ردٌّ على قائل ( لو كان الحُسين المُصلح بيننا لكان الان في مخيمات النازحين ويوزع الموائد لهم )

الرئيسة / مقالات اسلامية

حسن عبد الهادي اللامي

عدد المقالات : 272

ينبغي ان يكون نقد الناقد مستنداً الى قراءة وافية لكل مفردات قضيته وتفرعاتها وما يرتبط بأطرافها حتى لا يقع الناقد بنقص في طرحه عن الموضوع او تناقض في رأيه سببه عدم الشمولية والاستيعاب بكشفه النقدي ، لقد كتب احدهم كلمات مفادها ( لو كان الحُسين المُصلح بيننا لكان الان في مخيمات النازحين ويوزع هذه الموائد لهم ) وارفق مضمون ذلك بمجموعة صور فيها جانب من ما يقدمه اصحاب المواكب الحسينية على طريق المشاية من لذيذ الاطعمة وما يخدم الزائر من وسائل راحة ..
فهو يرى – هذا الناقد – ان هذا الانفاق ليس في محله والاولى ان يقدم للاخوة النازحين ( من مناطق غرب او شمال العراق بفعل الاعتداء الداعشي عليها..)
وهذه المُقايسة والموازنة انما تكون في محلها إذا كان هناك تقصير - إزاء النازحين - فعلا من الجهة التي وجّه هذا الناقد لها كلامه ، ولكن كيف وهذه الفئة هي السَبّاقة في مضمار التضحية والعطاء ، على الرغم من طعنات غدر تلقوها بصورة مباشرة او غير مباشرة من بعض الخائنين من تلك المناطق ؟
ولا اود الخوض في الصور البشعة من الغدر التي تركوها في أذهان الاسر المنكوبة ، في مواطن كثيرة ولكن سأسلط الضوء على ما تفوّه به هذا الناقد مع غض الطرف عن دوافعه ، فأن العطاء الذي يقدمه اصحاب المواكب في زيارة الاربعين في كل عام ظهرت نتائجه العظيمة في حياتنا و لعل من ابرز صورها هو إنبثاق الجيل الحُسيني المواكب لكل فترة وعصر ولولا وجود هذا الجيل الحُسيني لما بقي للإنسانية عموما وللمسلمين ضمير يُذكر ..
فنهضة الامام الحسين هي نهر القيم الذي يمد قلوب الاحرار بالحياة في كل عصر ويُلهب جذوة الإباء والرفض لكل ظلم وتعدي او فساد وانحلال ...
وهذه الزيارة بمسيرتها وما تتضمنه من ممارسات هي واحة تنشط فيها نفوس العاشقين للقيم التي نادى بها سيد شباب اهل الجنة ، وهذا لا يختص بالمسلمين ولا بالشيعة بل الامر مطرد بنسبة ما في الاديان الاخرى ، وهذا ما نلمسه في هذه الزيارة من تواجد على مسرح المسير الاربعيني من حضور لليهود او المسيح او الصابئة او المجوس او الهندوس وحتى الملاحدة ! ، فهؤلاء يرون ان هذه المسيرة تفيض بما يؤصل ويثبت روابط المحبة والسلام والأخوة فهم قد جمعتهم مناسبة تستدعي التعاون فالطبيب المسيحي يحضر في مواقع تطبيب الماشي لكربلاء بينما نجد الصيدلاني الصابئي يتواجد في مخيمات العلاج وهكذا الإعلامية التي هي من غير دين الاسلام تراقب حركة هذا السيل المليوني من كل العالم ؟ فكل فرد يؤدي عملا مُتولداً من اعتقادٍ نشأ نتيجة هذا التلاحم والتواصل والتعاضد ...
وما ان تنتهي المسيرة الا وقد تركت أثرا رائعا وانطباعا جماليا لا يزول طعمه من ذاكرة هؤلاء ، فملامح الماشين وهي تسير بسكينة وأيمان نحو معشوقها ، و لقطات رائعة لأولئك الذين هم يرحبون بالماشي ويستقبلونه بالماء والطعام بأنواعه و يُرغِبُون الزائر ان يتفضل عليهم ولو بقضم شيء من موائدهم ، وروائح دخان مجامر الطهي والشاي لا تفارق مشام ذاكرتهم ، ومع كل هذا البذل والجهد لا يبحث احد عن أجر ولا مقابل سوى انهم يفوزون بشرف الخدمة فيعلق عليه وسام انه (خادم الحُسين ) فهذا الذي فاز فوزا عظيما ..
فيا عزيزي المُنتقد ان هذا العطاء الذي قد تراه كثيرا او في غير محله اوينبغي مراعاة الاولويات فيه هو من صَنعَ اولئك الابطال الذين شَنَّفَوا الأسماع بصولاتهم وهزموا عساكر الظلام بعزائمهم وكظموا غيظهم على جراحات الغدر فصاروا سترا للأعراض المنتهكة وغطاء لصون شرف الفارين من ديارهم ! وجسرا ليعبر عليه الضعفاء من النازحين ، ولا انسى ذلك الشاب وهو يحمل إمراة عجوز طاعنة قد اخواها الخوف من داعش ويهرول بها ذلك الجندي الحشدي ليوصلها الى مكان آمن .. هذه هي الغّيرة والحمية استقاها هذا الشاب من مائدة ابو الشهداء حينما يقف في مواكب الخدمة ليقدم طعاما او ماء او دواء للزوار ..
كن دقيقا اخي الناقد وانظر بعين البصيرة لكل اطراف ومفردات قضيتك وستجد ان الشيعة وعلماءهم الاعلام لم يقصروا في ايصال المساعدات ووسائل الراحة الى ديار النازحين، وانهم صورة ناصعة في زماننا عن الـ ( حسينُ المُصلح ) الذي انت لم تراه او تراه ولكنّ تغض طرفك لتطعن بموقفهم عن قصد او غير قصد ..
تعال وارمق حسينياتهم وجوامعهم ومنازلهم في مدينتي كربلاء والنجف ومابينهما لتُدرك انهم آووا النازحين عن حُبٍ وكرمٍ لا مِنّة او أذى ، وعيبٌ على الكريم ان يذكر فضله على اخيه ولكنك انت من اجترنا وهيّج كامن ما في الضمير ولو انك شعلت شمعة خير لك من لعن الظلام ، و لو انك تناولت تلك الصور الجميلة للعطاء الاربعيني بالثناء والإطراء لكان خيرا واحسن تأويلا ، فإيثارك النُطق على السكوت في مثل هكذا مورد هو عجز و قلة قدرة في التشخيص بين الفضة من الذهب فما كل ما التمع ذهب ! .. وجاء في الحديث رحم اللهُ إمرأ قال خيرا فغنم او سكت فسلم ..

