المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


شروط الشمول بالحماية الجزائية للشاهد  
  
1152   01:05 صباحاً   التاريخ: 2/9/2022
المؤلف : انسام محمد علي سلمان
الكتاب أو المصدر : الحماية الجزائية للشاهد وفقا لقانون 58 لسنة 2017
الجزء والصفحة : ص 53-72
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون اصول المحاكمات الجزائية /

يمكن تصنيف هذه الشروط إلى مجموعتين ، تتعلق المجموعة الأولى بالشروط الخاصة بالشاهد، أما المجموعة الثانية فتتعلق بالحماية ذاتها ، عليه سنقسم هذا الموضوع على فرعين ، نتناول في الفرع الأول الشروط المتعلقة بالشاهد ، ونتطرق في الفرع الثاني للشروط المتعلقة بالحماية ذاتها.

الفرع الأول

الشروط المتعلقة بالشاهد

لكي تكون أقوال الشاهد دليلا يمكن الاستناد إليه في الدعوى الجنائية يلزم أن تتوافر فيه الأهلية والصفات التي تؤهله لتأدية الشهادة في مدلولها القانوني (1) وبالتالي يجب أن تتوافر في الشاهد عدة شروط، وقد اتفقت أغلب التشريعات على تلك الشروط الواجب توافرها في الشاهد التي من اهمها : أولا - التمييز: يشترط في الشاهد ان يكون عالما عند الإدلاء بشهادته بما يقول، مدركا للأسئلة الموجهة إليه متأكدا أن بمقدوره تذكر الواقعة واعطاء اجوبة مفهومة وهذا الأمر لا يتحقق إلا إذا كان مميزا (2) ويعرف التمييز بأنه "القدرة على فهم ماهية الفعل وحقيقته، وتوقع الاثار التي من شأنه أحداثها "(3) . وبصورة عامة هناك العديد من العوامل تؤثر على العقل ومدركاته ، فتصيره في لحظة من اللحظات عاجزة عن الإدراك والتمييز، ومن هذه العوامل أصغر السن) لذا اشترط القانون لتوافر عنصر الإدراك و التمييز أن يكون الشخص قد بلغ سنا معينة لأداء الشهادة (4)، وقد حدد المشرع العراقي سن التمييز بالنسبة الشاهد بتمام الخامسة عشر من العمر إذ نصت الفقرة ب من المادة 60 على أن يحلف الشاهد الذي اتم ( الخامسة عشرة) قبل أداء شهادته يمينا بأن يشهد بالحق ..."

وإذا كان مبنى التدرج في المسؤولية الجزائية للصغير هو مدى إدراكه للأمور المحيطة به فان هذا الأساس يعتد به حين إدلاء الشاهد بشهادته فلا يمكن سماع الصغير الذي لم يتم التاسعة من عمره وذلك طبقا لنص الفقرة (أو) من المادة 47 من قانون رعاية الأحداث ، إذ نصت على أن لا تقام الدعوى الجزائية على من لم يكن وقت ارتكابها قد أتم التاسعة من عمره . ولكن يمكن التساؤل حول ما إذا كان الشاهد قد تحمل الشهادة وهو في سن التاسعة واداها بعد بلوغه سن الخامسة عشر فهل تقبل شهادته؟ يمكن القول أن الشهادة في هذه الحالة لا تقبل منه ، لأنه صغير السن وقت تحمل تفسير ما يدور حوله أو إدراكه للأشياء ، فضلا عن عدم قدرته على الاحتفاظ بهذه المدركات (5) بالإضافة إلى خطورة الاتهام اعتمادا على أقواله، نظرا لما يتمتع به من عقلية وهمية تمكنه من تبديل الحقائق وتحريفها، إذ هو يعتقد ان في تحريف الحقيقة وسيلة للدفاع عن نفسه، كما أن هناك سهولة التأثير عليه بالإيحاء بأفكار الآخرين  (6) .

وقد بينت الفقرة ب من المادة 60 هذه الحالة إذ نصت على أنه "... أما من لم يتم السن المذكورة فيجوز سماع شهادته على سبيل الاستدلال من غير يمين". لذا فان للقاضي أن يسمع شهادة الصغير على سبيل الاستدلال من غير يمين ولا يصلح أن يبني حكمه على هذه الشهادة ، ويقصد بالاستدلال هو طريق بلوغ الدليل وليس الدليل بذاته ، بمعنى أنه قد يؤدي إلى الوصول إلى دليل آخر (7)  وبالتالي يمكن  للقاضي أن يسترشد بها لتعزيز شهادة بالغ أو أي دليل آخر من أدلة الإثبات في الدعوى (8).

ونرى أن ما اخذ به المشرع العراقي من سماع أقوال من لم يتم الخامسة عشر على سبيل الاستدلال وعدم تجاهلها هو اتجاه موفق وبالأخص أنه ترك تقدير هذه الشهادة القاضي الموضوع الذي يمكنه أن يعتمد عليها بصورة كلية عند وجود دليل آخر يؤيدها، مراعية في ذلك ما يظهر على الشاهد من علامات الفطنة والذكاء وقدرته على سرد الوقائع بصورتها الحقيقية، أو يطرحها ولا يعتد بها متى ما تكون لديه الاعتقاد بأنها غير صالحة للأثبات.

ولا يكفي أن يكون الشاهد مميزة أو بلغ السن المحددة قانونا، وإنما يجب أن يكون كذلك سليم الإدراك والتمييز، أي لم تصبه آفة عقلية أو مرضية تنقص إدراكه أو تعدمه (9) ، فإذا كان الشخص مصاب بجنون أو عاهة في العقل، يمنع سماع شهادته بصورة مطلقة ، أما إذا كان الشاهد مصاب بعاهة تؤثر على حاسة من حواسه كالعمى أو الصم أو البكم، فان هذا الأمر في الحقيقة لا يؤثر على سماع شهادته ، مادامت كل حاسة تتفرد عن الأخريات بان تكون طريقة لمعرفة المشهود به، فمثلا شهادة الأعمى في غير المرئيات جائزة قانونا (10)

ومن العوامل الأخرى المؤثرة على إدراك وتمييز الشاهد (الشيخوخة) وهي أن يصل الإنسان إلى مدة عمرية متقدمة ، يفقد معها الملكات العقلية والنفسية التي تضمن له التمييز والاختيار (11) ، فالحواس عند المسنين وهي الأداة الرئيسية في إدراك العالم يصيبها الضعف والتدهور وخاصة حاستي السمع والبصر، كما أن الذاكرة تتأثر تأثرا كبيرا بالشيخوخة (12)، ونتيجة لهذا الضعف والوهن والتدهور ، ترفض شهادة المسن متى ما اقتنع القاضي أنه فاقد الإدراك والتمييز، ولكي يكون قراره سليما عليه أن يستعين بأحد الأطباء أو الخبراء للبت في هذه الحالة(13). كما أن الغيبوبة الناشئة عن تعاطي المسكرات تؤثر في إدراك الشاهد ويقصد بها " الحالة التي يفقد بها الشخص شعوره أو وعيه بصفة مؤقتة أو عارضة ، نتيجة تعاطي كمية من سائل أو مادة مخدرة لأحداث هذا الأثر (14). وعموما متى ما ثبت أن الشاهد تناول هذه المواد فلا تسمع شهادته (15) .

ثانيا - حرية الاختيار: المقصود بحرية الاختيار هي مقدرة الشخص على توجيه نفسه إلى القيام بعمل معين أو إلى الامتناع عنه من غير ضغط أو تهديد، ولذلك يستلزم أن يكون الشاهد وقت ادلائه بشهادته حر الاختيار والإرادة ، أما إذا كان خاضعة لضغط أو ترهيب فتكون شهادته باطلة ولا يعتد بها  (16).

