المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
الجهاز التناسلي الذكري في الدجاج الجهاز التنفسي للدجاج محاسبة المسؤولية في المصرف (الإدارة اللامركزية والعلاقات الإنسانية ـــ الإدارة اللامركزية في المصرف) أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون المدني أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون الإداري دور التشريعات والسلطات الرقابية في تسعير المنتجات والخدمات المصرفية موضوع الملاحظة في الاستنباط القضائي ملكة الاستنباط القضائي الجهاز الهضمي للدجاج إستراتيجيات تسعير المنتجات والخدمات المصرفية في الاطار الرقابي (انواع المنتجات والخدمات المصرفية) طـرق تـحديـد سعـر الفـائـدة علـى القـروض السـكـنـيـة (العـقاريـة) تـحليـل ربحيـة العميـل من القـروض الاستـهلاكيـة (الشخصيـة) المـقـسطـة الدجاج المحلي العراقي معجزة الدين الاسلامي موضوع الإعجاز

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2653 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


هل علم اللغة علم  
  
1998   10:59 صباحاً   التاريخ: 22-2-2019
المؤلف : جون ليونز
الكتاب أو المصدر : اللغة وعلم اللغة
الجزء والصفحة : ص49- 62
القسم : علوم اللغة العربية / علم اللغة / ماهية علم اللغة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-11-2018 998
التاريخ: 28-11-2018 3669
التاريخ: 1-12-2018 829
التاريخ: 22-2-2019 861


هل "علم اللغة" علم؟
يعرف علم اللغة(1) عادة بأنه العلم الذي يختص بمجال اللغة أو أنه الدراسة العلمية للغة، ويجب ألا يمر دون تعليق الواقع الفعلي الخاص بوجود قسم في هذا الكتاب، وفي الدراسات التمهيدية الأخرى لعلم اللغة، يخصص بشكل واضح لمناقشة الوضع العلمي لعلم اللغة، ورغم كل شيء فإن فروع المعرفة
ص49
ذات المكانة العلمية غير المتنازع عليها لا تشعر بالحاجة إلى تحقيق دعواها بكونها علوما، لماذا يعنى علم اللغة بالدفاع عن أحقية هذا اللقب؟ ولماذا وهو بصدد الدفاع عن مصداقية علميته يعطي انطباعا عن إصرار زائد إلى حد بعيد؟ للقارئ الحق كل الحق في أن يكون شاكا ومرتابا.
والنقطة الأولى التي يجب الإشارة إليها أن كلمة "science"؛(2) في اللغة الإنجليزية أضيق بكثير -من حيث ما تشير إليه- من كثير من الكلمات المترجمة المكافئة لها والمقبولة تقليديا في اللغات الأخرى مثل "wissenchaft" الألمانية، و"nauka" الروسية، وحتى "sciencs" الفرنسية، ويعاني علم اللغة أكثر مما تعانيه معظم فروع المعرفة من المتضمنات الخاصة إلى حد بعيد للكلمتين الإنجليزيتين "science" و"scientific" اللتين تشيران أولا وقبل كل شيء إلى العلوم الطبيعية ومناهج البحث المميزة لها، ويظل هذا صحيحا على الرغم من أن عبارات مثل: "العلوم الاجتماعية"، و"العلوم السلوكية"، وحتى "العلوم الإنسانية" شائعة بشكل متزايد، فهل يجب علينا إذن أن نفسر كلمة "science" الواردة في عنوان هذا القسم لتعني ببساطة: "فرع أكاديمي من فروع المعرفة مؤسس على نحو لائق"؟
ويوجد المزيد مما يتصل بهذه المسألة خلاف هذا التفسير المقترح، ومعظم اللغويين الذين يؤيدون تعريف تخصصهم بالدراسة العلمية للغة يفعلون ذلك؛ لأنهم يحملون في أذهانهم ما يميز الطريقة العلمية والطريقة غير العلمية في معالجة الأمور، وربما كانوا على خلاف حول بعض متضمنات مصطلح "علمي" كغيرهم من فلاسفة العلم ومؤرخيه، إلا أنهم متفقون- بصفة عامة- حول
ص50
الاختلافات الأساسية بين الدراسة العلمية للغة والدراسة غير العلمية لها، ولنبدأ إذن بنقاط الاتفاق هذه.
