المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2653 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


المعجم (الكلمة المفردة في المعجم)  
  
5539   02:19 صباحاً   التاريخ: 16-4-2019
المؤلف : تمام حسان
الكتاب أو المصدر : اللغة العربية معناها ومبناها
الجزء والصفحة : ص315- 322
القسم : علوم اللغة العربية / علم اللغة / مستويات علم اللغة / المستوى الدلالي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-4-2019 582
التاريخ: 17-4-2019 9037
التاريخ: 16-4-2019 684
التاريخ: 16-4-2019 2664

 

ولكن ما الكلمة؟ أمن السهل تعريفها؟ أَوَيُمكن أن نحددها تحديدًا دقيقًا في السياق كلما أردنا ذلك, فنقول: هنا تبدأ وهنا تنتهي؟ أنعتبر المباني الصرفية التي تتحقق بها الظواهر الموقعية وكذلك اللواصق الصرفية أجزاء كلمات أم نعتبرها كلمات مستقلة؟ كل أولئك قضايا لا بُدَّ من الإجابة عليها قبل أن نتناول طريقة شرح المعنى المعجمي وطبيعة هذا المعنى.
سبق أن فرَّقنا بين اللغة وبين الكلام, وقلنا: إن اللغة مجموعة من الأنظمة والعلاقات, وإن الكلام هو النطق أو الكتابة بحسب قواعد هذه الأنظمة والعلاقات. ونحب أن نضيف هنا أن المعجم ليس نظامًا, ولكنه مع ذلك جزء من اللغة, ومثل الأنظمة بعلاقاتها ومثل الكلمات كمثل قواعد الشطرنج؛ لأن قواعد الشطرنج نظام ينتظمه جدول "إن صح هذا التعبير" قوامه المربعات ذات العلاقات فيما بينها, فالمربعان قد يختلفان من حيث العلاقة الرأسية بأن يكون كل منهما في صف رأسي مختلف عن الآخر، وقد يختلفان من حيث علاقة

ص315

الصف الأفقي, وقد يختلفان من حيث علاقة الصف المائل. ولكن الاختلاف بين أي مربع وبين المربعات الأخرى مهم جدًّا في الوظائف التي تؤديها هذه المربعات أثناء اللعب, ولكن فهمنا للشطرنج لا يتم بمجرد وجود الرقعة فقط, وإنما لا بُدَّ من القطع المختلفة الشكل أو المبنى والوظيفة أو المعنى في اللعبة. فقواعد لعبة الشطرنج ومربعاته كنظام اللغة صرفًا ونحوًا, وقطع الشطرنج المختلفة الشكل والوظيفة كالكلمات, وحركات اللعب نفسها كالكلام الذي يحتاج إلى اللغة بما فيها من أنظمة وكلمات, وكما أن اللعبة تطبيق لقواعد الشطرنج كذلك الكلام تطبيق لقواعد اللغة؛ فالمعجم على رغم كونه قائمة من الكلمات التي لا تنتظم في نظام معين, إنما يعتبر جزءًا من اللغة من حيث يمد اللغة بمادة عملها, وهي الكلمات المختزنة في ذاكرة المجتمع.
علينا الآن إذًا أن نشرح طبيعة الكلمة في المعجم في ظلّ هذا التفريق بين مفهومي اللغة والكلام. المعروف أن اللغة باعتبارها نظامًا أكبر لا بُدَّ أن تكون صامتة, وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك لأن النظام لا ينطق, ولكن الذي ينطق هو الكلام في إطار هذا النظام. والمعجم جزء من اللغة لا من الكلام, ومحتوياته الكلمات التي هي مختزنة في ذهن المجتمع أو مقيدة بين جلدتي المعجم وهي صامتة في كلتا الحالتين, ومن ثَمَّ يكون المعجم صامتًا كصمت اللغة, ويكون ذلك منسجمًا مع كونه جزءًا من اللغة, وحين يتكلم الفرد يغترف من هذا المعين الصامت فيصير الكلمات ألفاظًا و يصوغها بحسب الأنظمة اللغوية, فالمتكلم إذًا يحول الكلمات والنظم من وادي القوة إلى وادي الفعل.
وبعد قليل نفصل القول في أن معنى الكلمة في المعجم متعدد ومحتمل, ولكن معنى اللفظ في السياق واحد لا يتعدد بسبب ما يأتي:
أ- ما في السياق من قرائن تعين على التحديد "وقد سبقت الإشارة إلى القرائن المقالية".
ب- ارتباط كل سياق بمقام معين يحدد في ضوء القرائن الحالية "وسنرى شرح ذلك فيما بعد".
ولو لم تكن الكلمة المعجمية صامتة في ذاكرة المجتمع أو بين جلدتي المعجم لكانت بالضرورة منطوقة على ألسنة المتكلمين, ويظهر جلاء الغموض

