المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

بمختلف الألوان
ـ نشأ أميرُ المؤمنينَ وسيِّدُ الوصيّينَ عليُّ بن أبي طالبٍ (عليه السّلام) منذُ نعومةِ أظفارِهِ في حِجرِ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) وتغذَّى من مَعِينِ هَديهِ، وكانَ أوَّلَ المؤمنينَ بِهِ والمُصدِّقِين، وفدى النبيَّ بنفسِهِ حتَّى نزلَ فيهِ قولُهُ تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
عبقرية رجل سياسي ح12 : عبقرية شخصية الإمام الحسن وأبعادها
عدد المقالات : 116
الإمام الحسن أحد الكواكب المشرقة من أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) الذين استكنت فيهم الصفات الإنسانية وترقت بهم المناقب البشرية، وبلغوا ذروة الكمال المطلق حتى بلغَ الله عزوجل بأنهم كمال الدين وثقل الله بالأرض {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] فكانوا النعمة والانقاذ للانسان والتغيير لحاله من حال الضعف والنكال الى حال التساوي والرقي والكمال البشري ، فأقاموا منار هذا الدين ، ورفعوا شعار الحق والعدل في الأرض ، وتبنّوا القضايا المصيرية للإسلام فمنعوا الظلم من وقوعه واقعدوا الظالم عن ظلمه فكانوا ولازالوا ثورة لأنقاذ المظلوم وتوعية الحر وكشف واقع الكافرين والمشركين من منحرفِي البشر ، فعانوا في سبيل نهضة الانسان بالاسلام جميع ألوان الكوارث والخطوب ، ولاقوا كل جهد وضيق من جبابرة عصورهم الذين اتّخذوا مال الله دولاً وعباد الله خولاً ؛ ومن ذلك لقد تجسّدت في شخصية الامام الحسن (عليه السلام) جميع القِيَم الإنسانية والمثُل العليا ، والتقت به عناصر النبوّة والإمامة ، فكان بحكم مثُله وتهذيبه فذّاً من أفذاذ التكامل الإنساني ، وعلماً من اعلام القيادة البشرية التي ازدهر حال مجتمعها بها وتغير من خطر الى نجاة ومن تعاسة الى سعادة , فكان (عليه السلام) مثلاً رائعاً من أمثلة الرسالة الإسلامية ، فهو الممثل الحقيقي والقائد الحق للأطروحة الإسلام الخالدة بجميع طاقاته ومقوّماته لما يمتلكه من صفات قيادية عظمى وتربية رسالية نبوية عملاقة مع مسحة كمالية من سيد الاوصياء والاولياء علي بن ابي طالب لتزدهر ثمرة النبوة وتعطر الدنيا بحنكة وذكاء ريحانتها.
إنّ أيّة صفة من صفات شخصية أبي محمد الحسن أو نزعة من نزعاته الكريمة لترفعه عالياً على جميع عظماء العالم ، وتفرده من بين البشر لعظمة علمه ونباهة فكره ورصانة قراره وحكمته ولا ابالغ ان قُلة ان الإمام المجتبى (عليه السلام) لم يكن له نظيراً بين البشر الا جده وابيه (صلوات الله وسلامه عليهما والهما) ولم يكن شخصاً ذو قرارٍ رصين في وقته او قراءة للمستقبل القريب والبعيد مثله لما صار عليه المجتمع الاسلامي بعد قرارته الفذة وحنكته العظيمة بالمحافظة على فئات المجتمع الاسلامي من ناحية ومن ناحية اخرى لما عمل عليه من التأسيس الى مدرسةٍ قوامها التشريع الرسالي الحقيقي ليعد بذلك اشخاصاً ذو قدرات خاصة على مواجهة اضداد الاسلام وخونته كاشفاً بذلك عن حقائق النفوس التي كانت تحيط بالتشريع الاسلامي والتي حاولت سرقة جهد بيت النبي وتغيير حال الاسلام الى ماتهواه