المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
سند الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضال.
2024-05-06
سند الشيخ إلى صفوان بن يحيى.
2024-05-06
سند الزيارة ونصّها برواية ابن المشهديّ مع ملاحظات.
2024-05-06
نصّ الزيارة برواية الطبرسيّ في الاحتجاج.
2024-05-06
برامج تربية سلالات دجاج انتاج البيض
2024-05-06
بين ابن ختمة وابن جزي
2024-05-06

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


البحث حول الراوي أبو بصير (القسم الثاني).  
  
1057   10:46 صباحاً   التاريخ: 28/12/2022
المؤلف : الشيخ محمد طالب يحيى آل الفقيه
الكتاب أو المصدر : سدرة الكمال في علم الرجال
الجزء والصفحة : ص 522 ـ 541.
القسم : الرجال و الحديث والتراجم / اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-9-2016 2770
التاريخ: 22-7-2017 1498
التاريخ: 7-9-2016 1695
التاريخ: 17-10-2017 2107

المقام الثاني: القول في وثاقة أو ضعف أبي بصير:

هنا بحثان:

 الأول: حول وثاقة يحيى بن القاسم الأسديّ.

والثاني: حول وثاقة ليث بن البختريّ المراديّ.

البحث الأول: بعدما تبيّن لك [في المقام الأوّل] وحدة يحيى بن القاسم وعدم اشتراكه في الاسم مع غيره، وإنما غيره يرجع إليه - أي: يحيى بن أبي القاسم ويحيى بن القاسم الحذّاء - وذلك بقرينة ما أفاده الكشّي من اتّحادهما في أواخر كلماته ونفي النجاشيّ ليحيى بن أبي القاسم ولعدم ترجمة الشيخ في الفهرست سواه ولرواية علي بن أبي حمزة وغيره عن يحيى بن القاسم الضرير ويحيى بن أبي القاسم المكفوف، وهو ما يعني صعوبة الالتزام بكونها راويَين وغيرها من القرائن المتقدّمة التي يطمئن معها الفقيه بكونها راوية واحدة، نشرع بالبحث حول وثاقة يحيى بن القاسم إذ ذهب جمع من الرجاليّين إلى ضعفه لما ذكره الكشّي ناقلاً عن علي بن الحسن بن فضّال أنّه كان مخلّطاً ولقرائن أخرى سيأتي بيانها ومنها الأخبار.

دلائل الضعف:

الدليل الأول: قال الكشّي: قال محمد بن مسعود: سألت علي بن الحسن بن علي بن فضّال عن أبي بصير هذا هل كان متّهماً بالغلوّ؟ فقال: أمّا الغلو فلا، لكن كان مخلّطاً، وقد توقّف جمع من الرجاليّين عند قوله مخلّطاً، واعتمد بعضهم على الوصف وبقرينته ذهب إلى ضعفه وأسقط أخباره، لكن اللفظ ليس منحصراً معناه بما قيل بل قد يكون مراد ابن فضّال من التخليط رواية الغث والسمين، أي: خلط الصحيح مع الضعف ولم يعتمد خصوص الصحيح من الأخبار، وهذا المعنى كان عيباً في الراوي كما صرّح بهذا القدماء. هذا أولاً.

ثانياً: يمكن أن يكون التخليط في الدين وليس في الأخبار ليكون بذلك ضعيفاً، إذ لا تلازم ما بين ضعف العقيدة وضعف الرواية، وهذا المعنى كان مستعملاً، ففي ترجمة ابن أبي العوجاء قيل: إنّ صاحبي كان مخلّطاً يقول طوراً بالقدر وطوراً بالجبر.

ثالثاً: أنّ نسخة الخلاصة مغايرة لنسخة الكشّي إذ قال بدل "مخلّطاً" "مختلطاً" في حين أنّ الخلاصة حكت كلام الكشّي ونقلت عنه ولعلّ ابن فضّال أراد الإشارة إلى الخلاف الواقع في اسمه، وهو خلاف لم ولن ينتهي، فكان يريد من قوله "مختلطاً" إنّه مختلط بغيره، فتارة يُقال له يحيى بن القاسم وأخرى يحيى بن أبي القاسم أو بإضافة الحذّاء إلى كليهما أو بدونها أو إلى أحدهما.

ومع هذه الاحتمالات لا يُركَن بعد إلى إرادة التخليط بمعنى كونه ضعيفاً وضّاعاً لتترك أخباره.

الدليل الثاني: وقفه، فقد حكى الكشّي عن حمدويه قال: ذكره عن بعض أشياخه: يحيى بن القاسم الحذّاء الأزديّ واقفيّ (1).

وفيه أولاً: أنّ الشيخ في رجاله قال: يحيى بن القاسم أبو محمد يُعرَف بأبي نصير - أبو بصير - الأسديّ مولاهم كوفيّ تابعيّ مات سنة خمسين ومائة بعد أبي عبد الله (عليه السلام) (2)، وكذا قال النجاشيّ (3).

فمع تصريح الشيخ والنجاشيّ بوفاته سنة 150 كيف يُمكن نسبة الوقف إليه وقد حدث الوقف سنة 183 أي: بعد وفاة الكاظم (عليه السلام)؟!

