المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإمام علي (عليه السلام) تشتاقه الجنة
2024-05-02
سند الشيخ الصدوق إلى عبد الرحمن بن الحجّاج.
2024-05-02
انتاج بيض الاوز
2024-05-02
سند الشيخ الصدوق إلى زرعة عن أبي بصير.
2024-05-02
أضواء على دعاء اليوم الخامس والعشرين.
2024-05-02
أضواء على دعاء اليوم الرابع والعشرين.
2024-05-02

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


مركزية السلطة التنفيذية وأثرها على فاعلية التعديل الدستوري  
  
2784   10:57 صباحاً   التاريخ: 29-9-2018
المؤلف : نفيسة بختي
الكتاب أو المصدر : التعديل الدستوري في الدولة العربية بين العوائق والحلول
الجزء والصفحة : ص66-78.
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدستوري و النظم السياسية /

إن الدساتير الجامدة تهدف إلى كفالة نوع من الثبات والاستقرار لأحكام الدستور، مما يحقق السمو الشكلي للدستور، وبالتالي تمتعه بنوع من الحصانة إزاء السلطة التشريعية، فلا يكون من حقها الاعتداء عليه بسهولة سواء بالتعديل أو الإلغاء. ودساتير عالمنا العربي خاصة ضمن الدساتير الجامدة، ولكن نسارع للقول أن هذا الجمود والصعوبة والتشدد بالإجراءات سرعان ما يغيب أمام إرادة الحاكم أو الفئة المهيمنة على الحياة السياسية، إذا ما اقتضت مصلحتها التعديل الدستوري. إن معظم الدساتير العربية القائمة حتى اليوم، هي من صناعة اللجان الفنية والحكومات القابضة على مجريات السلطة، هذه اللجان الفنية مكلفة من الحكومات القائمة وتعمل ضمن توجيهاتها، وبالتالي فلا شك من أن صناعة ونشأة الدساتير العربية هي صناعة إرادة السلطة التنفيذية الحاكمة. وأخذا بالمثل القائل أنه من يملك الكل يملك الجزء، فإذا كان وضع الدساتير يرجع إلى إدارة السلطة التنفيذية، فإن عملية مراجعة الدساتير تعمل على تجميع السلطة بالمفهوم الفعلي في يد السلطة التنفيذية واحتكارها لصلاحية التعديل، في حين يبقى للأجهزة التمثيلية الأخرى صلاحيات هامشية. واذا اختلفت دساتير العالم حول إجراءات التعديل الدستوري، إلا أنها لم تختلف في طبيعة هذه الاجراءات المعقدة والصارمة التي تختلف عن إجراءات تعديل القوانين العادية، لكن الإشكالية التي تفرض نفسها في ظل هذا التصور هي: هل أن تعديل الدستور يخضع فعلا إلى الاجراءات  المنصوص عليها في الدستور؟، واذا كان الأمر كذلك، فلماذا نجد الشعوب تطالب بتعديله وتغييرالأنظمة الحاكمة خاصة في الدول العربية؟ (أولا)، واذا كان المؤسس الدستوري الجزائري قد نوع في الهيئة المختصة بمبادرة تعديل الدستور، فهل تحققت الغاية المرجوة من هذا التنويع، ألا وهي منع الاحتكار والتفرد بالمبادرة لشخص رئيس الجمهورية (ثانيا).

