المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 5728 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإمام عليٌ (عليه السلام) بشّره رسول الله بالجنة
2024-05-04
معنى الـمُبطئ
2024-05-04
{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}
2024-05-04
معنى الصد
2024-05-04
معنى الظليل
2024-05-04
معنى النقير
2024-05-04

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


مصائب الأنا  
  
1453   08:29 مساءً   التاريخ: 7-2-2022
المؤلف : الشيخ جميل مال الله الربيعي
الكتاب أو المصدر : دراسات اخلاقية في ضوء الكتاب والسنة
الجزء والصفحة : 484-494
القسم : الاخلاق و الادعية / الرذائل وعلاجاتها / رذائل عامة /

العجب مصيبة من مصائب الأنا، ومصائب الأنا كثيرة جداً منها الحسد والطمع، والكذب، والغرور، والحرص، والجشع ...الخ فما هو الموقف العملي والموقف النظري في الإملاء من الأنا ؟

هذه المشكلة في حياة الإنسان خطيرة وضخمة فماذا يعمل لمواجهتها ؟

هل يلغيها نهائيا من حياته؟ أم يعدلها،  ويقومها،  ويوجهها؟

هناك طريقتان:

الأولى: إلغاء وحذف الأنا من النفس كليا وهذه طريقة صوفية ، تلتئم مع المنهج الإسلامي في بناء الشخصية؛ لأن الاسلام يحمل للبشرية مشروع تعديل وتلطيف، لا حذف وإلغاء،  ونحن لكي نعرف هذا المشروع لا بد أن ندخل في عمق الأنا ، ونحلله ونجزئه فنقول :  للانا وجهان: أولا: وجه إلى الله تعالى .

ثانياً: وجه إلى الهوى ، أو الميول والغرائز .

أما الوجه إلى الله فهو يجسد الفقر، الحاجة إلى الله تبارك وتعالى، وأما الوجه الآخر ، هو الشطر المتدني من الأنا (وجه الهوى إلى الأنا) وهو وجه الاستغناء والملك.

ولكل من هذين الوجهين خصائص وإفرازات:

أما الوجه الأول وهو المتجه إلى الله تعالى فيتسم بالفقر والحاجة والخضوع والخشوع، والخوف { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ } [فاطر: 15] أي كل ما فيكم محتاج إلى الله وفقير إليه، فقير من حيث المبدأ، وفقير من حيث المنتهى .

إن تحسيس النفس بالفقر إلى الله في كل شيء هو من أهم مقومات العبودية لله، وهذا هو الوجه المشرق من الأنا،  وهو المطلوب من الإنسان، و الأنا بهذا المعنى لا يمقته الإسلام ، ولا يرفضه،  فهذا موسى بن عمران (عليه السلام) عندما  استسقى لبنات شعيب الماء،  ثم آوى إلى الظل طرح أناته بين يدي الله متضرعاً {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24] فهذا الوجه من الأنا طيب ومحمود ومرضى عند الله .

الوجه الثاني من الأنا: وهو الوجه المتجه إلى الهوى والأنانية، قوام هذا الوجه: الملك والاستغناء عن الله تعالى، حتى يصل الإنسان إلى حد يعتبر نفسه مستغنياً عن كل أحد ،  وهذا الوجه هو الذي خدع به إبليس أبانا آدم { قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: 120]

خدعه بأمرين اثنين:

أولا: شجرة الخلد: وهي حب البقاء .

ثانياً: ملك لا يبلى: دغدغ في نفسه حب الملك، وكلا الامرين – غريزة حب البقاء ،   وحب الملك وبقائه - مرتبطان بالأنا .

هذا الوجه من الأنا هو الوجه الممقوت من قبل الشريعة يعرضه القرآن  في قصة إبليس: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12]

وفي قصة قارون {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78]

وفي قصة فرعون {فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى } [النازعات: 23، 24]

و الأنا حجاب بين الانسان وبين الله عز وجل ، وبهذه الأنا يحجب نفسه عن الله تعالى.