فإن قيل: إنّ يحيى بن القاسم هذا غير من ذكره الكشّي، فإنّ الأوّل الحذّاء والثاني الأسدي.

قلتُ: قد تبيّن معك خلافه، وأنّه نفسه، إضافة إلى أنّ وصف الشيخ لهذا عين ما ذكره الكشّي في نهاية كلامه، قال الكشّي: "وأبو بصير هذا يحيى بن القاسم يُكنّى أبا محمد".

وقال الشيخ: "يحيى بن القاسم أبو محمد يُعرف بأبي بصير" فالقول بالتفريق بينهما للهروب من الإشكال يوقع بأشكل منه.

ثانيا: أنّ الخبر مرسل كما هو ظاهر لك، ولهذا يُقال: إنّ نسبة الوقف إليه لم يدلّ عليها دليل يركن إليه، إضافة إلى عدم مشهوريّته بالوقف، فإنّ الكشّي وغيره قد ذكروا الواقفيّة بأسمائهم تكراراً ومراراً ولم يُذكَر بأيّ منها، لكونه منهم مع كونهم في مقام البيان والحصر للمشهورين بذلك من الرواة.

ثالثاً: أنّ خبر الحسن بن قياما الذي أورده الكشّي لإثبات فساد أبي بصير إنّما دلّ على كون أبي بصير خطّابيّاً أو اسماعيليّاً، أي ممّن يؤمن ببقاء إسماعيل حيّاً ولم يمت، وهذه الفرقة مغايرة للواقفة كما هو معلوم.

وهاك الخبر: الكشّي بإسناده عن الحسن بن قياما الصيرفيّ قال حججتُ في سنة ثلاث وتسعين ومائة وسألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) فقلت: جُعلت فداك ما فعل أبوك؟ قال: مضى كما مضى آباؤه، قلت: فكيف أصنع بحديث حدّثني به يعقوب بن شعيب عن أبي بصير: إنّ أبا عبد الله (عليه السلام) قال: إن جاءكم مَن يخبركم أنّ ابني هذا مات وكُفّنَ وقُبِرَ ونفضوا أيديهم من تراب قبره فلا تصدّقوا به؟ فقال: كذب أبو بصير..." (4).

وقد لاحظتُ أنّهم تارة وصفوه بالخلط وأخرى بالوقف وثالثة بفرقة مَن فرّق الإسماعيليّة، إلا أنّه لم يُسند أيّ من الأقوال بدليل يُعتد به أو يُعتمد عليه، فإنّ نسبة الخلط إليه قد بان لك الخلط فيها، أمّا الوقف فقد بان لك ضعف خبره، ومقالة الشيخ من المظنون جداً اعتمادها على مقالة الكشّي، وعلى كلّ حال لا تنفي الوثاقة لعدم الملازمة، أمّا كونه خطابيّاً فإنّ خبره ضعيف ساقط عن الاعتبار.

الدليل الثالث: عدم تعرّض الكشّي لوثاقته - بل ذمه ـ ولا الشيخ في أصحاب الباقر والصادق والكاظم (عليهم السلام)، ولا العقيقيّ في تاريخه، ولا الشيخ في الفهرست، ولا ابن شهر آشوب، فلو كان أبو بصير - يحيى - مع تلك الشهرة ثقة لبان أمره واشتهرت وثاقته، بينما الأمر بالعكس فقد ذمّه الكشّي في رجاله والشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السلام) قائلاً: واقفيّ.

وفيه: أنّ الكشّي نسب ما نسب إليه بطريق ضعيف والشيخ اتّبعه على مقالته، أمّا عدم توثيقه في بقية الكتب فلأنّك تعلم أنّ الشيخ لم يدوّن كتابه لمعرفة الثقات والضعفاء، وابن شهر آشوب كتب تتمّةً للفهرست والعقيقيّ لم يوثّق كلّ مَن ذكره حتّى يُقال: إنّ عدم التوثيق دليل التضعيف!

وقد تلخّص ممّا ذكرنا أنّ دلائل التضعيف ليحيى بن القاسم غير كافية للقول بالتضعيف، اللّهمّ إلّا أن يُقال بأصالة عدم الوثاقة وهي لا تتمّ مع إثبات أدلتها.

الدليل الرابع: الأخبار:

الخبر الأول: ما رواه الكشّي بقوله: وجدت في بعض روايات الواقفة، علي بن إسماعيل بن يزيد، قال: شهدنا محمد بن عمران البارقيّ في منزل علي بن ابي حمزة وعنده أبو بصير، قال محمد بن عمران سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: منّا ثمانية محدّثون سابعهم القائم، فقام أبو بصير ابن أبي القاسم فقبّل رأسه وقال: سمعت من أبي جعفر (عليه السلام)منذ أربعين سنة فقال له أبو بصير، سمعته من أبي جعفر (عليه السلام) وإنّي كنت خماسياًّ جاء بهذا قال: اسكت يا صبيّ ليزدادواً إيماناً مع إيمانهم يعني القائم (عليه السلام) ولم يقل ابني هذا (5).

