المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
لا عبادة كل تفكر
2024-04-27
معنى التدليس
2024-04-27
معنى زحزحه
2024-04-27
شر البخل
2024-04-27
الاختيار الإلهي في اقتران فاطمة بعلي (عليهما السلام)
2024-04-27
دروس من مدير ناجح
2024-04-27

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


أسئلة وإشكالات حول تقسيم الإرث في الإسلام  
  
6494   12:56 صباحاً   التاريخ: 9-12-2020
المؤلف : الشيخ حسان محمود عبد الله
الكتاب أو المصدر : مشاكل الاسرة بين الشرع والعرف
الجزء والصفحة : ص352-366
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-1-2022 2426
التاريخ: 11-4-2017 1922
التاريخ: 2023-11-04 829
التاريخ: 28-4-2017 2244

تثار إشكالات متعددة حول حكم الإسلام في بعض التقسيمات الإرثية والحقيقة أن أكثر من يثير هذه الإشكالات إنما يريد من وراء ذلك تشويه صورة الإسلام بأخذ بعض أحاكمه بمعزل عن سلسلة الأحكام الأخرى حيث إن الإسلام له منظومة متكاملة من الأحكام لا يمكن أن نأخذها بشكل مستقل عن بعضها البعض ، بل لا بد من التعامل معها على أساس أنه جزء من منظومة متكاملة. وهذه الإشكالات سنتعرض لبعضها الذي يكون عادة مجالا للانتقاد وهي على الشكل التالي :

أ‌- للذكر مثل حظ الأنثيين :

عندما قسم الله سبحانه وتعالى الإرث فرض للذكر نصيبا يساوي ضعف نصيب الأنثى فقال في كتابه الكريم:{يوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء: 11]. فالله عز وجل كما يظهر من الآية الكريمة فرض للذكر من الإرث مثل حظ الأنثيين والسؤال الذي يتبادر الى الذهن خاصة اليوم في عصر الكلام عن المساواة بين المرأة والرجل ، أنه ألا يعتبر هذا التقسيم فيه ظلم للمرأة وانتقاص من حقها ؟ وألا يعني ذلك أن المرأة لا تساوي الرجل في حقوقها المالية وبالتالي المعنوية ؟ وهؤلاء المعترضون يدعون الى أن تتساوى المرأة مع الرجل ، إن النظر الى الموضوع بشكل مجرد وبعيدا عن التفاصيل الأخرى يصل الى هذه القناعة ويتأكد من أن هناك تمايزا ، وهم معذورون كونهم لا يؤمنون بالله ولا يعرفون أحكامه ، أما إذا نظروا الى الموضوع من جهة النظام الإسلامي كمجموعة متكاملة فان نظرتهم ستتغير كليا ، فالإسلام في موضوع الأمور المالية للمرأة تعامل معها بأسلوب لو دققنا فيه تماما لوجدنا أن إعطاءها هذا النصيب ليس فيه ظلم للمرأة ، بل إن حقوقها كاملة وليس هناك أي ظلم لها. وقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه عندما سئل عن موضوع أن للذكر مثل حظ الأنثيين أنه قال:

(علة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث لأن المرأة إذا تزوجت أخذت والرجل يعطي ، فلذلك وفر على الرجال وعلة أخرى في إعطاء الذكر مثلي ما تعطى الأنثى لأن الأنثى في عيال الذكر إن احتاجت وعليه أن يعولها وعليه نفقتها، وليس على المرأة أن تعول الرجل ولا تؤخذ بنفقته إن احتاج ، فوفر على الرجال لذلك وذلك قول الله عز وجل:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء: 34] (1) ، فالحديث يوضح أن المرأة عندما تأخذ النصف فإنه لا تصرف منه شيء ولم يكلفها الله سبحانه وتعالى بأي نفقة مالية ، فلا يجب عليها أن تنفق على نفسها ولا على اولادها في حين أن الرجل مسؤول عن أن ينفق عليها إن كانت زوجته ، إضافة الى المهر الذي يعطيها إياه عند الزواج، وكذلك يجب ان ينفق على اولادهما ايضا وان كانت ابنته فكذلك يجب ان ينفق عليها وبالتالي فإن ما يأخذه ينقص في حين أن ما تأخذه هي يبقى على حاله فأين الظلم في هكذا حكم؟