أولى هذه النقاط وأهمها أن علم اللغة تجريبي أكثر منه حدسي أو تأملي فهو يتعامل مع المعلومات الواضحة التي يمكن التثبت منها والتي حصلنا عليها عن طريق الملاحظة أو التجربة، والإنصاف بالتجريبية -بهذا المعنى- يعد السمة المميزة إلى حد بعيد للعلم في نظر معظم الناس، ويرتبط بخاصة كونه مؤسسا بطريقة تجريبية كونه موضوعيا، واللغة شيء ما نميل إلى أخذه كقضية مسلم بها، وشيء ما نألفه منذ الطفولة بطريقة عملية بعيدة عن التفكير وهذه الألفة العملية تميل إلى أن تحل محل الفحص الموضوعي، وتوجد كل أنواع التحيزات الاجتماعية، والثقافية, والقومية المرتبطة بوجهة نظر غير المتخصص في اللغة وفي اللغات المعينة، فعلى سبيل المثال قد يعتقد أن نبرة أو لهجة للغة ما معينة أنقى بشكل متأصل من غيرها أو مرة أخرى ربما كانت أكثر بدائية من غيرها، وتتطلب الموضوعية -على الأقل إلى حد بعيد- أن تقابل معتقدات كهذه بالتحدي، وإما أن نحدد مصطلحات كنقي وبدائي بشكل واضح أو تستبعد.
وكثير من الأفكار التي تدور حول اللغة والتي يخضعها اللغوي للمناقشة إذا لم يتخل عنها تماما قد تبدو قضية معنى شائع بكل ما في الكلمة من معنى، غير أنها كما علق بلومفيلد على طريقة المفاهيم الشائعة في التعامل مع القضايا اللغوية "تشبه الأمور الكثيرة الأخرى التي تبدو على غير حقيقتها كمفهوم شائع، وهي في الحقيقة معقدة بدرجة عالية، ومأخوذة من أمد غير بعيد من تأملات فلاسفة العصور القديمة والوسطى"، وليس لدى اللغويين جميعهم ما لدى بلومفيلد من نظرة عدم الرضا لهذه التأملات الفلسفية عن اللغة، لكن
ص51
ما يقصده -بصفة عامة- صحيح، فالمصطلحات التي يستخدمها غير المتخصص في الحديث عن اللغة، والمواقف التي يتخذها إزاءها لها تاريخها، وستبدو عادة تلك المصطلحات والمواقف -بوضوح- قل تسليما بها أو أقل قابلية للتطبيق أو الاستعمال إذا ما عرف شيئا عن أصولها التاريخية.
ولن نبحث تاريخ علم اللغة في هذا الكتاب، ومع ذلك فإن بعض التعليقات العامة مرتبة، ومن عادة الدراسات التمهيدية لعلم اللغة أن ترسم مميزا حادا بين النحو التقليدي وعلم اللغة الحديث واضعة للمواقف العلمية لعلم اللغة الحديث في مواجهة المواقف غير العلمية للنحو التقليدي، ويوجد مبرر جيد لرسم هذا المميز، وإظهار أن الكثير من التصورات الخاطئة الشائعة عن اللغة والمتداولة في مجتمعنا يمكن تفسيرها تاريخيا من خلال الافتراضات الثقافية والفلسفية التي تحدد تطور النحو التقليدي, وسنذكر بعض هذه التصورات الخاطئة وسنتناولها بالمناقشة في القسم التالي، ومع ذلك ينبغي أن نؤكد على أن علم اللغة -كغيره من فروع المعرفة- لم يشيده في الماضي تحدي القواعد والأصول التقليدية فحسب بل تطويرها وإعادة تشكيلها أيضا، وتهمل أكثر الأعمال الحديثة في علم اللغة وهي بصدد وصفها المتقدم العظيم الذي حدث في البحث العلمي في اللغة في المائة سنة الماضية التأكيد على استمرارية النظرية اللغوية الغربية من مهدها إلى وقتنا الحاضر، وتنطوي على مفارقة تاريخية إلى حد ما أيضا في فشلها في معالجة النحو التقليدي من خلال الأهداف التي حددها بنفسه، ويجب ألا ننسى أن المصطلحين: علم, وعلمي "أو إرهاصاتهما" قد فسرا تفسيرا مختلفا في مراحل مختلفة.