أولا: واقع النظام الإجرائي للتعديل الدستوري في دول العالم العربي على ضوء المتغيرات الدولية الراهنة يتميز الواقع الدستوري العربي من حيث نظام الحكم بطريقتين: الأولى ملكية والثانية جمهورية، ومن هنا يبدأ هذا الواقع في التكون على ضوء نظام الحكم في حد ذاته، وبالمقابل سيكون جليا ظهور الإرادة في مسألة التغيير حسب المصلحة المراد الوصول إليها، هذا الهدف هو الذي يظهر المصداقية في التغيير من حيث إنشاء المؤسسات الدستورية التي تلعب دور التمثيل الشعبي عن طريق أنظمة انتخاب مباشرة، وهي معيار شرعية أي نظام حكم يدعي الاحتكام إلى الشرعية الدستورية، أو تبقى المؤسسات التمثيلية تعمل في إطار الأجهزة الإستشارية التي في الغالب هي معينة، ولا تعكس التمثيل الشعبي، وهو الواقع الذي تعكسه غالبية الأنظمة العربية الملكية (1) . هذه الأجهزة يستخدمها النظام السياسي كآلية للتعديل الدستوري، لعدم الخروج من مفهوم الشرعية، وتبقى كيفية القيام بعملية التعديل الدستوري مثل أن يعهد إعداد مشروع التعديل إلى لجنة حكومية معينة، بدلا من هيئة منتخبة في إطار مجالس تأسيسية، وكذا تحديد الهدف منها، وهو ما يرسم معالم نجاح تلك التعديلات الدستورية وهذا بتبني إجراءات معينة، ثم تكتمل العملية إما بالعودة إلى مصدر السلطة في هذا النظام السياسي الذي هو الشعب، وبالتالي تعرض التعديلات على الاستفتاء الشعبي، أو بالعودة إلى الملك أو الأمير للتصديق عليها ومن ثمة تصبح سارية  المفعول (2)  والواقع أن الأنظمة العربية تتنوع في آليات ممارستها لعملية التعديل الدستوري، هذه الآليات تتمثل في اللجان الحكومية ،المجلس التأسيسي، الاستفتاء وغيرها. والواقع العربي في الميدان الدستوري، يعمل دائما على تجسيد الأجهزة التمثيلية في الدساتير العربية، لأن القول بعدالة الأنظمة ومدى شرعيتها، يجد مصدره في الوثيقة الدستورية والسلطة المصدرة لها التي تتحدد في وجود المؤسسات التي تمثل الشعب، فالمشكل لا يكمن في الاعتراف  بهذه المؤسسات أو التنصيص عليها في الدستور، وانما في مسألة تحقيق الاختصاص وتوزيع الصلاحيات والوقوف عليها، حيث أن الأنظمة الدستورية العربية سواء في مفهومها الجمهوري أو الملكي، تعمل في مجملها على تجميع السلطة بالمفهوم الفعلي في يد السلطة التنفيذية، في حين  يبقى للأجهزة التمثيلية صلاحيات هامشية تتمثل في الاقتراح أو توجيه الاستشارة (3) فأي تعديل دستوري في ظل هذه الهيمنة، لن يكن له أي تأثير على النتيجة المرجوة من هذا التعديل، ما عدا إحداث ضجة إعلامية فقط، هذا حتى وان اعترفت بعض الدول بحق التمثيل الشعبي في دساتيرها. وهناك بعض الدول العربية لا تجسد إلا المجالس الاستشارية المعينة بدلا من المؤسسات التمثيلية المنتخبة، بالرغم من دعمها في كثير من الأحيان من طرف الديمقراطيات الغربية من الناحية السياسية مثل دول الخليج. إن الواقع العربي الدستوري والسياسي عود المواطن على التلاعب بالأحكام القانونية بطريقة ظاهرية واضحة، دون الخرق الرسمي لأحكام الدست ور، فيعمل على وضع قواعد تتحمل التفسير الواسع لها بما يخدم السلطة القائمة أو يسعى إلى تجاوز الصلاحيات بين الأجهزة الدستورية، وهي التصرفات التي لا يلاحظها المواطن العادي عادة (4) وما نشهده في دول العالم العربي خاصة، أن اللجوء إلى التعديل الدستوري يكون بدل  خرق القاعدة الدستورية، و بالتالي لمصلحة من يرجع التعديل؟. فبالرغم من طبيعة دساتيرها وصرامة إجراءاتها المتبعة في التعديل، إلا أن ذلك لا يوحى بديمقراطية التعديل الدستوري، فتلجأ كثير من الأنظمة إلى تعديل قاعدة دستورية خدمة لتكريس بقاء السلطة القائمة، مثلا تخفيض السن المطلوب لرئيس الجمهورية كما في سوريا، إلغاء الحد الأقصى الذي كان محددا ب 70 سنة حسب الدستور التونسي، أو تعديل القاعدة الدستورية التي تنص على الحد من الفترات الرئاسية المسموح بها، أو الزيادة في مدة الفترة الواحدة ، كما حدث في فنزويلا مثلا (5) . كل هذه التعديلات سواء تمت عن طريق اللجوء إلى الأجهزة التمثيلية مثل: الجزائر، كما سيأتي لاحقا أو مصر، أو عن طريق اللجوء مباشرة إلى الشعب مثل: فنزويلا، فكلها تعديلات لا يمكن أن تخدم الاستقرار السياسي لأنه في غير مصلحة الشعوب ، لأن الاستمرارية أدت إلى الطغيان في كثير من البلدان العربية مثل :مصر و تونس (6) . فالمعلوم أن عملية التعديل الدستوري لا تحقق أهميتها المنشودة أو أهدافها المرجوة إلا إذا احترمت سلطة التعديل اختصاصها، وتتقيد بإجراءات التعديل المنصوص عليها في الدستور، لذلك نجد أن أغلب الدول العربية في اطار ما يحدث الآن ، واتباعا لما يسمى بالربيع العربي، فإن غالبية الشعوب تتوق إلى نوع من الحريات، ضرورة الخضوع للقانون سواء حاكم أو محكوم، وقوف السلطة عند القواعد الدستورية القائمة والتي هي غالبا تحت النمط الغربي، لكنها لا تلقى التطبيق المماثل، فلا بد من تحديد الهدف وراء أي عملية رسمية، ويعمل الكل من أجل تحقيقه سواء الشعب أو النخبة (7).