وقوله (عليه السلام): (ولا تؤخذ بنفقته إن احتاج) ، يعني إذا احتاج الرجل الى النفقة فلا يلزمها الشرع أن تنفق عليه ، بينما هو يجب عليه النفقة عليها حتى لو كان معها مال وإذا لم ينفق عليها يحبس ، وفي حديث آخر سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن هذا الموضوع فقال: (إن المرأة ليس لها عاقلة ولا عليها نفقة ولا جهاد وعدد أشياء غير هذا ، وهذا على الرجل فلذلك جعل له سهمان ولها سهم)(2) .

لتفسير هذا الموضوع نقول : نعلم أحكام الدية في الإسلام وأنه إذا قتل رجل رجلاً يجب على أهل القاتل ويسمونهم العاقلة أي عائلته أبوه ، أعمامه ، أجداده ، أخواله ، أن يدفعوا الدية لأهل القتيل والدية مبلغ كبير من المال ، والذي يدفع الدية الرجال في العائلة وليس النساء ، فهنا أموالها كما هي والرجل أمواله تنقص ، وليس عليها جهاد لان الجهاد بالمال وبالنفس فعندما تذهب مجموعة للجهاد كانوا في الماضي يشترون لهم السيوف ومع مقاومتنا الشريفة الإسلامية يحصل شيء شبيه له تجهيز المقاتل وكان يتم من المجتمع وليس من الدولة ، المجتمع كان يذهب للحرب بأحصنته وسيوفه والدولة دورها قيادة هذا المجتمع والناس تدفع لأمور الجهاد وأمور القتال فهذه الأمور معفية المرأة من دفعها ، فإذا عددنا الأمور التي لا تجب على المرأة وتجب على الرجل  كالمهر ، والنفقة عليها ، والنفقة على العيال ، والدية ، والجهاد ، وأمور أخرى ، نلاحظ هنا أنه إذا نظرنا الى النظام كنظام اقتصادي في موضوع كيفية صرف الأموال وعلى من يجب وعلى من لا يجب فسيظهر معنا أنه ليس هناك اي ظلم للمرأة بل حقها محفوظ . فالنظام الإسلامي حافظ على التوازن في داخله بينما في نظام مثل النظام الغربي المرأة تشتري وتنفق وكل واحد من الزوجين ينفق على نفسه وغير ملزم بنفقة الآخر وهي تسجل ما اشترت لتحاسب زوجها بالنصف والرجل يسجل ما اشترى ليحاسبها كذلك. وإذا ذهبوا الى مطعم تدفع النصف والرجل يدفع النصف الآخر وهذا نظامهم ، وقد استمعنا في عدة قضايا من نساء اجنبيات دخلن بالإسلام وتزوجن من مسلمين وحدثونا عن الانظمة الغربية وكيف أن المرأة تعاني من أعباء مادية لا تستطيع القيام بها ولا مواجهتها فتقع بإشكالات كثيرة وتجد أن الإسلام أهون لها ، فلا يمكن أن نحاسب الإسلام على قياس النظام الغربي فهذا نظام وذلك نظام آخر مختلف كليا لا يمكن أن نقيسه عليه .

وقد يتجرأ البعض ويقول ليكن النظام الإسلامي حراً ، والمرأة إذا أرادت تعتمد النظام الذي يقول بأن النفقة للرجل لها ذلك وإذا اختارت ان تكون هي التي تنفق وتعمل فلها ذلك أيضا . أما موضوع عمل المرأة فهذا بحث آخر والإسلام لا ينهى عنه نهياً مطلقاً ، وإن كان الإسلام يفضل أن تكون المرأة في بيتها لرعاية أولادها ، الإسلام عندما جعل النفقة على الرجل وجعل العمل على الرجل لم يكن يهدف أن يهمش المرأة ، بل يهدف الى أن يدعو المرأة الى تكليفها الأفضل والى دورها الامثل ، وهو تربية أولادها. ونظام الارث في الإسلام عندما أعطى للذكر مثل حظ الأنثيين لم يعط الذكر ضعف حظ الانثى من دون أن يرتب عليه واجبات تؤمن التوازن بين حصة الرجل وحصة المرأة فهو أعطاه ليأخذ منه في أماكن أخرى. فإذا اختارت المرأة من تلقاء نفسها أن تنفق على نفسها فهذا لها ولا يمنع منه الشرع ، بل يستحب للمرأة الغنية أن تساعد زوجها بالنفقة .