والخبر هذا إضافة إلى ضعف سنده فإنّه مضطرب الدلالة جداً، حتّى يمكن القول أنّ ما من أحد يمكن أن يفهمه على ظاهره.

والذي يظهر - والله العالم - أنّ بعض الواقفيّة أرادوا نسبة الوقف إلى أبي بصير لكثرة مدحه حتّى يُمدَح مذهبهم به.

وأصل الخبر على ما رواه النعمانيّ في غيبته هكذا: عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميريّ عن أبيه قال: حدّثنا محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبيّ عن علي بن أبي حمزة قال: كنتُ مع أبي بصير ومعنا مولى لأبي جعفر الباقر (عليه السلام)؟ فقال: سمعتُ أبا جعفر (عليه السلام) يقول: منّا اثنا عشر محدّثاً، من ولدي القائم، فقام إليه أبو بصير فقال: أشهد أنّي سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقوله منذُ أربعين سنة (6).

والخبر الثاني ـ أي: ما رواه النعمانيّ - دالّ على إمامته وبقائه عليها حتّى نهاية حياته، إذ أنّه سمع الخبر من الباقر (عليه السلام) قبل أربعين سنة، ولعلّه حينها كان عمره ثلاثين سنة ما يعني أنّه كان عمره ما يُقارب السبعين سنة عند حدوث هذه الحادثة وهو على الاستقامة، بينما دلالة الأوّل - على فرض صحّته - هي إلى الناووسيّة أقرب منه إلى الاثنيّ عشريّة، إذ احتسب إسماعيل من السبعة الذين آخرهم القائم (عليه السلام).

الخبر الثاني: ما رواه الكشّي أيضاً بطريق ضعيف قال: حدّثني علي بن محمد بن قتيبة قال: حدّثني الفضل بن شاذان، قال: حدّثنا محمد بن الحسن الواسطيّ، ومحمد بن يونس قالا: حدّثنا الحسن بن قياما الصيرفيّ قال: حججتُ في سنة ثلاث وتسعين ومائة، وسألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) فقلتُ: جُعلتُ فداك ما فعل أبوك؟ قال: مضى كما مضى آباؤه، قلت: فكيف أصنع بحديث حدّثني به يعقوب بن شعيب عن أبي بصير: إنّ أبا عبد الله (عليه السلام) قال: إن جاءكم من يخبركم أنّ ابني هذا - إسماعيل - مات ودُفن وقُبر ونفضوا أيديهم من تراب قبره فلا تصدّقوا به، فقال: كذب أبو بصير، ليس هكذا حدّثه، إنما قال: إن جاءكم عن صاحب هذا الأمر (7).

والأقوى كون أبي بصير في هذا الخبر هو يحيى بن القاسم وذلك لرواية يعقوب بن شعيب عنه والذي هو ابن أخته، ولأنّ المتّهم بالوقف هو يحيى بن القاسم وليس ليث المراديّ كما صرّح بذلك الكشّي.

على كلٍّ الخبر ضعيف بعلي بن محمد القتيبيّ والحسن - أو الحسين - بن قياما.

الخبر الثالث: الكشّي قال: حدّثني أحمد بن محمد بن يعقوب البيهقيّ، قال: حدّثنا عبد الله بن حمدويه البيهقيّ قال: حدّثني محمد بن القاسم الحذّاء الكوفيّ، قال: خرجتُ من المدينة فلما جزتُ حيطانها مقبلاً نحو العراق، إذا أنا برجل على بغل أشهب يعترض الطريق، فقلتُ لبعض مَن كان معي: مَن هذا فقال: هذا ابن الرضا (عليه السلام)، قال: فقصدتُ قصده، فلما رآني أريده وقف لي، فانتهيتُ إليه لأسلّم عليه، فمدّ يده إليّ فسلّمتُ عليه وقبّلتُها، فقال: مَن أنت؟ قلتُ: بعض مواليك جُعلتُ فداك أنا محمد بن علي بن القاسم الحذّاء، فقال لي: أما إنّ عمّك كان ملتوياً على الرضا (عليه السلام)؟ قال: قلتُ: جُعلتُ فداك رجع عن ذلك، فقال: إن كان رجع فلا بأس (8).

والخبر ضعيف بالبيهقيَّين مع مدحهما مدحاً لا يصل إلى حدّ الوثاقة ليعتمد خبرهما، أمّا دلالة الخبر فيُقال فيها: لعلّه انحرفَ قليلاً ورجع مع مَن رجع من الوقف إلى الإقرار بإمامة الرضا (عليه السلام)، وعلى كلٍّ فإنّ الانحراف عن جادّة الصواب لا يدلّ على ضعفه في الرواية.

هذا إن آمنّا بكون أبي بصير ممّن انحرفَ عن الرضا (عليه السلام) وادّعى الوقف، خاصّة مع ما تقدّم من القول بأنّه تُوفّي بعد الصادق (عليه السلام) بما يُقارب العامين، أي: قبل الوقف ونشوئه.