هذه حالات، وحالة موسى حيث قال : {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24]

هنا : (الأنا) طريق وجسر إلى الله تعالى، مفتوح إليه، وإفرازاته في الوجه الأول: هي العبودية ، والتوكل على الله والحاجة والفقر إليه والخشوع والخضوع والخوف ، والاعتذار والاسترحام منه.

أما إفرازات الأنا في الوجه الثاني فهي : الكذب ، والغرور ، والاعتداد بالنفس والحرص، والطمع، والحسد، والعدوان على الآخرين.

حرص على التجميع وحب، لتسليط الاضواء على كفاءاته وخدماته ، ونفوذه ...

وهكذا يبقى لاهثاً وراء نزواته في طلب السمعة، والشهرة ، والظهور تحت الاضواء ، ولا شك ان هذا الطلب من اخطر المخاطر على دين الإنسان . يروى عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال : (حسب امرئ من الشر ان يثير الناس إليه بالأصابع في دينه ودنياه إلا من عصمه الله)(1)، لأن (حب الشرف والذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب)(2).

وهذه الأنا تحب النفوذ ، والسلطان ، والنهم ، والجشع ، ولا تشبع ابداً

عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال : (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثاً ، ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب)(3).

هذا الوجه ممقوت في الاسلام ، وهو الذي يبعد الانسان عن الله ، ويحسبه في بوتقة الأنا ، فلا يعد يرى غيرها.

الطريقة الاسلامية في معالجة الانا:

اعطى الإسلام مجموعة توجيهات نحصرها في أربع محاور :

1- علاقة الانا بالله تعالى .

20 علاقة الانا بالناس.

3- علاقة الانا بالدنيا.

4- علاقة الانا بذاتها.

1- علاقة الانا بالله عز وجل : كل التعاليم الاسلامية تحاول ان تكرس حالة الفقر إلى الله ، وتحسيس الانا بفقرها إلى الله ، وتعميق الشعور بالفقر في نفس الإنسان، وهناك ثلاثة محاور من مفردات الفقر إلى الله تعالى وهي : محور الطاعة ومحور الحب، ومحور الفقر والحاجة.

هذه المحاور الثلاثة هي محاور العلاقة بالله تعالى، والاسلام يلغي محورية الأنا في كل حركة يقوم بها الإنسان ، ويستبدلها بمحورية الله سبحانه { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163].

والإسلام يعلمنا المنهج العملي في العلاقة مع الله، كيف نقف بين يدي الله بخشوع وخضوع، كيف نشعر بالحقارة والذلة أمام الله تعالى؟

ماذا نعطي لله؟ وماذا نأخذ منه تعالى، هذه العلاقة تشعرنا بجلال الله ورحمته تعالى نقرأ في دعاء أبي حمزة الثمالي في مقارنة بين الأخذ والعطاء من الله تعالى: ( الحمد لله الذي أدعوه فيجبني، وإن كنت بطيئاً حين يدعوني، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني، وإن كنت بخيلا حين يستقرضني، والحمد لله الذي أناديه كلما شئت لحاجتي وأخلو به حيث شئت لسري) ...(أنت المحسن، ونحن المسيئون، فتجاوز يا رب عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك) ... ( يا غفار بنورك اهتدينا، وبفضلك استغنينا وبنعمتك أصبحنا وأمسينا، ذنوبنا بين يديك، نستغفرك اللهم منها ونتوب إليك تتحبب إلينا بالنعم، ونعارضك بالذنوب،  خيرك إلينا نازل، وشرنا إليك صاعد، ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا بعمل قبيح فلا يمنعك ذلك من أن تحوطنا بنعمك ، وتتفضل علينا بآلائك) ... (سيدي أنا الصغير الذي ربيته، وأنا الجاهل الذي علمته، وأنا الضال الذي هديته، وأنا الوضيع الذي رفعته، وأنا الخائف الذي آمنته والجائع الذي أشبعته والعطشان الذي أرويته، والعاري الذي كسوته والفقير الذي أغنيته، والضعيف الذي قويته، والذليل الذي أعززته ... )

هذا النسغ النازل من الله تعالى كله خير ورحمة وعطاء،  ونحن من دون هذا النسغ النازل لا قيمة لنا، فأنا الخائف،  والجاهل ، والفقير ، والسقيم،  والمذنب ... ولولا  رحمة الله لما كنت متعلما ، ومؤمنا ، ومستغنيا ...

