المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
شخصية الإمام الرضا ( عليه السلام )
2024-05-18
{ان رحمت اللـه قريب من الـمحسنين}
2024-05-18
معنى التضرع
2024-05-18
عاقبة من اخذ الدنيا باللعب
2024-05-18
من هم الأعراف؟
2024-05-18
{ان تلكم الـجنة اورثتموها بما كنتم تعملون}
2024-05-18

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حق السرعة في اجراءات الدعوى الجزائية في التشريع الفرنسي  
  
1230   01:46 صباحاً   التاريخ: 2023-03-07
المؤلف : ميثم فالح حسن
الكتاب أو المصدر : حق السرعة في اجراءات الدعوى الجزائية
الجزء والصفحة : ص 26-37
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون اصول المحاكمات الجزائية /

أن القانون الإجرائي الفرنسي، لم يكن يحوي نصوصاً تتعلق بحق السرعة والتي تهدف إلى تحقيق المحاكمة خلال مدة معقولة، وكان ذلك حتى وقت قريب، ولكن ازدياد الظواهر الإجرامية وطول مدة التحقيق الابتدائي، التي وصلت إلى ثلاثة عشر شهراً في عام 1991، بعد أن كانت تستغرق ستة أشهر في عام ،1986 ، وإدانة فرنسا من قبل المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، لمخالفتها مبدأ (المدة المعقولة) كل ذلك دفع بلجنة العدالة الجنائية وحقوق الإنسان إلى وضع مبادئ أساسية وهذه المبادئ كانت بمثابة مبادئ توجيهية للمشرع الفرنسي وتتمثل في وجوب المحاكمة العادلة، احترام قرينة البراءة، سرعة الإجراءات الجزائية مما دفع المشرع الفرنسي إلى سن قانون (تدعيم قرينة البراءة) وكان ذلك في 15 يونيه 2000 مؤكداً فيه على حق السرعة في الإجراءات الجزائية، إذ خصص فصل كامل في هذا القانون لغرض توضيح القواعد التي تحمي وتكفل السرعة في الإجراءات عبر مراحل الدعوى المختلفة، وذلك كله مراعاة من المشرع للالتزامات الدولية المفروضة على فرنسا، وذلك لإدانتها لأكثر من مرة من قبل المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، لمخالفتها المادة السادسة من الاتفاقية الأوربية. (1).

ولإيضاح السرعة في إجراءات الدعوى الجزائية بمراحلها المختلفة سنقسم هذا المطلب إلى أربعة فروع سنتناول في الفرع الأول حق السرعة في مرحلة الاستدلال وفي الفرع الثاني حق السرعة في مرحلة التحقيق الابتدائي، وفي الفرع الثالث سنتناول حق السرعة في مرحلة المحاكمة وصولاً إلى الفرع الرابع الذي سنبحث فيه الوسائل التشريعية المحققة للسرعة في القانون الفرنسي.

الفرع الأول

حق السرعة في مرحلة الاستدلال

لابد من بيان تعريف الاستدلال، ثم بيان آلية السرعة من خلال نصوص القانون الإجرائي الفرنسي.

فالاستدلال: هو جمع الأدلة عن الجريمة بالتحري عنها والبحث عن مرتكبيها بكافة الطرق والوسائل المشروعة (2) وقد نظم المشرع الفرنسي حق السرعة في مرحلة الاستدلال في المادة (77 / الفقرة 2) التي نصها (( لكل شخص خضع للاحتجاز خلال مرحلة جمع الاستدلالات، أو بسبب حالة التلبس بالجريمة، ولم تحرك ضده الدعوى الجنائية خلال ستة أشهر من نهاية الاحتجاز، أن يطلب الاستعلام من نائب الجمهورية، الذي ينفذ الاحتجاز في دائرته عن النتائج التي ترتبت أو يمكن أن تترتب بالنسبة للإجراءات، ويرسل طلب الاستعلام هذا إلى نائب الجمهورية، بخطاب مسجل بعلم الوصول)). ويجب على نائب الجمهورية خلال مدة شهر من تلقي الطلب أن يتخذ أحد الإجراءات الآتية:

1-  تحريك الدعوى ضد المتهم.

