدوي /شرح احكام الوظيفة العامة / المنشأة العامة للنشر والتوزيع والاعلان 1986   ص 148-149.

7- زين العابدين بن بركات مبادئ القانون الاداري السوري (المقارن) دار الفكر العربي للنشـر 1972/ص367.

8- محي الدين القيسي / مبادئ القانون الاداري اللبناني /1985/ص223 .

9- انظر قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 1118 لسنة 1980 المنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد 2787 بتاريخ 1980/7/28

10- انظر د. يوسف الياس المرجع العملي في شرح قوانين الخدمة المدنية والانضباط والتقاعد المدني مطبعة العمال المركزية ط1 1984    ، ص104 .

11- انظر تلك المقاييس في قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 625 لسنة 1981 المشار اليه في مؤلف د. يوسف الياس المرجع العملي في شرح قوانين الخدمة المدنية والانضباط والتقاعد المدني مطبعة العمال المركزية ط1 1984    / ص104 .

12-  اما موقف القضاء من منح هذه المخصصات الزوجية والاولاد فقد قضى مجلس شورى الدولة في حكم له (بان المميز عليها - يستحق هذه المخصصات معللاً في قراره بان هذه المخصصات شخصية تصرف بغض النظر عما اذا كان للأولاد مورد ام لا ) رقم القرار (329) انضباط تمييز 92 بتاريخ 1992/11/22 القرار غير منشور .

13- انظر .د. يوسف الياس المرجع العملي في شرح قوانين الخدمة المدنية والانضباط والتقاعد المدني مطبعة العمال المركزية ط1 1984    / ص104-105 ولمزيد من التفاصيل راجع قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) المرقم 315 لسنة 1980 المنشور في الوقائع العراقية العدد 2760 بتاريخ 1980/3/3.

14- قانون الخدمة المدنية بين النظرية والتطبيق الموقع على الانترنيت

Latter 2001www.fatah.net/public/news       

15-  راجع د. حماد محمد شطار / النظام القانوني للأجور والمرتبات /دار الفكر العربي / بدون سنة طبع  / ص 102-111 .