ص316

في هذه المسألة بالتأمل في السؤال الآتي: كيف يأمل المتكلّم في أن يكون واضحًا وهو يستعمل كلمة ذات معنى متعدد ومحتمل؟ والإجابة هي أن المتكلم لا يستخدم الكلمات, وإنما يحولها إلى ألفاظ محددة الدلالة في بيئة النص.
نعم! "ألفاظ"؛ لأن الكلمة الصامتة صورة صوتية مفردة في ذهن المجتمع أو صورة كتابية مفردة بين جلدتي المعجم, والصورة دائمًا غير الحقيقة, فحين يلتقطها المتكلم يحولها.
أ- من الصورة إلى الحقيقة الحسية "سمعيًّا أو بصريًّا".
ب- من الإفراد "وهو طابع المعجم" إلى السياق الاستعمالي "وهو طابع الكلام".
عندئذ يحرك بها لسانه ناطقًا أو يده كاتبًا, فيتحول اعتبارها من "كلمة" إلى "لفظ", ففرق ما بين الكلمة واللفظ هو فرق ما بين اللغة والكلام, فاللغة "والكلمة وحدة من وحداتها" صامتة, والكلام "واللفظ جزء من نسقه" محسوس, واللغة سكون والكلام حركة(1).
وهذا هو أحد أوجه الاعتراض على من عرَّف الكلمة من النحاة بأنها: "اللفظ المفرد" أو "لفظ وضع لمعنى مفرد"؛ لأن هذا التعريف يغفل عن حقيقة الفرق بين الكلمة وبين اللفظ كما حددناها هنا. وحاول بعض النحاة أن يعرف الكلمة بأنها "قول مفرد" فلم يكن أسعد حظًّا من صاحبيه, والأسباب واضحة لأن القول ربما يكون من أكثر من لفظ واحد, وتقاليد التحليل في اللغة العربية تجعل مقول القول دائمًا في صورة جملة. وسيجد القارئ الكثير من محاولات تعريف الكلمة والرد عليها في كتابنا "مناهج البحث في اللغة" فمن شاء فليرجع إلى ذلك في الكتاب المذكور.
عند هذا الحد أجدني مدفوعًا إلى استكشاف الطبيعة العرفية للكلمة وما يتصل بذلك من مبحث التفريق بين اللغة والكلام. ولقد تناول الباحثون
ص317

