قال الصادق عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أنزل الله {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } [الأنعام: 1] الآية.

وكان في هذه الآية رد على ثلاثة أصناف منهم لما قال " الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض " فكان ردا على الدهرية الذين قالوا: إن الأشياء لا بدو لها وهي دائمة.

ثم قال " وجعل الظلمات والنور " فكان ردا على الثنوية الذين قالوا: إن النور والظلمة هما مدبران.

ثم قال: " ثم الذين كفروا بربهم يعدلون " فكان ردا على مشركي العرب الذين قالوا: إن أوثاننا آلهة.

ثم نزل الله " قل هو الله أحد " إلى آخرها، فكان ردا على من ادعى من دون الله ضدا أو ندا.

قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: قولوا " إياك نعبد " أي نعبد واحدا لا نقول كما قالت الدهرية إن الأشياء لا بدو لها وهي دائمة، ولا كما قالت الثنوية إن النور والظلمة هما المدبران، ولا كما قال مشركو العرب إن أوثاننا آلهة فلا نشرك بك شيئا ولا ندعو من دونك إلها كما يقول هؤلاء الكفار ولا نقول كما قالت اليهود والنصارى إن لك ولدا تعاليت عن ذلك.

قال: فذلك قوله: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } [البقرة: 111] وقالت طائفة غيرهم من هؤلاء الكفار ما قالوا، قال الله تعالى يا محمد {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } [البقرة: 111] التي يمنونها بلا حجة { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} [البقرة: 111] وحجتكم على دعواكم {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] كما أتى محمد ببراهينه التي سمعتموها. ثم قال {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} [البقرة: 112] تعالى يعني كما فعل هؤلاء الذين آمنوا برسول الله لما سمعوا براهينه وحجته { وَهُوَ مُحْسِنٌ } [البقرة: 112] في علمه {فَلَهُ أَجْرُهُ } [البقرة: 112] وثوابه {عِنْدَ رَبِّهِ } [البقرة: 112] يوم فصل القضاء {وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 112] حين يخاف الكافرون مما يشاهدون من العقاب {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 112] عند الموت لأن البشارة بالجنات تأتيهم.