هذا ما يُمكن قوله من الأدلة الدالّة على ضعف يحيى بن القاسم الأسديّ وقد بان لك حالها، وأمّا أدلة الوثاقة فأقوى سنداً ودلالةً وعملاً وهاك هي:

أدلة الوثاقة:

الدليل الأول: ما ذكره النجاشيّ في رجاله إذ قال: يحيى بن القاسم، أبو بصير الأسديّ، وقيل "أبو محمد"، ثقة، وجية، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، وقيل يحيى بن أبي القاسم، واسم أبي القاسم إسحاق، وروى عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، له كتاب يوم وليلة.. ومات أبو بصير سنة خمسين ومائة (9).

وما نريده من كلامه هاهنا خصوص قوله "ثقة وجيه" فإنّه شهادة بالوثاقة والوجاهة وهو توثيق ليحيى بن القاسم وبن أبي القاسم أيضاً كما هو ظاهر النجاشيّ؛ لأنّه يرى وحدتهما لا تعدّدهما.

الدليل الثاني: مقالة الكشّي المشهورة والمعروفة بأصحاب الإجماع، فإنّه رأى أنّ يحيى بن القاسم هو أحد الستّة الأوائل، أي: زرارة ومحمد بن مسلم وبن خرَّبوذ وبُريد وأبي بصير الأسديّ وفضيل بن يسار، فإنّ هؤلاء الستّة قد عنونهم بقوله: "في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)" ثم قال: "أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين.. وانقادوا لهم بالفقه.."(10) فإنّ انقياد الطائفة لفقههم وإجماعهم على تصديقهم لدليل على كونه من أعلى درجات الوثاقة والقبول من الطائفة المحقّة، وقد تلقّى المتأخّرون دعوى الإجماع المذكورة بالقبول.

الدليل الثالث: الأخبار.

الخبر الأول: ما رواه الكشّي عن محمد بن مسعود قال: حدّثني أحمد بن منصور عن أحمد بن الفضل وعبد الله بن محمد الأسديّ عن ابن أبي عُمير عن شعيب العقرقوفيّ عن أبي بصير قال: دخلتُ على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي: حضرتَ علباء عند موته؟ قال: قلتُ: نعم، وأخبرني أنّك ضمنتَ له الجنّة، وسألني أن أذكّرك ذلك، قال: صدق، قال: فبكي ثم قلتُ: جُعلتُ فداك، فما لي! ألستُ كبير السنّ الضعيف الضرير البصير المنقطع إليكم؟ فاضمنها لي! قال: قد فعلتُ، قال: قلتُ اضمنها على آبائك وسمّيتهم واحداً واحداً! قال: قد فعلتُ، قلت: فاضمنها لي على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)! قال: قد فعلتُ، قال: قلتُ: فاضمنها لي على الله تعالى: قال: فأطرق ثم قال: قد فعلت (11).

والخبر حاكٍ ما حدث مع يحيى بن القاسم وإن ذكره الكشّي تحت عنوان ليث بن البختريّ وذلك لرواية يعقوب بن شعيب عنه وهي قرينة كونه الأسديّ، ولكونه الضرير الدالّ على كونه الأسديّ أيضا، إذ لم يثبت عندنا كون ليث بن البختريّ ضريراً وإن قاله بعضهم، ولكونه كبير السن في زمن الصادق (عليه السلام) كما صحّ الخبر، إذ أنّ الأسديّ تُوفّي بعد الصادق (عليه السلام) بسنتين كما ذكره الشيخ والنجاشيّ خلافا لليث المراديّ فإن ه روى عن الكاظم (عليه السلام) كثيراً كما هو ظاهر للمتتبّع.

نعم، الخبر ضعيف بأحمد بن منصور لجهالته.

الخبر الثاني: ما رواه الكشّي عن حمدويه قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عُمير عن شعيب العقرقوفيّ قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ربما احتجنا أن نسأل عن الشيء فمَن نسأل؟ قال: عليك بالأسديّ، يعني: أبي بصير (12).

والخبر صحيح وهو دالّ على وثاقة يحيى بن القاسم الأسديّ وإلّا لما اعتمده الإمام (عليه السلام) لبيان أحكام دين الله.

الخبر الثالث: محمد بن مسعود قال: حدّثني علي بن محمد القمّي عن محمد بن أحمد عن أحمد بن الحسن عن علي بن الحكم عن مثنى الخيّاط عن أبي بصير قال: دخلتُ على أبي جعفر (عليه السلام) فقلتُ: تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرئوا الأكمه والأبرص؟ فقال لي: بإذن الله، ثم قال: ادنُ منّي ومسح على وجهي وعلى عيني فأبصرتُ السماء والأرض والبيوت، فقال لي: أتحبّ أن تكون كذا ولك ما للنّاس وعليك ما عليهم يوم القيامة، أم تعود كما كنتَ ولك الجنّة الخالص؟ قلت: أعود كما كنتُ، فمسح على عيني فعدت (13).

ودلالة الخبر – كما ترى- بيّنة على كون الرجل خالصاً لله (عزّ وجلّ)، ولذا ترك الدنيا وزبارجها واختار الآخرة، إلا أنّ في السند علي بن محمد القمّي وهو مجهول.