اعضاء معجبون بهذا

جاري التحميل

ثقافية

قراءة في كتاب مراقد الائمة المعصومين في العراق

بقلم // مجاهد منعثر منشد هذا الكتاب الموسوم (كتاب مراقد الائمة المعصومين في العراق كما وصفها الرحالة والمسؤولين الأجانب) تأليف أ.د/ عماد جاسم حسن الموسوي أستاذ التاريخ المعاصر في كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ذي قار . قدمنا عن المؤلف الباحث سيرة موجزة في قراءتنا على كتابه (دراسات في تاريخ... المزيد

مجاهد منعثر الخفاجي

عدد المقالات : 367

حمورابي إرادة العدل والتوازن

في زمن بعيد، توجد قوانين قديمة شديدة الأهمية والتأثير، تحمل بين طياتها روح العدل والتوازن. قوانين حمورابي، التي أصدرها الملك حمورابي ملك بابل، تعتبر من بين أقدم النظم القانونية المعروفة في التاريخ الإنساني. أحد هذه القوانين، ينص على المبدأ العريق للعقاب الذي يتناسب مع الجرم، حيث يقول: "إذا ضرب رجل... المزيد

ياسين فؤاد الشريفي

عدد المقالات : 26

أثر المدد القانونية للتقادم الضريبي

يشترط لتقادم حق الدولة في استيفاء الضريبة سريان أو انقضاء أو اكتمال المدة المحددة بموجب القانون لهذا التقادم بأكملها دون أن تمارس الإدارة الضريبية دورها في فرض واستيفاء الضريبة ، إذ لا يتصور أن يبقى الحق في فرض الضريبة قائمـاً أبــد الدهر على الرغم من وجود الإهمال من جانب السلطة المختصة المتمثل بعدم... المزيد