ومن ثمة كان لزاما على المواطن العمل على توطيد المؤسسات التمثيلية بعدم الصمت على التجاوز في الإختصاص أو الإعتداء على المبادئ الأساسية. فقد تكون الأنظمة السياسية قائمة على استعمال جميع الوسائل، بما فيها التي تحمل ظاهر شرعيا مثل: الانتخابات المطبقة في منطقتنا العربية بعدة طرق وأساليب، لكن تؤول في النهاية إلى نتيجة واحدة وهي هيمنة أو بالأحرى بقاء السلطة التنفيذية. وهذه السلطة طبعا هي التي تعمل على اعتماد وجهة خاصة لها مع دعمها بتبريرات مدروسة في كل مرة تستدعيها الضرورة، ومحافظة على هيمنتها تحت غطاء المراجعة الدستورية (8) . وفي سياق حديثنا عن التعديل الدستوري في العالم العربي على ضوء المتغيرات الدولية الجديدة، فإنه يطرح التساؤل التالي، بتفحصنا لجميع دساتير الدول العربية وبصرف النظر عن صياغتها، نجدها من فئة الدساتير الجامدة، تنص على إجراءات تعديلها في متون الدستور، إلا أنه يتم الاستغناء عن الطريق العادي لتعديل الدستور باللجوء إلى الطريق العنفي ألا وهو الثورة؟، هل هذا راجع إلى صرامة الإجراءات، أو سهولة اللجوء إلى الثورة؟. وهذا ما حدث مثل في مصر وتونس، وقد بدأ ذلك بانتفاضة على واقع معاش يتمثل في الفساد المالي والإداري والاقتصادي والاجتماعي نتج عنه كخطوة أولى إسقاط النظام وتليه خطوة أخرى تمثلت في بناء نظام جديد (9) .واذا تحدثنا عن الإجراءات العادية لتعديل الدستور في الدول العربية، نجد أن معظم الدساتير في الدول العربية هي مكتوبة، وهناك الدساتير في الدول العربية ذات النظام الجمهوري وهي الغالبة، وبالتالي فهي دساتير جامدة، لأن آلية إجراءات تعديلها تتطلب موافقة أغلبية 3/4او 2/3 من تعداد أعضاء مجلس الشعب، إضافة إلى الإجراءات السابقة على التصويت على التعديل (10) وهناك بعض الدساتير في الدول العربية ذات النظام الملكي مثل: المملكة العربية السعودية، قطر، سلطنة عمان، الإمارات، الكويت، البحرين دساتيرها تعتبر مرنة، نظرا لاحتكار السلطة من قبل الملك أو الأمير وغياب البرلمان فيها (11) . فأما عن الدساتير العربية ذات النظام الملكي، فالدساتير تعكس الإحتكار الملكي وتصادر المراكز الحساسة في الدولة، وكما وصفت أنها دساتير إذعان بثوب فضفاض من الأحكام والمبادئ. أما الدساتير العربية ذات النظام الجمهوري، مثل دستور لبنان، الجزائر، فهي مقتبسة من فرنسا، وهي دساتير تجسد تطلعات شعوبها وصلاحيات الرئيس مقيدة، لكن الواقع في هذه الدول أنه رغم جمود الدستور الذي يتطلب إجراءات صارمة للتعديل، نجد عمليا هذه الإجراءات تتهاوى عند تجديد ولاية الرئيس (12). وبالذهاب إلى المتغيرات في كل من تونس ومصر وليبيا، بالرغم من أنه تم إنشاء جمعية تأسيسة لإعداد الدستور، لكنها واجهت تغيرات، خاصة بالنظر إلى طبيعة أعضاء هذه الجمعية، وصبغتها الحزبية، وما جرى في سوريا، أن الشعب نجح في مارس 2012 أن يلزم الرئيس بحذف المادة 8 من الدستور، المتعلقة