ويجب أن نوضح أن ما يشار إليه بصفة عامة بواسطة مصطلح "النحو التقليدي" -أي: النظرية اللغوية الغربية التي ترجع إلى عصر النهضة، وفي العصور الوسطى إلى الرومان وتعود قبل ذلك إلى المدرسة الإغريقية-
ص52
أكثر ثراء وتنوعا مما هو معروف بشكل شائع، وأكثر من ذلك فمن المعناة كثيرا أن يدرس تلك الصورة المشوهة غير المفهومة للنحو التقليدي أجيال من الطلاب الكارهين لها، وفي السنوات القليلة الماضية بدأ اللغويون في تبني وجهة نظر أكثر توازنا بشأن إسهام النحو التقليدي- وسنواصل استخدام هذا المصطلح- في تطوير تخصصهم العلمي، ولا تزال كثير من البحوث تجري حول المصادر الأساسية المتبقية من الفترات الأولى إلا أن العديد من الكتب التي تؤرخ لعلم اللغة المتاحة في الوقت الحاضر تقدم بيانا مرضيا حول نشأة النحو التقليدي وتطوره أكثر مما كان متاحا لجيل بلومفيلد والجيل التالي له.
دعنا الآن نعود إلى الحالة الراهنة لعلم اللغة، إنه -بلا ريب- أكثر موضوعية وتجريبية في مواقفه وافتراضاته المعلنة في كل الأحوال من النحو التقليدي، وسنلقي نظرة أكثر تفصيلا على بعض هذه المواقف والافتراضات في القسم التالي، لكن هل هو -عتد التطبيق- تجريبي وموضوعي كما يدعي هناك -بالتأكيد- مجال للشك، ويوجد أيضا مجال للاختلاف في أكثر مستويات المناقشة تعقيدا فيما يتعلق بطبيعة الموضوعية العلمية وإمكانية تطبيق ما يشار إليه -عموما- بالمنهج العلمي في دراسة اللغة.
وفي واقع الأمر لن يقبل العلماء وفلاسفة العلم بوجود منهج تحقيق مفرد يمكن تطبيقه في كل فروع العلم لفترة طويلة وعلى نطاق واسع، ومصطلح "المنهج العلمي" بالذات أصبح عتيقا وباليا منذ القرن التاسع عشر، ويعتقد أحيانا أن التحقيق العلمي يجب أن يقوم على أساس التعميمات الاستقرائية المؤسسة على الملاحظة الحرة نظريا، وهو في الحقيقة ما يتمسك كثير من الناس بأن مصطلح "المنهج العلمي" يتضمنه، لكن القليل من العلماء هم الذين يعملون
ص53
وفق هذه الطريقة دائما حتى في العلوم الطبيعية، وعلى كل حال فإن الموضوعية العلمية معناها لا يتضمن بالتأكيد أن العالم يجب أن يمتنع عن التنظير وعن صياغة الفرضيات العامة حتى يجمع القدر الكافي من المعلومات، فالمعلومات العلمية التي تظهر عادة تستمد من التجربة ولا تخضع لها، وتتضمن الملاحظة اهتماما مختارا، فليس هناك شيء مثل نظرية محايدة، وملاحظة غير مقيدة بفرضية، ومجموعة معلومات، ويمكننا أن نستخدم عبارة حديثة متداولة وهي إن الملاحظة بالضرورة ومنذ البداية نظرية محملة وهذه العبارة يرجع أصلها إلى بوبر.
