الجـودة : مدخـل مفاهيمي (سمات وملامح التجربـة اليابانيـة) 

يتسم عالم اليوم بمتغيرات عديدة ومسميات جديدة ... فالعولمة وثورة المعلوماتية واتفاقية التجارة العالمية وحريـة حركة رأس المال حولت العالم الى قرية واحدة .

ان من أهم افرازات العولمة هي أن كل شي أصبح عالمياً ... فتحول الانتاج عالمياً لسوق عالمي لمستهلك عالمي ... فأصبح لزاماً على الدول الدخول الى السوق العالمي الذي تشتد فيه المنافسة ويتحم فيه الأفضل ... ونتيجة لذلك أخذ الاهتمام يتحول من انتاج سلع تنال رضا المنتج الى سلع تنال رضا المستهلك الذي أصبح سيد الموقف في ظل عالم اليوم الذي تهيمن عليه المنافسة (Competition) والتعقيد (Complexity).

ان هذه التحديات دفعت المنظمات للتوجه نحو ممارسة مجموعة من الأنشطة الانتاجية والتسويقية في سبيل تحقيق أهداف محددة يقع في مقدمتها الوصول الى الجودة المربحة ... وكما أشار أحد أبرز علماء الجودة (Deming) أن " الزبون هو الجزء الأكثر أهمية في خط الانتاج " لذلك وجب على المنظمات أن تحقق مستوى رفيع من الجودة لتلبي حاجات الزبون حاظراً ومستقبلاً .

وأصبحت الجودة الخيار الوحيد لتقليص الفجوة أو تجسيرها بين الدول العالم الثالث ودول العالم الأول ... حيث سنعرض عرض شمولي لكل نواحي الجودة ومتطلباتها آخذين بنظر الاعتبار التجربة اليابانية الرائعة وما وصلت اليه اليوم بعد أن نهضت من كبوة الحرب العالمية الثانية مختصرة المسافات ومحققة نجاحات أبهرت العالم .

ان الاعتقاد السائد في امريكا وأوربا بأن سر التفوق الياباني لم يتحقق الا بفضل انخفاض مستوى الأجور التي تقدمها المنظمات اليابانية للعاملين اليها ... ان هذا الاعتقاد لم يكن صحيحاً لأن الواقع الفعلي يشير الى العديد من الحقائق التي أتسمت بها التجربة اليابانية وما توصلت إليه من تحسين وتطوير في كآفة المجالات .

من هنا يتضح أن استعراض سمات وملامح التجربة اليابانية وما تمخض عنها من خفايا في مجال زيادة الانتاجية والاهتمام بالجودة وتطبيق مبادئ وأسس هي من ابداعاتهم الذاتية سَـيُسهِم في تطوير تجاربنا في الدول العربية وعموم دول العالم الثالث للاستفادة من تلك السمات والملامح لبناء تجربة تقوم على أسس علمية صحيحة .