نشأة النظام الاقطاعي

ان مفهوم القرون الوسطى ونشأة النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الاقطاعي مفهومان متلازمان ، فقد ترتب على سقوط روما زوال السلطة المركزية عن هذه الامبراطورية المترامية الاطراف وضعفت الامبراطورية بالكامل ⁽¹⁾ فكان ذلك بوادر لنشأة النظام الاقطاعي في المراحل الاخيرة من المجتمع الروماني⁽²⁾ .

حاولت الاجهزة الحكومية الجديدة ان تخلق نظاماً مركزياً سلطوياً جديداً ، ولكنها عجزت ، لذلك عمدت الامبراطورية الجرمانية لتنصيب قادة وحكام اقاليم ، الذين ذهبوا الى تقوية مراكزهم بتأسيس سلطات مباشرة على اقاليمهم مما ادى الى ظهوربعض النتائج السياسية نذكر منها مثلاً الالقاب والسلطة الوراثية اي ان الموظف في الامبراطورية بصفة قائد امتلك زمام الامور واصبح مالك اللقب والسلطة بالتوارث له ولذريته ، وتجمع الضرائب لتقوية مركز القائد وليس الامبراطور في السلطة المركزية ، وكما ان القائد يعطي إعانات كيفية للسلطة المركزية⁽³⁾ .

ونرى ان القائد حينما ملك منطقة ما ابقى المعدات والآليات الحربية في حوزته حماية مقاطعته ، مما ادى الى ضعف الحكومة المركزية وأصبح الاقليم نظام بلدي توجد توجد فيه المحاكم ويُستولي فيه على الاراضي الزراعية بالعنف ، وتطبيق نظام رقيق الارض الذي هو من بناة افكار الرومان وطبقة القياصرة الرومان ، حيث ان الارض هي ملك الامبراطور ولكن يعينها ضمن التخصص للسيد الاقطاعي الذي يكن الولاء للامبراطور ، والارض تنقسم بين الفلاحين والاسياد والفلاح يزرع الارض لسيده بالإكراه كما ويقدم له بعض الخدمات ⁽⁴⁾ فترسخ النظام الاقطاعي .

ينقسم المجتمع الاقطاعي الى (مالكين ، وأقنان) وكان هناك في البداية فلاحين مستقلين ، ولكن بسبب عدم الطمأنينة ، وكثرة الغزوات وبالأخص غزوات النورمانديين ، تنازلوا عن ارضهم مقابل حماية الاقطاع لهم ضمن اطار الاسوار التي بنوها دفاعاً عن اقطاعياتهم ، وتتكون طبقة المالكين من الاقطاع الكنسي كما ان عند دراسة النظام الاقطاعي نجد ان النظام الاقطاعي يتكون من المالكين للارض الزراعية وعبيد الارض (الأقنان) وفي بداية النظام الاقطاعي كان هناك فلاحون مستقلون ، ولكن نتيجة الوضع غير المستقر سلموا واصبحت السمات الفردية لأفراد هذا المجتمع تتركز على مفاهيم الولاء والطاعة والاخلاص للسلطة والنظام .

وكما أشرنا في بداية الفصل بوجود حرفيين في بيت الاقطاعي للقيام بالأعمال التي يحتاج اليها ، لقد بدأت تتبلور هذه الاعمال فهو على عكس المجتمع العسكري ، وهو المجتمع الذي أخذت ملامحه تتطور منذ انهيار العصور الاقطاعية ، وان نشاطهم الاقتصادي قائم على العمل وعلى حياة التبادل بين الأفراد من اجل تبادل الخدمات ، وذلك ناتج عن تقسيم العمل والتخصص .

وهذا المبدأ اساس التطور⁽⁵⁾ حيث تم اعطاء الاراضي الى الاقطاعي مقابل الحماية لأن الاقطاعي حمى مقاطعته في الأسوار من الاعتداء الخارجي ، ومن المهم التذكير به هو ان الاقطاعي ليس القائد العسكري الذي انفرد بالسلطة في اقطاعيته فحسب بل هناك الاقطاع الكنسي (رجال الكنيسة) الذين اعتمدوا السعر العادل الذي عدوه مقيد لاستغلال الانسان ، حيث ان دراسة اللاهوتيون للاقتصاد كان الهدف منه هو مقارنة ما موجود من انشطة اقتصادية مع تعاليم السيد المسيح (ع) وسيرد ذكرها لاحقاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ محب خلـة توفيق ، التطور واقتصاديات الموارد ، مصدر سابق ، ص43 .

2ـ طارق العزاوي ، الفكر والتاريخ الاقتصادي ، مصدر سابق ، ص3 . 

3ـ زكريا نصر ، تاريخ الوقائع والفكر الاقتصادي ، دار النهضة ، القاهرة ، 1955 ، ص19-30 . 

4 ـ رفعت المحجوب ، مصدر سابق ، 95 ، ص20 . 

5ـ عبد الله محمد عبد الرحمن، النظرية في علم الاجتماع ، دار المعرفة الجامعية ، الاسكندرية ، ص20 .