النماذج الطبيعية: وهي طريقة ثانية، يمكن بها استغلال النماذج المبسطة، واستخدامها في التحليل المكاني والتنبؤ الاقتصادي، وذلك برجمة الظاهرة إلى حالة طبيعية مشابهة، تكون أكثر منها بساطة وأيسر فهماً، و أكثر سهولة من حيث الملاحظة. وهذه النماذج على نوعين:

(أ) النماذج التاريخية.

(ب) النماذج النظائر.

النماذج النظائر: النموذج الطبيعي النظير أو المناظر، هو النموذج الوصفي، أو الأيقوني (Iconic) كما يسميه بعضهم، وهو ترجمة الظاهرة إلى نموذج مبسط ذي طبيعة مختلفة، ومثال ذلك مقارنة (بونج Bunge) لتغير الطرق الرئيسية بتغير المجاري المائية، وتطبيق أصول علم البلوريات على النظرية المركزية للمكان (Centra! place theory) على اعتبار أن اتساع منطقة السوق وانكماشها مشابه لما يحدث للبلورات الثنائية الأبعاد وكذلك (غاريسون Garrison) الذي اتخذ القلنسوة الجليدية نظيراً لنمو المدينة.

وسواء استخدمنا النموذج الرياضي، أم الطبيعي، أم التجريبي، فإن المرحلة التالية لبنائه هي التجربة للتأكد من صحته، فلا بد للباحث أن يفحص نموذجه ويتفهمه ويتأكد من سلامة بنائه. على غرار ما يفعل مصمم الطائرة، فهو يفحص نموذجها قبل أن يعمم استخدام ها وتصبح وسيلة نقل ناجحة. وهذه التجربة تعطي الباحث فرصة لمعرفة أوجه النقص أو الخلل في نموذجه، وتقوده إلى مزيد من الأبحاث وكثير من التعديلات، فالنماذج كسائر المجتمعات عرضة للتبديل والتطوير نتيجة الأبحاث المستمرة.

ولا يمكن الجزم بأن النماذج كلها ناجحة من الناحية التطبيقية، فنجاحها يتوقف على مقدار مطابقتها للواقع إلى حد كبير، ولذا فإن مرحلة التجريد هي من أهم المراحل وأدقها، فالتجريد يفقد النموذج أحياناً قيمته العملية، إذا أبعده كثيراً عن الواقع والحقيقة، وقد شبه (شورلي) النماذج والنظريات بالمشاعل المختلفة من حيث الحجم والقوة، وهي تشع في جميع الاتجاهات، وكل منها ينير نواحي جديدة أو يكشف عن ظاهرات موجودة أصلا في دنيا الواقع، وبذلك تعد وسيلة ناجحة في التحليل والتعليل والتعبير عن آرائنا وأفكارنا عن الواقع .