القدماء أصل اللغة بالتأمل, فانقسموا في رأيهم إلى قسمين يقول أحدهما "بالتوقيف", ومعناه أن اللغة هبة من الله للإنسان في إجمالها وتفصيلها, أي: إن كل كلمة في اللغة جاءت من عند الله تعالى حتى "القصعة" و"القصيعة" كما روى بعضهم, واحتجوا في تبرير هذا القول بما ورد في الكتب المقدسة ومنه الآية القرآنية: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} , وقسم آخر يقول بالمواضعة, ومعناها أن اللغة من وضع المجتمع تعارف الناس عليها رموزًا ومعاني وطرق تركيب ومخارج أصوات, وهلمَّ جرا من كل ما يصلح للتعارف. وأنا بدوري أقول: إن اللغة التي علمها الله تعالى لآدم هي الاستعداد الفطري لاتخاذ لغةٍ ما والتفاهم بواسطتها, فاللغة التي وهبها الله له ظاهرة اجتماعية, وكان De Saussure يسميها langage, وليست لغة بعينها مما يسميه هو langue, ولا كلامًا مما يسميه parole. وفي كتابي "اللغة بين المعيارية والوصفية" نقاش لطبيعة الرموز اللغوية, فمن شاء فليعد إليه, وقد كان ممن الممكن أن اكتفي بهذه الإشارة لولا أنني أحب هنا أن أضيف بعض التأكيد للعلاقة العرفية بين الكلمة وبين معناها.
من الملاحظ أن المسمَّى الواحد تختلف أسماؤه من لغة إلى لغة؛ فالرجل في العربية يقابله man بالإنجليزية وكذلك lhomme بالفرنسية وهلم جرا. وقد يقول قائل: إن "الرجل" وman و lhomme يختلفون من حيث اللون والعادات والأخلاق والنظرة إلى الحياة والتاريخ بقدر ما يختلف الرجل العربي عن الرجل الإنجليزي والرجل الفرنسي, فالمفهومات مختلفة بين الكلمات الثلاثة, وهذه مبررات مقبولة لاختلاف التسمية من لغة إلى لغة, ولكن هذا ليس صوابًا؛ لأن الثلاثة تصدق عليهم بالعربية كلمة "الرجل", وبالإنجليزية كلمة man, وبالفرنسية كلم lhomme, والعمل الواحد أو الحدث الواحد أيضًا تعبر عنه اللغات الثلاث بطرق مختلفة مثل: "يأكل" وmanger to eat, ومعنى هذا باختصار أن كل مجتمع من المجتمعات الثلاثة التي عبَّرت عن هذه المعاني اختار طريقة خاصة للتعبير عنها؛ فأصبح المعنى الواحد الذي في متناول المتكلمين باللغات المختلفة يحتمل أن تتعدد وسائل الرمز له بتعدد المجتمعات, فكيف يصل كل

ص318

مجتمع إلى اختيار كلمة معينة ليدل بها على هذا المعنى؟ الجواب: بالتعارف. إذًا فما هو أساس التعارف؟ الجواب: الاعتباط. المنطق ولا الطبيعة.
"وذلك أن نظم الحروف هو تواليها في النطق فقط, وليس نظمها بمقتضى عن معنى ولا الناظم لها بمقتف في ذلك رسمًا من العقل اقتضى أن يتحرَّى في نظمه لها ما تحراه, فلو أن واضع اللغة كان قد قال: "ربض" مكان ضرب لما كان في ذلك ما يؤدي إلى فساد"(2).
لقد أشرنا في مقدمة هذا الكتاب إلى أن "علم البيان" وهو فرع من فرع "علم البلاغة" يصلح أساسًا نظريًّا لبناء علم خاصٍّ بدراسة المعجم نظريًّا وعمليًّا يسمى "علم المعجم", أما نظريًّا فإن هذا العلم يمكن أن يشرح لنا كيفية وضع الكلمات وهي رموز للمعاني, فيتناول الاشتقاق والارتجال والتعريب والنحت والتوليد وهلم جرا من الطرق التي يبينها فقه اللغة, والتي يمكن للكلمة العربية التي تبنى على أساسها, ويشرح كذلك القيمة العرفية لدلالة الكلمة مبينًا الفرق بين العرف الخاص والعرف العام في معنى الكلمات, ويشرح لنا طبيعة المعنى المعجمي وتعدده واحتماله, والفرق بينه وبين المعنى الوظيفي والمعنى الدلالي, ويشرح لنا المقصود بالكلمة مع محاولة تحديد حدودها على أسس شكلية, فيقول لنا: متى تبدأ الكلمة العربية ومتى تنتهي وما الذي يعتبر كلمة مستقلة, وما الذي يعتبر جزء كلمة, ويشرح لنا الدلالات الاستعمالية للكلمة ما بين الحقيقة والمجاز, ويبين لماذا كان المعنى المجازي معتبرًا في المعجم, ويتناول مباحث نظرية بيانية أخرى لا غنى للمعجم عنها. وأما عمليًّا فيشرح لنا أفضل منهج لوضع المعاجم ذاكرًا الغاية الأساسية من كتابة المعاجم, وما الذي يتوقعه المرء حين يتناول المعجم في يده ليكشف عن كلمة, ومن هنا يتطرق إلى الصلة بين المعجم وبين علم الصوتيات, ثم إلى الصلة بينه وبين نظام الإملاء وما يشتمل عليه نظام الإملاء من إشارات صوتية وصرفية, ثم إلى الصلة بين المعجم وبين علم الصرف, وكذلك الصلة بين شواهده وبين علم النحو "لأن الكلمة المفردة لا تتصل بالنحو, ولكن الشواهد على طرق استعمالها ومعانيها تتصل به" ثم يذكر بعد ذلك أمثل طريقة لشرح الكلمة وقيمة
ص319

