قال (عليه السلام) : (قد بصرتم ان ابصرتم ، وقد هديتم ان اهتديتم ، واسمعتم ان استمعتم).

الدعوة إلى الإفادة مما خلقه تعالى وبثه في سماواته وأرضيه ، وما جرى مع الامم الماضية ، مما كان دالا على قدرته سبحانه وعظمته ، بما ينتفع به الحائر ، ويقوى به يقين المستدل ، وعندها فلا يصح من احد الاعتذار بالجهل وعدم المعرفة ، بعد ان اتاح تعالى للجميع – بمستوياتهم المتعددة – ما ينفعهم الاهتداء به للدلالة على وجوده والوصول إليه ، بما لا يترك عذرا لمعتذر ، ولا حجة لمحتج ، {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت: 20] ، {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [النحل : 36] ، {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} [النمل : 69] ، { أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف : 185] ، {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} [ق : 6].

فكان للسياحة دور ، كما للتأريخ ، وهكذا للتخصصات العلمية الاخرى كعلوم الفلك والجيولوجيا والطب والاحياء والنبات ، ادوارها في التعريف بالحقيقة الكونية  الكبرى ، بما لا يبقى الإنسان شاكا.

وهذا ما قد ألمح إلى بعض ما فيه (عليه السلام) بقوله : (قد اضاء الصبح لذي عينين) ، الأمر الذي يدل على اكتمال الإطار العام للمشهد الكوني ، بما لا يتطلب من الخلق سوى التدبر والتعقل والتفكر ، وصولا لركوب سفينة الأمان الموصلة إلى النجاة ، دون غيرها ، حيث تتشابك الامور وتتشابه ، مما يحدث اغتشاش الرؤية ، والتباس النظر بغير الواقع ، فيقع لوجهه ، وينقلب على عقبيه ، وهي النكسة الكبرى ، إذ يخسر الانسان عمره وهو رصيده المهم.