والعبارة مثيرة للفكر والجدل، وقد نشأت رد فعل لوجهة النظر التجريبية القوية في العلم التي طرحها أصحاب المذهب الوضعي المنطقيون في الفترة السابقة على الحرب العالمية الثانية، وطلاب علم اللغة يجب أن يعرفوا شيئا ما عن المذهب التجريبي(3)، والمذهب الوضعي(4)، وبدون هذه المعلومات- رغم أنه لا حاجة إلى التعمق أو التفاصيل- من غير المتوقع أن يفهموا بعض المقالات النظرية والمنهجية التي تصنف مدارس علم اللغة في الوقت الحاضر، وما يلي يعد الحد الأدنى الضروري من المعلومات الخلفية نقدمها -بقدر الإمكان- بغير
ص54
تحيز وبغير التزام بأي جانب في مجالات المناقشة المعروفة، والمناقشات التي يجب إضافتها وثيقة الصلة ليس بعلم اللغة فحسب ولكن بالعلم ككل، ولكن لها ارتباط خاص باللغوي بصدد تلك التطورات الحديثة في علم اللغة وفلسفة اللغة المرتبطة بأعمال تشومسكي وأفكاره التي لها أثرها الجدير بالاعتبار إلى حد بعيد على المناقشة الأعم الخاصة بالمذهب التجريبي والمذهب الوضعي التي أثارها الفلاسفة وعلماء النفس والعلماء الاجتماعيين الآخرين .
والمذهب التجريبي يتضمن ما هو أكثر بكثير من تبني الطرق التجريبية في التحقيق والإثبات، ولذلك يوجد مميز حاسم يرسم بين التجريبي "empiricist" والاتصاف بالتجريبية "cmpirical"، ومصطلح "المذهب التجريبي" يشير إلى وجهة النظر التي تذهب إلى أن كل المعلومات تأتي عن طريق التجربة -والكلمة الإغريقية "empeiria" تعني تقريبا "التجربة" وعلى الأخص الآتية من الملاحظة والمعلومات الحسية، ويقابل مصطلح "المذهب العقلي" في جدال فلسفي استمر طويلا, وهي من الكلمة اللاتينية "ratio" وتعني في هذا السياق العقل "mind/ inellect /resson" ويؤكد أتباع المذهب العقلي على الدور الذي يلعبه العقل في اكتساب المعرفة ويتمسكون -بصفة خاصة- بوجود تصورات أو قضايا أولية(5) "تعني كلمة أولية في التفسير التقليدي لها "المعرفة التي لا تعتمد على غيرها"" يفسر العقل في ضوئها المعلومات المستمدة من التجربة، وسوف نعود إلى بعض الجوانب الأخرى الأكثر خصوصية من الجدل الدائر بين المذهب التجريبي والمذهب العقلي(6) عند مناقشتنا للتوليدية.
ص55
ولسنا في حاجة -فيما نحن بصدده- لرسم مميز بين المذهب التجريبي والمذهب الوضعي فالأول له تاريخ أطول وهو أرحب مجالا باعتباره موقفا فلسفيا، لكنهما صهران طبيعيان مرتبطان ارتباطا وثيقا بكل ما يعنينا هنا، ويعتمد المذهب الوضعي على المميز بين ما يسمى بالمعلومة الوضعية للتجربة والتأمل الواقع وراء نطاق الخبرة بأنواعها المختلفة، ويتجه المذهب الوضعي إلى أن يكون علمانيا مجافيا لما وراء الطبيعة من حيث النظرة، ويستبعد أي احتكام للكينونات اللافيزيائية، وقد كان هدف المناطقة من أتباع المذهب الوضعي في دائرة فينا إنتاج نظام مفرد للعلم الموحد تتمثل فيه الكتلة الكلية للمعرفة الوضعية وهي في نهاية المطاف مثل مجموعة من القضايا المصوغة صياغة دقيقة.