2- الأمر باتخاذ أحد الإجراءات البديلة للدعوى الجزائية المنصوص عليها في المواد (41) الفقرة 1 و 4) من قانون الإجراءات ومنها : ( تذكير الفاعل بالقانون - الوساطة الجنائية، التسوية الجنائية).

3- أخطار الشخص بحفظ الأوراق.

4- إذا رأى نائب الجمهورية وجوب الاستمرار في مباشرة إجراءات الاستدلال، فعليه أن يعرض الأمر على القاضي المختص ، فلا يجوز له اتخاذ أي إجراء من إجراءات الاستدلال، بعد انقضاء مدة شهر من تاريخ استلام طلب الاستعلام من صاحب الشأن، وأي إجراء يتم بالمخالفة لذلك يعد باطلاً، (3) كما تقضي بذلك المادة (77/ الفقرة 3)

ويرى الفقه الفرنسي بأن هذه الحالة هي إحدى حالات البطلان القانوني، التي يمكن إثارتها من قبل ذوي الشأن لمراعاة السرعة في هذه المرحلة مع وجوب التقيد بالمادة (802) من قانون الإجراءات الفرنسي (4).

وفي حالة عرض الأمر على قاضي الحريات والحبس، فان القاضي سينظر في طلب الاستمرار في إجراءات الاستدلال المقدم من نائب الجمهورية في جلسة تجري فيها المواجهة فيما بين الخصوم، ويستمع فيها لأقوال النيابة العامة والمشتبه به ومحاميه ثم يصدر قراراً، يتخذ إحدى الصورتين الآتيتين:

1- الأمر باستمرار إجراءات الاستدلال وتمديد مدة الاستدلال مدة لا تزيد على ستة أشهر، وبعد انقضاء هذه المدة يجوز لصاحب الشأن أن يستعلم عن سير الإجراءات (5).

2- رفض القاضي الاستمرار في إجراءات الاستدلال، وهنا يجب على النيابة العامة خلال شهرين من هذا القرارأما أن نقوم بتحريك الدعوى ضد المشتبه فيه أو أن تحفظ الأوراق، أو أن تقوم باتخاذ إجراء من الإجراءات البديلة للدعوى الجزائية، وقد حصل خلاف في الفقه الفرنسي حول تقييم النص السابق فالبعض يرى بأنه وسيلة من الوسائل لتحقيق السرعة في هذه المرحلة والعمل على عدم جعلها مفتوحة المدة في حين يذهب اتجاه آخر إلى أن هذا النص وجد لتحقيق الرقابة على أعمال الاستدلال، من قبل قاضي الحريات والحبس الذي يمارس رقابته على المدة التي تستغرقها هذه المرحلة، ويرى بعضهم الآخر أنه نص مفرغ من محتواه لأنه سيكون من النادر على المشتبه به أن يذهب إلى النيابة العامة ليعرف مصير الواقعة المنسوبة إليه حيث إن من الأفضل له نسيانها (6).

ونجد أن هذا النص يحقق السرعة في الإجراءات الخاصة بالاستدلال لأنه يفرض رقابة على أعمال النيابة العامة من خلال قاضي الحريات والحبس، الذي يراعي المدة المعقولة، لإتمام هذه المرحلة لحسم الدعوى الجزائية، أما بالاستمرار بهذه الإجراءات وحسمها خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر، أو باللجوء إلى بديل من بدائل الدعوى الجزائية التي تشكل وسيلة تشريعية للسرعة .

الفرع الثاني

حق السرعة في مرحلة التحقيق الابتدائي

أكد المشرع الفرنسي على أهمية مراعاة المدة المعقولة خلال هذه المرحلة، تطبيقاً لما جاء في المادة (175 الفقرة 2) من قانون تدعيم الإجراءات الجنائية، والمضافة بموجب قانون تدعيم قرينة البراءة لعام 2000 ، والتي تقضي بعدم جواز زيادة مدة التحقيق الابتدائي على المدة المعقولة التي يتطلبها انجازه وفقاً للوقائع المسندة للمتهم ومراعاة تعقيد القضية التحقيقية، إذ ألزمت الفقرة الثانية من المادة المذكورة قاضي التحقيق بعد مضي مدة سنتين على بدء التحقيق الابتدائي وعدم انتهائه، بإصدار أمر مسبب يشير فيه إلى الأسباب التي تبرر استمرار التحقيق، وتحديد ما سيتخذ من الإجراءات مستقبلاً، ويرفعه إلى رئيس غرفة التحقيق الذي يجب عليه عرضه على الغرفة، وفقاً لما جاء في المادة (221) إجراءات جنائية ويجب تجديد هذا الأمر كل ستة أشهر، وقد ألزم قانون الإجراءات الفرنسي قاضي التحقيق بأخطار المدعي بالحق المدني بالمدة التي يتوقع فيها انجاز التحقيق بالكامل.