ب‌- الزوجة لا ترث من العقار :

من الأمور التي تثير إشكالات في الفهم عند البعض ، هي مثار للاستغلال من بعض سيئي النية تجاه الإسلام ، مسألة ان هناك بعض الحجب لما ترثه الزوجة من زوجها ، ففي فقهنا الزوجة لا ترث من الأرض لا من عين الأرض ولا من قيمتها , بل ترث من قيمة الشجر والبناء القائمين عليها.

وهنا يتحدث البعض أنه لماذا تحرم الزوجة من هذه الأمور؟ هل لأنها امرأة والإسلام يعامل المرأة بطريقة دونية ؟ هل صحيح ان الإسلام ذكوري الأحكام والمرأة دائما تصنف على أساس أنه فئة ثانية بعد الرجل ؟ الحقيقة كل هذه الأمور غير صحيحة والذي يتحدث عنها بهذه الطريقة لا يريد سوى تشويه الصورة الحقيقية للإسلام ، ولا نريد أن ندخل في كيفية تكريم الإسلام للمرأة فهذا أمر ثابت في كثير من الموارد وتبحث في مجال آخر ، ولكن نريد إلقاء الضوء على هذه النقطة بوجه الخصوص ، ليس صحيحا أن حرمان الزوجة من أن تمتلك في عين العقار فيه امتهان للمرأة ، بل إن الأمر له علاقة بالتكوين الإنساني ، ولو سبرنا غور أي مجتمع من المجتمعات لوجدنا أن هذا الأمر منطقي بالتوضيح الذي سنورده لاحقا ، ولكن في البداية لا بد من أن نستعرض الحديث الشريف المتعلق بهذه المسألة ولماذا لا ترث الزوجة من العقار وترث من قيمة البناء ومن قيمة الشجر ؟ ففي الحديث الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام) فيما روى عنه ميسر بين بياع الزطي حيث قال : سألته عن النساء ما لهن من الميراث ؟ قال:

(لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب، وأما الأرض والعقارات فلا ميراث لهن فيها ، قال: قلت: فالثياب ؟ قال : الثياب لهن نصيبهن ، قال : قلت : كيف صار ذا ولهذه الثمن ولهذه الربع مسمى ؟ قال : لأن المرأة ليس لها نسب ترث به وإنما هي دخيل عليهم وإنما صار هذا كذا كيلا تتزوج المرأة فيجيء زوجها أو ولدها من قوم آخرين فيزاحم قوما في عقارهم) (3) ، والجواب هنا واضح حيث يقول الإمام الصادق (عليه السلام) إن المرأة لا ترث من عين الأرض وإنما ترث من الأعيان القائمة عليها ، وهذا ما أدى الى استغراب السائل ليقول كيف يكون ذلك والله سبحانه وتعالى يقول إن الزوجة لها من زوجها الثمن إن كان لها ولد ، والربع إن لم يكن لها ولد ، فبهذه الحالة كيف يقول الله إن لها الثمن والربع من دون أي قيد ، وأنت تقول إنها لا ترث من الأرض لا عينا ولا قيمة فهي تحرم هنا مطلقا ؟ وكيف يكون أنه في حال وجود بناء أو زرع على الأرض فإنها ترث من قيمتها لا من عينها وهنا ايضا حرمان من نوعية من الملك الى نوعية أخرى فحرمها من ملك العين الى ملك الثمن فقط ؟ فاستفسار السائل منطقي وطبيعي ، والجواب من الإمام الرضا (عليه السلام) أنه لا يصح ان ترث المرأة من العين ثم تتزوج من اخر فيصبح هو المتصرف في الارض ما يؤدي الى مشاكل كبيرة تؤدي في بعض الأحيان الى قتل ودم وثارات لا تنتهي ، وهذه المسألة تصير عندنا كثيرا وقد عالجنا الكثير من المشاكل الناتجة عن هذا الموضوع الذي نتج عنه بعض الأمور المأساوية.