وقد تخلى في الوقت الحاضر مبدأ التحقيق والإثبات "على الرغم من أنه يلعب دوره في صياغة نظرية الحقيقة المشروطة للمعنى  ويجوز مبدأ الردية "reductionism" قبولا أقل بكثير -بصفة عامة- من قبل العلماء والفلاسفة عما كان الأمر عليه عندما كتب بلومفيلد كتابه الأساسي المشهور في علم اللغة عام 1933، وذكر بلومفيلد في هذه النقطة لأنه ولا عجب ألزم نفسه بشدة بالمذهبين التجريبي والوضعي، وهو ما يتضح 
ص56
إلى حد بعيد في الفصل الثاني من كتابه، وقد ارتبط -في الواقع- ارتباطا وثيقة بحركة وحدة المعرفة، وأقرت كلية مبدأ الردية الأمر الذي جعله أكثر من أي شخص آخر بالنسبة لعلم اللغة -وبصفة خاصة في أمريكا- مثالا للعلمية الحقيقية، ومن ثم يوجد ميراث للمذهبين التجريبي والوضعي في علم اللغة يمكن بيانه تاريخيا.
ولم يعد مبدأ الردية المذهب الوضعي بصفة أعم مثيرا لمعظم العلماء كما كان الأمر يوما ما، ومما هو مقبول اليوم على نطاق واسع أنه ليس هناك ما يعد منهجا علميا واحدًا يمكن تطبيقه في كل المجالات، وأنه لا يسمح بوجود مداخل متنوعة باعتبارها مسألة ضرورة قصيرة الأمد في فروع المعرفة المختلفة فحسب ولكن قد يكون ذلك مبررا لمدة طويلة أيضا بسبب الاختلافات الخاصة بموضوعات البحث التي لا يمكن اختزالها، وقد عبر بعض فلاسفة العلم عن شكوكهم حول منهاج أتباع المذهب الوضعي بصدد تفسير العمليات العقلية بواسطة المناهج والتصورات المميزة للعلوم الطبيعية وذلك منذ القرن السابع عشر أيام ديكارت وهوبز، وكثير من علم النفس وعلم الاجتماع في القرن العشرين ومثله الكثير مما يدخل في علم اللغة في القرن العشرين يتصف بالوضعية، غير أن -فروع المعرفة الثلاثة كلها وبصورة أكثر وضوحا علم اللغة- دخلت فيها الوضعية حديثا تحت وطأة اعتبارها عقيمة وغير قادرة على أداء مهامها.
قصارى القول إنه لم يعد هناك إجابة مرضية عما إذا كان فرع من فروع المعرفة يتصف بالعلمية أم لا يتصف بها حتى لو كانت الإجابة ممكنة عن طريق الرجوع إلى ما يعرف بالمنهج العلمي، وكل علم مؤسس بشكل جيد يستخدم أبنيته النظرية المميزة ومناهجه الخاصة به في الحصول على المعلومات وتفسيرها، وما أشرنا إليه في الفصل السابق كتصور -النظام اللغوي- يمكن أن يوصف
ص57
بطريقة أكثر علمية كبناء نظري، والقضايا التي يمكن أن تثار حول حقيقة هذه الأبنية تشبه إلى حد كبير تلك التي يمكن أن تثار حول الأبنية الموجودة في الطبيعة والكمياء الحيوية، ومع ذلك فمن الأفضل أن نتعرف على كل بناء نظري معروض من حيث ما يفي به فيما يتعلق بالمعلومات.
وكل ما قلناه عن المذهب التجريبي والمذهب الوضعي وعن المكانة الراهنة لما يعرف بالمنهج العلمي يميل إلى أن يكون حقيقيا وغير متنازع عليه، ولنتحول الآن إلى نقاط الاختلاف.