والتأثير الذي يجعل إرادة الشاهد غير حرة يتخذ مظهرين : الأول مادي ينصب على جسم الشاهد فيعلم ارادته ويدفعه إلى الأحجام عن الإدلاء بشهادته. والثاني معنوي يؤثر في نفسية الشاهد ، ويدفع بإرادته على نحو غير سليم (17). وفي هذا الخصوص يتضح لنا أن حرية الاختيار لا تتوفر للشاهد مالم يتم توفير الحماية له ، إذ إن تهديد الشاهد يولد في نفسه خوف يؤثر في ارادته فيعلمها ، وعليه يجرده من حرية الاختيار فينقاد نحو الأمر المطلوب منه وهو لا يملك خيارا أخر ، لان ذلك سوف يكافه التضحية بأمر لا قدرة له بتحمله ، وهنا يبرز دور الحماية التي يوفرها المشرع للشاهد فمن خلال تجريم أفعال التعدي عليه، يستطيع أن يدلي بشهادته في جو يسوده الأمن والطمأنينة ، بعيدا عن بطش الجاني وتأثيره. أما إذا كان غير مهدد فلاشك أن حرية الإرادة متوفرة لديه.

ثالثا- انتفاء حالات عدم الصلاحية للشهادة : وتشمل هذه الحالات مبدأ عام يعرف بالتعارض بين الصفات) أي أن لا يكون الشاهد ذا صفة تفرض عليه التزاما تتعارض مع واجباته كشاهد وتخل تبعا لذلك بالثقة التي يجب ان تحاط بها شهادته ، لذا يجب ألا يكون الشاهد ذا صفة في تأليف المحكمة أو أنه يقوم بمساعدة المحكمة في أداء مهمتها  (18) ويتفرع عن ذلك أنه لا تسمع شهادة كل من:

1- القاضي المختص في الدعوى: لا ينبغي الجمع بين صفة الشاهد ووظيفة القاضي في الدعوى نفسها، إذ لا يجوز للقاضي أن يحكم في الدعوى بناء على معلوماته الشخصية ، فإذا طلب الشهادة وجب عليه ان يعتزل الحكم فيها، ويتقدم لأداء شهادته ان كانت لديه معلومات تتعلق بها (18).

2- الادعاء العام: لا يجوز لعضو الادعاء العام أن يتناسى مركزه في الدعوى الجنائية ، وهو خصم فيها ويتقدم كشاهد ، لأن صفة الادعاء العام صفة خصومة لا تلتئم مع صفة الشاهد ، فضلا عن ذلك لا يمكن لعضو الادعاء العام أن يترك مركزه خالية ليؤدي الشهادة ثم يعود بعد ذلك إلى وظيفته، لان في ذلك تعارض في الصفتين وبطلان في الإجراءات يتعلق بالنظام العام (19).

3-  الأشخاص المتصلون بالتحقيق أو الذين يحضرونه بحكم وظائفهم: مثل المترجم وكاتب الجلسة وباحثو الحالة الاجتماعية، فهؤلاء يدخلون في عداد الأشخاص الملزمين بالحفاظ على اسرار التحقيق (20)

وبما أن أكثر التشريعات الوضعية تفترض الشك في شهادة الاقارب أو الزوجية ، على أساس أن العدالة لا يمكن أن تثق سوى ثقة محدودة تجاه قول الأشخاص الذين تربطهم بالمتهم علاقة قرابة أو نسب فهي علاقة عاطفية عميقة ، وفي اجبارهم على أداء الشهادة وضع لهم في موقف محرج و غير انساني إذ لا يكون أمامهم ألا إن يختاروا بين أحد الأمرين : فإما أن يدلوا بشهادتهم بصدق فيؤدي ذلك إلى المساس بشرف أقربائهم أو الاضرار بهم وفي ذلك قطع الصلة الرحم وتمزيق لأواصر القربي وتحطيم للروابط الأسرية ، وإذا كانت العدالة تستهدف الحق لخير المجتمع كله فقد يكون من الخير لها الحفاظ على الوشائج التي تربط بين افراد المجتمع عن طريق التماسك الأسري، وعلى الجانب المقابل فان الشاهد الذي يريد أن يتجنب هذه العواقب سيضطر حتما إلى الكذب ويكون مرتكبا لجريمة الشهادة الزور وهي تناقض العدالة نفسها ، وللخروج من هذا المأزق فقد استثنت التشريعات المختلفة كل منها ما تراه مؤدية لهذا الغرض (21).  لذا فقد نصت المادة (68) من قانون أصول المحاكمات العراقي على أنه أ- لا يكون أحد الزوجين شاهدا على الزوج الآخر ما لم يكن متهم بالزنا أو بجريمة ضد شخصه أو ماله أو ضد ولد أحدهما . ب - لا يكون الأصل شاهدة على فرعه ولا الفرع شاهدا على اصله ما لم يكن متهم بجريمة ضد شخصه أو ماله. ج - يجوز أن يكون أحد الأشخاص المتقدم ذكرهم شاهد دفاع للآخر ويهدر من الشهادة الجزء الذي يؤدي إلى إدانة المتهم". وهذه الرخصة مقررة للشاهد في مرحلتي التحقيق الابتدائي والمحاكمة ، منعا للحرج بين الإدلاء بالحقيقة والأضرار بمن تربطه به علاقة قربى أو مصاهرة، إذ قد يضطره الأمر إلى الإدلاء بأقوال كاذبة ان لم يمنح ذلك الحق (22).

ومن الجدير بالإشارة أن القوانين الجزائية لم تضع شرطا يمنع بمقتضاه الاستماع إلى من سبق وأن حكم عليه بجريمة شهادة الزور ، وهذا بكل تأكيد قصور تشريعي كان من الأجدر بالمشرع أن يتلافاه، فمن كذب مرة وضلل القضاء يمكنه الكذب مرة أخرى ، وهذ ما تستلزمه قواعد العدالة حتى لا تتكرر جريمته (23).

الفرع الثاني

الشروط المتعلقة بالحماية ذاتها

الم تتفق التشريعات المقارنة محل الدراسة ، في مسألة تحديد شروط الحماية الجزائية للشاهد فقد نصت المادة (3) من قانون حماية الشهود العراقي على أنه " للمشمول بأحكام هذا القانون ، إذا كان هناك خطر على حياته أو سلامته الجسدية أو مصالحه الأساسية أو حياة أفراد أسرته أو أقاربه أو سلامتهم الجسدية أو مصالحهم الأساسية إذا ما أدلى بشهادته أو خبرته أو أقواله في دعوى جزائية أو دعوى ارهابية تمس أمن الدولة وحياة المواطن". وطبقا للنص المتقدم فان شروط الحماية تتمثل بالاتي :

أولا - وجود خطر: يتشجع الشاهد ويقدم على الإدلاء بشهادته عندما يشعر بالأمان على نفسه وأقاربه من بعده ، أما إذا كان هنالك خطر (24). يهدده بسبب ادلائه بشهادته فإنه سوف يحجم عنها ، وربما يصل الأمر به إلى الامتناع عن الحضور ، أو قلب الموازين إذا حضر لصالح المجرم خوفا من بطشه على نفسه أو على أقاربه (25)، عليه سنحاول بيان الخطر الذي يمكن أن يتعرض له الشاهد وأفراد أسرته وأقاربه في النقاط الاتية:

1- وجود خطر على حياة الشاهد أو سلامته الجسدية أو مصالحه الأساسية : يمكن تعريف الخطر بأنه حالة توافر فيها ذو شأن من العوامل الميسرة لحدوث ضرر ما (26)  ، كما عرف بأنه أفعال ناشئة عن أشخاص معينين من الممكن ومن المحتمل أن ينشأ عنها أضرار غير محددة تصيب عدد غير محدد من الأشخاص في حياتهم أو أموالهم  (27) ، كما عرف كذلك بأنه صلاحية ظاهرة معينة أو عوامل معينة لأن ينتج منها زوال أو نقصان قيمة تشبع حاجة ما ، وهذه الصلاحية هي نظرة لها طابع مادي وطابع شخصي في آن واحد ، فهي من الناحية المادية تستخلص من وقائع الحياة نفسها وفي الغالب في مجرى الأمور ، وهي من الناحية الشخصية تستند إلى اعتقاد بوجودها لا يقوم فحسب في ذهن فرد أو افراد يتوجسون خيفة ظانين أن خطرا ما ماثل أمامهم ، وانما في ذهن كافة الناس(28) ، كما عرف بأنه حالة جدية تنذر بالضرر وتقوم هذه الحالة حين يطرأ على صعيد الواقع عامل من العوامل التي تلت الخبرة الانسانية على قدرتها في ظروف معينة على أحداث الضرر وذلك متى اقترن العامل بتلك الظروف (29)