ويرى الفقه الفرنسي بأن الإلزام الوارد في المادتين (89، 116 / الفقرة (6) من قانون الإجراءات، هو تدعيم لحق السرعة في إجراءات الدعوى الجزائية ومراعاة المدة المعقولة ويجب التمييز بين حالتين :

الحالة الأولى: إذا كانت المدة التي يتوقع قاضي التحقيق انجاز التحقيق الابتدائي خلالها أقل من سنة في الجنح أو أقل من ثمانية عشر شهراً في الجنايات، جاز له في هذه الحالة أن يخطر الأطراف بحقهم في طلب إنهاء الإجراءات على وفق المادة (175) من قانون الإجراءات الجنائية، في حالة انتهاء المدة المذكورة حسب نوع الجريمة التي يجري التحقيق فيها (جناية أو جنحة)، حيث يقوم قاضي التحقيق بعد طلب الأطراف إنهاء الإجراءات بعد انتهاء المدة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، أو أن يصدر أمراً بأن لا وجه لإقامة الدعوى، وذلك في خلال شهر من تاريخ استلامه لطلب الأطراف بإنهاء الإجراءات التحقيقية (7).

واذا ما قرر قاضي التحقيق الاستمرار بإجراءاته جاز لأصحاب الشأن عرض الامر على رئيس  غرفة التحقيق خلال خمسة أيام من تاريخ الإعلان بقرار القاضي، ويجب على رئيس غرفة التحقيق، أن يقرر خلال ثمانية أيام من تاريخ وصول الأوراق التحقيقية إليه، ما إذا كان هناك داع لعرض الأوراق على غرفة التحقيق، فإذا ما رأى عدم عرض الأمر على غرفة التحقيق جاز له إصدار أمر مسبب بإعادة الأوراق التحقيقية إلى القاضي المختص للاستمرار في إجراءات التحقيق، فإذا ما اتخذ رئيس غرفة التحقيق هذا القرار جاز تقديم طلب جديد لإنهاء الإجراءات بعد مضي ستة أشهر.

الحالة الثانية: إذا رأى قاضي التحقيق أن المدة التي سيستغرقها التحقيق أكثر من سنة في الجنح، وأكثر من ثمانية عشر شهراً في الجنايات، جاز له وفقاً للإجراءات السابقة إخطار الأطراف بحقهم في إنهاء الإجراءات بعد انقضاء مدة سنة أو سنة ونصف، بحسب نوع الجريمة (جناية أو جنحة) وفقاً للمادة (175 / الفقرة (15) من قانون الإجراءات الجنائية.

وهذه النصوص من شأنها تحقيق السرعة في هذه المرحلة من خلال الإلزام الواقع على قاضي التحقيق بإنجاز التحقيق ضمن المدة المحددة له ، والآليات المعقدة لزيادة مدة التحقيق التي يجب عليه سلوكها إذا ما أراد الاستمرار في التحقيق كما أن من شأنها دعم حق الإنسان في محاكمة عادلة ، والتي تعتبر السرعة في انجاز التحقيق فيها ضماناً من أهم ضماناتها. (8) وفي إطار استحداث المزيد من الوسائل التي تهدف إلى تبسيط الإجراءات وسرعتها أضاف هو المشرع الفرنسي للمادة (37) من القانون رقم (204) الصادر في 2004/3/9 مبحثاً مستقلاً . المبحث الثالث إلى الفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون الإجراءات الجنائية تحت عنوان الحضور) بناءً على الاعتراف المسبق في ارتكاب الجريمة في سبيل تحقيق ملاءمة العدالة لتطور الظاهرة الإجرامية، حيث تقضي المادة 495 - 7 إجراءات جنائية فرنسي بأنه (( في مواد الجنح التي يعاقب عليها بعقوبة الغرامة أو الحبس لمدة لا تزيد على خمس سنوات، يجوز لنائب الجمهورية، من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب المتهم أو محاميه أن يلجأ إلى إجراء الحضور بناء على الاعتراف المسبق بالجريمة المرتكبة طبقا للأحكام المبينة في المبحث الثالث سالف الذكر))(9).

