المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4539 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


ضرورة وجود الخالق الازلي  
  
1375   12:04 صباحاً   التاريخ: 4-08-2015
المؤلف : محمد حسن آل ياسين‏
الكتاب أو المصدر : أصول الدين
الجزء والصفحة : ص17-30
القسم : العقائد الاسلامية / التوحيد / اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته /

البحث في وجود إله خالق مدبر للكون، و عن ادلة وجود هذا الاله الخالق، بحث قديم مغرق في القدم الى آماده البعيدة النائية، و ان اختلفت أشكاله على مر العصور، و تفاوتت أساليبه، و تغايرت أدلته و براهينه.

و الانسان- منذ اصبح انسانا واعيا شاعرا- مجبول على حب التطلع الى ما وراء الغيب، و مفطور على الرغبة في معرفة مبادي الأشياء و غاياتها و فهم حقائق كل شيء منها. من أين جاء؟ و كيف صار؟ و الى اين سينتهي به الطواف؟

و تحت تأثير هذه الفطرة و الجبلة تطلع الانسان الى الكون و لم يتوان عن التأمل في اسراره و التعمق في أغواره، بمقدار ما يستوعبه عقله و تفكيره في كل دور من أدواره الحضارية- على امتداد التاريخ- و كان البحث في وجود المبدأ الاول مفيض الوجود في مقدمة تلك الاسرار الكونية التي حاول فهمها و التأمل فيها بمقدار ما كان يملك من أدوات الفهم و التفكير.

و لما كان ادراك الانسان لحقائق الاشياء قد نشأ- اوّل ما نشأ- محدودا لا يتعدى دائرة حياته البسيطة الضيقة.

ثم تطور و تقدم على مر القرون تبعا لتطوره و تقدمه في ميادين المعرفة، فلا غرابة اذا ما رأينا موضوع الاعتقاد بالإله الخالق الموجد للكون متطورا متدرجا بمقدار تدرج الانسان في نموه العقلي و الفكري في تاريخ تطوره البعيد و القريب.

و لهذا نجد في الانسان- منذ عصوره الاولى- من عبد الحيوانات أو الكواكب أو بعض الجمادات معتقدا بأنها (ربه) الذي يحيي و يميت و يخلق و يرزق و يعطي و يمنع، و لم يكفه مجرد العبادة لها او التصديق بربوبيتها بل جثا تحت أقدامها يقرب لها القرابين و يقدم الاضاحي لتجلب له الخير و تدفع عنه الشر.

لقد رأى الشمس تصنع الحياة و الدفء و النمو في الكائنات الحية، بل لا حياة بدونها، فتوهم أنها اللّه.

و رأى القمر ينير ظلمات الليل للمدلجين التائهين في بطون الصحارى الكالحة، فتخيل انه اللّه.

و رأى النجوم ترسل بصيص شعاعها من أغوارها البعيدة و كأنها لغز محير يترك الفكر حائرا مشدوها، فتصور انها اللّه.

ثم رأى- أخيرا و ليس آخرا- بعض الحيوانات تمنحه المأكل او المشرب أو الملبس او يبدو منها ما يثير الاعجاب من بسالة او قوة او ضخامة فاندفع الى عبادتها على اساس انها اللّه.

و هذا كله ان دل على شيء فإنما يدل على بساطة هذا الانسان في تفكيره و سذاجة عقله، كما يدل على ايحاء فطرته السليمة له بضرورة وجود إله أوجد هذا الكون بعد ان لم يكن.

ثم تطورت نظرته الى هذه الامور- بفضل ارشاد الرسل و هدى الكتب السماوية- و تقدم به شعوره و ادراكه، فعرف بفهمه الفاحص ربه الخالق الموجد {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ *  ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: 3، 4].

ان الفطرة من أهم مصادر معرفة الانسان بربه و ايمانه به، و قد دفعته هذه الفطرة- او وعيه الداخلي المعبر عنه بـ «اللاشعور»- الى الاعتقاد بضرورة وجود خالق لهذا الكون، خلق الموجودات، و ابدعها من العدم، و اودع في كل موجود منها نظامه و قانونه ليقوم بواجبه ويؤدي الغرض الذي خلق له، بنحو دقيق و سير رتيب و نظام ثابت لا يتبدل و لا بتغير.