نفوسهم وتريده رغباتهم فمنع بذكائه وعبقرياته وقوع مثل هذا الشيء المنحرف ؛ فقد امتلكت شخصية الأمام الحسن (عليه السلام) ابعاد وخصوصيات كبيرة لا نظير لغيره بها وقد قال في ذلك الشيخ باقر شريف القرشي : إن شخصية الإمام كانت تملأ العيون وتهيمن على النفوس ؛ وقد حدث واصل بن عطاء قال : كانت على الحسن سيماء الأنبياء وبهاء الملوك(1) ؛ فشخصية الإمام الحسن تمثلت بها صفات الكمال بكل اعتباراته فصدره الواسع وقلبه الكبير الذي فتح ابوابه لكل فقير ورعى ببركته كل مستجير كان مفتاح شخصيته أضافة الى النبل والتواضع الذي تحلى به سيد البشر الامام المجتبى (عليه السلام) فقد كان (عليه السلام) يهب الفقراء مبالغ طائلة دفعة واحدة أحياناً ممّا يثير استغراب الآخرين، والذي يبعث الإمام على ذلك هو انّه يريد أن يغني الفقير إلى الأبد بحيث يستطيع أن يسد جميع حاجاته ويعيش حياة كريمة أو يستثمرها لصالحه ؛ ولم يكن الإمام ليرضى بإعطاء الفقير مالاً ليوم واحد يسد حاجته به بصعوبة بالغة، من اجل أن لاّ يضطر إلى مد يده إلى هذا وذاك لكي يضمن الكفاف لنفسه(2) ؛ وتحليل هذا الفعل انما ينم عن اصرار الإمام على اقامة مجتمع كريم منعاً منه لوقوع الاذلال لأي شخص مهما كان مقداره داخل المجتمع وكذلك يبعث برسالة الى كل من له القدرة على فعل المعروف وصناعة النبل ان يقتدي بهكذا قيادة فذة هدفها رفع المستوى البشري دون النظر الى اعتبارات اخرى وكذلك هي دعوة باطنية للمتدبرين ان يرتقوا بالتفكير ويحسنوا التصرف لانه اذا اقيم مجتمع كريم من غير شخصية مهزوزة او مذلولة سيعم فكر الكرامة ويختفي فكر العجز والهوان وقد روي عنه انه قال : المعروف ما لم يتقدمه مطل ولا يتبعه منّ والاعطاء قبل السؤال من اكبر السؤدد(3) ؛ فحفظ كرامت الانسان كانت غاية الامام (عليه السلام) ورعاية عزه هي زاد افعاله كما انه يدعوا الى اغناء الفقير المحتاج وكفالته للحفاظ على المجتمع من المن والاذلال ؛ وحقيقة ان كل افعال الإمام (عليه السلام) كانت تدل على ذكاء ورصانة فكر الإمام (عليه السلام) لانه كان متكئاً على علمٍ جليل اخذه عن جده وابيه وقد علمهم عزيزٍ مقتدر فكانت شخصية الامام توصف بالحنكة والذكاء كما انه لم يكن في زمانه شخصٌ بمستطاعه تحريك الاحداث الى صالح الاسلام والمسلمين الا هو لما يمتلك من مؤهلات علمية وقيادية وريادية فذة تمكنه من نقل الاحداث الى صالحه فنورانية المفاهيم التي قدمها الامام من خلال صلحه والسياسة التي اتخذها من اجل حماية ورعاية الاسلام والمسلمين حقيقة كانت عبقرية سياسية كبيرة ليس بإمكان أي شخص اعتيادي احاطتها او تصريفها بهذا النحو في هذا المبحث سنعكس الضوء على عبقرية نجاح الامام في صلحه دون العروج على الصلح وندع الحديث عن الصلح بأهدافه واركانه وشروطه الى الفصل الثالث ؛ لكن الذي يهم في هذا المبحث هو ان نثبت عبقرية وحنكة وذكاء الإمام الحسن في انتزاع خيوط السياسة من ايدي معاوية الذي عرف بالغدر والدهاء كما ان الإمام استطاع من خلال صلح ان يحبط جميع المحاولات التي مارسها معاوية وزبانيته للإيقاع الإمام (عليه السلام) بفخ الحرب والقتال وذلك لان معاوية كان يعرف