فإذا ورثت الزوجة من عين الأرض ، ومن عين البيت ، وأصبحت شريكة فيهما بعد أن مات عنها زوجها بلا ولد ، ثم بعد ذلك تزوجت من رجل آخر وهذا حقها الطبيعي الشرعي إذ لا تستطيع أن تبقى بلا زوج ، خاصة إن كانت صغيرة في العمر . وخاصة تلك التي ليس لها ولد  فبعد زواجها يأتي الزوج الغريب ليسكن في أرض الزوج الأول ، ويزرع عقاره وهذا ما قد يؤدي الى مشاكل مع أهل الزوج الأول وقد يصل الأمر الى حد القتل والى وقوع الفتن والتي أراد الإسلام إنهاءها بحيث لا تكون هناك مشكلة أصلاً، ولذلك نرى أن في كثير من الحالات خاصة في الارياف والمناطق الزراعية التي يكون فيها للأرض قيمة كبيرة جدا يقوم أهل الزوج المتوفي بإرغام الزوجة على الزواج من أخيه خاصة في المورد الذي يكون فيه مهر الزوجة جزءا من الأرض لا حبا بها بل خوفا من خروج هذه الأرض من حوزتهم الى حوزة الغريب

عنهم ، لذلك ومنعا من وقوع الفتن كان هذا الحكم.

ولا يرد على هذا الكلام أنه قد يحصل في بعض الحالات أن لا يقع مشاكل ولا شيء من هذا الذي تتحدثون عنه لان ذلك من الشواذ التي لا تقيد القاعدة أو النظرية ، فالنظرية تأخذ الحالة العامة وتعمل على أساسها.

بعض الناس يقولون لماذا تعتقدون أن الأمر سيصل الى القتل فالنظام والقانون يمنع ان يتعدى احد على غيره والقانون يفرض صلاحياته وسلطاته ، والجواب أنه صحيح ان هناك قانون يفرض صلاحياته وسلطاته ولكن هذا الأمر لا ينفي أن هناك حالة من الأسى وحالة من اللوعة والحزن وعدم الشعور بالرضا من قبل أهل المتوفي أن يأتي شخص غريب أولا ليتزوج زوجة ابنهم وهذه وحدها كفيلة بالمشاكل وهذه مسألة نفسية عند الناس وثانيا ليس فقط يتزوج زوجة ابنهم ، بل ويعيش من خير ابنهم وماله وعقاره وهذا الامر واضح كم سيسبب من أذى وأسى ومشاكل وحزن وألم عند الناس ، ومنعاً لوقوع هذه الأمور وللإشكالات التي قد تحصل ومنعاً للفتنة ولأي شيء ممكن أن يؤدي إلى الخراب أتى الإسلام وقال للزوجة إنك لا ترثين من هذه الأمور وترثين من غيرها المهم أن لا يكون هناك شيء ثابت يمكن أن يشترك فيه بالمستقبل أجنبي مع عائلة الزوج.

ـ قصة وعبرة :