الاستشهاد في تحديد المعنى, ويلمح إلى تطور البنية etymology وتطور الدلالة semantic shift بالنسبة لبعض الكلمات, والتضام الافتقاري والأسلوبي للكلمات, إلى غير ذلك مما يتناوله المعجم من الأمور العملية.
وأوضح ما في علم البيان من مباحث هو الدلالات الاستعمالية للكلمة, والمعروف أن الواضع يضع الكلمة أولًا للمعنى الحقيقي العرفي وليس للمعنى المجازي الفني, ولكن كلمات اللغة دائمًا وفي كل مجتمع أقل بكثير جدًّا من تجارب هذا المجتمع, فلو أن المجتمع اكتفى باستخدام الكلمات في معانيها الحقيقية لأصبحت تجاربه التي تعبّر اللغة عنها محدودة, و لضاع معظم تجارب المجتمع في متاهات النسيان؛ لأن الكلمة عقال المعنى, والمعنى الشارد بل عقال لا بُدَّ له أن يضل ويختفي ويضيع إلى الأبد, وكذلك كان لا بُدَّ من حل لهذه المشكلة في اتجاهين:
أ- محاولة إثراء اللغة بإيجاد كلمات للمعاني التي لم يعبر عنها, ولم توضع لها كلمات من قبل.
ب- محاولة الانحراف بالمعنى العرفي للكلمة إلى معانٍ أخرى فنية بيانية تسمَّى المعاني المجازية كالتشبيه والاستعارة والمجاز المرسل.
غير أن هذه المعاني الفنية المجازية يكثر ترديدها على الألسنة مع إطلاقها المجازي الفني, فحين يطول عليها الأمد في هذا الاستعمال يميل الناس إلى اعتبار دلالتها على المعنى المجازي الجديد دلالة عليه على سبيل الحقيقة, ومن ثَمَّ يصبح معنى الكلمة متعددًا, وترصد لها هذه المعاني المتعددة في المعجم, فتكون الكلمة بين جلدتي المعجم محتملة لكل معانيها المعجمية المختلفة المنشأ حتى توضع في سياق يحدد لها واحدًا من هذه المعاني.
والعرف ملك المجتمع, ولا يمكن أن يكون ملكًا للفرد مهما كانت قوته, والحقيقة أن الفرد يحس دائمًا أنه عاجز عن تغيير النظم العرفية في مجتمعه, ويحس كما يقول علماء الاجتماع من أتباع المدرسة الفرنسية بجبرية الظواهر الاجتماعية, حتى إنه في النهاية يشعر بأنه مضطر إلى مطابقة الاستعمال الاجتماعي في جميع مظاهر سلوكه، وكل ذلك صادق على النشاط اللغوي للفرد ينشأ ليجد أمامه مجموعة ضخمة من الكلمات المحددة الأشكال صرفيًّا والمحددة

