إنه يحتوي على ثلاثة أساليب هي: الأسلوب العلمي والأسلوب الكتابي الأدبي والأسلوب الخطابي، وفي هذا الدرس سنحاول شرح هذه الأساليب واحدة تلو الآخر، ليتضح للطالب الكريم خصائص ومميزات كل واحد منها، وبالتالي يمكنه الوصول إلى درجة البلاغة في النص القرآني المقدس.

أولا: الأسلوب العلمي

 هو الأسلوب الذي يشرح الحقائق العلمية بشكل لاخفاء فيه ولا غموض، ومن أهم مميزات هذا الأسلوب هو الوضوح والبيان الساطع وسهولة الألفاظ، بحيث يبتعد عن المجاز والاستعارة، وكل الكتب العلمية الدرسية هي أبرز مثال لذلك الأسلوب.

ثانيا: الأسلوب الأدبي

 هو استخدام الكلام الإنشائي البليغ الذي يقصد به التأثير على عواطف القراء والسامعين(1)، ومن مميزات هذا الأسلوب:

1- استخدام الخيال .

2- التصوير الدقيق.

3- محاولة إيجاد الفروق الدقيقة من ناحية التمثيل والتشابه وتقريبها بين الأشياء ،فمثلاً يرى الأسلوب العلمي الحُمّى بأنها نتيجة لجراثیم معه داخلية إلى الجسم لكن في الأسلوب الأدبي يصورها المتنبي بما يلي:

وزائرتي کان بها حياة                            فليس تزور إلا في الظلام

بذلت لها المطارف والحشايا                    فعافتها وباتت في عظامي(2)

فالأسلوب الأدبي يحاول إيجاد حالة الشبه بين شيئين، ثم يبدأ يأخذ أوصاف کلا الشيئين ويعطها للآخر وهكذا.

ويمتاز هذا الأسلوب أيضا بالوضوح وعدم الغموض، فمثلا يرثي المتنبي أحد   الرجال بعدما حمل نعشة بالقول:

ما كنت أمُلث قبل نعشك أن أرى             رضوى على أيدي الرجال يسير(3)

وكذلك ابن المعتز(4) عندما قال وهو يرثي ابن العباس:

قد ذهب الناس ومات الكمال       وصاح صرف الدهر : أين الرجال

هذا ابو العباس في نعشه      قوموا أنظروا كيف تسير الجبال

وغيرها من التشبيهات التي يستخدمها الأسلوب الأدبي بشكل بديع وجميل

الأسلوب الخطابي

هو أسلوب يعتمد على أشياء ثلاث :

1- المعاني والألفاظ.

٢. الحجة والبرهان.

٣. قوة العقل.

وهذا الأسلوب تؤثر فيه عدة مؤثرات منها: ما يرتبط بالمتكلم نفسه، وطريقته وكيفية أدائه، وهذا الأسلوب يعتمد على التكرار، والترادف، والأمثال، واختيار الكلمات المؤثرة على السامع، وقيل: إن خطبة أميرالمؤمنين عليه السلام من أروع مفردات الأسلوب الخطابي عندما غارت خیل سفيان بن عوف الأسدي عامل معاوية على  الأنبار وقتل عامل على الله عليه السلام وهو حسان البكري، فقال:

( هذا أخو غامد(5) قد بلغت خيله الأنبار وقتل حسان البكري، وأزال خيلكم عن  مسالحها(6) وقتل منكم رجالا صالحين، وقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينزع حجلها(7) وقلبها(8)، ورعاثها(9) ثم انصرفوا وافرين(10) ما نال رجلا منهم كلمُ(11) ولا أريق لهم دم، فلو أن رجلا مسلماً مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوماً، بل كان عندي جديراً).

فالإمام تدرج في طرح مطالب خطته من بيان عملية الغزو إلى ما وصل من جراء

تلك العملية من أحداث إلى إثارة شعورهم في عدم مواجهة عدوهم وغير ذلك من قدرة عالية في إلقاء الخطبة لا يدانيه فيها أحد.

الخلاصة

الأسلوب العلمي: يتكفل بشرح الحقائق العلمية الدقيقة بأسلوب واضح وجلي. الأسلوب الأدبي: يعتمد على الكلام البليغ ويستخدم الأدوات التي تحرك مشاعر وأحاسيس الجماهير.

يراعى في الأسلوب الخطابي الحديث المؤثر في السامع ويعتمد على التمثيل  والحجة والبرهان.

_____________

1- معجم مصطلحات الأدب:5.

2- يشبه المتنبي الحمى بالفتاة التي تأتيه ليلا فيفرش لها رداءه والحشايا، أي الفراش المحشو فترك كل ذلك وتت في عظامه .

3- رضوى اسم جبل بالمدينة فشبه المتنبي الرجل الميت بذلك الجبل لعظمته.

4-  هو عبد الله بن المعتر العباسي أحد خلفاء العباسيين،(ت296ظ9.

5- يقصد به عامل معاوية سفيان بن عوف الأسدي وهو عامل معاوية وهو من قبيلة بني غامد في اليمن.

6- وهي التغور.

 7- الحجل الخلخال.

8- القلب: السوار.

9-  الرعاث: جمع رعثه بمعنى: القرط.

10-  وافرين: تامين على كثرتهم لم ينقص عددهم .

11- الكلم: الجرح.