أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-2-2018
1220
التاريخ: 23-1-2019
1164
التاريخ: 1-07-2015
2741
التاريخ: 1-08-2015
1768
|
الموضوع : الدين والسياسة .
المؤلف : الشيخ محمد السند.
الكتاب : الامامة الالهية ص216-221.
________________________________
اما ما ذكر من ان السياسة ليست من الدين وان الحكومة من الأمور الخارجة عن التكليف الالهي وان الكتاب غير حاو لإحكام السياسة فيجاب عنه:
أ ـ ان القران عالج جوانب عدة من كيفية اقامة النظام في المجتمع، فوضع
نظام الاحوال الشخصية، وقواعد القضاء وهذه القواعد التي تتفرع منها الاف القضايا
الفرعية، وكذا الحدود الجنائية والتعزيرات، والجهاد وأحكامه والذي هو نظام علاقة
المسلمين بالكفار وبأهل الكتاب في الحرب والسلم، والخطوط العامة للنظام الاقتصادي
الذي تقوم عليه الدولة في دائرة اقتصاد الكل والجزء (الدولة والمدينة والريف)
ونظام المنابع المالية العامة، وقد أعدت دراسات حديثة لاستخراج نظام القانون
الدولي بين الدول من القران.
فهل يعقل ان يقال ان من اهتم ببيان هذه الموارد اغفل عن ذكر نصوص
تتعلق بالحاكم وشروطه وتعيينه.
ب ـ ينقض على المستشكل بأن حكومة الرسول (صلى الله عليه و آله) في تلك
الفترة الحرجة وصلت وحققت الكثير من الاهداف والانجازات، فهذا يعني أن هذا النظام
مع وجود الشخصية المؤهلة قادر على تأدية وظائف الحكومة وتنفيذها بأحسن حال.
كيف وقد انتشلت المجمتع البدوي القبلي المتخلف الى درجة أعظم نظام
دولة يناهض القوتين العُظميين حينذاك الكسروية والقيصرية.
جـ ـ إن القول بكون مشروعية الحكومة مستمدة من الأمة يناقض فصل الدين
عن السياسة، لأن المشروعية تعني الأمر الذي شرعه الشارع واعتبره وصحّحه والذي لا
حرج في التعامل والأخذ به، فإذا كانت الحكومة المنبثقة من الأمة مشروعة أي اعتبرها
الشارع، فكيف لا تتعرض الشريعة للحكم السياسي، وكيف تكون تلك الحكومة تستمد كل
صلاحيتها من الأمة دون الشارع، وبعبارة أخرى ما المعنى المحصل للمشروعية في كلامه
ان لم ترجع الى عدم التأثيم والعذر عند مالك يوم الدين، وأي معنى للحديث عن
المشروعية حينئذ.
ثم ان مقتضى أن الله سبحانه وتعالى مالك للمخلوقين ولأفعالهم أن مبدأ
وأصل الولاية هو لله تعالى وان كل الولايات تتشعب من ولايته "الولاية لله
الحق" و "ان الحكم الا لله"، وهذا أصل غاية الأمر حيث جعل للإنسان
الاختيار لا القسر كانت الولاية الربانية عليه من نمط تكويني غير قاسر ونمط تشريعي
اعتباري قانوني فمنطق التوحيد ومنطق الشرعية الالهية يبنى على أن أصل الولاية لله
وأن كل شعبة لابد وأن تنتهي الى ذلك الأصل.
نعم، المنطق الوضعي غير المتقيد بالملة والنهج السماوي وأن للكون
خالقاً مالكاً، يجعل مصدر الولاية هو الانسان وسلطة الفرد على نفسه، فيجعل من
العقد الفردي والاجتماعي مصدر السلطات والولايات كما يفصل ذلك الدكتور السنهوري في
(الوسيط) فبين المنهجين بعد المشرقين.
د ـ إن أحدث النظريات في القانون الوضعي تشير الى أن تعيين القائد
الذي تنتخبه الامة ليس اعتباطياً، بل يجب أن تتوفر في القائد المواصفات والاهلية
اللازمة التي وضعها الدستور من الكفاءة والامانة وغيرها. وحينئذ فاذا رشح من له
هذه الصفات وانتخبته الامة يكون الانتخاب صحيحاً، فحقيقة الانتخاب هي استكشاف من
ترى الامة ان توفر هذه الصفات فيه بنحو اكمل وافضل، فمنشأ ولايته هو توفر تلك
الشروط فيه لا اختيار الامة وانما هو استكشاف فقط، وهذا يقترب من نظرية النص التي
تدعي ان السماء هي التي تتكفل ببيان هذه الصفات وتحديدها ويكون بيد الامة تشخيصهم
في الخارج.