علي الحسناوي

عدد المقالات : 126

السلم المتحرك للرواتب

هو طريقة لأعادة تقييم الرواتب آليا تبعا لتطور بعض المؤشرات الاقتصادية والغاية المبتغاة منه تأمين تطور مماثل لمداخيل الموظفين والمتقاعدين وكلف المعيشة والمحافظة على الراتب الفعلي .هذا ويتفق المختصون بلا شذوذ على ان هناك طرقا ثلاثة لأعاده تقييم الرواتب وهي (1) تعديل آلي عند كل تغيير يطرأ على المؤشر... المزيد

علي الحسناوي

عدد المقالات : 126

أدبية

أيامنا الحلوة (قصة قصيرة)

بقلمي: إبراهيم أمين مؤمن وغادر الطبيب بعد أن أخبر هدى بالحقيقة، وقد مثلت تلك الحقيقة صدمة كبيرة لها، وطفقت تفكر في مآل مَن حولها والصلة التي تربطها بهم. انهمرت الدموع من عينيها، هاتان العينان البريئتان الخضراوان اللتان ما نظرتا قط ما في أيادي غيرها من نعمة؛ بل كانتا تنظران فحسب إلى الأيادي الفارغة... المزيد

ابراهيم امين مؤمن

عدد المقالات : 39

فكرة مدرستنا : مقاربات الإصلاح الاجتماعي والمعرفي

أ.د. صادق المخزومي الشعر الانساني قلم وفم يتمحور بوحُه حراك الإنسان على وسادة الألم ومقاربة الأمل، ويفصح عن حقائق الحياة الخالدة وحكمها الرفيعة؛ يهدف هذا النوع من الشعر الى نشر معالم الأخلاق وأدبيات المجتمع، وإرساء الحكمة والمعرفة والقيم الدينية والاجتماعية؛ بهذه التمثلات في الانثروبولوجيا... المزيد

صادق المخزومي

عدد المقالات : 12

سألوني

يا أنتِ يا عِطرَ الغَوالي لا لستُ في قولي اُغالي إنْ قُلتُ أنّكِ شمعتي في نورها هَزمتْ ضَلالي أوْ قُلتُ أنّكِ نجمتي بشُعاعِها وَشَجتْ حِبالي أوْ قُلتُ أنّكِ كوثري يا كوثرَ الماءِ الزُلالِ أوْ قُلتُ أنّكِ بلسمــــي إنْ ساءَ في الازماتِ... المزيد

عطا يوسف المنصور

عدد المقالات : 54

أدب الأطفال الشعبي في النجف

أ.د. صادق المخزومي من فنون الأدب، وقد يشمل القصص والكتب والمجلات والقصائد المؤلفة بشكل خاص للأطفال، فالطفولة شريحة عمرية مهمة في المجتمع، وتكون حاجتها للأدب مثلما تحتاجه الشرائح العمرية الأخرى، ولعلها أكثر، لأن الأدب قد يسهم في التربية والتنمية الاجتماعية والثقافية، وينبغي أن يكون هذا النوع الأدبي... المزيد

صادق المخزومي

عدد المقالات : 12

علمية

المجال المغناطيسي الأرضي

هو ظاهرة طبيعية مثيرة للإعجاب تلعب دورًا هامًا في حماية كوكب الأرض وفهم علم الفيزياء. يتكون المجال المغناطيسي الأرضي من تأثير القوى المغناطيسية التي تنشأ في النواة الخارجية الملساء للأرض وتنتج حول الكوكب حقلًا مغناطيسيًا يعرف باسم "المجال... المزيد

جوائز مسابقة كنز المعرفة لشهر آذار 2024

استلام المتسابق : ( صفاء عماد كامل ) الفائز بالمرتبة الأولى لجائزته في مسابقة #كنز_المعرفة لشهر آذار / 2024 ألف مبارك للأخوة الفائزين، وحظاً أوفر للمشتركين في الأعداد القادمة.. يمكنكم الاشتراك في المسابقة من خلال الرابط : (http://almerja.com/knoze/) المزيد

التفقيس الصناعي للبيض

ما هو التفقيس الصناعي؟ هو عملية توفير الظروف البيئية المناسبة من حرارة ورطوبة وتقليب لبيض الدجاج المخصب داخل حاضنة لضمان فقسه وخروج الكتاكيت. مميزات التفقيس الصناعي: زيادة الإنتاجية: حيث تسمح بفقس كميات كبيرة من البيض في وقت واحد. التحكم في... المزيد