وقد تلخّص أنّ واقفيّته لم تثبت ووفاته كانت قبل زمن الوقف، إضافة إلى أنّه لم يُذكر مع رجال الوقف حيثما ذُكروا، وما أفاده الكشّي من واقفيّته ضعيف بالإرسال أو بالجهالة، أمّا مقالة الشيخ بواقفيّته فإنّها معتمدة على الكشّي إذ لم يذكر الوقف غيره - على ما وصلنا - بل هو نفسه لم ينعته بالوقف في الفهرست وفي رجاله من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام).

وأمّا أخبار الوقف فقد تبيّن لك حالها من اضطراب في المتن وضعف في السند، ولهذا يُقال: إنّ ما استُدلّ به على الوقف غير ثابت ليُقال به ويُعتمد عليه.

أمّا دلائل الضعف فقد ناقشناها وقلنا إنّ مقالة ابن فضّال من أنّه "كان مخلطة" فعلى فرض صحّة المقالة كما هي فإنّه يُحتمَل إرادة خلط الصحيح والضعيف من الأخبار أي: أنّه روى الغثّ والسمين أو أن يُراد به الخلط في العقيدة لا في الرواية وهو لا ينافي الوثاقة، إضافة إلى ذلك فإنّ العلّامة نقل العبارة عن الكشّي هكذا كان مختلطاً" ولعلّ المراد منه الاختلاط بالاسم كما تقدّم بحثه.

وأمّا الوقف فقد ذكرنا ما فيه، وأمّا الأخبار فهي ضعيفة السند فضلاً عن النقاش في الدلالة، بينما أدلّة الوثاقة فهي صريحة من النجاشيّ بيّنة في الصحيح من الأخبار حيث أرجع الصادق (عليه السلام) المستفتين إليه بقوله: "عليك بالأسديّ" إضافةً إلى ذلك فإنّ الكشّي اعتبره من أصحاب الإجماع المجمع على تصديقهم.

ومع هذا كلّه فلا ينبغي التشكيك في وثاقة يحيى بن القاسم الأسديّ الحذّاء المكفوف، بل هو من أوثق الرواة وأجلّهم. والله العالم.

البحث الثاني: في وثاقة أو ضعف ليث بن البختري المرادي:

هذا وكما اختلف الأصحاب في صاحبه، كذلك اختلفوا في وثاقته هو ـ (رحمه الله) - وإن كان المشهور قد ذهب إلى أنّه في أعلى درجات الوثاقة. هذا وقد استدلّ المضعّفون بأدلّة أبرزها الأخبار ولهذا نستقبل الأدلة بها فنقول:

أدلة الضعف:

الدليل الأول: الأخبار:

الخبر الأول: قال الكشّي: رُويَ عن ابن أبي يعفور قال: خرجتُ إلى السواد نطلب دراهم لنحجّ ونحن جماعة وفينا أبو بصير المراديّ، قال: قلتُ له: يا أبا بصير اتقِ الله وحجّ بمالك فإنّك ذو مال كثيرٍ، فقال: اسكت فلو أنّ الدنيا وقعت لصاحبك لاشتمل عليها بكسائه (14).

والشاهد أنّ أبا بصير عرّض بالإمام (عليه السلام) وأنّه من أهل الدنيا حتّى لو أنّها أقبلت عليه لاشتمل عليها بكسائه وضمّها إليه ولم يدعها تفلت منه، وهذا التعريض بغاية القبح ودالّ على فساده.

وفيه أولا: أنّ الخبر مرسل ساقط عن الحجيّة.

ثانيا: لم يُعلم المراد من ضمير "صاحبك" فلعلّه غير الإمام (عليه السلام).

نعم، فيها ذمّ لأبي بصير لإقدامه على طلب المال وهو مليّ وقد نهاه أصحابه عن فعلته فلم ينته.

الخبر الثاني: الكشّي عن حمدويه قال: حدّثني محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي الحسن المكفوف عن رجل عن بُكير قال: لقيتُ أبا بصير المراديّ قلتُ: أين تريد؟ قال: أريد مولاك، قلتُ: أنا أتبعك - أي: أذهب معك - فمضى معي فدخلنا عليه وأحدَّ النظر إليه وقال: هكذا تدخل بيوت الأنبياء وأنت جُنُب! قال: أعوذ بالله من غضب الله وغضبك، فقال: أستغفر الله ولا أعود (15).

هذا ولا أقلّ من ضعف الخبر بالإرسال، وأمّا دلالته فلا تدلّ على فسقه فضلاً عن ترك روايته وضعفه، إذ لعلّ المراديّ لا يعلم بكراهة دخول بيت المعصوم (عليه السلام) حال كونه جنباً ولهذا استغفر بعدما تعوّذ بالله من غضب الله، وهو ما يدلّ على رفعة مقامه واستقامته إذ أخذ على نفسه عدم العود حال كونه كذلك.