وقد أثار هذا وأن الباحثون من فقهاء القانون الوضعي أن العقد ليس هو
مبدأ نشوء السلطنة سواء على الأفعال أو الأعيان، بل السلطة التكوينية على الأولى
والحيازة أو العمارة للثانية هو المنشأ، وأما فقهاء الشرع من الفريقين فقد نصوا
على لزوم امضاء الشارع لهذا الاعتبار البشري للسلطة اذ ان لله ما في السموات
والارض. فلا يملك الفرد البشري في الاعتبار من الافعال والاعيان الا ما حدده الشرع
له، لأن الشارع الاقدس مبدأ السلطات والولايات، لا أن الانسان فاعل ومالك لما يشاء
ومطلق العنان، الا ما ينقله هو باختياره عن نفسه بالعقد الفردي او العقد الاجتماعي
(الانتخاب) أو العقد السياسي (البيعة) الى الغير. فبين المنهج التوحيدي والمنهج
الوضعي بون بعيد. وبذلك يتضح أن اساس الحكومة في المجتمع بين المنهجين مختلف، فعند
المنهج التوحيدي هو متشعب من ولاية الله تعالى على المخلوقات البشرية، وعند المنهج
الوضعي هو مستمد من سلطة الفرد والأفراد على أنفسهم.
بل ان الدراسات القانونية في الفقه الوضعي تكاد تصل كما ذكرنا آنفا
الى هذه النتيجة وهي أن الاساس في الحكومة هو حكم العقل الفطري، وذلك لأن العقد
الاجتماعي (الانتخاب) الناشئ من سلطة الفرد على نفسه لا يبرر حكومة الأغلبية على
الأقلية ولو بتفاوت يسير. وكذلك لزوم توفر شرائط في الشخص المنتخب بالعقد
الاجتماعي وليس هو من وضع سلطة الأفراد على أنفسهم، بل كلا الأمرين وغيرها من
النتائج التي لا تتلائم مع فلسفة السلطة الفردية والعقد هي من قضاء العقل كمادة
قانونية مرعيّة عند الكل. فمثلا لزوم كون الرئيس المنتخب ذو خبرة وكفاءة عالية
(العلم بمعناه الوسيع) وذو أمانة فائقة (العدالة واذا ترقت أصبحت عصمة) لابد منه،
وليس للفرد والأفراد تخطي هذا القانون تحت ذريعة السلطة الفردية المطلقة العنان،
وهذا ما يقال من غلبة النزعة للمذهب العقلي في القانون الوضعي الحديث على المذهب
الفردي.
ومن ذلك يتضح أن العقد الاجتماعي والسياسي (سواء الانتخاب أو البيعة)
ليس الا عبارة عن عملية توثيق وإحكام وعهد مغلّظ للعمل بالقانون، سواء على المنهج
التوحيدي الديني او الوضعي أخيراً، فضابطة الصحة للحاكم ليس هو العقد السياسي بل
هو توفر شرائط القانون الالهي فيه، أو الوضعي الالهي حيث انه يشعّب الولاية من
المالك المطلق الخالق طبق موازين الكمال والعصمة والاصطفاء، فهو يعين المصداق الذي
تتوفر فيه الشرائط ويكسبه ولاية الحكم، وتكون البيعة والعقد السياسي معه من قبل
الناس ما هو الا زيادة تعهد وإلزام بالعمل نظير النذر والقسم المتعلق بأداء صلاة
الظهر أو صيام رمضان تغليظاً للوجوب.
وأما المنهج الوضعي فهو يترك مجال تعيين المصداق لاختيار الامة لكن
يظل هذا التخيير له لون صوري غير واقعي في حالة تخلف الشرائط والمواصفات في الشخص
الحاكم التي يعيّنها القانون، ويظل التخيير غير صائب في حالة توفر الصفات بنحو
أكمل في شخص لم يقع عليه الاختيار، وهذا الجانب السلبي في المنهج الوضعي قد عالجه
المنهج الرباني الالهي بجعل الانتخاب بيد العالم بالسرائر وبمعادن البشر
{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ }
[القصص: 68] .
فكون العقد السياسي وثيقة إلزام والتزام وسبب لزيادة التعهد، لا انه
عملية مولدة لصحة الشيء الذي تم التعاقد عليه بل الصحة والسلامة آتية من الشارع أو
القانون، وكون العقد هذا مفاده من اوليات الأبحاث القانونية فالعقد السياسي
والبيعة لا يؤمنان صحة الانتخاب وسلامة المنتخب والمبايع، وانما الذي يؤمنه تعيين
الشرع في المنهج التوحيدي والقانون في المنهج الوضعي. فالعقد لا يؤمن الصحة
والسلامة، وهذا ما نجده عند فقهاء القانون من تمييزهم أدلة الصحة عن أدلة اللزوم.
ثم كيف يتلائم قول القائل بأن الحكمة الالهية في المعصوم (عليه
السلام) هي تجسيده للقانون الالهي على كل الاصعدة السياسية والاجتماعية والفردية
وغيرها، مع قوله بعدم نصب الشارع له حاكماً ووالياً على الأمة، وهل يكون ناطقاً
حياً بالقانون الا بجعل الزعامة له على الامة.