أما النسغ الصاعد إلى الله: (أنا يا رب الذي لم أستحييك في الخلاء، ولم أراقبك في الملاء، أنا صاحب الدواهي العظمى، وأنا الذي على سيده اجترى أنا الذي عصيت جبار السماء،  أنا الذي أعطى على معاصي الجليل الرشا، أنا الذي حين بشرت بها خرجت إليها اسعى ...)

أما اقتران النسغ النازل والصاعد فيذكرها الإمام (عليه السلام) : (أنا الذي امهلتني فما ارعويت، وسترت علي فما استحييت، وعملت بالمعاصي فتعديت ، واسقطتني من عينيك فما باليت ...)

2- وعلاقة النفس والأنا بالله سبحانه وتعالى هو تحسيس النفس بالشكر لله سبحانه والشكر احسن وافضل أداة ، لتعبيد الإنسان لله تعالى ، وكسر الأنا وتحجيمها كذلك ،أن الشكر يكسر حالة الأنانية لدى النفس ذاتها.

فالشكر هو تحسيس النفس بالعلاقة مع الله سبحانه في خطين : خط صاعد وخط نازل.

الخط الصاعد : الشكر يحسس الانسان بحاجته وفقره تجاه الله عز وجل.

والخط النازل : الشكر يحسسنا بنعمة الله وفضله ، وبتعبير آخر : الشكر يقوم بعمل مزودج، وان هذه العلاقة قائمة بين الإنسان وبين المولى عز وجل سواء وعيناها ام لم نعيها.

ان عملية الشكر تسلط الضوء على هذه العلاقة الصاعدة والنازلة بين الله وبين الانسان ، وتجعلنا نعي ونشعر بفقرنا إلى الله من ناحية ، ومن ناحية اخرى تجعلنا نشعر بنعمة الله وفضله.

وهذه هي افضل أنماط العلاقة بين الإنسان وبين ربه ، لأن حقيقة العلاقة بين كل طرفين طبيعة مزدوجة، وكل علاقة لابد فيها من طرفين وهو أخذ وعطاء ...  ولا يمكن بدون هاتين العمليتين ان تتم علاقة ابداً .

فعلاقتنا بالله سبحانه ماذا تقدم وترفع إلى الله عز وجل ؟ وماذا ينزل إلينا من الله تبارك وتعالى ؟ الشكر يبلور لنا ذلك.

فالذي نقدمه لله عز وجل هو : الفقر : والحاجة ، والاعتذار ، والشعور بالذلة  تجاه الله تعالى ، والله ينزل علينا الرحمة ، والنعمة ، والفضل منه سبحانه ، ومعرفة هذه العلاقة تشعر الإنسان برحمة الله وبفقره إلى خالقه وربه ، فوعي الشكر إذن له تأثير عظيم في تحطيم وتحجيم الأنانية لدى النفس ، وكسر كبريائها وجماحها وبهذا الوعي لا يعد الإنسان يشعر بأناه الذاتية ، ولا يسمح لذاته ان تتحكم فيه فالإنسان الذي يخضع نفسه لله ، ويرجوا رحمته وفضله ، ويقر له بفقره وحاجته فلا يمكن لأناه ان تبرز.

الشكر تعلق بالله والسكر تعلق بالذات :

عندما يعيش الإنسان حالة الوهم والخيال يخرج عن حجمه الحقيقي فيصيبه السكر في مقابل عملية الشكر ، وهما ينطلقان من توجهين مختلفين على وجه الارض : الشكر ينطلق من منطلق تعلق الإنسان بالله عز وجل ، والسكر ينطلق من منطلق تعلق الإنسان بالذات وذوبانه فيها، والسكر والشكر ينبثقان كلاهما من النعمة .

فالنعمة في الوقت التي تسكر الغافل عن الله تعالى ، تدفع الإنسان المرتبط بالله إلى شكر منعهما.