النقطة الأولى تتعلق بما تتضمنه فكرة بوبر الخاصة بالملاحظة التي تتصف بالنظرية المحملة، والخلاف حول استخدام مصطلح نظرية، وما يذكره بوبر مهجما له المميز الحاد الذي رسمه المناطقة أتباع المذهب الوضعي بين الملاحظة التي يلزم أن تكون محايدة نظريا وبنية النظرية التي يلزم أن تكون حالة من التعميم الاستقرائي، ولقد كان -بلا شك- على حق في تحديه حدة هذا المميز وعلى الأخص وجهة النظر التي تذهب إلى أن الملاحظة ومجموعة المعلومات يمكن -ويجب- أن تخطو خطوات إلى الأمام بصدد صياغة الفرضيات، وثمة قضية شائعة فاختيار المعلومات تحدده بعض الفرضيات التي يرغب العالم في اختيارها وليست القضية كيفية الوصول إليها، وحقيقية إن مفهوم أتباع المذهب الوضعي في عدم اختيارية الملاحظة ومجموعة المعلومات غير صحيح لا يعني عدم وجود فاصل -على الإطلاق- بين تصورات النظرية، وتصورات ما قبل النظرية، ومن التعامل السيئ لمصطلح نظرية أن ندرج تحتها كل الأفكار المكونة سلفا، والتوقعات التي يدنو بها المرء مما يمكن ملاحظته ويصنع اختياره، وسنتناول المميز بين تصورات النظرية وتصورات ما قبل النظرية في مواضع عديدة في الفصول الأخيرة، وسنفترض أن الملاحظة- رغم
ص58
أنها مختارة بالضرورة -يمكن أن تكون موضع ضوابط منهجية مرضية في علم اللغة كما هو الحال في العلوم التجريبية الأخرى.
ونقطة الخلاف الثانية وهي ذات أهمية خاصة في علم اللغة في الوقت الحاضر تتعلق بدور الحدس والمشكلات المنهجية التي تثار في هذا الشأن، ويحمل مصطلح "حدس" في طياته ارتباطات يومية إضافية غير ملائمة، وكل ذلم مضمر عندما يشار إلى حدس المتكلم الأصلي عن لغته وهي أحكامه اللغوية غير المكتسبة بالثقافة حول قبول الأقوال أو عدم قبولها، وحول الأقوال التي تتكافأ أو التي لا تتكافأ وهلم جرا، وجاءت فترة اعتقد فيها بعض اللغويين -من حيث المبدأ- إمكانية التخلص من ضرورة سؤال المتكلمين الأصليين أن يصدروا مثل هذا الأحكام التخلص من ضرورة سؤال المتكلمين الأصليين أن يصدروا مثل هذه الأحكام الحدسية عن لغتهم ببساطة عن طريق جمع مجموعة كاملة ضخمة -بشكل كاف- من المعلومات المذكورة بطريقة محايدة وإخضاعها للتحليل الشامل المنظوم، ولا يأخذ بهذا الرأي في أيامنا هذه سوى قلة من اللغويين، وأصبح من الواضح أن كثيرا من الأقوال المذكورة بطريقة طبيعية تكون -لأسباب غير متصلة باللغة- غير مقبولة كما أنه لا توجد مجموعة كاملة من المواد مهما كانت ضخامتها تشمل أمثلة من كل نوع من الأموال المقبولة، غير أن تعامل اللغوي مع الشاهد الحدسي يظل موضع خلاف ولهذا الخلاف شقان.
الأول يتعلق بقضية ما إذا كان الحدس الذي يشير إليه اللغوي يعد جانبا من القدرة اللغوية للمتكلم الأصلي أم لا، ولو أن الأمر كذلك فتبعا لتعريف تشومسكي للقدرة وحسب صياغته لأهداف علم اللغة يصبح الحدس نفسه جانبا ينبغي على ما وصف أي لغة معينة أن يقدم بشكل مباشر بيانا عنه، وقد لا يرغب معظم اللغويين في القول بأن وصف لغة ما ينبغي أن يعالج حدس
ص59
المتكلم الأصلي باعتباره معلومات وسنعود إلى هذه القضية عند مناقشتنا للتوليدية.