أتاني في احد المرات ولد يريد أن يُخرج أمه من البيت الذي ورث نصفه عن أبيه ، في حين أن النصف الآخر هو للأم التي ملكته بالمهر من أبيه الذي هو زوجها وبعد وفاته أرادت أن تتزوج وأن تأتي بزوجها الجديد الى البيت الذي تملك نصفه ، فقلنا له : إن من حقها أن تتزوج وهي أمك وما يسعدها يجب ان يسعدك فلا تتصرف بعصبية وأنانية ، بل تصرف بحكمة ومحبة ولك بذلك الأجر ، فقال إنه ينظر الى هذه المسألة وكأن أحدا يطعنه بسكين وليس مستعداً لاستقبال أي شخص في بيته وأن يراه يعيش في غرفة نوم أبيه مع أمه . وهذه مشاعر لا أستطيع ان أقاومها من ناحية عاطفية ونفسية فإذا ارادت أن تتزوج فلها الحق ولكن ليس في منزل والدي ولا في فراشه وغرفة نومه. فأحضرنا الزوجة وقلنا لها من حقك الشرعي ان تتزوجي من تريدين ولكن لديك من جهة أخرى واجب رعاية مشاعر ابنك فعلى الأقل أن تؤمني منزلاً آخر في مكان آخر غير هذا الذي كان لوالده ، ومن المفروض أن هذا واجب زوجك الجديد الذي يجب عليه أن يؤمن لك مسكنا شرعيا ملائما لا أن يرضى بالسكن في منزل زوجك السابق مع ما في ذلك من إشكالات أخرى قد تحصل بينك وبين زوجك أيضا لأنه سيتذكر زوجك السابق في كل تفصيل من تفاصيل البيت لذا آمل أن تجدي حلاً آخر. والمفاجأة كانت أن هذا الزوج الجديد لا يمتلك مالاً يُمَكِنه من فتح بيت ولعله توجه للزواج بها طمعاً في قدرتها على تأمين المسكن له ، وعندما طرحت عليه الموضوع رفض متذرعاً بعدم قدرته على تأمين ما تريد ، وبقيت المشكلة وحصل الزواج بعد وقوع تضارب بين الزوج الجديد والابن حول التصرف في بعض أغراض البيت ما اضطرنا بعد اليأس من إمكانية التعايش بينهم الى طرح أن يدفع الابن ثمن حصة الأم فقال إنه لا يمتلك ثمن نصيبها ، فعرضنا الامر على الأم وكان الجواب نفسه ، وحيث إنهما شريكان في البيت على حد سواء وحيث إنه لا يمكن قسمة البيت ، وحيث إنه لا مرجع لأحدهما على الآخر فرضنا عليهما بيع البيت وقسمة ثمنه بين الأم وابنها كي يبحث كل واحد منهما عن منزل مستقبل له.

وبعد فترة أتت الأم لتطرح من جديد أن هذا الذي تزوجته تبين أنه كان طامعا بها وأقنعها بإعطائه المال ليفتتح مشروعا تجاريا يؤمن من خلاله المال الذي يستطيع به أن يشتري شقة لاحقاً ، وحتى ذلك الحين يسكنون شقة مستأجرة ووافقت المسكينة لتعرف بعد فترة أن كل المال قد أضاعه زوجها على ملذاته أو لعله سرقه ، وصار يعاملها معاملة سيئة أدت في النهاية الى الطلاق لتعود هذه المرأة الى ابنها الذي استقبلها بكل رحابة صدر فهي أمه وعاشت معه في شقته الصغيرة ، وبذلك خسرت الشقة الكبيرة التي كانت تسكنها مع ابنها والحمد لله أن الأمر لم يتطور أكثر من ذلك.

وبالعودة على اصل الموضوع فالإسلام عندما حدد طبيعة الميراث الذي تستحقه الزوجة من الأرض أراد أن يعالج المسألة من أساسها لأن تبعاتها النفسية تنعكس مشاكل اجتماعية ونفسية لها علاقة بالكرامة والعنفوان ما يؤدي الى ما قد لا يحمد عقباه .

ويتبادر هنا الى الذهن إشكال مفاده أن ابنة الرجل ترث من عين الأرض وقد يأتي أحدهم وهو رجل غريب ويتزوجها وبذلك يضع يده على هذه الأملاك ، فلماذا صح هنا ما لم يصح هناك ؟ فنقول إن الفارق بين الموضوعين واضح فالبنت إنما صح لها أن تأخذ من عين الأرض بسبب النسب في حين أن الزوجة منعت هناك لهذا السبب أيضاً ، فبملاحظة ما يقول الإمام الصادق (عليه السلام):

(... لأن المرأة ليس لها نسب ترث به وإنما هي دخيل عليهم ...) فالابنة ورثت بنسبها فهذه القطعة من الأرض لها فهي ابنة فلان بينما زوجته ليست ابنة فلان ، ولا يقال إن زوجته أحضرت غريب على أرضه ، بل يقال غريبة أحضرت غريب ولكن ابنته أحضرت صهره وليست هنا أي مشكلة .

فالزوجة إذا اقترنت بأجنبي تكون الزوجة أجنبية تأتي بأجنبي بينما الابنة فهذا حقها الطبيعي ذلك لأنها ورثت بنسبها وهذا يعني أنها ليست غريبة وهنا تكون الحال صاحبة نسب أحضرت غريبا ولا توجد مشكلة .