ان نعمة المال والبنين والجاه والكرسي ... وغيرها هبة الله للإنسان فإذا وضعها في إناء موصول بالله انتجت الشكر، وادل كلمة في الفكر الاسلامي على ذلك ما قاله امير المؤمنين (عليه السلام) : (ذلك حيث تسكرون من غير شراب من النعمة والنعيم)(4)

ويقول (عليه السلام) : (فاتقوا سكرات النعمة وبوائق النقمة)(5).

ولأجل هذه الاهمية للشكر نجده يستوعب اكثر الادعية المأثورة عن اهل البيت (عليه السلام) كدعاء الافتتاح ، ودعاء أبي حمزة الثمالي، ودعاء الإمام الحسين يوم عرفه، وغير ذلك فترى هذه الادعية تبدأ بفصل طويل عن الشكر.

3- العلاقة الثالثة :  علاقة الأنا بالآخرين :

الإسلام يوصينا بأن نتواضع لإخواننا المؤمنين نذل انفسنا لهم { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: 54]

وهذا تلطيف لجموح الانا بالنسبة للآخرين من خلال التواضع لهم ، وتقديم الخدمات إليهم ، والسعي لقضاء حاجاتهم، وزيارتهم وغير ذلك من ألوان الخدمة. كل ذلك يهذب النفس، ويكسر توقانها وغرورها.

4- العلاقة الرابعة : علاقة الأنا بالدنيا :

الإسلامي عالج ذلك بتحرير الذات الإنسانية من هذه الدنيا ومن تبعاتها وجعل التعلق بالدنيا نوع من انواع الاسر والرق لها، لذا يقول الإمام علي (عليه السلام) في ذلك : (الطمع رق مؤبد) فالمؤمن يتحرر من كل ما يشده إلى الدنيا ، فلا يقع في قبضتها ، بل لابد ان تقع هي في قبضته – جميل جداً ان يتحكم الانسان  بميوله الدنيوية ، وجميل ان تأتي إليه – أما ان يصير أسيراً لها فذلك ما يرفضه الإسلام ، لأنه يريد من الإنسان ان يتحرر ، ويعلو على تراب الأرض ، فحينئذ لا تؤثر فيه لا واردها ولا شاردها، يقول الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) : (الدنيا دار ممر لا دار مقر، والناس فيها رجلان : رجل باع فيها نفسه فأوبقها ، ورجل ابتاع نفسه فاعتقها)(6).

وعنه (عليه السلام) : (إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك قد انسللت من مخالبك وأفلتُ من حبائلك، واجتنبتُ الذهاب في مدا حضك)(7).

فعندما حالتان : حالة الانسلال وهي حالة الخروج خيفة من الوقوع في شباك الشيطان وجنوده وحالة الانفلات ، وهي حالة خروج وتمرد على إرادة الشيطان.

يقول (عليه السلام) : (الزهد كله بين كلمتين في القرآن قال الله سبحانه { لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23] (8).

المقطع الاول من الآية {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} [الحديد: 23] وهو مفهوم ، وهو ان المصيبة إذا اصابت المؤمن فلا يهتم ولا يتألم ، والمقطع الثاني من الآية { وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23] غير مفهوم من أول وهلة لكن بالتأمل والتفكير يفهم ذلك وهو ان المؤمنين غرباء عن هذه الدنيا ، يذهب عنهم شيء فلا يحزنهم، ويأتيهم شيء جديد مفرح فلا يفتنهم، يصف ذلك امير المؤمنين (عليه السلام) : (نزلت انفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء)(9).

حالة المؤمن لا تتغير في حزن ولا فرح ، وإنما حالته واحدة متوازنة ، أقبلت الدنيا عليه ، او ادبرت عنه ، وهذا لا يحصل لدى الإنسان إلا في حالة ترفع الإنسان على زخارف هذه الدنيا. فإذا استطعنا ان نترفع عن زخارف الدنيا فسوف نكون مصداقاً للآية الكريمة المذكورة.

5- العلاقة الخامسة : علاقة الأنا بذاتها :

علاقة الإنسان بنفسه وهي علاقة الأنا بالأنا إذا صح التعبير ، والإسلام لكي يلطف علاقة الإنسان بنفسه امره ان يسلط الاضواء على نفس (الأنا).