والنص المتقدم لا ينطبق على الجنايات عموماً، و كذلك لا ينطبق على الجرائم التي حددتها المادة (495 / الفقرة (16) وهي (جرائم الصحافة، القتل غير العمدي، الجرائم السياسية، والجرائم التي ينظم إجراء الملاحقة فيها عن طريق قانون (خاص)، كما لم ينص المشرع على إمكان تطبيقه على جرائم المخالفات أو على الأحداث (10)

مما تقدم يتضح أن قانون الإجراءات الفرنسي، أكد على السرعة في انجاز مرحلة التحقيق الابتدائي، ولكن الملاحظ أن المدة المحددة لا نجازه طويلة نسبيا، لاسيما وان بلد مثل فرنسا متاحة فيها السبل كافة التي تسهم في انجاز التحقيق بسرعة، فهو يتمتع بالوسائل العلمية الحديثة اللازمة لكشف الجريمة بسرعة، والتي تسهم في سرعة انجاز التحقيق، لذا نجد أن من الأفضل تقليص المدة المنصوص عليها في المادة (175) من قانون الإجراءات الفرنسي، وجعلها لمدة ثلاثة أشهر في الجنايات، وشهر واحد في الجنح للمساهمة في تحقيق السرعة في إجراءات هذه المرحلة وعدم جعل هذا النص (فضفاضاً) من خلال جواز تمديد مدة التحقيق الابتدائي لمرات متعددة.

الفرع الثالث

حق السرعة في مرحلة المحاكمة

لم يقصر المشرع الفرنسي اهتمامه على تحقيق السرعة في مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي فحسب، ولكن امتد هذا الاهتمام إلى أهم مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية ألا وهي مرحلة المحاكمة، إذ وضع المشرع الفرنسي في القانون الصادر في (15 يونيه 2000) مددا يجب مراعاتها، والعمل بموجبها لتحقيق السرعة في انجاز مرحلة المحاكمة، لاسيما إذا ما كان المتهم محبوسا احتياطيا حيث رتب المشرع على انقضاء المدة المحددة قانونا وجوب الإفراج عن المتهم حيث يجب الإفراج عن المتهم المحال على محكمة الجنح، إذا لم يتم النظر في موضوع قضيته خلال شهرين من تاريخ قرار الإحالة إذا ما كان محبوسا احتياطيا وفقا لما قررته المادة (179/ الفقرة4) من قانون الإجراءات الجنائية ، إذ يجب حسم الدعوى خلال شهر واحد بدلا من شهرين، إذا ما كان المتهم محبوسا احتياطيا، ويجوز إضافة مدة شهر آخر على أن يكون الإفراج من حق المتهم بعد انتهاء مدة الشهر الأول على وفق ما جاء في المادة (397 / الفقرة 3) . (11) وفي مجال الجنايات أكد المشرع الفرنسي على وجوب مراعاة المدة المحددة بحيث لا يجوز أن تزيد المدة كقاعدة عامة عن سنة ويجوز تمديدها استثناء لمدة ستة أشهر والمرتين متتاليتين بواسطة غرفة التحقيق، إذ يجب الإفراج عن المتهم فوراً بعد انتهاء المدة حتى وإن كانت إجراءات المحاكمة لم تنته بعد . (12) ولكن هذه المدة طويلة جداً، الا ان المشرع أراد من خلالها التضييق من نطاق الحبس الاحتياطي، أكثر من اهتمامه بالمدة التي تستغرقها المحاكمة، ونجد أن من المناسب أن يصار إلى تقليص المدة المحددة لمرحلة المحاكمة وجعلها ستة أشهر بدلاً من سنة، وتمديدها في حالة الحاجة إلى ذلك لمدة لا تتجاوز شهراً واحداً، وذلك لضمان سرعة إنجاز إجراءات هذه المرحلة لتحقيق محاكمة سريعة للمتهم