الخبر الثالث: الكشّي عن علي بن محمد - الظاهر أنّه القتيبيّ - قال: حدّثني محمد ابن أحمد بن الوليد عن حمّاد بن عثمان قال: خرجتُ أنا وابن أبي يعفور، وآخر إلى الحيرة أو إلى بعض المواضع فتذاكرنا الدنيا، فقال أبو بصير المراديّ: أما إنّ صاحبكم لو ظفر بها لاستأثر بها، قال: فأغفي، فجاء كلب يريد أن يشغر عليه فذهبت لأطرده فقال لي ابن أبي يعفور: دعه، قال: فجاء حتى شغر في أذنه (16).

والخبر سنداً قد يُقال بصحّته - على ظاهره - وإن احتُملَ قوياً ضعفه، إذ المراد من علي بن محمد هو القتيبيّ، أمّا محمد بن أحمد بن الوليد فالظاهر أنّه ابن الوليد شيخ الصدوق وذلك لتناسب الطبقة والاسم مع أبيه ومع جدّه؛ لأنّ ابن الوليد هو محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، وقد يُعرَف الشخص باسم جدّه.

لكن إن تمّ هذا، فإنّه لا يتمّ برواية ابن الوليد عن حمّاد بن عثمان؛ لأنّه يروي عنه بثلاث أو أربع وسائط، ولا يروي عنه مباشرة أبداً؛ لأنّ حمّاد توفّي سنة 190 ـ على ما أذكر - وأمّا ابن الوليد فإن وفاته تقارب سنة 343، وهو ما يُعلَم معه عدم روايته عنه، وعليه فالخبر ضعيف قطعاً بالإرسال، وإلا فلا أقلّ من الجهالة.

أمّا دلالةً، فإنّه لا يُعلم أنّ مراده "بصاحبكم" هو الإمام (عليه السلام) ليرد عليه ما أورد.

الخبر الرابع: محمّد بن مسعود قال: حدّثني جبريل بن أحمد قال: حدّثني محمد بن عيسى عن يونس عن حمّاد الناب قال: جلس أبو بصير على باب أبي عبد الله (عليه السلام) ليطلب الإذن فلم يُؤذَن له، فقال: لو كان معنا طبق لأذن، قال: فجاء كل فشغر في وجه أبي بصير، قال: أف أي ما هذا؟! قال جليسه: هذا كلب شغر في وجهك! (17).

والخبر ضعيف سنداً لجهالة جبرئيل، وأمّا دلالةً فلعلّ الخبر هو عين سابقه وقد رُويَ بتفاصيل أخرى مع نقله بالمعنى.

الدليل الثاني: مقالة ابن الغضائري - التي حكاها العلّامة عنه - قال: ليث بن البختريّ المراديّ أبو بصير، يُكنّى أبا أحمد، كان أبو عبد الله (عليه السلام) يتضجّر به ويتبرّم، وأصحابه مختلفون في شأنه، قال: وعندي أنّ الطعن إنّما وقع على دينه لا على حديثه، وهو عندي ثقة.

ثم قال العلّامة: والذي أعتمد عليه قبول روايته (18).

لكنّه تقدّم معك عدم قبول ما حُكي عنه وذلك للشكّ في صحّة الكتاب المنسوب إليه.

الدليل الثالث: ما ذكره بعضهم من أنّ جمع من الرجاليّين القدماء لم ينصّوا عليه بالوثاقة مع شهرته مع أنّه من الأركان الأربعة عند الباقر (عليه السلام) في حين وثّقوا صراحة الثلاثة الآخرين أي: زرارة ومحمد بن مسلم وبُريد بن معاوية.

وفيه: أنّ جوابه لا يحتاج إلى بيان.

هذا ما يُمكن قوله من أدلّة الضعف وقد أدركتَ ضعفها فانتبه.

أدلة التوثيق:

الدليل الأول: كونه من أصحاب الإجماع على قول مَن قال إنّه: "مكان أبي بصير الأسديّ" أو حتّى لو لم نقل إنّه مكانه فإنّه لا أقلّ من إثبات وثاقته المستفادة من مقالة مَن قال إنه مِن أصحاب الإجماع عوض يحيى بن القاسم.

بل يُقال: إنّ هؤلاء البعض يرى أنّ أحد الستّة الأوائل هو ليث بن البختريّ بلا تردّد كما فعل ذلك ابن داود إذ قال (رحمه الله): "أجمعت العصابة على ثمانية عشر رجلاً فلم يختلفوا في تعظيمهم، غير أنّهم يتفاوتون ثلاثة درج.

الدرجة العليا لستّة منهم من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام)، أجمعوا على تصديقهم وإنفاذ قولهم والانقياد لهم في الفقه، وهم زرارة بن أعين، معروف بن خرّبوذ، بُريد بن معاوية، أبو بصير ليث بن البختريّ، الفضيل بن يسار، محمد بن مسلم الطائفيّ..." (19).

ألا ترى أنّه جعل ليث بن البختريّ من الستّة الأوائل دون تردّد منه (رحمه الله)، ما يكشف عن عظم شأنه وعلوّ مقامه، وهذه المرتبة أعلى درجة من التوثيق الصريح كما هو بيّن.

الدليل الثاني: توثيق المتأخّرين له كالعلّامة في الخلاصة وغيرها وابن داود في رجاله، قال العلامة (رحمه الله): "والذي اعتمد عليه قبول روايته وأنّه من أصحابنا الإماميّة للحديث الصحيح الذي ذكرناه أولاً، وقول ابن الغضائريّ: إنّ الطعن في دينه لا يُوجب الطعن في حديثه" (20).