أنت غير  مأمور لكشف خبايا نفوس الاخرين ، وإنما مأمور بالكشف عن خبايا وأعماق نفسك فقيها دهاليز مهلكة، وسباع مفترسة فعلى الإنسان ان يضع نفسه موضع التهمة، ويضعها على طاولة التشريح ، ويكشف ما فيها من معايب وأمراض ويعمل على علاجها، ونعلم ان اي مسامحة معها هو هلاك لها.

فاحسنوا الظن بالآخرين ، واسيئوا الظن بأنفسكم ، واجعلوها في موضع التهمة، يقول تعالى : { فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32]

ويقول تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } [النساء: 49]

على الإنسان المؤمن دائماً ان تكون الأنا عنده في قفص الاتهام أمام محكمة العقل، لكي ينقدها من غير رحمة ، ويحذر من أن يزكي نفسه ، او يزكيه الآخرون ، يقول علي (عليه السلام) : (وإذا زكي أحد منهم خاف مما يقال له ، فيقول أنا اعلم بنفسي من غيري، وربي اعلم بي مني بنفسي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون)(10)

النقطة الثانية في تعامل الإنسان مع الأنا الذاتية هو اتعابها ، وتحمليها أثقال الطاعة ، وإرهاقها فإن النفس أمارة بالسوء ، والإنسان إذا لم يتعامل مع نفسه بشدة تفلت من قبضته، اما لو تعامل بشدة وقسوة تذل وتتطوع، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) : (إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحب)(11).

أي إذا استصعبت نفس المؤمن مشقة الطاعة يروضها بأن لا يعطيها سؤلها المباح من النوم ، والاكل، والراحة ... أي بمنعها عن المباحات لها.

النفس ان لم يحكمها صاحبها تحكمه، وان لم تقبل الهدى تسرح في تيار  الهوى، يقول علي (عليه السلام) : (امرؤ الجم نفسه بلجامها، وزمها بزمامها، فامسكها بلجامها عن معاصي الله، وقادها بزمامها إلى طاعة الله)(12)

الفرس تحتاج إلى لجام وزمام، فلا يمكن ان توقف وتحكم بلا لجام ، كذلك الإنسان إذا لم يجعل لنفسه لجام وزمام ، فلا يمكن أن تطاوعه فلو اطلق عنانها فلا يستطيع السيطرة عليها ، ففي كتاب امير المؤمنين (عليه السلام) : (وإنما هي نفسي اروضها بالتقوى ، لتأتي آمنة يوم الخوف الاكبر ، وتثبت على جوانب المزلق، ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولبان هذا القمح ونسائج هذا القز ، ولكن هيهات ان يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الاطعمة ولعل بالحجاز او اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع او أبيت مبطانا وحولي بطون غرثي واكباد حرى او اكون كما قال القائل :

وحسبك داء ان تبيت ببطنة           وحولك اكباد تحن إلى القد)(13).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الغزالي، احياء علوم الدين : 3/275.

(2) ثقة الاسلام الكليني ، الاصول الكافي : 2/69.

(3) النيسابوري، روضة الواعظين : 429 .

(4) نهج البلاغة ، الخطبة : 187 .

(5) المصدر نفسه : 151.

(6) نهج البلاغة : قصار الحكم : 133.

(7) نهج البلاغة : قصار الحكم : كتاب 45.

(8) المحدث المجلسي، بحار الانوار : 73/50.

(9) نهج البلاغة : خطبة : 193 .

(10) نهج البلاغة : خطبة : 193 .

(11) المصدر نفسه.

(12) نهج البلاغة ، خطبة : 237 .

(13) نهج البلاغة : كتاب : 45 .

 

 

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.






موكب أهالي كربلاء يستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
العتبة العباسية تستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) بإقامة مجلس عزاء
أهالي كربلاء يحيون ذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) في مدينة الكاظمية
شعبة مدارس الكفيل النسوية تعقد اجتماعًا تحضيريًّا لوضع الأسئلة الامتحانية