وفي الحقيقة أن فكرة الخطر تتميز عن فكرة الخطورة الإجرامية ، فهما وأن تشابها في معنى واحد هو احتمال العدوان ، فأنهما يختلفان في أن الخطر وصف يلحق بالنتيجة التي تعد عنصرا في الركن المادي للجريمة ، وبخلاف الخطورة فأنها وصف يلحق بالفاعل ، ومن ناحية أخرى فأنه بينما يعد الخطر فكرة قانونية في الجريمة وعنصرا فيها فأن الخطورة ليست إلا فكرة إجرامية لا يقتضي توافرها وقوع الجريمة ، وأن كانت تعد مفترضا ضرورية لتحديد العقوبة أو التدبير الملائم (30) .

وفيما يتعلق بنوع الخطر الذي يؤثر على الشاهد ، فلم يحدد المشرع العراقي في قانون حماية الشهود نوعه أو ماهيته وانما اكتفى بوجوده ، والخطر يمكن أن يكون حال وهو حالة تتوفر فيها جميع العناصر اللازمة والضرورية للأضرار بالحق أو المصلحة المحمية جنائية، فهو خطر وشيك الوقوع لكنه لم يقع فعلا ومن شأنه أن يؤدي مباشرة إلى نتائج ضارة (31)، أو قد يكون وقع فعلا ولكنه لم ينتهي بعد ، ويمكن أن تمنح الحماية في حالة الأولى (الخطر وشيك الوقوع) لمنع وقوع خطر الاعتداء على الشاهد ، وذلك لأنه ليس من العدالة في شيء انتظار وقوع الاعتداء حتى يصح ايقافه(32) ، وتمنح الحماية في الحالة الثانية ( وقوع الخطر فعلا ) لمنع استمراريته. ولكن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا الخصوص ما الحكم لو كان الخطر محتمل ( مستقبلي) بمعنى أنه لم يتحقق فعلا كما في حالة أطلاق النار على الشاهد من قبل عدو له ألا إن الرصاصة لا تصيبه ، أو يتدخل سبب لا علاقة له بالجاني فيخيب أثر هذا الاعتداء كما هو الحال في الشروع ، كما أن المشرع يجرم أفعالا لمجرد كونها تتضمن خطر يهدد المصلحة التي يحميها القانون كالاتفاق أو التحريض؟

في الحقيقة أن الركون إلى معيار الخطر المحتمل يتفق مع الطبيعة القانونية لإجراءات حماية الشهود باعتبارها من الإجراءات الجنائية الوقائية، باعتبار أن آثار هذه الإجراءات يسري دائما في المستقبل لتفادي احتمالية وقوع جرائم بالنسبة لمحل الحماية المستهدف.

ويلاحظ أن المشرع العراقي في قانون حماية الشهود قد توسع في تحديد الخطر الموجب للحماية ، فاستوى لديه الخطر الذي يهدد حياة الشاهد ، أو سلامته الجسدية ، أو مصالحة الأساسية ، وذلك لما للحق في الحياة من أهمية كبيرة ، إذ نال مكانة متميزة في نصوص التشريعات الداخلية ، إذ كفلت المادة (15) من الدستور العراقي النافذ الحق في الحياة بكونه حقا اساسية للفرد ولا يجوز الحرمان من هذا الحق الا وفقا للقانون وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة (33) ، كما كفل المشرع في قانون العقوبات الحق في الحياة باعتباره المصلحة المعتبرة التي حظيت بعناية ملحوظ سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي أو الداخلي (34) فقد تولى تجريم الأفعال الماسة بحياة الانسان وسلامته البدنية والعقاب عليها ممثلة بالقتل بأوصافه المختلفة المنصوص عليها في قانون العقوبات كالقتل العمد في المواد ( 406-405 ) والتحريض على الانتحار في المادة (408) والضرب المفضي إلى الموت في المادة (410) والقتل الخطأ في المادة (411). لذا فقد كفل المشرع توفير الحماية لهذا الحق ، باعتبار أن من اهم واجبات الدولة الحديثة توفير الأمن للمواطنين وحمايتهم من الجريمة بكافة الوسائل.

كما شمل بالحماية الحق في سلامة الجسد الذي يعد ركيزة أساس من ركائز البقاء لدى الانسان، ويعد من أهم الحقوق اللصيقة بالشخصية بعد الحق في الحياة سواء بالنسبة للفرد ، لأن جسم الإنسان يعد عنصرا جوهرية في تكوين شخصيته القانونية التي تجعله أهلا لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، أو بالنسبة للمجتمع لأن أي مساس بسلامة الجسم يقلل من قدرة صاحبه على أداء وظيفته الاجتماعية، وبالتالي لا يستطيع الوفاء بالتزاماته باتجاه المجتمع (35)، ويقصد بالجسد ذلك الكيان المادي والنفسي الذي يباشر وظائف الحياة الطبيعية والاجتماعية وهو محل الحق في سلامة الجسم (36) ، وهذا يعني أن محل الحق هو جسم الانسان بجميع جزيئاته واعضائه سواء كانت تؤدي وظائف عضوية كالجهاز الهضمي والقلب والأطراف أم وظائف ذهنية أو نفسية كالمخ ومراكز الاحساس بالجسم وتتساوى اعضاء الجسم في اهميتها ومن حيث الحماية التي تسبغ عليها سواء كانت خارجية أو داخلية ، فالاعتداء الذي يقع على عضو خارجي كالأطراف يماثل الاعتداء الذي يقع على عضو داخلي كالكبد والطحال، وسواء كانت تلك الأعضاء بشكلها المعتاد والمتعارف عليه ام كانت تختلف زيادة أو نقصانا كالأصبع السادس في اليد فلا يمكن الحاق الضرر بهذا الاصبع بحجة أنه زائد عن الحاجة فكل مساس به بعد مساسا بسلامة الجسد (37).

كما وشمل المصالح الأساسية للشاهد بالحماية ، ويقصد بالمصلحة كل ما يشبع حاجة مادية أو معنوية لشخص ما ، فالحاجة المادية تتمثل في حماية المصلحة في الحياة ، ومصلحة السلامة البدنية، ومصلحة حماية أعضاء الجسم للسير وفق المجرى الطبيعي ، أما الحاجة المعنوية فتتمثل في حماية مصلحة الشرف والاعتبار في الجرائم الماسة بحرية الانسان وحرمته (38) . ومن المعروف أن المصلحة لا تقترن بفائدة ما لم يكن هناك نصا يضفي الحماية القانونية عليها ، فلكي تكون المصالح جديرة بالحماية فلا بد أن تكون هناك نصوص تمكن صاحب المصلحة من المطالبة عند وقوع عدوان على حق من حقوقه ، فلا بد لكل مصلحة ان تلحق بها حماية(39). فالحماية شرط لا بد منه للحيلولة من غير وقوع اعتداء على المصلحة المشروعة.

وبالتالي فأن خطر الاعتداء على الشاهد يمكن أن يشمل ما يتعرض له من خطر يمس حياته مباشرة كالقتل ، أو خطر المساس بالسلامة الجسدية فيتمثل فيما يتعرض له من جرائم الضرب أو الجرح أو غيرها من الجرائم المساس بالسلامة الجسدية ، ولا شك أنه يدخل في عداد تلك الجرائم ما قد يتعرض له من جرائم تتمثل في الاعتداء على العرض كالاغتصاب وهتك العرض (40) . إذ تقع هذه الجرائم ضمن الخطر الذي يهدد مصلحة اساسية للشاهد ، وهي مصلحة الشرف والاعتبار.