الفرع الرابع

وسائل السرعة في التشريع الفرنسي

أوجد المشرع الفرنسي نظماً إجرائية عديدة تهدف إلى تبسيط الإجراءات واختصارها فيما يخص الجرائم قليلة الأهمية ذات الجنوح الصغير والمتوسط، وكان ذلك بسبب تزايد النصوص الإدارية ومخالفات الطرق في السنوات الأخيرة، مما دفع المشرع إلى الأخذ بهذه النظم مراعياً بذلك تطبيقاتها على الجرائم قليلة الأهمية، لتخفيف العبء عن كاهل المحاكم والإسراع في تطبيق العقوبات الملائمة بما يحول من دون تعطيل القضايا التحقيقية وهذه النظم الإجرائية تعد وسائل تشريعية محققة للسرعة في الإجراءات الجزائية ومنها نظام الوساطة الجنائية، نظام التسوية الجنائية التي تقابل نظام التصالح في القانون المصري (13).

وهذا ما سنعرضه على النحو الآتي:

أولاً: نظام الوساطة الجنائية: تأخذ العديد من القوانين الإجرائية الحديثة بنظام يقترب كثيراً من نظام الصلح في الجرائم الواقعة على الأفراد وهو نظام الوساطة الجنائية (14) وتعرف الوساطة الجنائية بأنها: الإجراء الذي يتم عن طريق تدخل شخص من الغير (الوسيط) للوصول إلى حل بشأن نزاع نشأ عن جريمة غالبا ما تكون قليلة الخطورة، يتم التفاوض بشأنه بحرية بين الأطراف المعنية (الجاني والمجنى (عليه والذي كان من المفترض أن يفصل فيه بحكم بواسطة المحكمة الجنائية المختصة (15).

وبموجب هذا النظام يتم اللجوء إلى الوساطة بناءً على اقتراح من النيابة العامة، ويترتب عليه إيقاف سير إجراءات الدعوى لحين التوصل إلى تسوية بين المجني عليه والمتهم، ويلزم لإجراء الوساطة رضا طرفي الوساطة وبصفة خاصة رضاء المجنى عليه الذي يعد شرطاً جوهرياً لعقد جلساتها، فالوسيط يعد الطرف الثالث الذي يتيح لكل منهما إبداء ما لديه من حجج مدعمة لموقفه، وداحضة لحجج خصمه، إلى أن يتم الاتفاق على حل يرضي الطرفين من دون ضغوط من جانبه، فالوسيط لا يملك فرض حل على طرفي الخصومة ، وان كان يمكن أن يساعد في إيجاد الحل.(16) وقد أراد المشرع الفرنسي من أخذه بهذا النظام تحقيق فلسفته التشريعية القائمة على تحقيق السرعة في الإجراءات الجزائية من خلال تبسيط الإجراءات، حيث أدخل هذا النظام بموجب الفقرة السابعة من المادة (41) من قانون الإجراءات بموجب القانون (93) في 1993/1/4 ثم عدلت إجراءاتها أيضاً بموجب القانون (99) في (23/ يونيو/ 1999 ، إذ نصت المادة (41  الفقرة /7 ) منه على أن يستطيع مدعي الجمهورية... قبل أن يتخذ قراراً في شأن الدعوى الجنائية وبموافقة الأطراف أن يقرر إجراء وساطة إذا تبين انه مثل هذا الإجراء يمكن أن يضمن تعويض الضرر الذي أصاب المجنى عليه ويضع نهاية للاضطراب المترتب على الجريمة ويساهم في تأهيل مرتكب الجريمة)).

ولم يحدد المشرع في الفقرة السابقة ما إذا كان لعضو النيابة العامة إجراء الوساطة بنفسه أم أن إجرائها يجب أن يكون من قبل شخص آخر، ولكن أعضاء النيابة العامة درجوا على القيام بأعمال الوساطة بأنفسهم حتى صدور القانون رقم (305/56 في 1996/4/1 الذي منع كل من يمارس الأعمال القضائية من القيام بأعمال الوساطة (17).

والوساطة الجنائية تقوم على أسس فلسفية عديدة ومنها انه لا يوجد شخصان لا يتفاهمان، ولكن فقط يوجد شخصان لا يتناقشان) (18).