وعند ما قام عدد من الاساتذة الفرنسيين ببحث حياة الاقزام في أواسط افريقيا و جزائر الاندامان و جزيرة مالقة و بعض اجزاء الفليبين وصلوا الى نتيجة قاطعة هي: «ان الاقزام يمثلون أقدم طور يمكننا ان نصل إليه في التطور الجنسي للبشرية» و انهم يفوقون في البدائية قبائل جنوب شرق آسيا.

«و لم يجد شمت و غيره من البحاثين في عقائد تلك الجماعات اي اثر لعبادة الطبيعة او لعبادة الارواح. أما ايمانهم بالسحر فكان أقل من ايمان قبائل تجاورهم و تتجاوزهم في التقدم و التحضر. أما أميز عقائدهم فكانت عبادة موجود اسمى، و هذا الموجود هو الخالق و سيد العالم».

«و يمكننا ان نقرر ان اكتشاف قدم هذه القبائل و اكتشاف عقيدتها، انما هو اكتشاف خطير في تاريخ الاديان، اذ انها قررت- بشكل علمي و على اساس قاطع- الصلة الكاملة بين الفطرة و التوحيد»(1) .

و يقول المفكر الاسكتلندي لانج: «كل انسان يحمل في نفسه (فكرة العلية) و ان هذه الفكرة كافية لتكوين العقيدة بأن ثمة آلهة صانعة و خالقة للكون»(2) .

لقد فهم الانسان هذه الحقيقة بفطرته البشرية، و كان دليل هذه الفطرة بسيطا كبساطتها واضحا كوضوحها، حيث تؤمن هذه الفطرة بأن كل اثر يدل على مؤثر، و كل موجود يدل على موجد، و ان «البعرة تدل على البعير، و اثر الاقدام يدل على المسير، أفسماء ذات أبراج و أرض ذات فجاج لا يدلان على اللطيف الخبير».

و كمثال على ايحاء الفطرة و سوقها الانسان الى الاعتقاد باللّه تروى هذه القصة المأثورة التالية: حضر احد الملاحدة صباح ذات يوم مجلسا دينيا من مجالس بغداد طالبا مناقشة من يعترض عليه في إلحاده، فارسل صاحب المجلس رسولا الى احد المتكلمين للقيام بهذه المهمة، و انتهى الرسول الى دار ذلك «المتكلم» و أفهمه الواقعة، فطلب من الرسول الرجوع الى صاحب المجلس و اعلامه بأنه في الاثر.

و بقي الجميع بالانتظار ساعات طويلة كاد ان يتفرق بها المجلس، و اذ بـ «المتكلم» يدخل محيّيا و يلتفت الى صاحب المجلس راجيا منه العذر عن التأخير غير المتوقع لأنه لم يتأخر كل هذه المدة تماهلا أو رغبة في الراحة، بل رأى و هو في طريقه الى المجلس عجبا ملك عليه شعوره و إحساسه، فلم ينتبه الى نفسه و موعده الا بعد وقت طويل، فجاء مسرعا عجلا.

و لما سئل عن هذا العجب الذي أخذ عليه مجامع عقله قال: «لما انتهيت الى ضفاف دجلة و أنا في طريقي إليكم رأيت شجرة ضخمة تهوي الى النهر من تلقاء نفسها، ثم شاهدتها تتقطع قطعا متشابهة متشابكة منظمة، ثم أبصرت هذه القطع‏ تتلاقى و تتلاحم على شكل زورق، ثم سال عليها القار و دخلت فيها المسامير فأصبحت زورقا جميلا رائعا، ثم رأيت هذا الزورق يقف عند الضفاف من تلقاء نفسه فاذا ركب به الناس سار بلا مجذاف و لا سائق حتى يصل بهم الى الجانب الاخر، فاذا ركب به الناس من ذلك الجانب سار بهم الى الجانب الاول، و هكذا. و كان هذا هو العجب الذي رأيته و سبب لي التأخير».