أما عن موقف المشرع الفرنسي في قانون الإجراءات الجنائية فلم ينص في إطار المادة (706-57) الخاصة بعدم الافصاح عن محل إقامة الشاهد" على هذا الشرط ، ألا إنه تبناه في إطار المادة ( 706-58). الخاصة بعدم الافصاح عن شخصية الشاهد"، إذ نصت على أنه " ... وكان من شأن سماع الشخص المشار إليه في المادة (706-57) تعريض حياته أو سلامته البدنية... للخطر الجسيم". يلاحظ من نص هذه المادة أن المشرع لا يتطلب الا مجرد احتمال تعرض الشاهد لخطر الاعتداء على الحياة أو سلامة البدن.

أما المشرع الأمريكي فقد اشترط توفر احتمالية تعرض الشاهد للخطر الإمكانية شموله بالحماية ، إذ نصت الفقرة (1) من المادة (3۵21) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "1- يجوز للمدعي العام أن يصدر قرارا بإعادة توطين الشاهد أو الشاهد المحتمل ، وتوفير أي وجه من أوجه الحماية الأخرى... إذا ما ثارت احتمالية تعرض... هذا الشخص للخطر ، نظرة الاشتراك الشاهد في اجراءات الدعوي القضائية...

كما أن المشرع الجزائري استعمل مصطلح تهديد خطير للدلالة على الخطر الذي يمكن أن يتعرض له الشاهد ، إذ نصت المادة (56 مكرر19) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه " يمكن افادة الشهود والخبراء من تدبير أو أكثر من تدابير الحماية غير الاجرائية و/أو الإجرائية المنصوص عليها في هذا الفصل ، إذا كانت حياتهم أو سلامتهم الجسدية... معرضة لتهديد خطير بسبب المعلومات التي يمكنهم تقديمها للقضاء التي تكون ضرورية لإظهار الحقيقة...".

أما عن المشرع المغربي فقد تبنى هذا الشرط كذلك، إذ نصت المادة (82-6) من المسطرة الجنائية على أنه يحق للشاهد أو الخبير في أي قضية ، إذا ما كانت هناك أسباب جلية من شأنها أن تعرض حياته أو سلامته الجسدية أو مصالحه الأساسية ...للخطر أو لضرر مادي أو معنوي إذا ما ادلى بشهادته....

2 - وجود خطر على حياة اسرة الشاهد أو أقاربه أو سلامتهم الجسدية أو مصالحهم الأساسية: نص قانون حماية الشهود في المادة (3) منه على أنه " للمشمول بالحماية أن يطلب وضعه تحت الحماية ...إذا كان هناك خطر على... حياة أفراد أسرته أو أقاربه أو سلامتهم الجسدية أو مصالحهم الأساسية.... يلاحظ أن المشرع العراقي لم يقتصر على توفير الحماية للشاهد نفسه ، إنما شمل اسرة الشاهد وأقاربه وكل ما يمكن أن يتعرضوا له من مساس بالسلامة الجسدية أو المصالح الأساسية ، ويمكن في هذا الصدد التساؤل حول نطاق هذه حماية، هل حلد المشرع نطاق هذه الحماية ام جعلها مطلقة تشمل كل اسرة واقارب الشاهد، وللإجابة على هذا التساؤل يمكن الرجوع إلى المادة (2)، التي نصت على أن " تسري أحكام هذا القانون على الشهود...وأقاربهم حتى الدرجة الثانية.... يتبين من نص هذه المادة أن المشرع حدد نطاق هذه الحماية بالنسبة لأفراد اسرة الشاهد وأقاربه لغاية الدرجة الثانية. ويمكن الرجوع في معرفة درجة القرابة إلى القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951، إذ نصت المادة (38) منه على أن اسرة الشخص تتكون من ذوي قرباه ويعد من ذوي القرابة من يجمعهم اصل مشترك". ونصت المادة (39) على أن "1- القرابة المباشرة هي الصلة ما بين الأصول والفروع وقرابة الحواشي هي الرابطة ما بين اشخاص يجمعهم اصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعا للآخر. 2- ويراعى في حساب درجة القرابة المباشرة اعتبار كل فرع درجة عند الصعود للأصل بخروج هذا الأصل ، وعند حساب درجة قرابة الحواشي تعد الدرجات صعودا من الفرع للأصل المشترك ثم نزولا منه إلى الفرع الآخر وكل فرع يعد درجة دون ان يحسب الأصل لمشترك....

يتبين من نصوص المواد السابقة أن درجات القرابة تتحدد باعتبار كل فرع درجة من غير حساب الأصل ، وتتحدد درجة الحواشي من الفرع صعودا إلى الأصل المشترك ثم نزولا منه إلى الفرع الآخر بغير حساب ذلك الأصل. فرجة القرابة بين الأصل المشترك والفرع الثاني وهي قرابة الأب لأبنه فهي من الدرجة الأولى، ودرجة القرية بين الأصل المشترك والفرع الثاني وهي قرابة الجد لحفيده فهي من الدرجة الثانية (لأن مجموع الدرجات بينهما درجتين) وبالتالي فان قرابة الدرجة الأولى تشمل كل من (الأب ، الام ، الابن ، البنت) أما قرابة الدرجة الثانية فتشمل (الجد ، الجدة ، الاخ ، الاخت ، ابن الابن ، بنت الابن)(41).

والحكمة من شمول افراد اسرة الشاهد بالحماية تتمثل في أن مجرد تعرضهم لاحتمال الاعتداء عليهم قد يؤدي لإحجام الشاهد عن الإدلاء بشهادته نتيجة ما يخضع له من إكراه معنوي تتأثر به نفسيته فتؤثر على قراره بالمشاركة في الإدلاء بالشهادة ، فخوف الشاهد من خطر المتهم أو تنكيله أو انتقامه من افراد أسرته أو أقربائه يدفعه إلى الكذب في الشهادة أو كتمانها أو الاحجام عنها لا سيما إذا كان الشاهد من عائلة ضعيفة أو قليلة العيد وكان المتهم من عائلة لها نفوذها أو بطشها باليد أو المدينة التي يسكن فيها الشاهد (42).

أما عن موقف المشرع الفرنسي في قانون الإجراءات الجنائية فقد حدد الأشخاص الذين يمكن أن يتعرضوا لخطر الاعتداء على الحياة أو المساس بسلامة الجسد ، وهم أفراد أسرة أو أقاربه(43). ويلاحظ أن المشرع الفرنسي لم يحدد المقصود بأفراد أسرة الشاهد أو المقربين له ، إذ ترك هذا الأمر لتقدير قاضي الحريات والحبس.

أما عن موقف المشرع الأمريكي في قانون الإجراءات الجنائية ، فقد حدد الأشخاص المشمولين بالحماية وهم افراد العائلة المباشرة أو أحد الأشخاص المرتبطين بصورة لصيقة بالشاهد ، فقد أجاز للمدعي العام أن يقرر اعادة التوطين أو غيرها من أوجه الحماية للعائلة المباشرة أو لأحد الأشخاص المرتبطين بصورة لصيقة بمثل هذا الشاهد أو الشاهد المحتمل إذا ما ثارت احتمالية تعرض هذه العائلة للخطر (44). أما عن موقف المشرع البلجيكي في قانون تحقيق الجنايات ، فقد كان أكثر تفصيلا وتوسعة في تحديد الأشخاص المشمولين بالحماية، فبالإضافة إلى شخص الشاهد يمكن تطبيق اجراءات الحماية على اعضاء عائلة الشاهد المهدد وهم زوج الشاهد المهدد أو الشخص الذي يعيش معه ويحتفظ بعلاقة عاطفية أو جنسية دائمة معه، وأباء الشاهد الذين يعيشون معه في مكان واحد أو آباء زوجه أو آباء الشخص الذي يعيش معه ويحتفظ بعلاقة عاطفية أو جنسية دائمة معه، ومتبنيهم والاطفال بالتبني الذين يعيشون معهم في نفس المكان ، والآباء لمتبنيهم والاطفال بالتبني الذين يعيشون معهم تحت نفس السقف، وافراد اسرة الشاهد المهدد وهم آباء الشاهد المهدد من الدرجة الثالثة الذين لا يعيشون معه تحت سقف واحد وآباء زوجه أو آباء الشخص الذي يعيش معه ويحتفظ بعلاقة عاطفية أو جنسية دائمة معه، الثانية الذين لا يعيشون معهم تحت نفس السقف (45).