ص320

المعاني "وإن تعددت" معجميًّا. ويتعلم في البيت وفي المدرسة عن طريق المعيارية المتزمتة فيهما كيف يطابق الاستعمال الاجتماعي سواء من ناحية المبنى أو من ناحية المعنى. فأما من ناحية المبنى: فإن الفرد يطلب إليه في سبيل المطابقة الاجتماعية أن ينسى كل شيء حتى ميله الذي كان له في البداية إلى أن يقيس في صياغة الكلمات قياسًا صرفيًّا مطردًا يتعارض أحيانًا مع السماع, فيعلمونه كيف يقول حمراء لا أحمرة, وخضراء لا أخضرة, وسوداء لا أسودة, وهلم جرا. وأمَّا من جهة المعنى: فإنه يطلب إليه أن يحافظ على الرابطة العرفية بين الكلمة وبين معناها, فلا يستعمل الكلمة بمعنى شخصي فردي غير عرفي؛ لأنه لو فعل ذلك لما فهمه أحد ممن يسمعونه لانفكاك الرابطة في أذهانهم بين اللفظ المسموع وبين المعنى المقصود, وقديمًا لقي الشاعر عقوبته الاجتماعية فسخر الناس منه عندما استعمل معاني فردية, وقالوا في السخرية منه إن "المعنى في بطن الشاعر".
حقًّا إن الباب ليس موصدًا أمام تصدي الأفراد لارتجال الكلمات للمعاني, ولتحويل الدلالة من معنى إلى آخر, والأفراد يفعلون ذلك في كل زمان ومكان, لا يحد حرتهم في هذا المجال شيء ما داموا قادرين على ممارسة هذه اللعبة, ولكن النشاط الفردي شيء والقبول الاجتماعي لما أوجده الفرد شيء آخر. فالشرط الأساسي لِأَنْ يصبح هذا الصوغ الجديد أو الاستعمال الجديد الذي جاء به الفرد جزءًا من مفردات اللغة هو أن يتقبَّله المجتمع ويشيع استعماله, فيكتسب العرفية الضرورية لكلمات اللغة. لقد جاءنا مع التنمية وتشعب أنواع النشاط في المجتمع وغزارة المادة المكتوبة والمسموعة فيما بعد ثورة 1952 حشد هائل من الكلمات الجديدة التي بدأت كل واحدة منها على لسان فرد من الكتاب أو المتحدثين, فتقبلها المجتمع وأعطاها بالرواج عرفية للاستعمال فأصبحت جزءًا من اللغة, ومن شأء أن يرى شاهدًا على ذلك فلير مقالي "دور اللغة في مجتمعنا المعاصر", وقد نشر بمجلة المجلة في عدد شهر يونية سنة 1966, بل إنني إذا لم تخني الذاكرة قد لعبت هذه اللعبة وأنا بعد طالب في مدرسة دار العلوم العليا في العام 1944-1945. فلقد كانت كلمة "إشاعة" قبل ذلك التاريخ على قدر علمي هي الكلمة