و ما ان اتم كلامه حتى ضحك ذلك الملحد ضحكة السخرية و الاستهزاء و قال: «اني لآسف من تضييع الوقت في انتظار هذا الرجل الذي لم أجد في حياتي من بلغ مبلغه من السخف و الحماقة و هل يمكن في العقل ان تسقط شجرة و تتقطع و تتلاحم و تطلى بالقار ثم تصبح زورقا ينقل الناس من جانب الى جانب بدون وجود من يفعل ذلك؟».

فالتفت إليه المتكلم و قال: «اذا كان وجود زورق بسيط من تلقاء نفسه امرا غير ممكن عقلا و في نهاية الحمق و السخف، فكيف بوجود الارضين‏ والسموات و الكواكب و الكائنات الحية من تلقاء نفسها؟ و هل أكون أنا اشد سخفا أم انت؟».

و سكت الملحد مطرقا برأسه و لم يجد امامه الا الاعتراف بالخطأ و الغفلة.

و هكذا تملي الفطرة البشرية على الانسان دليل الاعتقاد، و بهذا الاسلوب البعيد عن غموض براهين الفلسفة و مصطلحاتها و أساليبها المعقدة.

اما الفلسفة فكان لها اسلوبها الخاص في البرهنة و الاستدلال، و للفلاسفة في هذا الموضوع جولات و جولات انتهوا منها الى مجموعة من البراهين العقلية المنطقية التي تثبت العقيدة و تعمق الايمان و تدحض الشبهات.

و كان من اوضح تلك البراهين قولهم: الموجود ان كان واجبا فهو المطلوب، و الا استلزمه، لاستحالة الدور و التسلسل.

و معنى ذلك:

ان أي شيء موجود بالبداهة ان كان واجب الوجود فهو المطلوب، و ان كان ممكنا افتقر الى مؤثر موجود بالبداهة، فذلك المؤثر ان كان واجبا فهو المطلوب، و ان كان ممكنا افتقر الى مؤثر أيضا، فان كان واجبا فالمطلوب، و ان كان ممكنا تسلسل و التسلسل باطل.

و لزيادة الايضاح قالوا:

لا شك في وجود موجود، فذلك الموجود ان كان واجبا لذاته (اي ان الوجود ذاتي له كذاتية الحرارة للنار) فقد حصل المطلوب، و ان كان ممكنا لذاته افتقر الى مؤثر، فذلك المؤثر ان كان واجبا لذاته فقد حصل المرام أيضا، و ان كان ممكنا لذاته افتقر الى مؤثر، فذلك ان كان هو نفس أثره لزم الدور، و هو محال لأنه حينئذ يتوقف كل واحد منهما على الآخر، في حين انه يجب تقدم ذلك المؤثر على الاثر.

و ان كان ذلك المؤثر شيئا آخر غير اثره فلا يخلو:

1- ان ينتهي الى موجود واجب لذاته.

2- ان يتسلسل الى غير نهاية.

و الاول يثبت به المطلوب، و الثاني باطل.

و حيث ان كل ممكن لا بد له من مؤثر، فهذا المؤثر:

1- اما ان يكون نفسه.

2- او امرا داخلا فيه.

3- او امرا خارجا عنه.

و الاول محال، لان المؤثر لا بد ان يكون متقدما على أثره، و لان تقدم الشيء على نفسه ممتنع عقلا.

و الثاني محال أيضا، لان المؤثر في الشيء مؤثر في كل جزء من أجزائه، فلو كان احد اجزاء ذلك الشيء مؤثرا في ذلك الشيء لزم ان يكون مؤثرا في نفسه و مؤثرا في ما اثر فيه و كل منهما محال: اما الأول فلامتناع تقدم الشيء على نفسه، و أما الثاني فلاستلزامه الدور و هو باطل.

و لما بطل القسمان الاولان تعين الثالث، و هو ان يكون المؤثر في ذلك الشيء أمرا موجودا خارجا عن ذلك الشيء، و الخارج عن مجموع الممكنات لا يكون ممكنا لذاته، و الا لكان داخلا في جملتها، بل لا بد ان يكون خارجا عنه، و هو المطلوب.