ويشترط في الوسيط أن يقدم طلباً إلى مدعي الجمهورية في دائرة المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف، حيث يقوم مدعي الجمهورية بعرض الطلب على الجمعية العمومية لرجال القضاء، والنيابة العامة للمحكمة والتي تتخذ قرارها بأغلبية الحاضرين، هذا ويشترط في الوساطة الجنائية أن تكون سابقة على الدعوى الجزائية حيث تقدر النيابة العامة في ضوء سلطتها تحريك الدعوى من عدمه (19).

والاتفاق الحاصل عن طريق الوساطة الجنائية يعتبر صلحاً ويتخذ صورة عقد بين المتهم والمجني عليه، إلا أنه لا يلزم النيابة العامة التي تستطيع تحريك الدعوى الجزائية، فالوساطة الجنائية بصورتها المنظمة على وفق المادة (41) الفقرة ( من قانون الإجراءات الجنائية تختلف عن الصلح الوارد في المادة (السادسة) من القانون نفسه والذي يعتبر سببا لانقضاء الدعوى الجزائية في الحالات التي يحددها القانون وإذا ما نجحت الوساطة يصدر قرار بحفظ الدعوى الجزائية الذي يعتبر من القرارات الإدارية وليس من القرارات القضائية (20).

أما إذا كانت نتيجة الوساطة الجنائية سلبية، ولم يتم فض النزاع فان النيابة العامة سلطة تحريك الدعوى تطبيقاً لمبدأ الملاءمة، كما يجب تحرير محضر يوقع من قبل جميع الأطراف، وقد نادى العديد من الأساتذة صراحة بتبني هذا النظام الرضائي ولاسيما في علاج القضايا العائلية أو في محيط الجيران(21).

مما تقدم يتضح أن المشرع الفرنسي قد أدخل نظام الوساطة الجنائية كبديل من بدائل الدعوى الجزائية، وهو يسهم في تخفيف العبء عن كاهل المحاكم المختصة بالجنح، كما يسهم في تحقيق فلسفة العدالة الجنائية الرضائية بدلا من فلسفة العدالة القهرية، وفي رفع الوصمة التي تلحق بالمتهم في حالة استمرار الإجراءات الجزائية ضده، ونجد أن من المناسب عدم جعل النيابة العامة تتمتع بسلطة تقديرية في تحريك الدعوى الجزائية من خلال إعطائها صلاحية قبول الوساطة أو عدمها في حالة اتفاق الأطراف، ومن الأفضل جعل الأثر المترتب عليها كالأثر المترتب على الصلح الوارد في المادة السادسة من قانون الإجراءات الجزائية ، كما نجد انه من المناسب صياغة

النص القانوني الخاص بها بما يسهم في جبر الضرر الذي لحق بالمضرور بصورة كاملة. ثانياً: نظام التسوية الجنائية: يُعد نظام التسوية الجنائية من الأنظمة المستحدثة في التشريع الفرنسي حيث استحدث بموجب القانون رقم 99 - 15 في 23 / يونيو/ 1999 وأطلق عليه اسم (نظام التعويض القضائي) وهو امتداد لنظام غرامة المصالحة، ويطبق هذا النظام على الجرائم التي تسمى جرائم المدن مثل (العنف التهديد السرقات البسيطة الإتلاف حمل السلاح من دون ترخيص) وهي جرائم يعاقب عليها بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات. (22) ثم عدل هذا القانون بموجب القانون رقم 399 في 4 / 4 / 2006 إذ أضيفت فقرة ثانية إلى المادة (41) والتي تتيح للنائب العام أن يقترح على الشخص الطبيعي الذي يعترف بارتكابه لواحدة أو أكثر من الجنح والمخالفات التي حددها القانون في المادة المذكورة من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي بأن ينفذ تدابير معينة يترتب عليها انقضاء الدعوى الجنائية، ومن شروط هذا النظام أيضا أن يكون الشخص الذي تعرض التسوية الجنائية عليه شخصاً طبيعياً بالغاً سن الرشد إذ يستبعد الشخص الحدث والشخص المعنوي من إطارها، ويجب أن تكون الجريمة محل التسوية من الجرائم غير السياسية أو جرائم القتل الخطأ أو الجرائم الواقعة بواسطة الصحف، فضلاً ذلك يجب أن لا تكون الدعوى الجزائية قد تمت المباشرة فيها (23).