بمقدرات الجيش الكوفي وما أصابه من هزات ونكبات وخيانات اضافة الى الطبقات المتخاذلة فيه التي حاولت في اكثر من موقف و أكثر من مرة بل عملت بالتعاون مع جبهة العدو على قتل الامام واغتياله بل ارادوا ان يضعوه اسيراً بين يدي معاوية ؛ فعبقرية شخص الامام (عليه السلام) تمثلت بمقدورات الإمام على اجتياز المحنة والاحتقان الذي اصاب به الجيش الكوفي وكذلك الكوفة كعاصمة لدولته ولابد من مناقشتها نقاش موضوعي وفق ضوابط مهنية وادارية عالية ؛ والحقيقة التي لا غفلة عنها ان كثير من الناس يعتقدون أن صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية كان من المفروض أن لا يكون بل اعتبروه خرق سياسي وضعف بشخصية الامام معاذ الله فمع ماتقدم من مؤهلات للإمام لايمكن اتهامه بمثل هذه الاتهامات او تعريضه لمثل هذه المحظورات فشخصية الإمام شخصية كاملة متكاملة دون نقص او خلل فكري او مادي ومعنوي وقد وصل الحال حتى بالصحابة الاجلاء الذين كانوا من اللازم ان يحيطوا فكرة وعمل الإمام واعتباره امر به مصلحة لا يرتقبها او يعرفها الا الامام ؛ ولكن صار العكس فقد كانت لهم ردت فعل عكسية فهذا حجر بن عدي على مايمتلكه من مؤهلات وشخصية ذكية وكبيرة لها خصوصيتها الا انه وقف عند الامام وقال : أما والله لوددت أنك مت في ذلك اليوم ومتنا معك ولم نر هذا اليوم فإنا رجعنا راغمين بما كرهنا ورجعوا مسرورين بما أحبوا(4) , ولجلالة شخص حجر خل به الإمام فأوضح له هدفه من الصلح لترفع الغشاوة عن عين الشهيد حجر وتبان عنده حقيقة الامر حتى قال له الامام : يا حجر قد سمعت كلامك، في مجلس معاوية وليس كل إنسان يحب ما تحب، ولا رأيه كرأيك، وإني لم أفعل ما فعلت إلا إبقاء عليكم(5) , وهذه حقيقة واقعية صاغها الإمام بعبارته لحجر بن عدي فكل الذين كانوا يحيطون بالامام ليسوا له انما لمعاوية وليس الكل رأيه رأي حجر بمحاربة معاوية ومناجزته لابل الناس كانوا يريدون الاستقرار دون حسبان للمستقبل فعلى هذا صالح الامام وتعد هذه اولى القضايا التي دعت الامام الى الصلح اضافة الى ان المقروء من حديث الإمام (عليه السلام) انه حاول بكل ما أوتي من الحلم والقوة والصبر ان يحافظ على امثال حجر الشيعة الموالين المناصرين للعقيدة الطاهرة والمنهاج المحمدي القويم لا بل انه يعمل على أنماء دمائهم بدماء جديدة من خلال إقامة مدرسة تؤهل جيلاً جديداً يحمل هذه الروح وهذه المعنويات وألا فأن الإمام الحسن ليس أقل شجاعة من أخيه الإمام الحسين (عليه السلام) بل هو مقداماً في الحروب لا تأخذه في الله لومة لائم فالمتابع لسيرة هذا الإمام يجد أن الإمام (عليه السلام) قد شارك في جميع المعارك التي خاضها أبوه مع أعدائه حتى أنه روي أن الإمام علي (عليه السلام) قال لأصحابه : املكوا عني هذا الغلام حتى لا يهدني(6) كما أن التاريخ يذكر بأن الإمام علي (عليه السلام) كان قد أرسله لحماية عثمان بن عفان عندما تآلب عليه الناس لقتله وقد اختلف الكثير من الرواة فيما إن كان الإمام الحسن (عليه السلام) قد جرح اثناء دفاعه عن عثمان أو لا، وهذا لا يهمنا في هذا المقام، فما يهمنا هو أن الإمام كان على باب عثمان يحرسه .