ج- عدم إرث ابن الابن مع وجود العم :

من الأمور التي تثار كإشكالات على النظام الإرثي في الإسلام مسألة أنه لو فرضنا أن رجلاً توفاه الله سبحانه وتعالى وكان أحد أبنائه قد توفي قبله فإن أولاد ابنه المتوفي لا يرثون لوجود الأقرب الى الميت ميراثا وهم أعمامهم ، وقد ورد في ذلك ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) حيث قال: (ابن الابن لم يكن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن ، وابنة البنت إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت)(4) .

ومنه يظهر أنه لا يرث ابن الابن مع وجود العم لأنه أقرب ومقياس ذلك أن من كان أقرب الى الميت يعتبر أولى بميراثه استنادا الى قول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الأحزاب: 6] . فالآية واضحة لجهة أن الأرحام بعضهم أولى ببعض ومعنى ذلك أن الأقارب للميت أولى من الأبعد بدرجة وهكذا. ومعنى الأولوية هنا أنه أولى بميراثه ، فيحجب بذلك الأبعد.

والإشكال الذي يثيره البعض أنه ما ذنب هؤلاء إذا مات أبوهم قبل جدهم ؟ أليس من الرحمة أن يرثوا ، خاصة إذا ما كانوا صغارا لا يملكون ما يستطيعون معه مواجهة ظروف الحياة القاسية؟ والحقيقة أن الحكم يقول بعدم ميراثهم بالأصل وذلك لأن الأقرب أولى من الأبعد ، ولكن لا يمنع ذلك من أن يقوم جدهم وهذا ما يحصل عادة بالوصية لهم وغالبا ما يوصى لهم بأكثر من حق أعمامهم ، إذاً فالنظام لم يمنع من أن يرثوا بطريقة أخرى والإشكال إنما يرد في حالة المنع المطلق لا في حالة المنع من الجهة مع فسح المجال من جهة أخرى .

د – الكافر لا يرث من المسلم :

من الاتهامات التي توجه للإسلام أنه في موضوع الإرث يتصرف من خلال العصبية الدينية وبذلك يغصب حقوق مخالفيه ، ودليلهم على ذلك منعه من الإرث عن احد الورثة الذين يحق لهم الإرث بالأصل إذا ما كان كافرا ، ويتساءلون بشكل استنكاري قائلين : ما الذي يبرر هذا الحكم سوى العصبية الدينية ؟ والحقيقة أننا لا ننكر أن الإسلام يمنع الكافر من أن يرث المسلم في حين أنه يسمح للمسلم بأن يرث الكافر ويدل على ذلك ما ورد عن سماعة في سؤاله للإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال: (سألته عن المسلم هل يرث المشرك ؟ قال : نعم فأما المشرك لا يرث المسلم)(5).

والسبب في هذا الحكم يعود الى امور عدة منها : إن المال الذي يأخذه الكافر قد يستخدمه في سبيل نشر عقيدته ، التي لا نقره عليها مما يساهم في إضعاف ديننا من مالنا وهذا ليس منطقيا .

ومنها : أنه عندما يعرف بعدم إرثه من مال أبيه مثلا فقد يدعوه هذا للعودة عن كفره وضلاله  صحيح إن العودة بسبب المال لا قيمة لها لأنها عودة بسبب مصالح دنيوية وليس بسبب قناعة فكرية ولكن مع ذلك قد يكون هذا الالتزام الظاهري سببا لسماع الأفكار الصحيحة والعيش بالأجواء الإيمانية من دعاء وقراءة القرآن ما يساهم في الدخول الحقيقي للإسلام .

ومنها : إن فكرة أن الارتداد عن الدين والاتجاه نحو الكفر ستؤدي به الى خسران إرثه قد تشكل رادعا له عن فعل ذلك ما يبقيه في الأجواء الإيمانية مما يسهل معالجته وإرجاعه حقيقة الى الحضن الإسلامي .

انطلاقا من ذلك لا نرى أن في حرمان الكافر من الميراث أية مشكلة طالما أن الأمر يتم في أجواء حفظ الدين ومنع إضعافه ، وفي نفس السياق يأتي الحكم بجواز أن يرث المسلم الكافر لأنه يساعد على تقوية الدين الحق برأينا ولا مانع شرعي عندنا من أخذ مال من قريبنا الميت إن لم يكن هناك شائبة شرعية في ماله تمنعنا من تملكه كأن يكون غصباً من آخرين لا يحق لنا الاستيلاء على مالهم .