وتبدأ إجراءات التسوية باقتراح يصدر عن النائب العام ويوجه إلى الجاني مباشرة أو عن طريق شخص مخوّل من قبل المحكمة أو من قبل مأمور قضائي حيث يقتصر دوره على مجرد التسليم المادي إلى الجاني، ويجب أن يكون مفهوم الاقتراح بالتسوية واضحاً لا لبس فيه ويجب أن يكون مكتوباً وموقعا عليه من قبل النائب العام ومبيناً نوع التدبير المقترح ، كما يجب إشعار الجاني بحقه في الاستعانة بمحامي قبل إعطاء موافقته فإذا لم تتم الموافقة سقط الاقتراح ويحق للنائب العام تحريك الدعوى عندئذ، أما إذا وافق الجاني ورضي بالاقتراح فتثبت موافقته تحريرياً وتسلم له نسخة منها (24).

ومن ضمن الإجراءات التي يمكن تكليف الجاني بها في هذا النظام هي (25):

1 - تسديد غرامة جنائية للخزينة العامة لا يتجاوز مقدارها (25000) فرنك التي يجوز تقسيطها مدة لا تتجاوز عام واحد.

2- تكليف المتهم بالعمل لصالح الوحدات المحلية، لمدة لا تتجاوز (60) ساعة.

3- تسليم رخصة القيادة إلى قلم المحكمة الابتدائية لمدة لا تزيد على ستة أشهر في مواد الجنح ولا تزيد على ثلاثة أشهر في المخالفات.

4- تسليم رخصة الصيد وللمدة المذكورة نفسها في الفقرة السابقة.

5- عدم الظهور في المكان الذي وقعت فيه الجريمة.

6- حضر مقابلة المجنى عليهم في الجريمة، والذين يحددهم النائب العام أو الدخول معهم في علاقات لمدة لا تزيد على ستة أشهر.

7- عدم مغادرة الإقليم الوطني وتسليم جواز السفر.

وهذه العقوبات هي عقوبات رضائية التنفيذ محققة لفلسفة المشرع في اللجوء إلى العدالة الرضائية بدلا من العدالة القهرية. (26) وبعد قبول الجاني بها يصدر قرار التسوية الجنائية من قبل أحد قضاة الحكم ويترتب على صدوره انقضاء الدعوى الجنائية وفقاً لما جاء في قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي  (27)   والذي لا يصادق عليه إلا بعد التعويض الكامل للمجنى عليه. مما تقدم يتضح بأن المشرع الفرنسي وإيماناً منه بفلسفته التشريعية، القائمة على العدالة الرضائية، أوجد هذا النظام وحصره في جرائم معينة، وهي جرائم ذات خطورة قليلة الأهمية، وحدد شروط يجب على المتهم الوفاء بها قبل إصدار قرار التسوية الذي يجب أن يعتمد من قبل أحد قضاة الحكم، كما يسهم هذا النظام في رفع (الوصمة) عن المذنب التي يكون لها آثاراً نفسية كبيرة إذا ما طالت إجراءات الدعوى الجزائية والتي تسبب آثاراً اجتماعية سيئة.

_________

1- د. شريف سيد كامل، الحق في سرعة الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 2005  ص 61 وما بعدها.

2- د. عمر السعيد ،رمضان مبادئ قانون الإجراءات الجنائية، ط 1 ، دار النهضة العربية، القاهرة، ص267.

3- د. شريف سيد كامل، الحق في سرعة الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 2005 ، ص 63 وما بعدها.

4- نصت المادة (802) إجراءات فرنسي أن البطلان لا يتحقق إلا إذا انطوى الإجراء المدعى ببطلانه على مساس بمصلحة (الخصوم))

5- Cnarbonneau ccyrillel ctpansier cfrederic - jerom Leloi du 15 juin 2000 surlapre somption d'innoce - premier approcne, Gazpal. 21 - 22 juin 2000, poctrine.

6- د. شريف سيد كامل، الحق في سرعة الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 2005 ، ص 64 وما بعدها.

7- د. شريف سيد كامل، الحق في سرعة الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 2005 ، ص 65 وما بعدها.

8- د. شريف سيد كامل، الحق في سرعة الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 2005 ، ص67.