ثانيا - ان يكون هذا الخطر بسبب شهادة الشاهد في دعوى جزائية أو ارهابية : يقتضي هذا الشرط ان يكون الشاهد قد تعرض للخطر بسبب ادلائه بالشهادة ، وأن تكون هذه الشهادة في دعوى جزائية أو ارهابية وهو ما سنحاول بيانه في النقاط الاتية :

1- أن يكون هذا الخطر بسبب الشهادة عن الجرائم : لا تخفى أهمية الشهادة في الكشف عن الجرائم إذ يعد الاثبات بشهادة الشهود أمرأ لا غنى عنه ، لان الجريمة واقعة تنتمي إلى الماضي ، وليس في وسع المحكمة أن تعاينها بنفسها وتعرف حقيقتها ، وتستند إلى ذلك فيما تقضي به في شأنها ومن ثم يتعين عليها أن تستعين بوسائل تعيد أمامها رواية ما حدث وتفصيله (46)  بالإضافة إلى أن الأفعال والحوادث والحوادث التي تصبح يوما ما أساسا للدعوى لا سبيل إلى اثبات كلياتها وجزيئاتها من غير الرجوع إلى ذاكرة الأشخاص الذين شهدوا وقوعها ليكونوا شهود على الحادث (47) .

ونتيجة لذلك قد يتعرض الشاهد للعديد من المخاطر التي تهدد حياته وحياة أفراد أسرته عند ادلائه بشهادته عن الجرائم ، لذلك وجب حمايته من كل ما يتعرض له من ضغوط أو تهديدات بسبب ادلائه بشهادته. ونتيجة لذلك نجد أن المشرع العراقي فضلا عن اشتراطه وجود الخطر تطلب وجود رابطة سببية تربط بين الخطر الذي تعرض له الشاهد وبين الشهادة التي يدلي بها أمام القضاء ، هذا وقد اكدت هذه الرابطة المادة (3) من قانون حماية الشهود إذ نصت على أنه "للمشمول بأحكام هذا القانون ان يطلب وضعه تحت الحماية... إذا كان هناك خطر... إذا ما ادلى بشهادته....

ومن أمثلة هذا الخطر تعرض الشاهد التعذيب وبالتالي لخطر محلق من قبل الموظف أو القائم بالتحقيق من اجل الإدلاء بمعلومات عن جريمة أو كتمان أمر من الأمور ، فيمارس التهديد والوعيد والتخويف أو التعذيب البدني بكل صوره لكي يدفع الشاهد إلى قول ما يريده تحقيقا لغاياته (48)  .وقد يكون سبب الكذب في الشهادة أو الامتناع عنها هو خوف الشاهد من أن تساء لسمعته ويخدش شرفه إذا ما ادلى بشهادته ، كحالة المرأة التي تخشى الإدلاء بالشهادة لان سرد الوقائع سيكشف لأفراد عائلتها أنها كانت مع صديق أو حبيب وقت وقوع الحادث (49).

2 - ان تكون شهادة الشاهد في دعوى جزائية أو دعوى ارهابية: يتم الربط غالبا بين منح الحماية و تعلق الشهادة بجرائم معينة ، وتتجلى الحكمة من هذا الربط إلى ما قدره المشرع ذاته من خطورة الجريمة التي يمكن أن تدفع مقترفها إفلات من المسؤولية إلى الاعتداء على الشاهد منعا له من إبداء شهادته أو انتقام منه، إذ تمثل الجريمة سلوكا إنسانيا يهدد المجتمع في تعكير أمنه وسلامته وتعريض مصالحه للخطر، فيكون لابد من ايقاع العقاب على مقترف ذلك السلوك، والوسيلة التي يلجأ إليها المجتمع لتحقيق هذه الغاية هي الدعوى الجزائية(50) . فكل جريمة ينشأ عنها حتما ضرر عام يستوجب إقامة الدعوى الجزائية على مرتكبها (51) وقد نصت المادة (2) من قانون حماية الشهود على أن " تسري أحكام هذا القانون على الشهود في ... الدعاوى الجزائية أو الدعاوى الارهابية ... وتحدد الدعاوى الجزائية والمشمولة بهذا القانون بنظام يصدر عن مجلس الوزراء بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة على أن لا يتجاوز إصداره (6) اشهر من تاريخ نفاذ القانون.

ويرد على نص هذه المادة عدد من الملاحظات وتحديدا فيما يتعلق بالدعاوى الجزائية المشمولة بهذا القانون وبالتالي شمول الشهود فيها بالحماية. فقد أحال المشرع العراقي مسألة تحديد الدعاوى الجزائية إلى مجلس الوزراء بنظام يصدر عنه (52) ، وهو بموقفه هذا قد خالف ما سارت عليه التشريعات المقارنة من تحديد الجرائم أو الدعاوى في صلب النصوص الخاصة بالحماية ، كذلك نجد أن المشرع قد قيد تحديد الدعاوى الجزائية المشمولة بهذا القانون من قبل مجلس الوزراء باقتراح من مجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة ، ونجد أنه لم يكن موفقا في ذلك لان كل من الجهتين لم يرد ضمن اختصاصاتهما اختصاص تحديد الدعاوى الجزائية سواء كانت من اختصاص هيئة النزاهة أو المحاكم العادية التي يمكن أن يكون الشاهد فيها محل للاعتداء فلا نجد محط أو مبررة قانونية لهذا القيد، فالمشرع هو الجهة المختصة بتحديد هذه الدعاوى ، كما أن المشرع قد منح مجلس الوزراء مهلة لا تتجاوز (6) اشهر من تاريخ نفاذ قانون الحماية لإصدار نظام أو تحديد الدعاوى الجزائية المشمولة بهذا القانون ونجد بهذا الخصوص ان المشرع لم يكن موفق في ذلك وكان أمامه خيارين لتحديد هذا الدعاوى ، أما أن يشمل بهذا القانون جميع الدعاوى الجزائية أو الدعاوى المتعلقة بالجنايات أو الجنح، أو يحدد بنفسه الدعاوى الجزائية المشمولة به ولا يترك الأمر لمجلس الوزراء.

وقد صدر من مجلس الوزراء نظام رقم (9) لسنة 2018 بشأن تحديد الدعاوى الجزائية المشمولة أحكام قانون حماية الشهود (53). وقد حددت المادة (1) الدعاوى المشمولة بأحكام قانون حماية الشهود ، إذ نصت على أن أولا - تشمل بأحكام قانون حماية الشهود والخبراء والمخبرين والمجنى عليهم رقم (58) السنة 2017 ، الدعاوى الآتية :

أ- الجرائم الارهابية المنصوص عليها في قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 200۵. ب- الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي. ج - جرائم مكافحة الاتجار بالبشر المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم (28) لسنة 2012. د جرائم سرقة وتهريب الآثار المنصوص عليها في قانون الاثار والتراث رقم (25) لسنة 2002. ه - جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية المنصوص عليها في المواد (27) و (28) و (30) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (5) لسنة 2017. و - جرائم غسل الأموال وتمويل الارهاب المنصوص عليها في المواد (35) و (36) و (37) من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب رقم (39) لسنة 2015. ز- جرائم تهريب النفط ومشتقاته المنصوص عليها في قانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته رقم (41) لسنة 2008. ح- جرائم تزوير المحررات الرسمية وتزييف العملة، ط - قضايا الفساد المنصوص عليها في قانون هيأة النزاهة رقم (30) السنة 2011.