باحتكار حزب البعث للحكم (13). وخلاصة القول أن هيبة وقدسية الدستور بتحصينه بإجراءات صارمة لتعديله، بعيد كل البعد في الدول العربية، سواء في الدول ذات الأنظمة الملكية، لأن وضع وتعديل الدستور يتبدل بتبدل الحاكم، خاصة وأن معظم دساتيرها تنص على أن القدسية للدستور هي من الذات المصونة للملك. أما في الدول ذات النظام الجمهورية كذلك بعيدة عن الدستور، فهيمنة السلطة القوية في الدولة على عملية التعديل الدستوري، لا تعكس إرادة الشعب، فالدستور مهما تنوعت صناعته، وتعالت صياغته، وليتحقق علوه يجب احترامه وتطبيقه من الحكام والمحكومين على السواء، لا أن يبقى هذا الدستور نصوص انشائية في مجملها ساكنة وفعالة ومقدسة في تطبيقها عندما تختص بسلطات الحاكم؟ (14)  . إذ أن الأنظمة السياسية العربية مجالات تصريف الحراك السياسي والاجتماعي فيها مغلقة، إذ أن آلية دوران النخب وانتقالها اجتماعيا واقتصاديا لا تجد مجالها الحيوي عبر آليات ديمقراطية ومنها التداول السلمي على السلطة، الأمر الذي وسم مجتمعاتها بعدم الاستقرار السياسي وانتشار العنف وأصبحت المؤسسات فيها تتسم بالجمود وظهرت القطيعة بينها وبين مجتمعاتها (15) . فقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة في الأوساط السياسية في عالمنا العربي، عن ضرورة تبني ثقافة جديدة تعتمد في مفاهيمها على مبادئ دولة القانون واحترام حقوق الإنسان، بناء على الانتقادات الموجهة إلى عملية التعديل الدستوري وتأثيره على مؤسسة الرئاسة. والمعروف أن مختلف النظم القانونية التي تسود الدول، تعتمد على تقليد درجت عليه الجموع الإنسانية منذ نشأتها الأولى وبالنظر إلى التكوين الطبيعي للإنسان، مما يدفع إلى وجوب طاعة المحكوم الأوامر الحاكم، وبالتالي فالقيادة أو الرئاسة هي نتيجة حتمية لبناء الجماعة القائم على توزيع الاختصاصات في الأدوار والوظائف، إلا أن ذلك لا يمنعنا من تصور البعض من المغالاة في تدعيم المركز القانوني لرئاسة الدولة من خلال التعديلات الدستورية، والابتعاد نوعا ما من تدعيم مبادئ الديمقراطية والسعي لتحقيق دولة القانون (16) . والملاحظ أن رئيس الدولة خاصة في دول المغرب العربي (17) يتمتع بسلطات واسعة في  المجال التشريعي والتنفيذي والقضائي، وحقه في اللجوء إلى الاستفتاء، ولما كان الهدف من التعديلات الدستورية هو استجابة المؤسس الدستوري لرغبات المواطنين والاحزاب السياسية وغيرها من القوى الفاعلة في النظام السياسي، والدول دائما تطمع إلى تحقيق الديمقراطية وترسيخ أكثر لحماية الحقوق والحريات العامة من تعسف السلطات العامة، إلا أن التعديلات الدستورية في ظل الأنظمة السياسية العربية خاصة تعمل على تحقيق هيمنة المؤسسة التنفيذية و تقوية مؤسسة الرئاسة على باقي مؤسسات الدولة ، وبالتالي يكون رئيس الدولة في مكانة أسمى بالمقارنة مع المؤسسات الأخرى، وهو الأمر المكرس كذلك في الجزائر.