هـ - لا يرث القاتل من الذي قتله :

من الأحكام المتعلقة بالإرث أنه لا يرث القاتل من قتله عمداً لا خطأ ، فلو قتل الأب ابنه فلا يرثه ، وكذلك أي وريث لو قتل مورثه بغض النظر عن الطبقة الإرثية التي ينتمي إليها فلا يرث من قتله ويدل على ذلك ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (لا ميراث للقاتل)(6) .

ومع وضوح السبب الذي يمنع من أن يرث القاتل من قتله ترى البعض يطرح الأمر من باب حقوق الإنسان في أنه ما المانع من ذلك ؟ فقد يكون هذا الشخص ارتكب خطأ فلماذا لا نتجاوز له عنه على الأقل من اجل أن نفسح له مجال لحياة جديدة من دون خطأ أو لأولاده إمكانية عيش كريم بعد دخول الأب السجن أو إعدامه ؟

والرد على ذلك بسيط جداً فأولاً : لا يجوز أن يُثاب القاتل على فعله هذا ، وثانيا : لا يعقل أن يستفيد القاتل من مال المقتول ، وثالثا : وهو الاهم أليس ذلك إغراء لبعض ضعاف النفوس باللجوء الى القتل توصلا للإرث إن كانوا سيرثون كشفت جريمتهم أم لم تكشف ؟

و- ابن الزنى لا يرث :

في موضوع الإرث هناك مشكلة كبيرة برأي بعض دعاة حقوق الإنسان وهي مسألة عدم صحة أن يرث ابن الزنى ويعتبرون أن في ذلك إجحافا ، فما ذنبه ليعاقب بجريرة الشخصان اللذان سببا خروجه الى الحياة بهذه الصفة ؟

ويدل على عدم توريث ابن الزنى أحاديث عدة منها ما ورد عن الإمام الجواد (عليه السلام) فيما رواه محمد بن حسن الأشعري حيث قال: (كتب بعض أصحابنا الى الإمام أبي جعفر الثاني (عليه السلام) معي يسأله عن رجل فجر بامرأة ثم أنه تزوجها بعد الحمل فجاءت بولد هو أشبه خلق الله به فكتب بخطه وخاتمة: (الولد لغية لا يُوَرث)(7) .

وهنا يجب الالتفات الى عدة أمور هي :

أولا : الإسلام عندما منع من إرث ولد الزنى فإنه يريد من ذلك منع إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا من خلال تفكيرهم قبل الإقدام على هذا الفعل عما يمكن أن يؤثره على من  ينجبون كنتيجة لهذا الفعل الشنيع .

ثانيا : الإسلام كما منع ابن الزنى من أن يرث والديه منعهما من أن يرثاه أيضا فهذا الحكم لا علاقة له بعقاب للابن بقدر ما هو تنظيم يمنع ويردع من الفاحشة في المجتمع من خلال منع النسب عن ابن الزنى  فالمرجع في عدم التوريث هو عدم النسب المترتب على الزنى .

ثالثا : مع ذلك كله لم يمنع الشرع الزاني من أن يخص من أنجبه بوصيته ، أو أن يعيطه شيئا وهو حي .

_________________

1ـ وسائل الشيعة ج 17 ص 437 – 438 .

2- من لا يضره الفقيه ج 4 ص 350 .

3- الكافي ج7 ص130.

4ـ وسائل الشيعة ج17 ص 450 .

5- المصدر السابق ص 373 .

6- المصدر السابق ص 388 .

7- المصدر السابق ص 567 .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






قسم الشؤون الفكرية يقيم برنامج (صنّاع المحتوى الهادف) لوفدٍ من محافظة ذي قار
الهيأة العليا لإحياء التراث تنظّم ورشة عن تحقيق المخطوطات الناقصة
قسم شؤون المعارف يقيم ندوة علمية حول دور الجنوب في حركة الجهاد ضد الإنكليز
وفد جامعة الكفيل يزور دار المسنين في النجف الأشرف