ومما تقدم نرى وبوضوح أن الإمام الحسن (عليه السلام) كان شجاعاً كسائر أهل البيت (عليهم السلام) وهو الذي يقول لم يكن معاوية بأصبر عند اللقاء ولا أثبت عند الحرب مني(7) ؛ ويعد ما ذكرنا الان وما قد سبق ذكره عن شجاعة الامام المجتبى وبطولته له دليل قاطع على قدرته القتالية وشجاعته الباهرة وكيف لا هو بن علي المرتضى اضافة الى عشيرته من الهاشميين الذين قدموا اعظم الصور البطولية والشجاعة بذود عن حصون الاسلام وقد قدموا الاسماء تلوا الاسماء ومنهم حمزة سيد الشهداء وعمه جعفر الطيار الذي قدم اروع الملاحم واقدس البطولات الدفاعية بفقده يده من اجل حفظ ورعاية الاسلام والمسلمين وهذه اول شبهة يمكن اسقاطها عن الامام الحسن بدلائل العقلية والمنطقية ؛ كما انه لا يجب ان يُأخذ الامام الحسن (عليه السلام) على انه رجل اعتيادي او حتى انسان اعتيادي قادة الامة بمرحلة من المراحل انما يجب على المؤرخين والباحثين ان يسترعوا قضية مهمة وهي متفقٌ عليها بالدليل من القران والسنة كون الإمام الحسن (عليه السلام) إمام معصوم مفترض الطاعة لا يأتيه الباطل من بين يديه او خلفه وبذلك العلم الذي يرتفع اشادةً بالإمام الحسن ويرفع لواء الإمامة بين يديه يستوجب أن تكون جميع أعماله حجة وليس عبثـا فما قام به من صلح مع معاوية إنما كان أمراً إلهياً تكتنفها حكمة إلهية ومتى ما كنا قد استوعبنا هذين الأمرين، يمكننا أن نستبعد احتمال أن يكون الإمام قد لجأ إلى الصلح لحبه للمسالمة وقلة شجاعته والعياذ بالله، كما ان المصلحة التي دعت الامام الى الصلح مع معاوية انما هي مصلحة أمة بكاملها كان الواجب على الامام رعايتها وقيادتها بحكمة وحنكة لا بأهواء وعبث وهذا ماأدها الإمام الحسن يقيناً وواقعاً فالنتائج التي انتجها الصلح والثمرة التي قطفها المسلمين من هذا الصلح كانت اكبر من تشبث الإمام بالحرب وهذا ما لا يريده الإمام للبشرية انما كان العفو والصلاح والهدوء هو محل رعاية الإمام ونقطة رئيسية في مهمته ؛ وباعتقادي أن عبقرية الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) تتجلى في صلحه مع معاوية بن أبي سفيان ويعد هذا الصلح حقيقة عبقرية رجل سياسي رعى كل المبادئ والقيم الانسانية لحماية اتباعه وكذلك المسلمين بكل فئاتهم وافكارهم وقد نتج عن هذا الصلح نتائج كثيرة واستفاد الامام واتباعه استفادةٍ عميقة استطاع ان يبلغ بها منصة التتويج رغم انف الداهية معاوية واعوانه ممن لا يريدوا للاسلام بقاء بل على العكس عملوا بكل مقدراتهم وتصرفاتهم وافعالهم على ان يزيلوا الإسلام الحقيقي بقتل او حرب بين فئات المسلمين وارجاع الناس الى الجاهلية الأولى التي لطالما حلم معاوية وزبانيته الرجوع لها وعلى هذا وجب على الناظرين بموضوع صلح الإمام ان يعترفوا الاعتراف الكامل بمدى بعد نظره وعبقريته بصلحه مع معاوية فقد تحقق على اثر صلح الإمام اهم ماكان يريد الإمام المجتبى (عليه السلام) وهو حقن دماء المسلمين والمحافظة على الدين الاسلامي من خلال رعاية دماء اعوانه وانصاره وهم بالحقيقة الفئة القليلة جداً التي لو قام الإمام بحربٍ ستكون نهايتهم اكيدة وبسبب ذلك لن يحقق الإمام مراده من إبقاء علم الشريعة الاسلامية المحمدية منصوباً لابل بموتهم سيتحقق انتصار كبيراً لمعاوية ومن يسير بمنهاج بن ابي سفيان ولهذا فإن الإمام الحسن (عليه السلام) كان قد أصاب الرأي والقرار وهذا مؤكد بالنزوح إلى الصلح للحفاظ على هذه الفئة القليلة والمتمثلة في