ثانيا: هيمنة المؤسسة التنفيذية على عملية التعديل الدستوري في الجزائر

إن المتتبع للتجربة الدستورية في الجزائر، يعتبر أن البداية كانت مع استقلالها المعلن عنه

سنة 1962 ، مع أول دستور لها عام 1963 ، وان بقي حبرا على ورق ولم يطبق، إلى أن ألغي بموجب الأمر الصادر في 10-7-1965 ، وتوقفت بذلك أول تجربة دستورية في حياة الدولة  الجزائرية، إلى غاية وضع دستور جديد عام 1976 الذي وقعت عليه ثلاثة تعديلات  1979 – 1980- 1988 على التوالي، وان كانا التعديلين الأول والثاني لا تقل أهميتها، إلا أن التعديل الثالث (1988) كان أكثر أهمية، فقد تحقق بموجبه النظام الجزائري وجهة تختلف عن تلك التي  وقع إقرارها في الدساتير السابقة لسنتي 1963- 1976 ، بحيث انتقل من طبيعة نظام سياسي موحد (حزب واحد) إلى نظام سياسي تعددي، إضافة إلى تبني مبدأ الفصل بين السلطات وثنائية  السلطة التنفيذية، وكذا دستور 1989 الذي عدل عدة مرات 1996- 2002 – 2008 التوالي.