وقال ابن داود (رحمه الله): "ليث بن البختريّ ... المراديّ، وقيل: أبو محمّد، ثقة عظيم الشأن..."(21) لكنّه قد تقدّم منّا عدم اعتماد توثيقات المتأخّرين إذ أنّها مجرّد نقل عمّن تقدّمهم من المعروفين من رجالنا، فتوثيقهم لا يقدّم ولا يؤخّر مع معرفة مصدّر كلامهم، وحينها نحن والمصدر كما فيما نحن فيه.

هذا ولم نذكر توثيق المتقدّمين إذ أنّه من الغريب فعلاً عدم ذكر الكشّي له توثيقاً، إنّما ذكر في حقّه أخبار مادحة وقادحة، وكذا البرقيّ مِن قبله، وكذا النجاشيّ والشيخ في رجاله وفهرسته وابن شهر آشوب، فليس منهم مَن صرّح أو لمّح بتوثيقه في حين أنّهم ذكروا أصحابه الثلاثة - زرارة ومحمد بن مسلم وبُرید بن معاوية - ووثّقوهم بالصراحة إلا ليثاً هذا، فقد ترجمه جميعهم ولم يصرّح أحد بتوثيقه مع ما ورد فيه من المدح الآتي.

الدليل الثالث: الأخبار:

الخبر الأول: ما رواه الكشّي في الصحيح عن حمدويه بن نصير قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن جميل بن درّاج قال: سمعتُ أبا عبد الله يقول: بشّر المخبتين بالجنة، بُريد بن معاوية العجليّ وأبا بصير ليث بن البختريّ المراديّ ومحمد بن مسلم وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوّة واندرست (22).

وفي هذه الصحيحة غنىً وكفاية للدلالة على كونه في أعلى درجات الوثاقة ورفعة الشأن، إذ لولاهم لاندرست آثار النبوّة عليه صلوات الله وسلامه.

الخبر الثاني: ما رواه الكشّي في الصحيح أيضاً عن حمدويه قال: حدّثني يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد الأقطع، قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما أحد أحيى ذكرنا وأحاديث أبي (عليه السلام) إلا زرارة وأبو بصير ليث المراديّ محمّد بن مسلم وبُريد بن معاوية العجليّ، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، هؤلاء حفّاظ الدين وأمناء أبي (عليه السلام) على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا والسابقون إلينا في الآخرة (23).

والصحيحة، واضحة سنداً ودلالةً، وهي كسابقتها في دلالتها على عظم شأنه ورفعة مقامه.

الخبر الثالث: ما رواه الكشّي في الصحيح أيضاً عن حمدويه بن نصير قال: حدّثنا محمد بن عيسى بن عبيد قال: حدّثني يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن زرارة ومحمد بن قولويه والحسين بن الحسن قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثني هارون بن الحسن بن محبوب عن محمد بن عبد الله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين عن عبد الله بن زرارة قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): اقرأ منّي على والدك السلام وقل له: إنّي إنّما أعيبك دفاعاً منّي عنك.. وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه إلا بأمرٍ وسعنا ووسعكم الأخذ به (24).

والصحيحة مع الرجوع إليها يُعلَم منها علوّ شأن أبي بصير - المراديّ بقرينة صاحبه زرارة - وأنّه كزرارة وقد خاطبهما الإمام (عليه السلام) بخطاب واحد وأمرهما بالتسليم والصبر والرضا بالأحكام إلخ ..

الخبر الرابع: الكشّي قال: حدّثني الحسين بن بندار القمّي قال: حدّثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمّي قال: حدّثنا علي بن سليمان بن داود الرازيّ قال: حدّثني محمد بن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: زرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم وبُريد من الذين قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11] (25).

والخبر ضعيف بالحسين وسليمان، ودلالته ظاهرة في كونه أعلى درجة من التوثيق.

الخبر الخامس: الكشّي عن محمد بن قولویه قال: حدّثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال: حدّثني علي بن سليمان بن داود الرازيّ قال: حدّثنا علي بن أسباط عن أبيه أسباط بن سالم قال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.. ثمّ ينادي: أين حواري محّمد بن علي (عليه السلام) وحواري جعفر بن محمد (عليهما السلام)؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامريّ وزرارة بن أعين وبُريد - بن ـ معاوية العجليّ ومحمد بن مسلم وأبو بصير ليث بن البختريّ المراديّ... (26).

الخبر السادس: الكشّي، حدّثني محمد بن قولويه والحسين بن الحسن قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثني محمد بن عبد الله المسمعيّ قال: حدّثني علي بن حديد المدائنيّ عن جميل بن درّاج قال: دخلتُ على أبي عبد الله (عليه السلام).. هم مستودع سرّي أصحاب أبي (عليه السلام) حقاً إذا أراد الله لأهل الأرض سوءاً صرف بهم عنهم السوء، هم نجوم شيعتي أحياءً وأمواتاً، يحيون ذكر أبي (عليه السلام)، بهم يكشف الله كلّ بدعة، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين وتأوّل الغالين، ثم بكى، فقلتُ: مَن هم؟ فقال: مَن عليهم صلوات الله ورحمته أحياءً وأمواتاً، بُريد العجليّ وزرارة وأبو بصير ومحّمد بن مسلم... (27).