والجانب الثاني من الخلاف يتعلق بكون أحكام المتكلم الأصلي كتقريرات أو أخبار عن السلوك اللغوي الخاص به وبغيره جديرة بأن يعول عليها، والرأي العام المجمع عليه بين اللغويين يبدو أنه يذهب إلى أن مثل هذه الأحكام -في جوانب معينة على الأقل- غير جديرة بالاعتماد عليها إلى حد بعيد، فالمتكلمون الأصليون لا يختلفون فيما بينهم على نحو متكرر حول ما يمكن قبوله عندما لا يكون هناك سبب آخر يدعو للاعتقاد بأنهم يتكلمون لهجات مختلفة فحسب ولكن أحكامهم يبدو أنها تتغير من حين لآخر، وأكثر من ذلك فإنه كثيرا ما يحدث أن يستبعد متكلم أصلي بعض الأقوال التي يضعها أمامه اللغوي الوصفي على أنها غير مقبولة, ثم إذا به يسمع أو يسمع نفسه يصدر ذلك القول نفسه في بعض سياقات الاستخدام الطبيعية، وبقدر ما يلقى استبطان اللغوي لغته من اهتمام فإنها على الأقل غير جديرة بالاعتماد عليها مثل حدس غير المتخصص، وإن كان ذلك يرجع عادة لأسباب أخرى، وقد يكون اللغوي أقل اهتماما من غير المتخصص بالمستويات المشتركة التقليدية للاستخدام الصحيح "فعلى سبيل المثال يقبل بسهولة تامة أنه من الطبيعي أن يقول lts me أكثر من lt is I" غير أن أحكامه أكثر عرضة لأن يشوهها إدراكه لم فيها من تضمينات لهذا الموضوع النظري أو ذاك، واستبطان اللغوي سلوكه اللغوي الخاص به وبغيره يمكن أن يعد- بصور جيدة- نظرية محملة إذا لم تعد الملاحظة المباشرة للحوار التلقائي كذلك.
وهناك في الحقيقة مشكلات منهجية هامة إلى حد بعيد تتعلق بمجموعة
ص60
المعلومات الجديرة بأن يعول عليها في الإطار الكلي لموضوعات علم اللغة النظري إلا أنها ليست أكثر خطرا من تلك المشكلات المنهجية التي تواجه أولئك الذين يعملون في علم النفس أو علم الاجتماع أو العلوم الاجتماعية بصفة عامة، واللغوي في جوانب معينة في وضع أفضل مما فيه معظم العلماء الاجتماعيين حيث يتضح له إلى حد ما مدى ما يمكن ملاحظته في السلوك اللغوي ومدى ما لا يمكن ملاحظته، وأكثر من ذلك توجد مجالات جديرة بالاعتبار إلى حد بعيد في وصف أي لغة لا يكون -بالنسبة له- عول حدس المتكلم الأصلي وحتى استبطان اللغوي قضية خطيرة لذلك يجب ألا يبالغ المرء في المشكلات المنهجية التي تظهر في مجال البحث اللغوي.
وقد أشرنا في الفقرة السابقة إلى علم النفس، وعلم الاجتماع، والعلوم الاجتماعية الأخرى وكثير من اللغويين وربما الأغلبية منهم يصنفون تخصصهم المعرفي ضمن العلوم الاجتماعية، غير أن علم اللغة لا يمكن تصنيفه بسهولة ضمن أي قسم من أقسام البحث الأكاديمي التي تعد أساسا للتفرقة بين العلم والفنون أو المميز الثلاثي للعلوم الطبيعية، والعلوم الاجتماعية، والعلوم أو الدراسات الثقافية، والاستخدام المتزايد لعبارات مثل: "علوم الحياة"، "والعلوم السلوكية"، "والعلوم الإنسانية"، و"علوم الأرض" تشير إلى أن كثيرا من فروع المعرفة تشعر بالحاجة إلى إعادة التصنيف الاستراتيجي أو التكتيكي الذي يراعي قليلا المميزات التقليدية.