إن هذا الكم الضخم في عملية التعديلات الدستورية والتي سوف نتطرق إليها بالتفصيل في الفصل الموالي من الدراسة ، و في فترة زمنية قصيرة يعكس حقيقة الصعوبات التي يواجهها الحكام في إيجاد الحلول المقبولة لمشاكل الحكم و من جهة أخرى، فإنها تكشف عن الرغبة المستمرة في البحث عن عملية التأسيس و البناء المؤسساتي. وهكذا فإن حداثة الدولة الجزائرية، تكشف أن كل محاولات التقليد على كل المستويات واللجوء إلى النماذج الكلاسيكية للحكم، لم تتمكن من إيجاد وسائل مقبولة لترشيد علاقة السلطة (18)  . ومهما يكن الأمر، فإن التعديلات الدستورية تأتي من الرغبة في حل التناقض داخل النظام السياسي، حيث أن أشكال هذا التناقض متنوعة وتوحي كل عملية تعديل نحو نظام معين، وبالتالي فإن التحولات الدستورية ينبغي تفسيرها على مستويين هما الاستقرار والاستمرار السياسيين. لكن في الجزائر عمليا وان كانت عملية التعديل الدستوري دليل على الاستمرار الدستوري، لكنها تدل على عدم الاستقرار السياسي، وهذا ما حدث في خضم التعديلات المذكورة لخير دليل على ذلك. حيث كانت هذه التعديلات الدستورية تخضع عند اقتراحها واقرارها لتقدير رئيس الجمهورية، ومن ثمة فإنها لن تهدف سوى للحفاظ على هيمنة وتقوية المؤسسة التنفيذية على مستوى النظام السياسي (19). وهذا ما يتعارض مع أهم أبعاد التعديل الدستوري المجسد في تحقيق ملائمة القانون الأساسي مع الحياة السياسية، وهذا بعيد كل البعد على مستوى التعديل الدستوري الجزائري، الذي يرمي إلى تقوية المؤسسة التنفيذية على حساب باقي السلطات. فإذا كان من المعلوم أن عملية التعديل الدستوري في الجزائر تتصف بجملة من الإجراءات الصارمة والمتشددة، فهذا ما يقودنا إلى تحديد طبيعة الدستور الجزائري على أنه جامد، كما اشترط أغلبية كبرى لاقتراحه أو اقراره، وهو عموما يختلف عن إجراءات التعديل في القوانين العادية، وان كان المؤسس الدستوري الجزائري على غرار باقي الدساتير، تبنى هذا النوع مباشرة من خلال أول دستور بعد الاستقلال الجزائر، وقد كان هدفه طبعا يرمي إلى كون الدستور الجامد عامل استقرار النظام السياسي يساهم في عملية التنمية بكل أبعادها، وتعزيز المكاسب التي حققتها الدولة. لكن بالرجوع إلى السلطة المخولة بالتعديل الدستوري في الجزائر نجد أن رئيس الجمهورية هو الشخص الوحيد والمؤهل لتعديل الدستور في السلطة التنفيذية، حتى وان أعطى دستور 1996 الحق للبرلمان بتعديل الدستور، لكننا نجد أنه ربط هذا الحق برئيس الجمهورية ، بدليل أنه رغم الامتياز الذي منحه المؤسس الدستوري الجزائري للبرلمان، إلا أنه لا توجد مبادرات بالتعديل من طرف البرلمان حتى الساعة، وكل التعديلات التي  عرفتها الجزائر، كانت المبادرة فيها للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية. يمكن تبرير ذلك، بعلو منصب رئيس الجمهورية في البلاد وتحقيقه لوحدة الأمة، عملا بالمادة 17 من الدستور الجزائري، "يجسد رئيس الجمهورية رئيس، الدولة وحدة الأمة، وحامي الدستور، ويجسد الدولة داخل البلاد وخارجها، وله أن يخاطب الأمة مباشرة". وبما أن الدستور يمتاز بالسمو باعتباره أعلى نص قانوني في التدرج الهرمي، ويتناسب مع سمو منصب رئيس الجمهورية باعتباره أعلى منصب في النظام السياسي والإداري، عملا بالمادة 72 لسنة 1996من الدستور الجزائري: "يمارس رئيس الجمهورية السلطة السامية في الحدود المثبتة في الدستور"، وبالتالي يتضح من ذلك أن رئيس الجمهورية يتقيد بأحكام الدستور ولو أن سلطته سامية، ولا يمكن لسلطة أدناه أن تقوم بالتعديل، ما عدا البرلمان لكن بإجراءات خاصة منصوص عليها في الدستور نفسه، فهو همزة وصل بين السلطات المختلفة، يقوم بدور الحكم بين الأحزاب السياسية، ويساعد بنفوذه على تحقيق التوازن المؤسساتي، يعبر عن إرادة الدولة داخليا وخارجيا. وعلى اعتبار أن الرئيس يمثل إرادة الشعب، خاصة في الأنظمة التي تعتمد على الانتخاب المباشر في هذا المنصب، فإن مسألة التعديل الدستوري تصب في مصلحة إرادة الشعب نظريا.

إلا أن هذه المصلحة تتعارض في الوقت الذي يتم التعامل فيه مع الموضوع، تجاه مسائل تمس المفاهيم الديمقراطية مثلا: مدة الحكم، مدة الفترة الرئاسية، الحق في إعادة الانتخاب لعدة مرات متتالية. وعليه فإن المبادرة بالتعديل الدستوري بعيدة عن الشعب صاحب السيادة، واذا كان الدستور الحالي في المادة 7منه يصرح ب: "إن السلطة التأسيسية ملك للشعب"، فإنه سرعان ما نلاحظ أن الأحكام التي تنظم التعديل الدستوري (174- 176) ، لا تعكس الرغبة المعبر عنها في المادة السابعة، بحيث أن السلطة التعديل الدستوري (السلطة التأسيسية الفرعية)"، لم تدمج ضمن أسلوب التعديل ممارسة حق الاقتراح الشعبي، وبالتالي فإن الشعب مستبعد تماما من حق القيام بالتعديل الذي يجعل عملية المبادرة خارجة عنه، وبالتالي تقلل من قيمة المادة سالفة الذكر، وبصورة عامة فإن المبادرة بالتعديل من اختصاص رئيس الجمهورية، وحتى و إن قلنا أن البرلمان له حق المبادرة بتعديل الدستور، فإنها تخضع لتقدير رئيس الجمهورية، فهو محتكر عملية التعديل الدستوري، ولا يمكن لأي مشروع أو مبادرة بالتعديل أن يتم إلا من طرف ممثل السلطة التنفيذية. وهذا يرجع إلى أن حصر جهات اقتراح التعديل الدستوري إلى بعض الهيآت فقط، أو جعله مفتوح بشكل واسع، مرتبط بمدى تمسك صاحب السلطة التأسيسية الأصلية التي تضع الدستور، بقواعد الديمقراطية والمشاركة الشعبية، وبالتالي فإن الهندسة الدستورية Architecture Constitutionnelle(20)  لإجراءات التعديل الدستوري التي وضعها المؤسس الدستوري الجزائري