الخبر السابع: الكشّي، حدّثني محمد بن قولويه قال: حدّثني سعد بن عبد الله القمّي عن محمد بن عبد الله المسمعيّ عن علي بن أسباط عن محمد بن سنان عن داود بن سرحان قال: سمعتُ أبا عبد الله يقول: .. إنّ أصحاب أبي كانوا زينة أحياء وأمواتا، أعني زرارة ومحمد بن مسلم ومنهم ليث المراديّ وبُريد العجليّ، هؤلاء القوّامون بالقسط، هؤلاء القّوامون بالقسط وهؤلاء السابقون السابقون أولئك المقرّبون (28).

وغيرها من الأخبار المستفيضة الدالّة على رفعة مقامه وعلوّ شأنه وكونه أعلى درجة من الوثاقة، مَن أرادها فليرجع إلى مظانّها (29).

وقد تلخّص القول بأنّ ليث بن البختريّ ثقة جليل القدر عظيم الشأن وأنّه من {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11].

أمّا ما ورد بحقّه من الأخبار القادحة والذامّة، فهي غير معتبرة لضعفها، إضافة إلى ورود أعظم منها بمن هو أعظم منه كزرارة بن أعين.

وخلاصة المطلب:

أنّ يوسف بن الحارث يُكنّى بأبي بصير، إلا أنّ طبقته مغايرة لطبقة يحيى وليث لكونه من أصحاب الجواد (عليه السلام)، وعلى القول بأنّه من أصحاب الباقر (عليه السلام) كما قال الشيخ فإنّه لا حظّ له من الأخبار ليشترك عند الإطلاق مع غيره.

وأما عبد الله بن محمد الأسديّ فإنه لا يُكنّى بأبي بصير وما ورد بحقّه في رجال الكشّي فهو اشتباه.

وأمّا يحيى بن القاسم الأسديّ فإنّه عين الحذّاء وابن أبي القاسم، فليس هو أربعة رجال وإنّما رجل واحد وهو الأسديّ الضرير، وهو ثقة جليل القدر ويُكنّى بأبي بصير.

وأمّا ليث بن البختريّ المراديّ فهو أبو بصير عظيم الشأن والمبشّر بالجنّة.

إذن، مَن يُكنّى بأبي بصير هم ثلاثة: يوسف بن الحارث ويحيى بن القاسم وليث بن البختريّ دون غيرهم، ويُحمل أبو بصير عند الإطلاق على أحد الأخيرين، أي: يحيى بن القاسم وليث بن البختريّ، والاشتراك حينها لا يضرّ وذلك لوثاقتهما معاً، ولهذا تكون الرواية صحيحة من جهتها والله العالم والمسدّد.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) رجال الكشي، ص531، رقم 901.

(2) رجال الشيخ، ص333.

(3) رجال النجاشي، ج2، ص411.

(4) رجال الكشي، ص532، رقم 903.

(5) المصدر نفسه، ص531، رقم 901.

(6) غيبة النعمانيّ، باب ما روي في أنّ الأئمة اثنا عشر.

(7) رجال الكشّي، ص 131، رقم 902.

(8) المصدر نفسه، ص532، رقم 903.

(9) رجال النجاشيّ، ج 2، ص411.

(10) رجال الكشّي، ص312، رقم 431.

(11) المصدر نفسه، ص246، رقم 289.

 (12) المصدر نفسه، ص247، رقم 291.

(13) المصدر نفسه، 249، رقم 298.

(14) المصدر نفسه، ص245، رقم 281.

(15) المصدر نفسه، ص246، رقم 288.

(16) المصدر نفسه، ص248، رقم 294.

(17) المصدر نفسه، ص249، رقم 297.

(18) خلاصة الأقوال، ص234.

(19) رجال ابن داود، ص209.

(20) الخلاصة، ص235.

(21) رجال ابن داود، ص214.

(22) رجال الكشّي، ص246، رقم 286.

(23) المصدر نفسه، ص219، رقم 219.

(24) المصدر نفسه، ص220، رقم 221.

(25) المصدر نفسه، ص219، رقم 218.

(26) المصدر نفسه ص 71، رقم 20.

(27) المصدر نفسه، ص219، رقم 220.

(28) المصدر نفسه، 246، رقم 287.

(29) مثل رجال الكشّي، رقم 432-433 وغيرهما.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)




قسم التربية والتعليم ينظّم جلسةً حوارية لملاكه حول تأهيل المعلّمِين الجدد
جامعة العميد تحدّد أهداف إقامة حفل التخرّج لطلبتها
جامعة العميد تحتفي بتخرّج الدفعة الثانية من طلبة كلّية الطبّ
قسم الشؤون الفكريّة يشارك في المؤتمر العلمي الدولي الخامس في النجف الأشرف