9- د. أسامة حسنين عبيد الصلح في قانون الإجراءات الجزائية ماهيته والنظم المرتبطة به (دراسة مقارنة)، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005 ، ص 82 وما بعدها.

10- د. شريف سيد كامل، المرجع السابق، ص 70.

11- د. شريف سيد كامل ، المرجع السابق ، ص 68.

12- أنظر المادة (215 / الفقرة (2) من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي.

13- د. مدحت محمد عبد العزيز الصلح والتصالح في قانون الإجراءات الجنائية، ط ا ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004 ، ص 56 وما بعدها.

14- ترجع الوساطة الجنائية في نشأتها إلى القوانين الإجرائية في الدول الانجلوسكسونية كما الحال في الولايات المتحدة الأمريكية وانكلترا وكندا، ثم انتشرت هذه الفكرة في بقية الدول الأوربية، ولاسيما بعد توصية المجلس الأوربي عام 1989 للدول الأوربية للأخذ بها أنظر د. محمد أبو العلا عقيدة حماية حقوق ضحايا الجريمة في النظام الجنائي الإسلامي، بحث مقدم إلى أكاديمية شرطة دبي الدولي، 200۴، منشورات المؤتمر، ص29.

15- C. Lazerqes - Medation Le - justice pencle etpolitique criminelle - R - S. c. 1997. P- 2 186

16-  د. محمد أبو العلا عقيدة حماية حقوق ضحايا الجريمة في النظام الجنائي الإسلامي، بحث مقدم إلى أكاديمية شرطة دبي الدولي، 2004، منشورات المؤتمر  ، ص32.

17- د. مدحت عبد العزيز المرجع السابق، ص 59.

18- د. عمر سالم نحو تيسيير الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1997  ، ص 116.

19-  د. مدحت عبد العزيز المرجع السابق ، ص 59.

20-  د. مدحت عبد الحليم رمضان، الإجراءات الموجزة لإنهاء الدعوى الجزائية، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000 ، ص 26.

21- د. أشرف رمضان عبد الحميد الوساطة الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004، ص 154.

22- عرف القانون الفرنسي نظام غرامة المصالحة عندما تم إدخاله بموجب المرسوم الصادر في 2 نوفمبر 1945 وأصبح ضمن قانون تحقيق الجنايات الفرنسي في المواد (66) - (171) ثم أدخل النظام نفسه عند صدور قانون الإجراءات الجنائية الحالي في عام 1957 في المواد (524) - (528) ، ولعدم تحقيق النتائج المرجوة منه فقد استبدله المشرع الفرنسي بنظام الأمر الجنائي بموجب القانون رقم (3) من سنة 1972 ثم اصدر المشرع القانون - رقم 515 في // يونيو 1999 (قانون) تدعيم فعالية الإجراءات الجنائية والذي نظم فيه التسوية الجنائية وغرامة المصالحة انظر د. مدحت عبد العزيز المرجع السابق، ص8 وما بعدها.

 23- علي عدنان الفيل، بدائل الدعوى الجزائية، دراسة مقارنة ، بحث منشور على شبكة المعلومات الدولية  : http://www.arablegalnet.org

24- علي عدنان الفيل ، المرجع نفسه

25- د. مدحت عبد العزيز المرجع السابق، ص8 وما بعدها.

26- د مدحت عبد العزيز المرجع السابق، ص83.

27- أنظر المادة السادسة من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






تعد الأولى من نوعها.. ادارة مستشفى الثقلين للأورام في البصرة تكشف مميزات أجهزة قسم العلاج الإشعاعي
بالفيديو: يعد من المشاريع العملاقة والمهمة.. تعرف على الأسباب التي دعت العتبة الحسينية لافتتاح اكاديمية الثقلين للتوحد واضطرابات النمو في البصرة
يعد من التحاليل المهمة للكشف المبكر عن عدد من الامراض.. مستشفى تابع للعتبة الحسينية يكشف عن إحصائية فحوصات بروتين (A) الخاصة بالنساء لشهري آذار ونيسان
يشمل أكثر من (400) طالبة على شكل دفعات.. العتبة الحسينية تنظم برنامجا لتكريم المتفوقات من ذوات الإعفاء العام في النجف الاشرف