وعلى كل حال فإن وجود علم اللغة -كتخصص جامعي- أو عدم وجوده في كلية دون أخرى يعد مسألة إدارية، وعلم اللغة كما أكدنا من قبل له روابطه الطبيعية بإطار أوسع من فروع المعرفة الأكادمية، والقول بأن "علم اللغة" علم لا ينفي أنه -بفضل موضوعات بحثه- يرتبط ارتباطا
ص61
وثيقا بفروع معرفية إنسانية شهيرة مثل الفلسفة والنقد الأدبي.
وفي الفصول التالية سنذكر عددا من الأسس التي يسلم بها اللغويون في وقتنا الحاضر -بصفة عامة- وسنتناولها بالمناقشة، والجانب الأعظم منها يمكن أن يبدو مأخوذا من المثال العلمي للموضوعية، ومنذ أن أكد علم اللغة موضوعيته وصارت له استقلاليته التي ادعاها كثيرا في هذا الشأن عن النحو التقليدي أصبحت هذه الأسر تقف في مواجهة مع الأسس التي تحدد المواقف والافتراضات المميزة للنحو التقليدي.
ص62
__________________
(1) وقد استخدم في الآونة الأخيرة مصطلح "العلوم اللغوية "Linguistic sciences" يشمل كلا من علم اللغة "Linguistics" وعلم الأصوات "phonetics" بيد أن مصطلح "علم اللغة" لا يزال مفصلا.
(2) علم.
(3) المذهب التجريبي "empiricism" ينكر وجود مبادئ أولية خاصة بالعقل ويقرر أن التجربة مصدر المعرفة.
(4) المذهب الوضعي "positivism" مذهب أوجست كونت الذي يقرر أن الفكر الإنساني لا يدرك سوى الظواهر الواقعة المحسوسة وما بينهما من علاقات أو قوانين وأن المثل الأعلى لليقين يتمثل في العلوم التجريبية وأنه يجب من ثمة العدول عن كل بحث في العلل والغايات ويدل كونت على نسبية معارفنا بعرض تاريخ العقل فيقول: إن العقل مر بحالات ثلاث: حالة لاهوتية، وحالة ميتافيزيقية، وحالة واقعية.
(5) أي: تلك التصورات والقضايا التي تصلح لأن تكون مقدمات لما بعدها وليست مستنتجة من تصورات أخرى قبلها.
(6) يذهب العقليون إلى أن العقل هو الأصل الذي يصدر عنه كل علم حقيقي بينما يذهب التجريديون إلى أن التجربة مصدر العلم ويشبهون العقل قبل التجربة بصفحة بيضاء وقد يسمى هذا المذهب بمذهب الحسين وثمة مذهب ثالث هو مذهب النقديين الذين يحاولون التوفيق بين الدعوى المتعارضة التي يدعيها أصحاب المذهبين الآخرين ويمكن القول بأن الفارق بين المذهب العقلي والمذهب التجريي أن أتباع المذهب الثاني يرفضون أفكار أتباع المذهب الأول رفضا تاما, بينما لا ينكر أتباع المذهب الأول إلا أن يكون هناك علم ضروري صادق مصدره التجربة وحدها فالعقل له القدرة على ابتداع المعاني والتصورات وللتأليف بينها بفطرته ويطبع العلم الإنساني برمته بطابع الصدق والحمق.

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.



العتبة العباسية تطلق مسابقة فن التصوير الفوتوغرافي الثانية للهواة ضمن فعاليات أسبوع الإمامة الدولي
لجنة البرامج المركزيّة تختتم فعاليّات الأسبوع الرابع من البرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسيّة
قسم المعارف: عمل مستمر في تحقيق مجموعة من المخطوطات ستسهم بإثراء المكتبة الدينية
متحف الكفيل يشارك في المؤتمر الدولي الثالث لكلية الآثار بجامعة الكوفة