هـ ـ إن من الضروري معرفة الفرق الجوهري بين القانون الوضعي والقانون
الالهي، ففي القانون الوضعي يكون المحور هو الفرد والانسان بما هو هو، وفي القانون
الإلهي يكون المحور الله جل وعلا أو الفرد بما هو عبد لله، وهذا المائز مهم جداً
في فهم عملية التقنين وما يمكن أن يوضع ويقنن إذ يضفي آثاره على بنوده والأهداف
المتوخاة.
ففي القانون الالهي يكون الالتفات الى القوى الناطقية والالهية في
الانسان، وفي الوضعي يكون الالتفات الى القوى النازلة والحيوانية له، ولذا تكون
نظرية النص اكثر انسجاماً مع القانون الالهي. ونظرية الشورى تنسجم مع القانون
الوضعي حيث تجعل السلطة للفرد.
وفي القانون الوضعي تختلف الرؤية الكونية، وفي القانون الالهي تراعى
الكمالات التي توصل الى الحق تعالى وهي غير محدودة.
ومن هنا يمكننا القول ان هناك مائزين جوهريين بين نطريتي
النص والشورى :
ـ ان نظرية الشورى تكاد تشترك مع القانون الوضعي من زاوية فصل الدين
عن السياسة، حيث ان الدين لا يقع منهاجاً وتقنيناً للنظام السياسي الحاكم، لأن
النظام المتكامل هو الذي يتكفل بنصب الحاكم وبيان خصائصه وشروطه وامتيازاته، بخلاف
نظرية النص التي تتكفل هذه الجهة وتطرح نظاماً سياسياً تاماً يعتمد على أسا
الوراثة الملكوتية والتنصيب والتأهيل السماوي.
ـ ان أصحاب نظرية الشورى يجدون فراغاً كبيراً في التشريع اذ انهم
يعتمدون على ظاهر الكتاب وما ورد عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه و آله) ، أما
أصحاب نظرية النص فالتشريع لديهم مستمر عشرات السنين على يد الأئمة المعصومين
الذين أثروا الفكر الاسلامي بالتشريعات المناسبة، وأكملوا مسيرة الرسول الأكرم
واستخرجوا كنوز القران الكريم التي لا تفتح للأذهان العادية ولذا يكون اندماج
الدين في السياسة واضح وجلي.
و ـ ما ذكر من خلو الكتاب الكريم من النصوص المتعلقة بالسياسة العامة
باطل، لكن قد يقال بأن السياسة ليست هي معرفة تلك الأمور الكلية، بل هي فن من
الفنون قائم على الفصل بين الجزئيات المختلفة التي تحتاج الى كياسة وخبرة وتجربة
والسائس يكون مؤهلاً إذا حصلت لديه تلك الممارسة، ولذا صنف الحكماء السياسة في باب
الحكمة العملية.
والجواب عن هذا:
ـ أن السياسة كما لها جانب عملي فإنّ لها جانب نظري أيضاً، وتحكمه
اصول كلية وهذه الأصول الكلية موجودة في الدين (وقد أوضحنا ذلك مفصلاً في بحث
الاعتبار والحسن والقبح) ثم ان الدين لا يختص بالأمور النظرية العقائدية فقط بل
يرتبط بالجانب العملي وفروع الدين تمثل هذا الجانب.
ـ إن السياسة علم يدرس في الجامعات الاكاديمية ويحتوي على كليات
مسطورة في الكتب. نعم الجانب التطبيقي منها يعتمد على الخبرة والكياسة، وفي نظرية
النص يكون المعصوم هو صاحب الخبرة حيث أن علمه اللدني لا حاجة معه الى اكتساب خبرة
من الأجيال البشرية لما قد يصوره البعض في غيبة الحجة (عليه السلام) {وَآتَيْنَاهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12]، والعلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء وما
التجارب والممارسات إلا معدات لذلك الفيض الالهي. هذا بجانب علمه المحيط
بالموضوعات بتسديد من البارئ وتوفره على كمال الصفات في قواه النفسية الاخرى.
|
|
الآثار الجانبية لأدوية تستخدم في علاج "ألزهايمر" تثير الجدل
|
|
|
|
|
اكتشاف سر نجاة "مخلوقات أبدية" من انفجارات الإشعاع القاتلة
|
|
|
|
عبر مؤسسة الإمام الرضا (ع) الخيرية.. ممثل المرجعية العليا يستقبل مجموعة من العوائل المتعففة ويقدم المساعدات اللازمة والضرورية لها
|
|
الأمين العام للعتبة الحسينية: العتبات المقدسة هي المظلة الروحية والملاذ الأمن لجميع أطياف الشعب العراقي تحت خيمة المرجعية العليا
|
|
بمشاركة (60) مشتركا..أكاديمية الوارث التابعة للعتبة الحسينية تسهم في تأهيل كادر العلاقات العامة في العتبة العسكرية عبر دورة تدريبية متخصصة
|
|
بناءً على تقييم شامل لمؤهلاتهم وأدائهم في المقابلة.. برنامج (رواد التبليغ) الذي تنفذه العتبة الحسينية يعلن قبول (30) طالبا ضمن دورته الأولى
|