صاحب السلطة التأسيسية الأصلية، موسومة بتفوق السلطة التنفيذية الممثلة في رئيس الجمهورية وتقوية سلطاته أمام استبعاد الشعب عن أي مبادرة بالتعديل الدستوري (21)  وحتى اللجوء إليه (الشعب) عن طريق الاستفتاء الشعبي هو مظهر صوري لممارسة الديمق ا رطية خاصة وأن رئيس الجمهورية بإمكانه الاستغناء عن الاستفتاء.

هذا كله راجع إلى السلطة التي وضعت الدستور، وما تحمله من عقيدة وفلسفة تنظيمية، لأن نصوص الدستور التي تحوي على إجراءات وسلطات التعديل الدستوري ما هي إلا انعكاس  لهذه الفلسفة التنظيمية (22) وعليه فإن تفوق السلطة التنفيذية في عملية المبادرة باقتراح التعديل الدستوري أمر لا يمكن حجبه، سواء من خلال عرقلة أعضاء البرلمان في ممارسة هذا الحق، أو استبعاد الإرادة الشعبية عن أي مبادرة.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد فقط، أي الاقتصار على هيمنة المؤسسة التنفيذية على المبادرة بالتعديل الدستوري، بل حتى في مرحلة الإقرار النهائي لمشروع التعديل، إذا ما مر هذا الأخير على الاستفتاء الشعبي، فمن المعلوم أنه قد تكون فرصة ربما للمواطن قبل أن يعرض عليه المشروع في إطار استفتاء، أن يستنير رايه من خلال وسائل الإعلام والاتصال، وما يمكن أن تساهم به هذه الوسائل من توضيحات حول الأحكام محل التعديل، لكن أمام احتكار هذه الوسائل من قبل السلطة، وتبيان الجانب الإيجابي فقط للمشروع دون التطرق إلى الأمور الجوهرية، كذلك إتاحة الفرصة للأطراف المعارضة أن تبدي رايها أو توصله إلى الجمهور، نصطدم مرة أخرى بتحكم المؤسسة التنفيذية في كل مراحل الاستفتاء، وتوجيه النتائج حسب متطلبات السلطة. على اعتبار أن السلطة التنفيذية تستند إلى المبدأ الدستوري القائم على الرجوع إلى الشعب مباشرة، إذا تعلق الأمر بقضية ذات أهمية وطنية وبالتالي فإن اللجوء إليه بخصوص تعديل الدستور، معناه تفادي اعتراض برلماني وبالأحرى إبعاد البرلمان عن أي مساهمة في مراجعة الدستور.

وعن طريق هذا الأسلوب سينفرد رئيس الجمهورية بتعديل الدستور، بلجوئه مباشرة إلى الشعب، وله كل السلطة التقديرية في ذلك، إذا بدى له أن مشروع التعديل سيرفضه البرلمان، خاصة وأن الدستور لا يورد قيد أو شرط على سلطة رئيس في استعمال هذا الحق، فلا يوجد مثلا استشارة مؤسسات دستورية معينة، أو ربطه بآجال معينة، كذلك مواضيع الاستشارة لم تحدد.......إلخ . وأمام هذا الوضع، نطرح التساؤل: هل يمكن ضبط سلطة الرئيس في اللجوء إلى الاستفتاء، بوضع قيود دستورية توحي بتنظيم عملية الاستفتاء؟، وعلى اعتبار أن الاستفتاء الدستوري من أهم  صور المشاركة الشعبية، الأمر الذي يدفعنا للبحث في مسألة الإرادة الشعبية ودورها في عملية التعديل الدستوري.