الفئة المؤمنة المخلصة وتشمل أيضاً أهل بيته ونرى هذا واضحاً في رده على حجر بن عدي عندما واجهه الأخير بكلام فيه لومٍ جارح : يا حجر ليس كل الناس يحب ما تحب ولا رأيه رأيك، وما فعلت ما فعلت إلا إبقاء عليك والله كل يوم في شأن(8) ؛ فالصورة واضحة بحديث الإمام (عليه السلام) والغاية كبيرة لا يحققها الا كبير فكرٍ وذو قرار مؤكد بل ان صلح الإمام الحسن (عليه السلام) كان قرار معصوم ليس فيه باطل او ذم لأي ركن من الاركان وكانت ولازالت له فائدة يحصد ثمارها المؤمنون في كل زمانٍ ومكان ولمن يستقرئ الاحداث الواقعة اليوم لوجد ان أثر صلح الامام الحسن لازال موجوداً بأنشاء الالفة بين فئات المسلمين ومذاهبهم رغم الاختلاف العقدي وغيره وبنفس الحال عزل الفئة الضالة وأوضحها لكل العقلاء والمفكرين ليكونوا على بينةً ممن يريد الخير او الشر للإسلام , فواقعاً الإمام الحسن (عليه السلام) قام بعمله الصحيح الذي كان لابد فيه من صلح حاله حال قيام الإمام بنشر التعاليم الصحيحة للإسلام
أذ انه لم يكن الإمام (عليه السلام) يستطيع أن يقوم بما قام به بعد الصلح في حال ما إذا حارب معاوية؛ فنتيجة حرب معاوية بجيش متفكك تسوده الخيانة والاغتيالات التي تطاولات على الامام أكيد لن تنتهي الا بقتل الإمام او أسره وبالحالتين يكون الخاسر الإمام (عليه السلام) وهي خسارة ليست شخصية انما هي خسارة للإسلام لخسارته التعاليم الحقيقة والارشادات الصحيحة التي تصل المجتمع الاسلامي الى الرقي والتقدم فبعد الصلح قام الامام بحركة عقلانية تتسم بالتفكر والذكاء والعبقرية العلمية وهي الانتقال الى المدينة والتأسيس لمدرسة علمية تنشر العقائد الاسلامية الصحيحة وتبطل الافكار الدخيلة على الدين والمجتمع الاسلامي وعلى أثرها تخرج العديد ممن يحملون العلم الرصين والفكر الصحيح على يد الامام الحسن امثال ابنه الحسن المثنى والمسيب بن نجبة وسويد بن غفلة والعلا ابن عبد الرحمن والشعبي وهبيرة بن بركم والأصبغ بن نباتة وجابر ابن خلد وأبو الجوزاء وعيسى بن مأمون بن زرارة ونفالة بن المأموم وأبو يحيى عمير بن سعيد النخعي وأبو مريم قيس الثقفي وطحرب العجلي واسحاق بن يسار والد محمد بن اسحاق وعبد الرحمن بن عوف وسفين بن الليل وعمرو بن قيس الكوفيون ؛ وقد ازدهرت يثرب بهذه الكوكبة من العلماء والرواة فكانت من أخصب البلاد الإسلامية علما وأدبا وثقافة ؛ وكما كان يتولى نشر العلم في يثرب كان يدعو الناس الى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والتأدب بسنة النبي (صلى الله عليه واله) وقد رفع (عليه السلام) منار الأخلاق التي جاء بها جده الرسول لإصلاح المجتمع وتهذيبهم(9) , فالدور العلمي والتهذيبي الاخلاقي الذي صنعهُ الامام في المدينة صار اساس كبير وقوي لإعادة بناء الفكر الاسلامي فأنشئ بذلك جيلاً علمائي جديد له قيم ومبادئ انسانية عالية مرتكزة على مبادئ التشريع المحمدي القيم فكانت دعوة الامام هي دعوة حداثة وتجديد لتزدهر من خلالها عقول المسلمين وتصحوا من غفلتها وترفع من افكارهم تراكمات الزمن التي احدثتها الحكومات الانفة والسياسات المناهضة التي دعمت البدعة وشرعة الفسق والتخلف الفكري بل انها حاربت وقاومت كل الدعوات الى الفكر والتطور الاجتماعي ,فبذكاء الإمام المجتبى وعبقريته استطاع ان يقود ثورة علمية صامته وذات طابع حركي قوي مناهض للمد الاموي الذي لطالما دعى للبدعة والجهل والتخلف عن التشريع الديني والاخلاقي المهذب والصحيح.






ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ظ : باقر شريف القرشي: حياة الامام الحسن دراسة وتحليل, ج1, ص307.
2- جعفر السبحاني: سيرة الائمة (عليهم السلام), ص87.
3- الشيخ المجلسي: بحار الأنوار ,ج75 , ص113.
4- الشيخ حسين سليمان: الامام الحسن القائد والاسوة, ج7, ص7.
5-الشيخ المجلسي: بحار الانوار, ج44, ص57.
6- تاريخ الطبري: حوادث سنة37هـ, ج4, ص44.
7- المعتزلي: شرح النهج, ج16, ص15.
8-السيد محسن الامين: أعيان الشيعة, ج2, ص378.
9- باقر شريف القرشي: حياة الامام الحسن, ج2, ص285.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 9 ساعات
2024/04/25م
بقلم/ مجاهد منعثر منشد من دواعي سرور المرء أن يقرأ عن شخصية يحبها وتعامل معها لفترة وجيزة ,فأثر به فكريا ودينيا وسياسيا نتيجة استقامتها ونقاء سريرتها وصفاء وطنيتها التي شحذت همم الغيارى لبناء الوطن, وعقليتها الإسلامية المبتكرة العميقة النوعية . هكذا شخصية عند اصطفائها من الله سبحانه وتعالى بالشهادة... المزيد
عدد المقالات : 368
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2024/04/23م
اجازت المادة (٢٧/أولا) من قانون الموازنة العامة للدولة رقم (١٣)لسنة ٢٠٢٣ منح الموظف إجازة لمدة خمس سنوات على وفق شروط حددتها حصرا ، علما بأن هذه الاجازة ليس محلها قانون الموازنة العامة ولكن المشرع العراقي دأب في السنوات الأخيرة على حشر نصوص في القانون المذكور منبتة الصلة به ومثل هذه النصوص يسميها... المزيد
عدد المقالات : 127
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2024/04/18م
بقلم // مجاهد منعثر منشد هذا الكتاب الموسوم (كتاب مراقد الائمة المعصومين في العراق كما وصفها الرحالة والمسؤولين الأجانب) تأليف أ.د/ عماد جاسم حسن الموسوي أستاذ التاريخ المعاصر في كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ذي قار . قدمنا عن المؤلف الباحث سيرة موجزة في قراءتنا على كتابه (دراسات في تاريخ... المزيد
عدد المقالات : 368
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2024/04/08م
في زمن بعيد، توجد قوانين قديمة شديدة الأهمية والتأثير، تحمل بين طياتها روح العدل والتوازن. قوانين حمورابي، التي أصدرها الملك حمورابي ملك بابل، تعتبر من بين أقدم النظم القانونية المعروفة في التاريخ الإنساني. أحد هذه القوانين، ينص على المبدأ العريق للعقاب الذي يتناسب مع الجرم، حيث يقول: "إذا ضرب رجل... المزيد
عدد المقالات : 26
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2024/02/26م
بقلمي: إبراهيم أمين مؤمن وغادر الطبيب بعد أن أخبر هدى بالحقيقة، وقد مثلت تلك الحقيقة صدمة كبيرة لها، وطفقت تفكر في مآل مَن حولها والصلة التي تربطها بهم. انهمرت الدموع من عينيها، هاتان العينان البريئتان الخضراوان اللتان ما نظرتا قط ما في أيادي غيرها من نعمة؛ بل كانتا تنظران فحسب إلى الأيادي الفارغة... المزيد
عدد المقالات : 39
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2024/02/05م