ص321

العرفية التي يقصد بها "الخبر غير المحقق الصدق", وكان الناس يستعملونها في الكلام والكتابة وفي نوبة من نوبات المطالب التي تعود الطلبة أن ينادوا بها, كنا نناقش أمر مطالبنا مع أستاذ لنا في حجرة الدراسة, وخطر لي وأنا أريد التكلم عن "إشاعة ما أن كلمة "شائعة" ربما كانت أصدق في التعبير عن المعنى المقصود, فاستعملته ورضي الأستاذ عن هذا الاستعمال الجديد وقرَّظه واستعمله في أحديث الدينية في إذاعة القاهرة, فقلده الناس فيه واكتسبت الكلمة الرواج بينا كنت أنا من جانبي أرقب نمو هذا الوافد الجديد في الاستعمال, وأسرّ في نفسي شيئًا من الاعتزاز به.
وكلنا يعلم كيف يتحول المعنى تحولًا مقصودًا أحيانًا ويتطور تطورًا عاديًّا أحيانًا أخرى, فمعظم المصطلحات الفقهية الإسلامية في العبادات وغيرها كالصلاة والزكاة والصيام والحج والهدي والسعي ونحوها محوّل عن معانٍ لغوية عامة إلى معانٍ اصطلاحية خاصة عن طريق القصد والتعمد. كما أن من الملاحظ في تطور من عصر إلى عصر أنّ هذا التطور يعتبر صدًى لتحول اجتماعي خارج العقل, فيغلب الآخر على الكلمة التي كانت تدل على الأول؛ كلفظ الحرية مثلًا حين ألغي الرقيق وألغي معه التقسم الاجتماعي إلى عبد وحر, أصبح لفظ الحرية يستعمل استعمالًا مجازيًّا أولًا بمعنى القدرة على الاختيار سياسيًّا, ثم استمرَّ إطلاق الكلمة على هذا المعنى حتى اقتربت في دلالتها عليه من الحقيقة وضعف فيها عنصر المجاز, فلا يلمحه إلّا صاحب التفكير اللغوي. وقد تسوء سمعة الكلمة لطول ارتباطها بمدلول غير كريم فتطرح هذه الكلمة وتستعمل كلمة أخرى في مكانها غير مثقلة بارتباطات ممجوجة من جهة المعنى, فتستخدم فيه أولًا على طريق المجاز, ويعتبر عنصر الدلالة المجازية فيها مناط التبرير في قبولها حيث يعتبر استعمالها المجازي نوعًا من التنزه عن ذكر الكلمة الأولى التي ساءت سمعتها(3), ثم يطول الأمد على
ص322

استعمال الكلمة الثانية فتسوء سمعتها أيضًا, ولا يزال هذا المدلول الممجوج يستهلك الكلمات واحدة بعد الأخرى إلى ما لا نهاية. انظر مثلًا تعاقب الكلمات الآتية على معنى مكان قضاء الحاجة: غائط -خلاء -كنيف - بيت أدب - مرحاض - دورة مياه - حمام, وقد كانت كل واحدة من هذه الكلمات قبل إسقاطها مما لا يأنف الناس من الجهر باستعماله في الكلام, ولا يعلم إلّا الله ما الكلمات التي ستتعاقب بعد ذلك على هذا المدلول الذي يمجه الذوق في جهر الكلام. وهذه العرفية في الاستعمال وكل ما يتصل بها من مشاكل تعتبر قيدًا على مداخل المعجم, بمعنى أن المعجم لا ينبغي مطلقًا أن يشتمل على كلمات يخترعها الأفراد قبل أن تروج هذه الكلمات وتصل إلى مستوى الاستعمال العرفي, حتى ولو كان صاحب المعجم يتنبأ لهذه الكلمة بعينها بالرواج والوصول إلى المستوى العرفي؛ لأن المطلوب هو العرفية الواقعية لا المتوقعة.
 

 

 

__________
(1) في مقالات الإسلاميين للأشعري جـ2 ص246: "وقد زعم الجباني أن الإنسان لو كان أخرس عييًّا يكتب كلامًا كان الكلام موجودًا مع كتابته".

(2) دلائل الإعجاز ص40.

(3) انظر كيف كان التطور الاجتماعي سببًا في تحول دلالة طائفة من الكلمات العربية مثل: الصعلوك والسياسة والبلد والقرية والمركز والنقطة والمعهد والثورة والفتنة والريع والدولة "بنت الشاطئ -لغتنا ... ".

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.



وصل إلى الشلل الرباعي أطباء مستشفى الكفيل يعيدون حركة الأطراف لرجلٍ بعد تكسّر عدد من فقراته
بمناسبة ذكرى ولادة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) شعبة التوجيه الديني النسويّ تقيم مسابقةً تفاعلية للنساء
جامعة الكفيل: مشروع المبنى التعليميّ خطوة مهمّة في توسيع إمكانيات الجامعة ومواكبة التطوّرات العلمية
شركة الكفيل للاستِثمارات تباشر بحصاد (320) دونماً من محصول الحنطة