 ثانيا - اي جريمة معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد من غير الجرائم المنصوص عليها في البند ( أولا ) من هذه المادة".

يتبين من نص المادة السابقة أن المشرع العراقي قصر توفير الحماية على الشخص الذي تنطبق عليه صفة الشاهد في دعاوى الجريمة الإرهابية أو جريمة المساس بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي أو جرائم مكافحة الاتجار بالبشر أو جرائم سرقة وتهريب الآثار أو جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية أو جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب أو جرائم تهريب النفط ومشتقاته أو جرائم تزوير المحررات وتزييف العلمة أو قضايا الفساد الواردة في قانون هيأة النزاهة ، بالإضافة إلى أي جريمة معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد.

أما عن موقف المشرع الفرنسي فلم يحدد في إطار المادة (706-57) من قانون الإجراءات الجنائية الجرائم التي يستحق فيها الشاهد الحماية إذا ما ادلى بشهادته بخصوصها ، ألا إنه حدد هذه الجرائم في إطار المادة (706-۵8) إذ نصت على أنه " في حالة الإجراءات المتعلقة بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة ثلاث سنوات على الأقل... وهكذا قدر المشرع الفرنسي قصر اجراءات إخفاء شخصية الشاهد بشأن الجرائم التي تتسم بقدر من الجسامة الجريمة ، وهي الجنايات كلها ، وكذلك الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة ثلاث سنوات على الأقل.

أما عن موقف المشرع الأمريكي فقد نصت الفقرة (1) من المادة (3۵21) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه " يجوز للمدعي العام أن يصدر قرارا بإعادة توطين الشاهد أو الشاهد المحتمل ، وتوفير أي وجه من أوجه الحماية الأخرى له حال قيامه بتقديم شهادته لصالح الحكومة الفيدرالية أو لصالح حكومة إحدى الولايات في قضية رسمية تتعلق بأحد أنشطة الجريمة المنظمة أو غيرها من الجرائم الخطيرة ، وذلك إذا ما رأى المدعي العام أن جرما ينطوي على جريمة عنف أو جرم من تلك الجرائم المدرجة بالفصل 73 من هذا القانون ، أو جزم من الجرائم المنصوص عليها في قوانين الولايات مشابه في طبيعته لأي من الجرائم السالف ذكرها يحتمل ارتكابه ضد الشاهد فيما يتعلق بهذه القضية....

أما عن موقف المشرع الجزائري فقد قصر الحماية على الشاهد في قضايا الجريمة المنظمة أو الارهاب أو الفساد ، وذلك في إطار المادة (56 مكرر 19) من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه " يمكن افادة الشهود والخبراء من تدبير أو أكثر من تدابير الحماية ...بسبب المعلومات التي يمكنهم تقديمها للقضاء التي تكون ضرورية لإظهار الحقيقة في قضايا الجريمة المنظمة أو الإرهاب أو الفساد".

أما المشرع المغربي فقد ميز بين حالتين بخصوص تحديد الجرائم ، تتعلق الحالة الأولى بإمكانية استفادة الشاهد من بعض تدابير الحماية الواردة في إطار المادة (82-7) من قانون الإجراءات الجنائية متى ما ادلى بشهادته في أي قضية وكانت هناك أسباب جدية من شأنها أن تعرض حياته وسلامته للخطر ، وتتمثل هذه التدابير بوضع رقم هاتف خاص بالشرطة تحت تصرف الشاهد ، ومراقبة الهواتف التي يستخدمها ، وتوفير حماية جسدية له من طرف القوة العمومية بشكل يحول من غير تعرض الشاهد أو أحد أفراد أسرته أو أقاربه للخطر (54) . أما الحالة الثانية فتتعلق بإمكانية استفادة الشاهد من واحد أو أكثر من تدابير الحماية المنصوص عليها في المادة (82-7) من ذات القانون متى ما تعلق الأمر بجريمة الرشوة أو استغلال النفوذ أو الاختلاس أو التبديد أو الغدر أو غسل الأموال أو احدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 08 امن هذا القانون (55) .

___________

1- محمد أحمد محمود ؛ شهادة الشهود في المواد الجنائية ، دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية ، 2004، ص 35.

2- علي السماك : الموسوعة الفضائية في التحقيق الجنائي العراقي والمحاكمة، ج 1  ، ط 1 ، مطبعة الارشاد ، بغداد، 1993  ، ص  242 .

3- د. هلالي عبد اللاه أحمد: النظرية العامة للأثبات الجنائي دراسة مقارنة، ج 2،دار النهضة العربية ، القاهرة، 2011، ص .841

4-  أن السن المعول عليه لتأدية الشهادة في قانون الإجراءات المصري هو سن الرابعة عشر، إذ نصت المادة (283) من قانون الإجراءات الجنائية على انه يجب على الشهود الذين بلغت سنهم اربعة عشرة منة ان يحلفوا يمينا قبل أداء الشهادة..." وفي فرنسا نصت المادة (338) من قانون الاجراءات الجنائية على انه "لا يجوز سماع أقوال الصغار دون السادسة عشر ولو حلفوا اليمين الا على سبيل الاستدلال" اما المشرع الأمريكي في قواعد الإجراءات والأدلة فلم يحدد سنة معينة للأدلاء بالشهادة، إذ نصت القاعدة الفيدرالية للأثبات رقم (601) على أن كل شخص يعد مؤهلا للشهادة مالم ينص على عكس ذلك باستثناء الأشخاص المتخلفين عقليا والاطفال الذين تحكمهم ضوابط خاصة والمشرع الجزائري نص في المادة (288) من قانون الإجراءات الجنائية على انه تسمع شهادة القاصر الذي لم يبلغ سن السادسة عشر بغير حلف اليمين .

5- د. محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات القسم العام ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1973 ، ص 546.

6- د. رمزي رياض عوض : سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 2010 ص112. توجهه محكمة اقليم كوردستان إلى أن إدانة المتهم استنادا إلى شهادات الأطفال ... غير صحيحة. قرار رقم 334/ هيئة جزائية /93 في  1993/8/10. وفي قرار المحكمة النقض المصرية ذهبت فيه إلى أن الشهادة تقتضي بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز، لان مناط التكليف هو القدرة على تحملها، ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من شخص غير قادر على التمييز... الطعن رقم 1442 لسنة 3 في تاريخ الجلسة 1993/5/8 ، أشار إليه د. مجدي محمود حافظ : موسوعة العدالة في الدفوع الجنائية، ج4، دار العدالة ، 2008، ص 1828.

7-  د. سعيد حسب الله عبد الله : اجراءات وقواعد سماع الشهادة في الدعوى الجزائية ، مجلة الرافدين للحقوق ، العدد الرابع، إذار، 1989 ، ص 189.

8- د. أحمد نشأت : رسالة الإثبات ، ج2، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1972 ، ص 595. وفي هذا الخصوص قضت محكمة النقض المصرية على أنه لما كان القانون قد أجاز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف اليمين على سبيل الاستدلال ... فهي عنصر من عناصر الاثبات يقدره القاضي حسب قناعته. الطعن (4086) جلسة 2001/11/4 ، أشار إليه حسين محمد جمجوم : موسوعة العدالة الجنائية، ج4، المكتب الفني للإصدارات القانونية، 2003 ، ص 359- 390.

9- حسين رجب محمد مخلف الزيدي: قواعد الترجيح بين أدلة الإثبات المتعارضة في الدعوى المدنية دراسة مقارنة ، ط1، منشورات زين الحقوقية ، مكتبة السنهوري بيروت، 2011، ص 77.

10- د. المعطي الجبوبي: القواعد الموضوعية والشكلية للأثبات وأسباب الترجيح بين الحجج ط1 ، مكتبة الرشاد، صنعاء ،2002 ص 101.

11-محمد كامل ابراهيم: الوسيط في سماع الشهود أمام القضاء الجنائي، ط1، الدار البيضاء للطباعة والنشر، المغرب، 1991، ص82.