أ.د. صادق المخزومي الشعر الانساني قلم وفم يتمحور بوحُه حراك الإنسان على وسادة الألم ومقاربة الأمل، ويفصح عن حقائق الحياة الخالدة وحكمها الرفيعة؛ يهدف هذا النوع من الشعر الى نشر معالم الأخلاق وأدبيات المجتمع، وإرساء الحكمة والمعرفة والقيم الدينية والاجتماعية؛ بهذه التمثلات في الانثروبولوجيا... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2024/02/05م
يا أنتِ يا عِطرَ الغَوالي لا لستُ في قولي اُغالي إنْ قُلتُ أنّكِ شمعتي في نورها هَزمتْ ضَلالي أوْ قُلتُ أنّكِ نجمتي بشُعاعِها وَشَجتْ حِبالي أوْ قُلتُ أنّكِ كوثري يا كوثرَ الماءِ الزُلالِ أوْ قُلتُ أنّكِ بلسمــــي إنْ ساءَ في الازماتِ... المزيد
عدد المقالات : 54
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2024/01/19م
أ.د. صادق المخزومي من فنون الأدب، وقد يشمل القصص والكتب والمجلات والقصائد المؤلفة بشكل خاص للأطفال، فالطفولة شريحة عمرية مهمة في المجتمع، وتكون حاجتها للأدب مثلما تحتاجه الشرائح العمرية الأخرى، ولعلها أكثر، لأن الأدب قد يسهم في التربية والتنمية الاجتماعية والثقافية، وينبغي أن يكون هذا النوع الأدبي... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
بينت التجارب بان للموجات الصوتية تأثيراً قاتلاً على الحشرات. فوجد ان تعريض بيوض عثة الطحين الهندية Plodia interpunctella لمدة اربعة ايام لموجات صوتية مضخمة amplified sound سبب نسبة قتل تعادل ٧٥% مقارنة بالبيض غير المعرض، وبالإضافة الى ذلك فان الحشرات الكاملة التي... المزيد
الإنزيمات هي عبارة عن مواد بايولوجية محفزة (مساعدة) تقوم وبكميات قليلة بزيادة سرعة التفاعلات الكيميائية بتقليل طاقة التنشيط والتي تحدث داخل الخلية الحية سواء( نباتية أم حيوانية) بدون أن تتغير خــلال هذه التفاعلات. إن معظم الإنزيمات هي بروتينات... المزيد
هو ظاهرة طبيعية مثيرة للإعجاب تلعب دورًا هامًا في حماية كوكب الأرض وفهم علم الفيزياء. يتكون المجال المغناطيسي الأرضي من تأثير القوى المغناطيسية التي تنشأ في النواة الخارجية الملساء للأرض وتنتج حول الكوكب حقلًا مغناطيسيًا يعرف باسم "المجال... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
صحابة باعوا دينهم -3[ سمرة بن جندب]
نجم الحجامي
2024/03/05م     
صحابة باعوا دينهم -3[ سمرة بن جندب]
نجم الحجامي
2024/03/05م     
المواطن وحقيقة المواطنة .. الحقوق والواجبات
عبد الخالق الفلاح
2017/06/28م     
شكراً جزيلاً
منذ شهرين
اخترنا لكم
علي عبد الجواد الأسدي
2024/03/26
في مدينة مضطربة كانت ملبّدة بغيوم الجهل وزاخرة بالظلم والاستبداد وقتل الأولاد من إملاق ووأد البنات، مدينة ملأى بأشواك الكفر وعبادة...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
2024/04/03
( أَوْلَى النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى الْعُقُوبَةِ )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com