و فحوى هذا البرهان بعبارة واضحة هو: انه لما كان لهذا الكون موجد بلا شك لأنه لا يمكن ان يوجد الشيء من العدم بنفسه، و كان هذا الموجد موجودا- بلا شك- لأنه لا يمكن ان يكون وجود الكون مسببا من أمر عدمي، أي من موجد لا وجود له، فهذا الموجد اما ان يكون واجب الوجود او لا؟ فان كان واجب الوجود فقد ثبت المطلوب.

و ان لم يكن واجب الوجود فلا بد له من سبب مؤثر فيه، فان كان هذا السبب المؤثر واجب الوجود فهو المطلوب أيضا، و ان لم يكن كذلك فلا بد له من سبب مؤثر أيضا.

و هكذا ينتهي بنا الامر الى الجزم بوجود خالق واجب الوجود هو مصدر الوجود و مودعه في الكون و الا لزم احد امرين:

1- التسلسل: و معناه ان يتوقف كل موجود على موجد، وهذا الموجد على آخر يوجده، و ذلك على موجد أيضا، و الى ما لا نهاية له، و قد ثبت في العقل ان التسلسل اللانهائي باطل لأنه لا يوصل الى نتيجة.

2- الدور: و معناه ان الموجد المؤثر قد خلق شيئا هو المعبر عنه بـ «الاثر» و ان يكون ذلك الاثر هو الموجد للمؤثر فيه، و هذا واضح البطلان لأنه ينتهي الى توقف الشيء على نفسه.

و لما كان التسلسل و الدور- كما اسلفنا- باطلين، فقد ثبت انه لا بد من الاقرار بوجود صانع موجد واجب الوجود لذاته هو اللّه تعالى.

اما المتكلمون فقد سلكوا طرقا اخرى في البرهنة على وجود اللّه تعالى، و اعتمدوا فيها على المنهج العقلي الحر، بعيدا عن النقل و التقليد، و كان من جملة براهينهم قولهم:

ان الاجسام و ما يجري مجراها حادثة، و الذي يدل على حدوثها استحالة خلوها من المعاني المتجددة، و ما لم يخل من التجدد يجب ان يكون محدثا، فاذا ثبت حدوثها فلتقس على افعالنا يعلم ان لها محدثا.

و منها:

العالم محدث كائن بعد ان لم يكن، لان جميعه فيه أثر الصنعة من طول و قصر، و صغر و كبر، و زيادة و نقصان، و تغير من حال الى حال، و استبدال ليل بنهار. و اللّه تعالى خالق ذلك و منشؤه و مصوره و مبدؤه، لان الصنع لا بد له من صانع، و الكتاب لا بد له من كاتب، و البناء لا بد له من بان.

و ملخص ما نستفيده من هذه الكلمات و الادلة و ما شاكلها مما لا مجال لسرده: انه لما كان العالم بما فيه من كائنات و جمادات و اجسام علوية و سفلية حادثا، اي مسبوقا بالعدم، و قد وجد بعد ان لم يكن موجودا، و كانت آثار الوجود بارزة فيه من طول و قصر و زيادة و نقصان و تغير حال و استبدال ليل بنهار و ما شاكل ذلك من الآثار الكثيرة التي تدل دلالة واضحة على كونه حادثا وجد بعد العدم.

و لما كان التغير و التجدد الملازم للأجسام الكونية كلها شبيها جدا بالتغير و التجدد و التبدل الملازم لا فعالنا و حركاتنا، و كانت افعالنا الخاصة- كما نعلم و نحس- غير موجودة من نفسها بل نوجدها نحن بأنفسنا، حيث نوجد الاكل و الشرب‏ والحركة و الكتابة و القراءة و ما شاكلها من اعمالنا اليومية و غير اليومية، علمنا ان هذا الكون بالأجسام الكائنة فيه و ما يجري مجراها لا بد و ان انشأه منشئ و صوره مصور و خلقه خالق، ذلك هو اللّه تعالى عز شأنه، لان الصنع لا بد له من صانع، و الكتاب لا بد له من كاتب، و البناء لا بد له من بان.

______________

(1) نشأة الدين: 196- 197.

(2) المصدر نفسه: 184.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.