12- أحمد أبو الروس: التحقيق الجنائي والتصرف فيه والأدلة الجنائية ، المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية بدون سنة طبع، ص 913.

13- د. شهاد هابيل البرشاوي : الشهادة الزور من الناحيتين القانونية والعملية ، دار الفكر العربي ، 1982 ص 492.

14- د. هلالي عبد اللاه أحمد: النظرية العامة للأثبات الجنائي دراسة مقارنة، ج 2،دار النهضة العربية ، القاهرة، 2011  ، ص 846-847.

15- د. هلالي عبد اللاه أحمد : المصدر نفسه ، ص 846-847.

16- عماد محمد ربيع حجية الشهادة في الإثبات الجزائي ، ط 1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان ، 2011 ص338.

17- د. نشأت أحمد نصيف الحديثي : وسائل الإثبات في الدعوى الجزائية ،ط1، الناشر صباح صادق جعفر، بغداد، 2005، ص 54-53. وفي هذا الخصوص ذهبت محكمة النقض المصرية في قرار لها على انه " من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة والتفنيد التبين مدى صحته (2) الطعن رقم (29032) س 59 في جلسة 1995/10/12 ، أشار إليه حسين محمد جمجوم : مصدر سابق، ص 391.

18- محمد علي سكيكر : تحقيق الدعوى الجنائية واثباتها ط1، دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية،2008، ص28.

19- خالد ناجي شاكر: الشهادة ودورها في الاثبات في الدعوى الجزائية ، مركز البحوث القانونية ، وزارة العدل ، بغداد، 1986، ص 24 .

20- ايهاب عبد المطلب : مصدر سابق ، ص 46 . 48. وذهبت محكمة التمييز في العراق إلى جواز سماع شهادة هؤلاء الأشخاص متى ما رأت محكمة الموضوع أن هناك ضرورة لذلك. وقد قضت المحكمة بأنه " لأجل الوقوف على تصوير الواقعة على حقيقتها ينبغي الاستماع إلى شهادة منظم الكشف على محل الحادث وهو المحقق " وقضت كذلك بان " المحكمة لم تبين وجه التحريف على فرض صحته على الاعتراف الوارد مع أن هذا الاعتراف كان مصدقا أمام قاضي جنح الكاظمية وفيه توقيع شاهد وكان بإمكان المحكمة استماع شهادة قاضي جنح الكاظمية " القرار 93/ جنايات /19۶9 في 1999/3/18 ، والقرار 32۵/ج/ 1932 في 1933/3/8 ، أشار إليه خالد ناجي شاكر : مصدر سابق ، ص 25. كما ذهبت محكمة النقض المصرية في قرار لها بأنه من المقرر انه ليس في القانون ما يمنع من استدعاء الضباط ، وقضاة التحقيق واعضاء النيابة العامة - وكذلك كتبة التحقيق - شهودا في القضايا التي لهم عمل فيها ، ألا إن استدعاء اي منهم لا يكون الا متى رأت المحكمة او السلطة التي تؤدي الشهادة أمامها محلا لذلك". الطعن (1200) س 56 ق - جلسة 1987/2/5 ، أشار إليه حسن الفكهاني : الموسوعة الذهبية للقواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض المصرية ، الاصدار الجنائي ، ملحق رقم 3، الدار العربية للموسوعات ، القاهرة ص 136.

21-  ابراهيم ابراهيم الغماز : الشهادة كدليل اثبات في المواد الجنائية دراسة قانونية نفسية، الهيئة المصرية العامة للكتاب  ، ص 37؛ ساهرة موسى داراوك: المسؤولية المترتبة على اهانة الشاهد امام المحكمة، بحث منشور في مجلة واسط للعلوم الانسانية ، العدد 27، 2014، ص548.

22- د. حسن صادق المرصفاوي : المرصفاوي في أصول الاجراءات الجنائية ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1998، ص 370.

23- ايهاب عبد المطلب : الشهادة الزور، المركز القومي للإصدارات القانونية  ، ص 49.

24-  يرى البعض أنه ينبغي التمييز بين التهديد والخطر الذي يتعرض له الشاهد ذلك لأن تقدير التهديد يتعلق بالنظر فيما إذا كانت حياة الشاهد في خطر جدي ومن ثم ينبغي معالجة مجموعة من المسائل من قبيل : (أ) مصدر التهديد (جماعة او شخص). (ب) إنماط العنف. (ج) مستوى التنظيم لدى الجماعة المهددة مثلا ( عصابة ، جماعة من نوع المافيا ، خلية ارهابية) . (د) قدرات الجماعة ومعرفتها والوسائل المتاحة لها لتنفيذ التهديد . اما تقدير المخاطر فيتعلق بالنظر في احتمالات تنفيذ التهديد مادية وتقدير كيف يمكن التخفيف منها ، وتجري عملية التقدير وفقا لمجموعة من المعايير ، ثم تتخذ اجراءات عمل للتقليل من احتمالات تنفيذ التهديد ، ومن ذلك على سبيل المثال باستخدام سيارات لا تحمل علامات معينة لنقل الشهود ، وتهيئة اماكن مؤقتة للشهود او تزويدهم بهويات جديدة. ينظر الممارسات الجيدة بشأن حماية الشهود في الاجراءات الجنائية المتعلقة بالجرائم المنظمة : ، ص 92.

25- د. احمود فالح الخرابشة : مصدر سابق ، ص 209؛ د. خالد محمد عجاج : الشهادة في نطاق قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي ، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق ، السنة 8، المجلد 3، العدد 29، 2014  ، ص 278.

26-  د. رمسيس بهنام : النظرية العامة للقانون الجنائي ، ط3 ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1971 ، ص 471.

27- ندى صالح هادي الجبوري : الجرائم الماسة بالمكينة العامة (دراسة مقارنة)، اطروحة دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية القانون جامعة بغداد ، 2009، ص 70.

28- د. معن أحمد محمد الحياري : الركن المادي للجريمة ، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010 ، ص 207.

29- ترتبط فكرة الخطر ارتباطا وثيقا بالقانون الجنائي فهي تمثل - في السياسة الجنائية علة تجريم جرائم التعريض للخطر ، حيث يمثل الخطر النتيجة الإجرامية في هذه الجرائم . ومن ناحية ثانية ، فالخطر له أهميته كأساس لتجريم الشروع ، إذ أن مجرد البدء في تنفيذ فعل بقصد اقتراف جريمة من شأنه تهديد الحق أو المصلحة المعتدى عليها بخطر الجريمة التي شرع الجاني في اقترافها ، فيعاقب على الشروع استنادا إلى تعريض هذا الحق أو تلك المصلحة للخطر ، كما يستمد من فكرة الخطر معيار " البدء في التنفيذ " وكذا ضابط التمييز بين البدء في التنفيذ وبين العمل التحضيري . ومن ناحية ثالثة ، فإن للخطر أهميته في نطاق بعض نظريات السببية ، وعلى وجه الخصوص " نظرية السببية الملائمة " ، وله ذات الأهمية في حالة الدفاع الشرعي وحالة الضرورة ، كما أنه يمثل علة توقيع التدابير الاحترازية وأهم شروطها. د. أحمد شوقي عمر أبو خطوة : جرائم التعريض للخطر العام : دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1992 ، ص 19-17 -18.

30- راسم مسير : الخطورة الإجرامية وسبل مواجهتها ، بحث منشور في مجلة كلية اليرموك الجامعة، العدد(1)، 2013، ص 9 .

31- د. ندى صالح هادي الجبوري : الجرائم الماسة بالمكينة العامة (دراسة مقارنة)، اطروحة دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية القانون جامعة بغداد ، 2009 ، ص 76.

32- عبد الستار البرزكان : قانون العقوبات القسم العام بين التشريع والفقه والقضاء، ط1، بدون مكان نشر، بنون مطبعة ، 200، ص206

33- إذ نصت المادة (15) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على انه " لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية ، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها الا وفقا للقانون ، وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة".

34- د. محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1978 ، ص 9.