________________

1- علي جميل حرب، الدستور: صناعة وتقديس؟، مداخلة ألقيت في ملتقى دولي حول التعديلات الدستورية في الدول العربية حالة الجزائر ، يومي 18-19 ديسمبر 2012 ، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الشلف.

2-  أحمد سرحال، القانون الدستوري والنظم السياسية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بيروت، 2002، ص 145

3- رجب محمود طاجن، قيود تعديل الدستور، دراسة في القانونين الفرنسي والمصري، دار النهضة العربية، الطبعة . الأولى، 2006، ص 83

4- نسيم يخلف، ترشيد المؤسسات الديمقراطية في اطار التعديلات الدستورية، مداخلة ألقيت في الملتقى السابق ذكره، جامعة الشلف

5- Nathalie BERNARD- MANGIRON, « Les architectures constitutionnelles « référence électronique- Egypte/monde arabe.(consultè le 12-10-2013).

6- عماد الفقي، الدستور الحالة المصرية أسئلة وأجوبة على ضوء الدساتير المقارنة ، دار المعرفة، الاسكندرية، 2012 ، ص 124-131

7-  حسنين توفيق درويش، النظم السياسية العربية، "الاتجاهات الحديثة في دراستها"، مركز دراسات الوحدة العربية،  بيروت، 2013 ص 45

8- درويش محمد فهيم، مرتكزات الحكم الديمقراطي وقواعد الحكم الرشيد، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010 ، ص 25

9- خليل سليم، الحراك الشعبي بين مفاهيم الثورة والإنتفاضة والتغيير، مجلة جمول الإلكترونية، عدد 19، 2001 

www.majalla jammoul.net (Consultè le 02-12-2015)

10- سامي جمال الدين، القانون الدستوري والشرعية الدستورية، منشأة المعارف، الاسكندرية، ص 88

11- محمد كاظم المشهداني، القانون الدستوري، "الدولة الحكومة الدستور"، مؤسسة الثقافة الجامعية، مصر، 2008 ،261

12- Imen GALLALA-AMDT , Reformes constitutionnelles en Tunisie, Egypte, au Maroc et en Jordanie, Une analyse comparé, Institue Max Palanck de droit comparé et international, Hambourg.

-Sur le site : www.ust.edu/librairy .law/consulté le:14-2-2014

13-  علي جميل حرب، المرجع السابق، ص 15

14- عماد الفقي، المرجع السابق، ص 34

15- خليل سليم، المرجع السابق

16- محمد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق ، ص 75

17-  محمد المالكي، الاصلاحات الدستورية والسياسية في المغرب العربي، أعمال ندوة مراكش، 26،29 أكتور1999

المغرب ص64 .

18-  بوخاتم معمر، اصدار التعديلات الدستورية في دول المغرب العربي، مداخلة ألقيت في الملتقى السابق ذكره، جامعة الشلف.

19-  أدحيمن محمد الطاهر، السلطة التنظيمية في الدستور الجزائري لعام 3115 ، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، 2002 ، ص 137.

20- Gerard PARDINI, Grands principes constitutionnels, l’Harmattan, 2012, p348 .

21-  بوكرا إدريس، المراجعة الدستورية بين الثبات والتغيير، مجلة إدارة، العدد 1 ، الجزائر، 1988 ، ص 18

22-  بومدين طاشمة، الأساس في منهجية تحليل النظم السياسية، كنوز للنشر والتوزيع والإنتاج، الطبعة الأولى، 2011 ، ص 20-25.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






جمعيّة العميد وقسم الشؤون الفكريّة تدعوان الباحثين للمشاركة في الملتقى العلمي الوطني الأوّل
الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السابق: جناح جمعية العميد في معرض تونس ثمين بإصداراته
المجمع العلمي يستأنف فعاليات محفل منابر النور في واسط
برعاية العتبة العباسيّة المقدّسة فرقة العبّاس (عليه السلام) تُقيم معرضًا يوثّق انتصاراتها في قرية البشير بمحافظة كركوك