35- ضياء عبد الله عبود جابر الأسدي : الحق في سلامة الجسد ضمانة من ضمانات المتهم ، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية القانون جامعة بابل ، 2002، ص 22.

36- د. اكرم محمود حسين البدو ؛ بيوك فارس حسين: الحق في سلامة الجسد (دراسة تحليله مقارنة) ، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق ، المجلد (9) ، العدد (33)، 2007، ص 5.

37- ضياء عبد الله عبود جابر الأسدي : مصدر سابق ، ص 23

38- د. جلال ثروت ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، الدار الجامعية ، بيروت ، 1989، ص93

39- د. جلال ثروت ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، الدار الجامعية ، بيروت ، 1989 ، ص 95.

40- محي الدين حسيبة : حماية الشهود عن طريق التجميل في الاجراءات الجنائية ، النموذج الفرنسي ، بحث منشور في مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ، العدد السادس، 2018 ، ص 82.

41- قحطان هادي عبد : درجة القرابة وأثرها في الميراث (دراسة مقارنة) ، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق ، السنة (2) المجلد (2) ،العدد (1) ، الجزء (1)، 2017، ص 217.

42- د. عماد محمد ربيع حجية الشهادة في الإثبات الجزائي ، ط 1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان ، 2011 ، ص 209.

43- ينظر المادة (706-58) من قانون الاجراءات الجنائية الفرنسي.

44- ينظر الفقرة (1) من المادة (3۵21) من قانون الإجراءات الجنائية الأمريكي.

45- ينظر المادة (102) من قانون تحقيق الجنايات البلجيكي.

46- د. أبو العلا النمر : الاثبات الجنائي ، دراسة تحليلية لتحديد موطن القوة والضعف في الدليل الجنائي ،ط1 ، دار النهضة العربية، مصر، القاهرة ، 1991 ، ص 9.

47- د. ابراهیم ابراهيم الغماز : مصدر سابق ، ص 9.

48- صباح سامي داود : المسؤولية الجنائية عن تعذيب الأشخاص ، رسالة دكتوراه ، مقدمة إلى مجلس كلية القانون ، جامعة بغداد ، 2000، ص 162.

49-  وذكر البعض حادثة لامرأة فرنسية شاهدت جريمة قتل وهي مختفية في منزل مشبوه ، وخافت افتضاح أمرها فتركت التحقيق يسير في اتجاه خاطئ ضد شخص بريء ، وأخيرا اضطرت أن تشهد بالحقيقة عندما وجهت التهمة إليها شخصية. د. عماد محمد ربيع : مصدر سابق ، ص 210.

50- د. رؤوف عبيد، مباديع الإجراءات الجنائية في القانون المصري، طه ، مطبعة نهضة مصر ،1970، ص 33. وقد عرفت الدعوى في قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1999 في المادة (2) منه بأنها " الدعوى طلب شخص حقه من آخر أمام القضاء". كما عرفت بأنها الوسيلة التي نص عليها القانون التي يلجأ إليها المجتمع لضمان حقه بمعاقبة الجاني، وذلك بالتحري عن الجرائم ومعرفة فاعليها والتحقيق معهم ومحاكمتهم وتنفيذ الحكم عليهم. سعيد حسب الله: شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، الموصل ، 1990، ص18.

51- تختلف الدعاوى الجزائية عن دعوى الحق الشخصي ( الدعوى المدنية ) من عدة وجوه وبصفة خاصة من حيث موضوع كل منهما، فموضوع الدعوى الجزائية الاقتصاص من الجاني بمعاقبته عن جريمته، أي بمثابة رد فعل على الإخلال الذي أحدثه في كيان المجتمع، أما موضوع الدعوى المدنية هو طلب التعويض ممن أصابه ضرر في شخصه أو ماله أو شرفه لجبر ذلك الضرر وتخلفان كذلك من حيث سبب كل منهما، فسيب الدعوى الجزائية الإخلال الذي لحق بكيان المجتمع نتيجة للفعل الذي لا يتسق مع نظمه وأوضاعه المقررة، الذي يشكل بالتالي تعكيرا لأمنه وكيانه. أما الدعوى المدنية فسببها الضرر الخاص الذي يصيب المضرور في ماله ونفسه وشرفه واعتباره ، كما أن دعوى الحق العام (الدعوى الجزائية) متصلة بمصلحة المجتمع في العقاب فلا يجوز تركها أو وقفها أو تعطيل سيرها أو التنازل عنها أو التصالح عليها قبل صدور الحكم أو بعده مع أيا كان ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، أما الدعوى المدنية فهي دعوى خاصة متعلقة بالمصلحة الشخصية للمجني عليه، ولا علاقة لها بالنظام العام فيستطيع المضرور أن يتصرف بها كما يشاء بالتنازل عنها أو بتركها أو التصالح عليها قبل صدور الحكم أو بعده. د. محمد صبحي نجم: الوجيز في قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، ط1، مكتبة دار الثقافة، 1991، ص42. د .محسن صادق المرصفاوي: المرصفاوي في أصول الإجراءات الجنائية ، ص 52. سعيد حسب الله: مصدر سابق، ص 43.

52- وتعرف هذه الحالة بتكملة القاعدة الجزائية على بياض وهي التي يضع المشرع فيها الجزاء ويحيل تقرير شق التجريم في وقت لاحق إلى المصادر غير المباشرة، والمشرع هنا أمر بتحديد الدعاوى الجزائية المشمولة بهذا القانون ولكنه احال تحديدها إلى الأنظمة التي تصدر من مجلس الوزراء، ويبرر بعض الفقه هذه الحالة بان هناك بعض العلاقات الاجتماعية ذات الطبيعة الخاصة لكونها تختلف باختلاف الظروف، وهذه العلاقات يتعين على السلطة التشريعية تركها لجهات أخرى كالسلطة التنفيذية مثلا لتتولى تنظيمها وفقا لمقتضيات المصلحة العامة، لأن التشريع في هذا المجال يحتاج إلى دراية وخبرة غالبا لا يمتلكها المشرع ولا تتوفر لغير الجهة المفوضة. حسين علاوي هاشم المندلاوي : الإحالة في مجال التجريم والعقاب، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية القانون ، جامعة بغداد، 2018 ، ص 127.

53- نشر في الوقائع العراقية ، بالعدد 4523 في2018/12/17

54-  إذ نصت المادة (82-9) من المسطرة الجنائية على انه يحق للشاهد او الخبير في أي قضية إذا ما كانت هناك أسباب جدية من شأنها أن تعرض حياته او سلامته الجسدية او مصالحه الأساسية او حياة أفراد أسرته أو أقاربه او سلامتهم الجسدية او مصالحهم الأساسية الخطر أو الضرر مادي او معنوي إذا ما ادلى بشهادته او افادته أن يطلب من وكيل الملك او الوكيل العام للملك او قاضي التحقيق حسب الأحوال - تطبيق احد الاجراءات المنصوص عليها في البنود او 7و 8 من المادة 82-7بعده وذلك بعد بيان الأسباب المذكورة".

 55- إذ نصت المادة (82-7) من المسطرة الجنائية على انه يمكن لوكيل الملك او الوكيل العام للملك او قاضي التحقيق كل فيما يخصه ، تلقائيا او بناء على طلب ، إذا تعلق الأمر بجريمة الرشوة أو استغلال النفوذ او الاختلاس او التبديد او الغار او غسل الاموال او احدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من هذا القانون أن يتخذ بقرار معلل واحدة او أي من التدابير التالية لضمان حماية الشهود.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






في السيرة النبوية قسم الشؤون الفكرية يدعو للاشتراك في مسابقة أفضل قصة قصيرة
أكثر من عشرة آلاف طالب يشاركون في الدورات القرآنية الصيفية ببغداد
في قضاء الهندية المجمع العلمي يحيي ولادة الإمام الرضا (عليه السلام) بمحفل قرآني
بعد إعلانه دعوة المشاركة مجمع العفاف النسوي يشهد إقبالًا واسعًا للمشاركة في معرضه التسويقي